تجربة حزب الله
"جهاد البناء".. إنماء من رحم المقاومة
حسن شريم
نشأة "جهاد البناء"
"جهاد البناء" مؤسسة إنمائية مقاومة تأسست رسميًا عام 1988 مـ. وهدفها المساعدة في التخفيف من عواقب الحرب الأهلية اللبنانية ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي عبر دعم البشر وبناء الحجر.
وفي حديث لموقع "العهد" الإخباري، يخبرنا مدير عام "جهاد البناء" المهندس محمد الخنسا عن نشأة المؤسسة وحيثياتها: "تعود بدايات المؤسسة إلى أواخر الثمانينيات من القرن الماضي وظهرت جليًا وعمليًا بعد انفجار ومجزرة بئر العبد المروّعة في الثامن من آذار/مارس عام 1985 التي ارتُكبت على يد الإرهاب في منطقة بئر العبد في الضاحية الجنوبية، وراح ضحيتها أكثر من ثمانين شهيدًا من الرجال والنساء والأطفال والأجنّة، فتضافرت جهود العديد من المهندسين والمهتمين وأصحاب الخبرات لِلَملَمة الجراح واحتضان الناس معنويًا وماديًا والنهوض بما خلّفته المجزرة من خراب وتدمير، وأقاموا ورشًا لإعادة الإعمار والبناء وقدّموا المساعدات للمتضررين والمحتاجين".
مواكبة "جهاد البناء" للمشاريع التنموية وتطويرها
ويضيف الخنسا: "مع مرور الأيام وبعد التأسيس الرسمي للمؤسسة عام 1988، تطوّر هذا المفهوم من العمل بشقّيه الوظيفي داخل المؤسسة والتطوعي معها، وبدأت مواكبة حاجات الناس اليومية والمعيشية، فزادت المساعدات واتّسعت لتشمل مشاريع أخرى أبرزها: تأمين الطاقة الكهربائية في بعض الاماكن النائية ومياه الخدمة عبر حفر الآبار واستخراج المياه منها وإيصالها عبر جر الإمدادات إلى بيوت الناس والمحال التجارية وكان من ضمن تلك المشاريع أيضًا "مشروع العباس" لمياه الشفة والذي ما زال مستمرًا حتى اليوم، كما عملت "جهاد البناء" على رفع النفايات من الضاحية الجنوبية لبيروت في ظلّ غياب عمل الدولة واهتمامها في كثير من المدن والقرى والبلدات".
وفي إطار سعي المؤسسة الدائم لتطوير مشاريعها، زار وفد منها الجمهورية الإسلامية في إيران مستلهمًا من تجربة الإمام الخميني(قده) في إيران حيث اطّلع على كثير من الخطط التنموية والمشاريع الإنمائية وعكس التجربة على الواقع اللبناني ضمن خطط وجداول مشاريع تتلاءم وظروف لبنان وشعبه.
بحسب الخنسا: "كان العمل في أوجه في المناطق الحدودية في زمن الاحتلال الإسرائيلي لقرى وبلدات الجنوب، عندما كان العدو يقصف المرافق العامة والمنازل والبيوت والطرقات ويمارس أعماله العدائية والوحشية، وكان العمل مستمرًا رغم كل المخاطر والتهديدات".
وفي سياق برنامجها الخدماتي وتضحياتها العملية خلال قيامها بواجبها الإنمائي تجاه أهلها في الوطن، لا سيما في حقبة الاحتلال وعلى الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، قدمت مؤسسة "جهاد البناء" العديد من الشهداء الذين ارتقوا جراء الاعتداءات الإسرائيلية إضافة إلى بعض الجرحى الذين أُصيبوا نتيجة مخلفات الاحتلال من الغام وقنابل عنقودية.
ويشدّد الخنسا على أنه لم يثنِ "جهاد البناء" شيء عن متابعة عملها، فكانت دماء شهدائها دافع قوة وتحدٍّ وإصرار وعزيمة على المضي قدمًا في مواكبة حاجيات القرى وأهلها وكان التركيز في تلك المرحلة على بناء المنازل وترميم المتضرر منها جراء القصف الإسرائيلي المتكرر على لبنان والمناطق الحدودية.
وبين عامي 1988 - 1997، قامت جهاد البناء بترميم 1500 وحدة سكنية متضرّرة جرّاء الاعتداءات الصهيونية، إضافة إلى بناء وتأهيل 42 مدرسة.
وبين عامي 1999 - 2000 تم إجراء 57 دورة تدريب مهني و142 دورة إرشاد زراعي، إضافة إلى إقامة مشروع "إغاثة المزارع": (توزيع أبقار + شرائع فاروا لمرض النحل)، استفادت منها 3763 جهة.
محطات مفصلية في عمل جهاد البناء
يستذكر الخنسا مع موقعنا المحطات المفصلية الهامّة التي شهدها لبنان وكان لـ"جهاد البناء" دور أساسي فيها:
- المحطة الأولى هي حرب السبعة أيام أو عملية تصفية الحساب (حسب التسمية الإسرائيلية) في شهر تموز/يونيو من العام 1993، حيث اعتمدت "إسرائيل" بشكل رئيسي على سلاحها الجوي لقطع أوصال الجغرافيا اللبنانية عن بعضها البعض، ففصلت الجنوب عن العاصمة بيروت، وفصلت منطقة البقاع عن الغرب والشمال من خلال حزام ناري كثيف.
- المحطة الثانية بحسب الخنسا هي عدوان نيسان/ أبريل 1996، وهي هجوم عسكري خاطف وهمجي على لبنان استمر لمدة ستّة عشر يومًا راح ضحيته المئات من الشهداء المدنيين والجرحى.
- أما المحطة التاريخية والتي حُفرت في ذاكرة الوطن برأي الخنسا فكانت في 25 أيار/مايو عام 2000، عيد المقاومة والتحرير، وهو تاريخ اندحار الجيش الإسرائيلي من معظم الأراضي اللبنانية التي احتلها منذ العام 1978.
يردف الخنسا أنه بعد التحرير وعودة المواطنين إلى قراهم، استمر عمل "جهاد البناء" في تلبية احتياجات الناس، وتوسعت الاهتمامات والجهود من الترميم إلى القطاع الزراعي عبر استصلاح الأراضي وتشجيع الناس على استثمارها وزرعها وبيع الفائض من محصولها، لا سيما في الجنوب والبقاع حيث المناطق الشاسعة والأراضي الخصبة والمؤهلة للزراعة والاستثمار.
حرب تموز.. مهام جسام ومحطة مفصليّة في تاريخ المؤسسة
لكن المحطة المفصلية والأهم كانت وفق الخنسا إبان حرب تموز/ يوليو عام 2006 على لبنان أو ما عرف بحرب لبنان الثانية، حيث الهمجية الإسرائيلية استشرست واستفحلت دمارًا وخرابًا فلم تستثنِ بشرًا أو حجرًا، حتى باتت الخسائر البشرية والمادية باهظة جدًا، فاستشهد من استشهد وتهجّر من تهجّر تاركًا خلفه ذكريات ليعود بعد انتهاء الحرب ويجدها رمادًا.
وبالفعل، وكما عهدناها سابقًا أثبتت مؤسسة "جهاد البناء" ـ كما العادة ـ أنها على قدر من المسؤولية الفعلية، وفاجأت العدو قبل الصديق بالجهود الجبارة التي بذلتها لإعادة الإعمار وإيواء المهجرين العائدين إلى بيوتهم المهدّمة، فآوتهم ضمن مشروع دفع بدلات ايجار واثاث إلى حين انتهاء عمليات ازالة الركام وإعادة البناء نفذته المؤسسة في تغطية منها لكل القرى والمدن التي تهدمت، فشيدت المنازل المدمّرة ورمّمت البيوت المتضرّرة لتعود أجمل مما كانت عليه.
- حرب تموز 2006:
1- الكشف على 1386 مبنى
2- ترميم إنشائي 150 مبنى
3- الهدم بعد الكشف 83 مبنى
4- هدم جزئي 15 مبنى
5- الأبنية المهدمة 195 مبنى
6- ترميم أقسام مشتركة 943 مبنى.
المشاريع الزراعية والصناعية لجهاد البناء (2020 - 2021)
استكمالًا لمشاريعها التنموية، ودعمًا للقطاع الزراعي وتطويره وتقدمه، أنشأت المؤسسة ثلاثة مراكز "للتنمية والإرشاد الزراعي"، لتكون منطلقًا لتقديم الخدمات التنموية والإرشادية على أنواعها وبهدف تطوير الملف الزراعي، وتلك المراكز:
1- مركز الشهيد السيد عباس الموسوي للتنمية والإرشاد الزراعي في دورس - بعلبك (دُمر في حرب 2006).
2- مركز الإمام الجواد "ع" للتنمية والإرشاد الزراعي في الهرمل.
3- مركز أبي ذر الغفاري "رض" للتنمية والإرشاد الزراعي في دردغيّا - صور.
4- مركز الفردوس للتنمية والإرشاد الزراعي في الفردوس في النبطية.
استطاعت هذه المراكز مواكبة المزارعين في كافة نشاطاتهم وتلبية حاجياتهم وتشجيعهم على الزراعة وتسويق منتجاتهم الزراعية في مختلف المناطق عبر الأسواق ـ وحاليًا عبر الأونلاين ـ عبر القيام بعدد من المشاريع والمعارض الزراعية بما يقارب 76 معرضًا استفاد منها 2478 شخصًا، ومن تلك المعارض:
1 - مشروع الحاكورة (تأهيل على الزراعة المنزلية):
- توزيع 75000 علبة بذار صيفية
- المستفيدون: 26720
- المساحة المزروعة: 120000 دونم
- دورات مدمّجة: 200 دورة / عدد المستفيدين: 15238
- دورات إرشاد إلكتروني: عدد المستفيدين: 268322
2- مشروع غلال:
- توزيع 80 طنًا من بذار الحنطة
- المساحة المزروعة 5350 دونم
3- مشروع التشجير:
- توزيع 150000 غرسة، استفاد منها 4000 جهة
- توزيع 1000000 شتلة، استفاد منها 1233 جهة
4- مشروع تحصين الماشية:
- تحصين 2038157 رأس ماشية، استفاد منها 10696 جهة
5 - مشروع تسليف الماشية:
560 رأس ماشية سنويًا
استفادت منه عدد من المناطق لا سيما في الشمال وعكار
6- ندوات إرشادية زراعيّة إلكترونية: عدد المستفيدين 6260
7- مشروع الارشاد الزراعي (الإلكتروني): عدد المستفيدين: 142924
8- تقديم مستلزمات زراعية: عدد المستفيدين: 87825
9- إرشاد وتوعية بيئية: عدد المستفيدين: 113878
10- جولات حقلية وبيطرية: عدد 54989، عدد المستفيدين: 57705
وما زالت مشاريع الإرشاد الزراعي أو الإنتاج الحيواني والنباتي في تطور مستمر، حيث عملت المؤسسة على إجراء إحصاء لاكثر من عشرة آلاف ومئة وسبعين مزارعًا حتى الآن، وفي خطوة جديدة منها، تسعى المؤسسة إلى تسويق المنتجات عبر الانترنت (أونلاين).
مشروع تدريب مهني وحرفي معجّل
وضمن برنامجها التأهيلي، يلفت الخنسا الى أن مؤسسة "جهاد البناء" تسعى أيضًا إلى إقامة ورش حرفية ودورات تدريبية في مراكزها الرئيسية أو الفرعية في القرى والبلدات أو عبر مراكز نقالة في المناطق في سعي منها لبناء الفرد ومساعدته على اكتساب حرفة أو مهنة جديدة تكون مصدرًا للعيش الكريم خاصة في ظل الأوضاع الراهنة. فبين عامي (2020 - 2021) أقيمت دورات وورش مهنية وحرفية بلغ عددها 4211 وكان عدد المستفيدين منها: 102031 متدرّبًا، وإجراء إحصاء لأكثر من 3500 مهني وحرفي حتى الآن.
كما أولت المؤسسة اهتمامًا بالقطاع التعاوني حيث عملت على تأسيس وتأهيل ومساعدة أكثر من 400 تعاونية متنوعة في محتلف المناطق اللبنانية.
ومن المعارض التي قامت بها جهاد البناء لتشجيع الحرفيين والمنتجين، "معرض أرضي" لدعم صغار المنتجين والحرفيين لتسويق منتجاتهم والذي أُقيم في الضاحية الجنوبية لبيروت وكان آخره -ما قبل كورونا- في عام 2019، واستفاد منه حوالى 3496 شخصًا شاركوا في المعرض.
إضافة إلى الأسواق المتنقلة في الجنوب والبقاع ومناطق أخرى: حوالى 39 سوقًا استفاد منها 1613 شخصًا.
انجازات مستمرة.. وباب التطوع مفتوح للجميع
ينوّه الخنسا بجهود الطاقم الإداري و"كلّ العائلة" في مؤسسة "جهاد البناء"، ويشيد بجهود المتطوعين الذين ينضمون للمؤسسة من مختلف الاختصاصات والفئات بحسب القطاعات والملفات التي تعمل عليها المؤسسة، مؤكدًا أن أبواب المؤسسة مفتوحة للجميع وبفضل الله ويدًا بيد وبالأشخاص الخيرين نواصل عملنا ونستمر".
إقرأ المزيد في: تجربة حزب الله
26/08/2022
قناة "الصراط".. قبس من نور الولاية
22/08/2022