قسمًا
في كرمان.. الحضور الأكبر
ليلى عماشا
ثلاثة أعوام والدمع يبلّل الصوت ويعدّ ذخائر الوفا، ينسكب فوق حروف اسمه يستسقي من ضيّها الحياة. يمر على القاف، قلبه يلقّننا اليقين. يتهادى فوق السين، سائلًا عن سرّه المقدّس السماويّ. يصل الألف شاهقًا "أوترحل؟!" ثم يرتمي في حمى الميم متيّمًا يتيمًا يضمّ ثرى أمّه.
ثلاثة أعوام، و"أيّ دمٍ لنا سفكتم" تحفر في جوف الأفئدة علامات الغضب وتسطع ثأرًا حيث وُجد القاتل. تعيدنا إلى حضرة قاسم سليمانيّ في حضرة زينب (ع)، إلى دمعه الوفيّ السخيّ خاشعًا في مقامِ ثورتها المتواصلة وحزنها السرمديّ.
ثلاثة أعوام، ولنا في الأثر الفوّاح في كلّ الأرض مواساة سماوية، ولنا من الحزن أنقاه وأجمله، ومن الفقد أقساه وأثقله، ومن الغضب أسخاه وأعدله. ثلاثًا، ولنا في الكفّ المعانقة أرض الشهادة دارٌ أمينة، وفي الدم المسفوكِ المستشهَد حصنٌ حصين، ولنا في صوته، في عزّة شيبه، في كرم حضوره وطن وأهل.
يا الفريد المتحدّر من نسل الإيثار العباسيّ، والفدا الحسينيّ والولاء الزينبيّ. يا الباكي ببابِ الزهراء(ع) والفارس في جيشِ الكرّار. يا البهيّ كشعاع من شمس وُلدت في غار النبوّة كي تدفىء أكتاف الزمان. يا عزيز السيّد علي.
نأتيك اليوم، بل تصحبنا أنت إليك. تأخذنا بأيدينا إلى حضورك الذي لا يغيب ولا يزول. على الأكتاف ثقل المواجع المتراكمة، وفي الصدور لهفات تحتشد كأيتام يتسابقون إلى حِمى معطف أبيهم
وفي الأعين وجهك.
في كرمان الآن، عند ضريح "الجندي قاسم سليماني" تتحلّق البلاد:
فلسطين تطبع من قدسها قبلة على خدّ الرخام، وتهمس أن من الخليل ومن الجليل ومن غزّة ومن الحارات التي تحتضن الأقصى له سلامات بلون الدم، والدم حبٌّ مصفّى.
اليمن يفرد عند قبر العزيز جرحه ثم يلملمه حياءً، يحكي له عن شوق اليمانيين وعن ظلم من قيل أنّهم "ذوو القربى" وكانوا من ألف عدو أشدّ وأظلم..
تقترب الشام، تجلس قرب الضريح كالأميرات الهاشميات بجلال خمارها الياسمينيّ، تطمئنّ به وتطمئنه، وتمسح وجهها على ظلال المثوى وتترك من عطر مقام الأميرة على اسمه سلامًا يعرفه.
أمّا العراق، يا لحزن العراق العتيق، يأتي الضريح بكلّ شجونه، يلطم صدره، وينعى بالصوت النديّ المخضّب بالوجع أن "حجّي قاسم" ما زلنا على العهد، ووردك في صحرا مواجعنا ما زال يسقينا.
ولبنان، يأتيك بتراب عاملة ونثار من صخر الجرود المشبع بالشوق وبالإباء، يا قرّة عين الأحبّة في الضاحية، يخبرك أن ما مرّ يوم إلّا وذكرك أوّله، وما غفت عين إلّا على جفنها يهمس بالسلام عليك.
نأتيك، بصوت كلّ القلوب العاشقة، وبالدمع نهتف أنّ السلام عليك يا ناصر المستضعفين في كلّ أرض تقاتل.
السلام عليك يا وليّ أهل الثورة في كلّ أرض لا تخضع.
السلام عليك يا حبيب الأحرار في كلّ أرض تنتصر بالدم على السيف.
السلام عليك يا ضلع أهل العسكر في كلّ أرض تشتبك.
والسلام عليك من أرض محور الشرف.. يا سيّد شهداء محور المقاومة.
إقرأ المزيد في: قسمًا
08/01/2023
يوم ضربت إيران أميركا.. نحن هنا
07/01/2023
الحاج قاسم سليماني.. القائد الشجاع البصير
06/01/2023