معركة أولي البأس

تكنولوجيا وأمن معلومات

ما هو الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
31/07/2023

ما هو الذكاء الاصطناعي التوليدي؟

علي أبو الحسن

الذكاء الاصطناعي التوليدي Generative artificial intelligence هو فرع من فروع الذكاء الاصطناعي، وبتحديد أكثر هو فرع من فروع التعلم الآلي Machine Learning والذي يعنى بمجموعة الخوارزميات التي تستخدم لإنشاء محتوى جديد يتنوع بين النصوص والصور والتصاميم والفيديو والموسيقى والأكواد البرمجية ويتعداه لكتابة السيناريو وإجراء المحاكاة. ومن أشهر الأمثلة عليه برنامج ChatGPT حيث GPT تعني Generative Pre-training Transformer أي "المحوِّل التوليدي المُدرَّب مسبقًا" وبرنامج DALL-E أو midjourney المتخصص بإنتاج الصور بناء على المدخلات النصية من المستخدم.

ولعل إطلاق وانتشار برنامج ChatGPT والشعبية التي نالها منذ الأيام الأولى لإطلاقه أواخر العام 2022 كانت بمثابة الخطوة الأولى للكثير من الناس للتعرف على الذكاء الاصطناعي وتجربته عن كثب. ولعله أيضاً كان السبب الرئيسي لإثارة المخاوف عند البعض من الذكاء الاصطناعي ومخاطره، الأمر الذي دفع العديد من المنظمات والدول وحتى الأمم المتحدة لبدء التفكير بإيجاد ووضع مجموعة من الضوابط والقوانين التي تحكم تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي حيث عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً رسمياً حول التداعيات العالمية للذكاء الاصطناعي لأول مرة الثلاثاء  18- تموز-2023 وكان ثمة دعوة من بعض الدول الأعضاء لإنشاء كيان أممي جديد لدعم الجهود الجماعية لإدارة هذه التكنولوجيا الاستثنائية، على شاكلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

بالعودة إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي فإن الإنجاز في هذا المجال لا يزال مقتصراً على الشركات التقنية المتفوقه والتي لديها موازنات بحثية بمئات الملايين من الدولار من مثل مؤسسة open-ai التي أسسها صاحب تويتر أيلون ماسك، ومبادرة Deep-Mind  من شركة الفابت وهي الشركة الأم لغوغل وشركة ميتا المالكة لفيسبوك وواتسآب التي اطلقت برنامج ذكاء اصطناعي توليدي للفيديوات، مع الالتفات إلى أن تدريب برامج الذكاء الاصطناعي على توليد المحتوى يتطلب تدريبها على بيانات ضخمة حيث يصعب على أي كان جمع ومعالجة هذه البيانات لما تتطلبه من موارد.

مع الإقرار بالنتائج الباهرة التي يحققها الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات من تحليل الصور الطبية وتشخيص الأمراض الى التنبؤ بأحوال الطقس ورسم الخطط لإدارة المشاريع مرورا بتوليد النصوص وكتابة المقالات وإنتاج الصور والفيديوات وحتى السيارات ذاتيه القيادة، إلا أنه يجب الانتباه الى نسبة الخطأ الموجودة في معظم هذه التطبيقات والتي يبقى لا غنى فيها عن التقييم البشري لمخرجات الذكاء الاصطناعي قبل اعتماده خصوصاً في المسائل الحساسة. والفضاء الإلكتروني مليء بالشواهد على فشل بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي ومنها ChatGPT و DALL-E في الإجابة الصحيحه عن بعض التساؤلات.

ومن سيئات الذكاء الاصطناعي التوليدي قدرته على التزييف أو التلاعب بالصور والفيديوات وتركيب المشاهد وهو ما يعرف بالـ Deepfakes والذي قد يتمكن أيضاً من هندسة بعض الهجمات الإلكترونية على الأنظمة المعلوماتية. ولا يخفى على أحد خطورة هذا الأمر إذ يمكن ان يستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنتاج محتوى مزيف لا يمكن تفريقه عن الحقيقي ويستخدم لنشر الأكاذيب والتأثير بالرأي العام.

بعد توافر هذه الإمكانات بيد الجمهور ماذا لو قرر أحد الأشخاص الذين يعملون في الحقل العام أن يفبرك فضيحة لمنافس له من خلال تشويه سمعته باستخدام الذكاء الصناعي التوليدي؟ فحتى يتم اكتشاف أن هذا الأمر مفتعل تكون قد وقعت الواقعة ولم يعد بالإمكان معالجة ما حصل.

إن هذه القدرة على إنشاء محتوى يبدو حقيقياً بشكل كبير حتى بالنسبة للخبراء لهو أمر مربك ومقلق حيث يستطيع هذا النوع من الذكاء تضليل الرأي العام بشكل كامل حول حادثة معينة أو العمل على ردات فعل متطرفة في بعض الأحيان لحوادث لم تحدث قطّ. فعلى سبيل المثال قام الحزب الجمهوري الأمريكي باستخدام هذه التقنية لإنشاء إعلان مدته 30 ثانية يتنبّأ فيه بالشكل الذي قد تبدو عليه الولاية الثانية للرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن بحيث يصور سلسلة من الأزمات الخيالية، من الغزو الصيني لتايوان إلى إغلاق مدينة سان فرانسيسكو، موضحة بصور وتقارير إخبارية مزيفة لكنها واقعية الى حد كبير.

ومن الأمثلة على ذلك أيضاً الخبر الذي تم تداوله منذ أشهر عن صورة مزيفة للذكاء الاصطناعي حول "انفجار البنتاغون" تتسبب بتراجع أسهم سوق الأسهم الأميركية بنسبة 0.3%.
 
إن أخطر ما في الأمر أنه بعد إنشاء النموذج الخاص بالذكاء الصناعي وتدريبه فإن عملية إنشاء محتوى توليدي انطلاقاً من النموذج المدرب لا تكلف شيئاً وتحصل بسرعه عالية.

أما عن كيفية عمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدية فإن العملية تبدأ بالجمع بين خوارزميات الذكاء الاصطناعي المختلفة لتمثيل المحتوى ومعالجته. فعلى سبيل المثال ليتمكن الذكاء الاصطناعي التوليدي من إنشاء النصوص يتم اعتماد تقنيات "معالجة اللغه الطبيعية" Natural Language Processing التي تقوم بتحويل الأحرف والأرقام وعلامات الوقف الى كلمات وجمل وتحديد الأفعال والأسماء والحالات الإعرابية لها والعلاقات فيما بينها كمقدمة لبناء الجملة. وكذلك الأمر في موضوع معالجة الصور حيث يتم تحويلها الى نمط رقمي ليتم تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي عليه مع الالتفات إلى أن عملية الترميز هذه غالباً ما تشفر أيضا التحيزات العنصرية وعوامل الخداع الموجودة في النصوص والصور والفيديوات الموجودة في قاعدة بيانات التدريب وبالتالي تؤثر في دقه نتائج نماذج الذكاء الاصطناعي.

وبعد خطوة ترميز النصوص وتدريب نموذج الذكاء الاصطناعي عليها يقوم هذا النموذج باستخراج العلاقات والأنماط الموجودة في المادة التي تم تدريبه عليه ثم يتم الاعتماد على خوارزميات أخرى وخاصة الشبكات العصبية الاصطناعية Artificial Neural Networks التي تحاكي طريقة العمل البيولوجيه للدماغ البشري وهي التي تعرف بـ GANs  أي Generative Adversarial Networks لتوليد محتوى جديد يتناسب مع الأنماط التي تم استخراجها وتعلمها من قبل نموذج الذكاء الاصطناعي.

يمكن للمتتبع ملاحظة كيفية تقدم الذكاء الاصطناعي من التعرف على الأنماط والروابط بين المعطيات وصولاً الى التركيب المنطقي للمعلومات في حالة الذكاء الاصطناعي التوليدي، فهل هذا يجعلنا في المسار الذي سيؤدي لظهور الذكاء الاصطناعي العام أو القوي Strong AI  أو General AI؟

التكنولوجياالذكاء الصناعي

إقرأ المزيد في: تكنولوجيا وأمن معلومات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة