تكنولوجيا وأمن معلومات
التطبيع بالألعاب.. فليحذر الأهالي من هذيْن التطبيقيْن الإسرائيلييْن
لطيفة الحسيني
الى أبعد من الانعكاسات النفسية والصحية تصل مخاطر الألعاب الإلكترونية اليوم. المسألة لم تعد محصورة بما تتضمّنها من رسوم سيّئة وسلوكات عنيفة يطبّقها الأولاد والأطفال في حياتهم الواقعية. المواجهة مع العدوّ لها ميدانها الإلكتروني أيضًا ولا سيّما على صعيد التطبيقات والألعاب.
من يترك لأبنائه حريّة التصرّف والتنقّل بين الألعاب الإلكترونية المتوفّرة على Google Play وApple Store بلا مراقبة ورادع وتحكّم، فهو حتمًا يضعهم أمام تطبيعٍ مُقنّع يستفيد منه أوّلًا المُصمّم والمُبرمج الإسرائيلي الذي يعمل على ابتكار لعبة من شأنها أن تدرّ الأموال والأرباح لصالحه.
تطبيقا Domino Dreams وDice dreams المتوفّران على Google Play وApple Store ليسا عادييْن ولا يمكن تحميلهما بكلّ براءة والسماح للأولاد من كلّ الفئات العمرية باستخدامهما. تكمن المعضلة في أن التطبيقيْن هما من إصدار شركة Superplay الإسرائيلية التي أسّسها الصهيوني إيال نيتزر Eyal Netzer عام 2019، واتّخذ من الأراضي المحتلّة مقرًّا لها مع توزيع مكاتب أخرى في أوكرانيا ورومانيا والهند.
اللعبتان تستهدفان أعمارًا مُتفاوتة من الأولاد والأطفال. Dice dreams حقّقت نجاحًا وانتشارًا متخطيةً عتبة العشرة ملايين تنزيل منذ إصدارها في آب/أغسطس 2019، فيما تخطّت Domino Dreams عتبة المليون تنزيل منذ إصدارها في 2022.
بحسب حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان، تُحقّق تطبيقات الألعاب الإسرائيلية المنشأ أرباحًا عبر الإعلانات التي تبثّها أثناء اللعب، وكذلك عبر شراء خصائص إضافية للعب، كما أن مُصمّمي اللعبة أو المُشرفين عليها يمكن أن يضيفوا في أيّ وقت محتوى مباشرًا أو غير مباشر، يروّج لسردية العدو، أو يبثّ إعلانات إسرائيلية مشبوهة، خصوصًا وأن قصّة بوب Bob، بطل لعبة Dice Dream الذي عاد من رحلة فوجد أن بيته جرى الاعتداء عليه فقرر مجابهة أعدائه، تحتمل إسقاطات من الصراع العربي الإسرائيلي.
موقع "العهد" الإخباري عَلِم أن حملة المقاطعة أبلغت مكتب مقاطعة "إسرائيل" في وزارة الاقتصاد والتجارة في لبنان بالموضوع، فكان الجواب بأن توفّرها ووجودها على Google Play وApple Store أمرٌ معقّد والدولة لا تستطيع حظر ذلك عن كلّ الهواتف والتحكّم بها بمنعه، وعليه يجري العمل على متابعة القضية مع الأجهزة المعنية حتّى يتمّ الوصول إلى حلّ ومخرج لها.
بالطبع، ليست المرة الأولى التي تتسرّب برامج إسرائيلية إلى الساحة اللبنانية، تكون مُتاحة بكلّ سهولة أمام المُستخدمين العرب ولا سيّما في الدول المناهضة للتطبيع. سابقًا، برزت لعبة pirate kings التي يمكن تحميلها عبر Google Play والتي تبيّن أنها إسرائيلية المصدر، والشركة المُصمّمة لها مقرّها في "تل أبيب"، تعتمد فكرتها على دفع الأموال من خلال "الكرديت" على الانترنت في حالة الرغبة في توسيع الجزر الواردة في اللعبة (تقوم على فكرة بناء جزر من خلال سرقة أموال اللاعبين الآخرين) بصورة أكبر دون الانتظار من أصدقائك مساعدتك في الدخول إلى مستويات أعلى.
المسألة إذًا تحتاج إلى وعي سياسي قبل كلّ شيء. ليس كلّ تطبيق مُتاح ومجانيّ آمن للتحميل. على مُستخدمي الهواتف والأجهزة الإلكترونية التنبّه كثيرًا قبل أيّ إجراء يُفيد العدوّ وشركاته وصناعاته.
الأخطر في كلّ هذا النقاش أن هناك ما يجب التنبّه له إزاء هذه الألعاب، وهو أنها قد تكون في الأصل مُصمّمة بغرض استهداف المُستخدمين العرب واختراق هواتفهم وأجهزتهم الالكترونية والتجسّس عليها عبر تجميع معلومات تقنية منها، ولاسيّما من خلال تشغيل الكاميرا والميكروفون في الهواتف وصولًا الى الصور والأرقام والبيانات التي يحفظها الجهاز.
وعليه لا يمكننا التعامل بخفّة مع الموضوع، حتى لو كانت اللعبة التي جرى تحميلها بالدرجة الأولى لا تتضمّن إمكانية إحداث خرق، لأنّ الشركة المُصمّمة تستطيع بسهولة إجراء تعديل يُتيح لها هذه الخاصيّة للقيام بعمليات تجسّس حقيقية وكاملة.