طوفان الأقصى
بهدوء بعد الصخب: السيد العربي الاخير
راوي حداد
انتهت قبل قليل آخر صلاة جمعة في العالم، والتي تتم عادة في مسجد السلام في مدينة بورنابي، كولومبيا البريطانية، كندا. المسجد الذي يملك آخر توقيت في الكرة الارضية (-٧ ساعات من غرينتش).
في لملمة حوادث اليوم، وبعد خروج كل التظاهرات والمسيرات وقوافل الغضب لغزة، في كل الأمصار والأصقاع، هناك ملاحظة لا بد من الوقوف عندها طويلاً.
خلال كل السنوات الفائتة، وتحديداً بعد الهزيمة النكراء التي ذاقها العدو الصهيوني على يد فوارس المقاومة اللبنانية، أسود حزب الله وباقي الفصائل، في آب ٢٠٠٦، بدأت فرق الاستخبارات الصهيونية وغرفه الإعلامية ومن خلفه غرف الاستخبارات في دول (صناعة القرار) بإعادة هيكلة البنية الاعلامية والاستخباراتية ودفع الماكنة الإعلامية والثقافية والانتي ــ ثقافية لبدء حرب أفقها: تشويه سمعة المقاومة وسحقها اعلاميا وجماهيرياً!
عشرات مليارات الدولارات، والتي تضاهي ميزانيات دول نامية، ضُخّت خلال السنوات الماضية في كل ساحات الاعلام والوزارات المعنية به في الدول (الرهينة) لاميركا و"اسرائيل".
بدأ شراء الذمم الاعلامية والاقلام الصحافية والمؤثرون الاجتماعيون وكثير من أهل الفن والثقافة (يخرج لتوه من جنة الثقافة من يبيع ذمته للمال كان من كان) والرياضيون وزعماء احزاب ورجال دين وقنوات تلفزيونية بأسرها وسياسيون واصحاب مراكز في الدول.
الهدف الاساس والجوهري كان بضرب المقاومة في أهلها وضرب مصداقيتها ولاحقا شرعيتها ولاحقا التخلص من الغطاء الشعبي ومروحة التعاطف العربية الواسعة.
كانت سوريا نقطة تحول مفصلية لتنفيذ الخطة الكاملة وتجريد المقاومة من اعتى اسلحتها الفتاكة : الحاضنة الشعبية!
لم يكن سهلا ما عانته المقاومة في هذه الحرب الاعلامية والتي، وبنظر العدو، نجحت بتحويل المقاومة من ملاك حارس الى شيطان لئيم.
هذه الحرب الاعلامية التي قادها الغرب برمته خلف "اسرائيل" نجحت برسم صورة ما في نظر العدو بانه نجح تماما في الفوز بمعركة الاعلام الحاسمة.
وهنا، حينما ياتي العدو على فعل الغزو او الاجتياح او اختلاق الحرب فان (ظهر) المقاومة سيكون هشا ومُتاحا للطعن من الداخل اللبناني العربي !
ما يعني انه سيسهل استنزاف المقاومة وجرها الى الاستسلام في اي حرب قادمة بعد ان يقوم الشارعين العربي واللبناني بلفظها والتبرؤ منها.
ما حدث اليوم في جمعة الغضب العالمية وما شاهدناه بالامس وفي الايام الاخيرة قلب المعادلة راسا على عقب ونسف كل الجهود والاموال الطائلة التي استنزفها العدو من اجل حربه الاعلامية الشرسة والخطيرة مع المقاومة!
ان نرى ذلك المتظاهر المصري يلوح بقبضته وينادي ومن خلفه ترتفع اصوات الالاف من المصريين الشجعان الذين تحلوا بالجراة وتحدوا السيسي وعسكره ونزلوا الى الساحات ينادون (حزب الله الحبيب اضرب اضرب تل ابيب) فهذه هزيمة!
ان نرى ذلك الشيخ الفلسطيني الذي يقول انه فقدنا الامل منذ سنوات في العرب وبقي لنا بعد الله السيد حسن نصرالله فهذه هزيمة للعدو!
ان نرى شبانا عربا في الكويت الحبيب يغلقون فم الداعية السلفي الذي اهان حزب الله ويخرجوه من الساحة عنوة فهذه هزيمة للعدو
ان نرى تلك الامراة المسنة في دير الزور ترفع نداء الغوث للسيد وتناشده بمساعدة المقاومة في غزة فهذه هزيمة للعدو.
ان نرى ساحات اليمن والمغرب وتونس وايران والعراق والجزائر والسودان والاردن والسعودية تصدح باسم حزب الله والسيد وتناشدهما مساندة غزة فهذه هزيمة للعدو.
ان نرى المقاومة الغزاوية تتوجه بالتحية والشكر للسيد والحزب فهذه هزيمة للعدو.
نعم، يصح القول هنا، وبعد الرحمة على الشهداء، بان حماقة شن حرب في غزة هزمت العدو في ساحاته كلها واعادت توحيد قلوب (الشارع العربي) حول السيد حسن نصرالله.
شكرا لله على حماقة اعدائنا .
والرحمة للشهداء