موقع طوفان الأقصى الجبهة اللبنانية

قضايا وكتب

قراءة في كتاب: ما بعد الغزو اليهودي الأول والثاني لفلسطين
06/06/2024

قراءة في كتاب: ما بعد الغزو اليهودي الأول والثاني لفلسطين

مراجعة كتاب
المؤلف: د. عدنان حسن منصور
العنوان: ما بعد الغزو اليهودي، الأول والثاني لفلسطين
الدولة اليهودية: الاستمرارية المستحيلة
بيروت، (لا سنة للطباعة)، عدد الصفحات، 751
الناشر: دار نيولان للطباعة والنشر
مراجعة: شوكت أشتي

_______

يتميّز هذا الكتاب، بكونه تأريخاً دقيقاً لحقبة تاريخية طويلة جدًا، وعملاً توثيقياً متيناً، لمراحل هذه الحقبة ومحطاتها المفصليّة. يتسم بسلاسة النص، وسهولة المتابعة، وتسلسل العرض. غني بالمعطيات، والوقائع، والأحداث، لأن المدة الزمنية التي يتابعها الكتاب، بالبحث والتنقيب، موغلة في عمق التاريخ، تمتد لآلاف السنين، أي من الألف الثالث قبل الميلاد، إلى اغتصاب فلسطين، وقيام الكيان الصهيوني العام 1948.

في الأحوال كافة، يمكن القول: نحن نتابع في هذا الكتاب، مسائل متعددة، متفاعلة، قد تساعد على فتح الآفاق، وتوضيح العديد من القضايا، والمسائل، المرتبطة بالقضية الفلسطينية، الأمر الذي يجعله، في اللحظة السياسية التي نعيشها، يحتل موقعًا هامًا وضروريًا في الوقت نفسه، سواء للأجيال الطالعة، التي قد تحتاج إلى إغناء معلوماتها، وتأصيل أفكارها، وفتح "أبواب التاريخ" أمامها، أو لجهة الأجيال التي خاضت تجاربها، والتي يمكن أن تجد في هذا الكتاب، موضوع المراجعة، ما قد يُعمّق ما كان لديها، أو "يُصحّح" بعض ما كانت تعرفه، أو يكشف بعض "الجديد" بالنسبة لها.

تحديات أولية

من هنا، فإن كثافة ما يُقدمه الكتاب، حول مسار التوغل اليهودي في فلسطين، أو الغزو اليهودي لفلسطين، وعلى امتداد كلّ هذه السنوات، يدور حوله، وفيه، وعليه، العديد من التساؤلات والكثير من النقاشات. لأن العديد من المسائل التاريخية، التي يدعّيها اليهود، ويستندون إليها، لتسويغ اغتصابهم لفلسطين، وتبرير احتلالهم لأرضها، هي بحد ذاتها موضوعًا خلافيًا بين اليهود أنفسهم.

إضافة إلى أن المعتقدات الدينية، عند اليهود، تختلط بالمسائل السياسية. بل إنها تندمج في حيز واحد، وإطار موحد، فيغدو الدين بالنسبة للصهيونية، غطاء لتبرير عنف السياسة، وبطشها، وتطاولها على التاريخ، وتشويهها للحقائق، وتحريفها للوقائع..

وفي هذه النقطة بالتحديد، يمكن أن يُثار الجدل، سواء لجهة تحريف التاريخ وتشويه وقائعه، كما يقوم به الصهاينة، ليأتي منسجمًا مع الدين، والتسليم بمقولاته، أو لجهة تصويب بوصلة التاريخ، لمنع تحويل الصراع السياسي إلى صراع ديني. لأن هذا التحويل، من سياسي إلى ديني، كما هو قائم ومعتمد من قبل الصهاينة وحلفائهم، يُلغي إنسانية الإنسان، ويطمس حقوقه، ويُلغي الهوية، ويُبرر الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، ويضرب كلّ الادّعاءات "الحضارية" التي يُطلقها حلفاء الحركة الصهيونية، سواء لجهة التنكر لمرتكزات الحرية، أو لجهة تجاوز أسس الحياة الديمقراطية، أو لجهة رفض حق تقرير المصير.. وهذه القضايا وغيرها، هي ما يتم القيام بها فعليًا، في هذه اللحظة السياسية، في فلسطين عامة، وفي قطاع غزّة خاصة، حيث يصمت العالم "المُتحضر" ودوله "المتمدنة"، وأنظمته "الديمقراطية"، عن كلّ الجرائم التي يرتكبها العدوّ الصهيوني، تحت مُسوغات سياسية، لها جذرها الديني.

ملاحظة في الشكل

يمتد الكتاب على (751) صفحة، موزعة إضافة إلى المقدمة والخاتمة، والملحق، على بابين اثنين. الباب الأول، يستعرض أطماع اليهود في فلسطين قبل العام 1948. ويمتد على مدار (354) صفحة. أي ما يوازي نصف صفحات الكتاب، تقريبًا. الباب الثاني، يتطرّق إلى إنشاء الكيان الصهيوني، وتحدي البقاء بالنسبة لهذا الكيان.

غير أن التوازن يبدو مفقودًا بين هذين البابين، ليس لجهة عدد الصفحات، المؤمن بينهما تقريبًا، بل لجهة المدة التاريخية لموضوع الدراسة والبحث. أي أن الباب الأول، يمتد على مدارعدة قرون، في حين أن الباب الثاني، يمتد لعدة سنوات. قد يعتبر بعضنا أن هذا الخلل شكلي، وغير ذي أهمية. لذلك حاول الكتاب في المقدمة أن يوضّح هذه المسالة، من خلال الإشارة إلى أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار بين مرحلتين غير منفصلتين. المرحلة الأولى، تمتد ما بين عام التشتت (اليهودي)، وعام التأسيس الفعلي للحركة الصهيونية 1897. والمرحلة الثانية، هي المدة التي أعقبت مؤتمر "بال" 1897، وتوجّت بقيام "الدولة "الإسرائيلية"" (من الملاحظ لا تأتي كلمة الدولة، لاحقًا "إسرائيل"، بين هلالين).

لذلك فإن المرحلة الأولى، كما جاء في متن الكتاب، يغلب عليها الطابع النظري المبنيّ على الدين والأمل، والمرحلة الثانية، تُجسد بلورة النظرية الصهيونية. من هنا كانت الأولى، بمنزلة الجنين، والثانية، بمنزلة الولادة.

لكن هذا المسار التاريخي الطويل الذي يُقدمه الكتاب، قد يأتي، في بعض المواقع، على حساب التحليل، والربط بين الأجزاء، والأفكار التي يُقدمها النص، منها على سبيل المثال، لا الحصر، فكرة "التشتت" اليهودي بحد ذاتها. فهل حقيقة حصل ما سُمي "التشتت"، أو السبي؟ أم أنه أصبح كمعطى "بديهي" لا نقاش فيه، وحوله؟ من هنا كان يمكن، مثلًا، تقسيم المرحلة الأولى التي تمتد عدة قرون (من القرن الثالث ق.م. وحتّى اليوم)، لعدة مراحل، الأمر الذي يجعل التسلسل أوضح، والتقسيم أدق.

منطلقات أولية

يبدو أن المؤرخ اليوناني هيردوس، هو أول من أطلق كلمة فلسطين على هذا الجزء من سورية. وهذه الأرض عرفت تحولات سياسية، واقتصادية، وديمغرافية، متعددة في مراحلها التاريخية المختلفة. حيث استقرت موجة سامية في أرض فلسطين، وسورية، والعراق، قبل عدة قرون، من الألف الثالث ق.م. هذه الموجة السامية جاءت من الجزيرة العربية. وبالتالي، فإن الكنعانيين هم سكان هذه المنطقة، التي هاجر إليها اليهود/ العبرانيون لاحقًا. وعليه، فإن غزو اليهود لفلسطين، كان على دفعتين لا رابط بينهما.

قراءة في كتاب: ما بعد الغزو اليهودي الأول والثاني لفلسطين

الهجرة الأولى، هجرة إبراهيم (ولد في بابل - العراق، ونشأ فيها) التي كانت نتيجة لما تعرض له من اضطهاد وظلم من السكان المحيطين به، والرافضين لرسالته الدينية، فهاجر إلى حران، ثمّ إلى فلسطين، ثمّ إلى مصر، ليعود ثانية إلى فلسطين في حدود العام 1950 ق.م. حيث كانت فلسطين أرض غربة بالنسبة لإبراهيم وذريته. وهذا ما تقر به التوراة.

ما يمكن الإشارة إليه في هذا السياق، أن إبراهيم، وإسحاق (ابنه)، وبني "إسرائيل" (أبناء يعقوب)، جميعهم ولدوا خارج فلسطين، وهم غرباء عنها، وليست فلسطين وطنهم الأصلي.

الهجرة الثانية، هجرة موسى الذي يعتبره المؤرخون مصريًا، وليس إسرائيليًا. حصلت هذه الهجرة، بعد الهجرة الأولى بنحو (700) سنة تقريبًا، أي في أواخر القرن الثالث عشر ق.م (1290 ق.م.). وهذا ما يدفع للقول: بأنه لا توجد صلة لموسى بإبراهيم. لذلك فإن مسمى "الشعب العبري"، الذي عُرف في ما بعد بوصف يهودي، و"إسرائيلي"، هو نتاج مزيج من هاتين الهجرتين. بمعنى آخر، نتيجة مزيج من شعبين: الأول، جاء مع إبراهيم من الشمال، والثاني، جاء مع موسى من مصر.

إن دخول (العبرانيين)، أرض كنعان في فلسطين، ساعدهم على أن يأخذوا من الحضارة الكنعانية الكثير الكثير. حيث انتقلوا من حالة البداوة، وبدأوا يتعاطون الزراعة، وبناء المساكن، والتخلي عن السكن في الخيام، وغيرها من الصنائع، واتّخذوا لغة الكنعانيين، وحروف هجائهم، والكثير من الطقوس الدينية، والعبادات، والشعائر. من هنا يزدحم الكتاب بالمعطيات والمسائل التاريخية التي تدحض مقولات الصهاينة المرتكزة على نصوص توراتية.

حقائق أساسية

هذه المعطيات التاريخية، لها تداعياتها اللاحقة على اليهود، وضّحته الاكتشافات الآركيولوجية، لعلّ من أبرزها على الأقل، وباختصار، دون الولوج إلى التفاصيل التاريخية الأخرى المهمّة، ما يتعلق بالقدس، وداود، وسليمان.

- بخصوص القدس، أو ما يُطلق عليها اسم (أورشليم)، لم يؤسسها الملك داود. بل كانت موجودة قبل حكمه بزمن. لذلك لا يجوز نسبتها إليه، أو اعتباره مؤسسها، كما يدعي اليهود اليوم. وعليه، لا يمكن الاستناد إلى نصوص التوراة وحدها لتوضيح تاريخ الشعب اليهودي. لأن المعطيات المكتشفة، ناقضت العديد من المرويات التوراتية، وشككت في صدقيتها.

- بخصوص داود، فقد بسط سلطته على المنطقة الداخلية من فلسطين، بعد أن دفع الفلسطينيين إلى الشاطىء. غير أنه لم يستطع إخضاع القبائل اليهودية، إلا بصعوبة. ومن المفيد الإشارة إلى أن وصول داود، بالأساس، إلى العرش، كان عن طريق أجداده العرب، وليس عن طريق الإسرائيليين. استنادًا إلى هذه المعطيات، يشير المؤرخ، جفريز، إلى أن تجاهل المؤرخ اليوناني، هيرودوتس، لليهود، يعود إلى أن مملكة يهوذا كانت غاية في الصغر، والأرض كانت تُسمى بفلسطين سورية، أو بسورية الفلسطينيين.

- بخصوص سليمان، فقد جاء بعد داود (961 - 922) ق.م.، غير أنه حصل في عهده، انشقاق بين الإسرائيليين، وازداد تمرد الأعداء على حكمه، وفَقَد سيطرته على بعض الأقطار، وبعد وفاته، انشطرت الدولة التي يسميها الكتاب، "الدولة اليهودية"، سنة 922 ق.م.إلى قسمين، سياسي وديني: "إسرائيل" الشمال، وعاصمتها "شكيم"، وعادت إلى العبادة الكنعانية، ويهوذا في الجنوب، وعاصمتها "أورشليم"، وبقيت مؤمنة بعبادة يهوه.. وبالتالي، فإن ما يسمى "الدولة اليهودية"، "الموحدة" لم تدم وحدتها التي استتب الحكم فيها إلى "إسرائيل" أكثر من ثلاثة أرباع القرن. ويُشير الكتاب، إلى أن سليمان أقام "المعبد اليهودي المعروف باسم الهيكل – هيكل سليمان".

غير أن هذه المراجعة التي يُقدمها المؤلف، تطرح للنقاش فكرة "المعبد اليهودي"، بحد ذاته. هل حقيقة كان هناك معبد؟ وأين؟ وما الدلائل التاريخية حوله؟ وما المعالم الأثرية لتبيان وجوده؟ إن التسليم بوجود الهيكل الذي تسعى الحركة الصهيونية لإقراره، لم يتم التحقق منه، رغم كلّ المحاولات التي قام بها الصهاينة وحلفاؤهم، على مدار كلّ هذه السنوات الموغلة في العمق. ولا تزال الفكرة الصهيونية، تستند إلى مرويات توارتية، وخارج المنطق العلمي، والبحث التاريخي، وبعيدًا عن المعطيات الحسية والموضوعية.

هذه الفكرة ترتبط، بشكل، مباشر، وعميق بمستوى الحضور التاريخي لليهود في أرض فلسطين. حيث يُضخم الكيان الصهيوني، وحلفاؤه، هذا الحضور، دون مستندات موضوعية. من هنا يُشير، جفريز، في كتابه "فلسطين إليكم الحقيقة"، عن "الدولة اليهودية"، وحضور اليهود والعرب في فلسطين ما يلي: "وإذا تحوّلنا.. لمقارنة الوضع التاريخي للعرب في فلسطين بالوضع التاريخي لليهود فيها، فيا لبعد الثريا عن الثرى، لقد بدأ امتلاك العرب لفلسطين قبل 5000 عام ولم ينقطعوا عنها في يوم من الأيام، حتّى يومنا هذا. إنّه أقوم امتلاك على ظهر الأرض وأشد قوّة وإمعانًا. إنّه امتلاك كان له نصيبه من الفتح وله رسوخه الطويل في التربة، في حين أنّ "الدولة اليهودية" قد قامت وتألّقت وطنطنت بمقدار عمر برغشة ثمّ تلاشت".

مواضيع للنقاش

في سياق المسار التاريخي، وتطور الأوضاع، يُشير الكتاب، موضوع المراجعة، إلى سقوط "دولة إسرائيل"، على أثر الغزو الآشوري لشمال سورية منذ العام (740) ق.م.، حيث تم سبي اليهود إلى آشور، ثمّ سقطت "دولة يهوذا" عام 597 ق.م.، وتمكّن، لاحقًا"، زعيم البابليين، نبوخذ نصّر من اجتياح الهيكل في "أورشليم" وهدمه بشكل كامل، وإزالة مملكة يهوذا عن الخريطة العام 586 ق.م.. بمعنى آخر سقطت دولتا الشمال والجنوب. وهذا، كما يأتي في التلمود، لم يكن "سوى نتيجة لذنوب "إسرائيل" ولذنوب بنيها الفاجرين ".

غير أن الأمور تبدلت، كما يشير الكتاب، موضوع المراجعة، أيام الحقبة الفارسية. إذ تولى قورش الفارسي عرش بابل العام 538 ق.م. وأعاد الاعتبار لليهود، وأعادهم إلى"بلادهم"، وأمر بإعادة بناء "هيكل سليمان" الذي كان قد أحرقه نبوخذ نصّر. لكن لم يعد، من اليهود، أكثر من (42) ألف نسمة، والأغلبية فضلت البقاء في بابل. كما أن من عاد منهم، غادر فلسطين مُجددًا، إلى المدن اليونانية، بحثًا عن الرزق.

إن رفض اليهود العودة إلى فلسطين، يعود إلى أن البقاء في الغربة سمح لهم بالحفاظ على خصوصيتهم الذاتية، والاندماج في بابل، وممارسة النشاطات الاقتصادية. من هنا اعتبر، مثلًا، "الرباني يهوذا"، إن من "يعيش في بابل يُحسب كأنّه مُقيم في أرض إسرائيل".

إن "دولة اليهود القديمة"، كان عمرها قصيرًا، ولم تترك أي أثر حضاري، أو ثقافي، أو علمي، أو مادي، جدير بالدراسة والاهتمام، مما يدحض ما يدعيه الصهاينة اليوم، ويكشف المزيد من عنصريتهم. وبالتالي، فإن هذا الوجود الضيق، والمحدّد، والمحدود، في فلسطين لا يخولهم، أو يُعطيهم أي حق للمطالبة بما يسمونها "أرض الأجداد" من جهة، وتطرح الشك حول الهيكل، بحد ذاته من جهة ثانية. وما يُعرف اليوم بـ"حائط المبكى"، فإنه مبنيّ من الغرانيت، في حين ما يُسمى بـ"هيكل سليمان"، الذي بناه الفينيقيون كان من خشب الأرز.

العداء للإسلام وأوهام التفوق

قبل الإسلام، كان لليهود مواقع قوّة في جنوب شبه الجزيرة العربية، وبعض قبائلهم كانت تتمتع بـ"نفوذ اقتصادي"، مثل قبائل قينقاع، النضير، قريظة، وبعد الدعوة، حاول النبي، لاحقًا، حمل اليهود على اعتناق الإسلام، إلا أنه لم يفلح بذلك.

بعد الفتح الإسلامي عام 639 م. تحولت الأمور، حيث تُشير دائرة المعارف اليهودية، إلى أنه تم، بفضل الدعوة الإسلامية، "إنقاذ اليهود من الدمار الكامل". إذ كانت معاملة المسلمين لليهود طيبّة للغاية، وسمحوا لهم بالاستيطان في القدس، وإنشاء مركز علمي لهم فيها، بعد أن كان الرومان قد منعوا اليهود من الإقامة في المدينة المقدسة.
ومن الجدير، الإشارة إلى أنه رغم عداء اليهود للنبي، ودعم أعداء الإسلام، فإن الرسول العربي عاملهم بتسامح، بعد انهزامهم في خيبر. كما حظي اليهود في ظلّ  الحكم العربي الإسلامي، بمكانة ممتازة، لم يعرفوا مثيلًا لها في أي منطقة في العالم، لأن العرب لم يعرفوا أية نزعة عنصرية تجاه السامية، كونهم هم بالأساس، ينتمون إلى "العرق السامي".

غير أنه من الضروري لفت النظر إلى مسألتين: الأولى ترتبط بالمعتقد، والثانية تختص بالعلاقات الداخلية. في المسألة الأولى، يوجد ما يمكن أن نعتبره أزمة في "المفهوم الفلسفي" للديانة اليهودية، سواء من خلال التوراة أو التلمود، كونها تستند إلى اعتقادين/مبدأين: الأول، الاعتقاد بالاتحاد مع الله. الثاني، الاعتقاد بتفوقهم عن سائر الشعوب الأخرى، وتصورهم بأنهم شعب الله المختار، ممّا ولّد وأنتج لديهم عنصرية واضحة، فتوهموا بالتفوق المطلق على الآخر في العالم أجمع.

في المسألة الثانية، فإن الحياة داخل الجماعة اليهودية، ترتكز على العلاقة المتينة بين طبقة الأغنياء، ورجال الدين اليهود. وبالتالي، فإن المفاهيم "الفلسفية"، وتجسيداتها العملانية، تجعل السياسة اليهودية عدوانية دائمًا، من جهة، وتسعى للقضاء على كلّ من يعارض أفكارها من جهة أخرى. وهذا يعود لتوهمها، بأنها تنفذ أمرًا إلهيًّا. وهذا واضح في سياسة الإبادة الجماعية في فلسطين عامة، وقطاع غزّة خاصة.

من هنا يستعرض الكتاب، موضوع المراجعة، مفاهيم التوراة، والتلمود بشيء من التفصيل، لتوضيح بعض المنطلقات التي يتسند إليها اليهود في إيمانهم.

أعمال غير مشروعة

كان لليهود في القرون الوسطى تجمعات عديدة في مختلف أنحاء أوروبا، وشمال إفريقيا، وآسيا الصغرى، وشرق البحر الأبيض المتوسط، وكان لهم دور هام في الحياة الاقتصادية. خاصة في بعض الأعمال غير المشروعة (المخدرات، الدعارة، تجارة الرقيق، المسكرات....)، بكلّ ما يتركه هذا العمل من إفساد وفساد، وخلخلة في المجتمع، الأمر الذي راكم ثروتهم من جهة، وأضفى عليهم صفة التجار والمرابين من جهة ثانية، ووسّع دائرة العداء لهم مع المحيط الذي يعيشون فيه من جهة ثالثة.

من هنا اعتبر البعض (مثل المؤرخ البريطاني إدوارد غيبون)، أن اليهود كانوا من ضمن الأسباب الرئيسية التي ساهمت في انحطاط الإمبراطورية الرومانية، ممّا فرض بعض القوانين للحد من حركتهم، وممارسة شعائرهم، منها على سبيل المثال لا الحصر، منع اليهود من استخدام عبيد يتبعون الديانة المسيحية، ومنع الزواج بين اليهودي والمسيحية، ولاحقًا في العام 433 م. مثلًا مُنعوا من تحسين أماكن تواجدهم وتجميلها، وتقلد الوظائف العامة، وصولًا إلى أن بعض الدول الأوروبية، قامت بطردهم: منها فرنسا عام 1182، 1306، هنغاريا عام 1360، بلجيكا العام 1370، سلوفاكيا العام 1380، النمسا العام 1421، هولندا العام 1444، إسبانيا العام 1492.

إن سلوك التجار اليهود، دفع العديد من رجال الدين المسيحيين في القرون الوسطى، لاتّخاذ مواقف حادة ضدّهم، على سبيل المثال: القديس توما الإكويني (1227 - 1274)، دعا لعدم السماح لليهود بالاحتفاظ بما لدبهم من المال، كونهم حصلوا عليه بالربا، والراهب ورزبرغ (1462 - 1516)، دعا لاتّخاذ تدابير قانونية تمنعهم من تعاطي الربا، كما أن البابا كليمنت الثامن أعلن العام 1592، أن "العالم كله يضج من مخالب الربّا اليهودي، ومن احتقارهم وطرق الغش التي يستعملونها، فقد جرّوا إلى الفقر شعوبًا كثيرة...".

من هنا يمكن القول: إن هذه النظرة السلبية جدًا، تجاه اليهود، دفعت العديد من الدول الغربية إلى اتّخاذ إجراءات وتدابير تحد من نشاطهم في دولهم من جهة، وعزز لدى هذه الدول، التفكير الجدي في التخلص منهم، من خلال نقلهم إلى دولة خاصة بهم، لاتقاء شرهم من جهة أخرى.

حقوق مزعومة

هجرة اليهود وتشتتهم، واكبه لُحمة دينية بينهم، وغيتو يوّحدهم، ويدفعهم للعودة إلى ما يعتبرونها "الأرض المقدسة"، أو ما يسمونها "أرض الميعاد"، حيث سيهبط المسيح لاستعادة "العدل، والسلام الكامل". غير أن المسيح في المفهوم التوراتي، يتحدّر من نسل داود، وهو الذي سيقود "شعب إسرائيل".

من هنا كانت أول تجربة لإنشاء مستعمرات "يهودية" خاصة بهم في فلسطين، وغيرها، تعود إلى جوزيف ناسي، في القرن السادس عشر. كما قُدمت لهم العام 1625، مقاطعة كبيرة في جزيرة كوراكارو، للاستمرار والعيش فيها، وأنشئت مستعمرة يهودية العام 1659، على يد الفرنسيين في عاصمة غوايانا (أمريكا الجنوبية)، واقترح المارشال "دوسكس"، إقامة مملكة لهم في أميركا الجنوبية. والعام 1825 اشترى رجل يُدعى نوح جزيرة على نهر نياغارا، وأقام فيها مع اليهود، كما أقيمت مستعمرات صهيونية حول طبريا، في القرن التاسع عشر.. إلخ. غير أن كلّ هذه المحاولات فشلت، ولم تعمر طويلًا.

إن ما يمكن استنتاجه، بناء على ما قدمه الكتاب من معطيات، هو أن أرض فلسطين، لم تكن، عمليًا، الأرض "الموعودة" بالنسبة إلى اليهود. لماذا؟ لأنهم اتّخذوا أكثر من أرض لتكون المستقر الدائم لهم.

تتابعت الهجرات اليهودية، من روسيا، وألمانيا، وصولًا لتأسيس مراكز مالية، وبحثية لمساعدت اليهود لتأمين استقرارهم، وبدأ التوجّه نحو فلسطين يزداد. غير أن السلطة العثمانية كانت متوجسة من تحركهم، وهذا ما أدى لاحقًا لإسقاط عبد الحميد، وكانت "جمعية الاتحاد والترقي" في تركيا، في جوهرها وأساسها حركة يهودية وتركية، وتضم يهوداً وماسونيين. وقد سعوا بعد 1908، لإقامة دولة يهودية في العراق.

هذه بعض المعطيات المهمّة التي يتضمنها الكتاب، موضوع المراجعة، غير أنها لم تُثمر بالقدر اللازم، في التحليل، وتوضيح أبعادها السياسية والتاريخية، الأمر الذي جعلها وكأنها معزولة عن عنوان الكتاب، بحد ذاته. لماذا؟

لأن سعي اليهود وداعميهم، لم يكن منصبًا على فلسطين، ممّا يدحض الادعاءات الصهيونية، والمزاعم السياسية "بحق العودة"، إلى فلسطين. وهذا يعني، أن الاهتمام، وبكل بساطة، كان يركز على تجميع الشتات اليهودي، في أي منطقة في العالم، تحضيرًا لعودة "المسيح"، الذي هو من نسل داود بالتحديد.

وهم محاربة السامية

هذه الملاحظة، المتعلّقة (باليهود الخزر) جديرة بالمتابعة، وهي على قدر كبير من الخطورة والأهمية. كيف؟ ولماذا؟ لأنها تكشف عدم صدقية الفكرة الصهيونية، في العلاقة بين اليهود والسامية، من هنا يمكن الإشارة إلى الآتي:

كانت ديانة الخزر (الأصل تركي)، بدائية، بسيطة، يسيطر عليها السحر والشعوذة. غير أنهم اعتنقوا في نهاية القرن الثامن الميلادي، الديانة اليهودية.

الجديد في هذه المسألة، أن يهود الخزر/اليهود الجدد، لا يمتّون بأية صلة إلى يهود فلسطين. رغم ما يدور من نقاش حول هذه النقطة المركزية، فإن المراجع، والمؤرخين اليهود أنفسهم منهم مثلًا، أستاذ التاريخ اليهودي في جامعة "تل أبيب"، أ. ن. بولياك، الذي اعتبر أن يهود الأشكناز (يهود أوروبا الشرقية)، ليسوا من نسب يهود فلسطين وإنمّا من نسل الخزر..".

ويُشير الكتاب، موضوع المراجعة، إلى أن أغلبية اليهود الأوروبيين ليسوا من أصل فلسطيني سامي، وإنمّا من أصل قوقازي. وهذا ما يدحض الفكرة الصهيونية من أساسها التي ربطت كلّ يهود العالم بالعرق السامي، وبأرض فلسطين. لقد أسقطت الحجج العلمية والتاريخية والعرقية، المقولة الصهيونية حول علاقة كلّ اليهود بالسامية، الأمر الذي دفع بالعديد من الصهاينة إلى الابتعاد عن العرق عند الحديث عن "حقوق اليهود التاريخية".

إن اللاسامية هي السّوط الذي تَجلد به "إسرائيل"، ومعها اللوبيات الصهيونية في العالم، كلّ إنسان غير يهودي، لا يقبل بوجهة النظر الصهيونية، وبكل مزاعمها وادّعاءاتها وسياساتها وإجرامها. وخير دليل حاضر في هذه اللحظة السياسية، حرب الإبادة الجماعية لأهل قطاع غزّة، واتهام التحركات في الجامعات الأميركية، بأنها معادية للسامية.

انتشار اليهود

انتشر اليهود في العديد من دول العالم، وكان لهم دور مهم في النشاط الاقتصادي والسياسي، ممّا ساهم في توظيف هذا الوجود لخدمة المشاريع الصهيونية.

من هنا يستعرض الكتاب بالتفصيل الدقيق هذا الوجود على المستويات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ويدخل في ما طرأ عليها من تحولات، ويذكر أسماء الجمعيات التي تعمل من خلالها، والمدارس الخاصة بها، ووسائل الإعلام، ممّا يجعل هذا العرض مفيدًا جدًا.

على المستوى العربي، والإقليمي، يُبيّن استقرار الطوائف اليهودية في العراق، واليمن، والجزيرة العربية، ومصر، والمغرب العربي، والجزائر وليبيا. غير أنه من الملاحظ غياب هذا الوجود في لبنان. كما كان لليهود دور أساسي ومهم في تركيا وإيران، حيث كانوا في هاتين الدولتين، رافدًا أساسيًا في تعزيز مشاريع الحركة الصهيونية.

على المستوى العالمي، يُبرز الدور اليهودي في أميركا، وأوروبا، الأمر الذي سمح لهم بأن يكونوا في مواقع القرار. حيث تحتلّ أميركا مركز الثقِل في دعم المشروع الصهيوني، فبدءًا من اكتشاف القارة الأميركية العام 1492، كان على متن سفينة كريستوف كولمبس خمسة من اليهود.

إن طبيعة الكتاب، قد لا تسمح بالغوص في الموضوع الصهيوني الذي يعود إلى ما قبل مؤتمر بال العام 1897، حيث كان لحركة "التجديد" الديني في بريطانيا، واكتشاف أميركا، واستقرار المسكتشفين فيها، بداية الدعوة لعودة المسيح، من خلال "تجميع اليهود". لهذا قاموا بعدة محاولات في أميركا، لكن دون أي جدوى، إلى أن اتّخذوا مسارهم بالدعوة للعودة إلى فلسطين. وهذه الجذور الإيمانية، تساعد، إضافة لما قدمه الكتاب، في معرفة هذا الحضور الصهيوني في أميركا. لذلك يمكن القول، إن الفكرة الصهيونية منبتها في أميركا، قبل المؤتمر الصهيوني الأول العام 1897.

الكيان المصطنع

كان عدد اليهود، عند بداية الانتداب البريطاني على فلسطين، لا يتجاوز (10%) من مجمل سكان فلسطين. غير أن الأعداد بدأت بالتزايد، نتيجة لتشجيع الدول الغربية، ورعايتها لهذا التوجّه. لذلك وصل عددهم عند إعلان الكيان الصهيوني عام 1948، إلى (650000) ألف، بينما كان في العام 1920، لا يتجاوز (86000) ألف شخص.
وعليه فإن هرتزل، يُعتبر المؤسس "النظري"، لفكرة قيام الكيان الصهيوني التي تجسدت بعد نحو الخمسين سنة، وبعد عمل الحركة الصهيونية، على الصُعد كافة، وتعاون المملكة البريطانية/دولة الانتداب، ورعايتها. وأحداث الحرب العالمية الأولى، وما أعقبها، كل ذلك ساهم بأن تغدو الحركة الصهيونية جزءًا من النظام الاستعماري، ومشاريع دوله. لدرجة يُشير الكتاب، إلى التواطؤ بين الحركة الصهيونية، والنازية، مرورًا بوعد بلفور، وصك الانتداب، وقرار التقسيم، وصولًا إلى 14 أيار من العام 1948.

إن انسحاب بريطانيا من فلسطين، وإعلان ديفيد بن غوريون قيام الكيان الصهيوني، سبقه ورافقه وأعقبه، عمليات قتل، وتهجير، ومصادرة للأراضي.. وصولًا إلى اتفاق أوسلو، وما أنتجه من وجود سلطة شكلية، تُنسق أمنيًا مع سلطة الاحتلال.

هذه السياسة لا تزال قائمة حتّى اللحظة، وما يجري في قطاع غزّة اليوم، مظهر معبر عن مسار قيام الكيان الصهيوني، وكيفية استمراره، برعاية الاستعمار وحمايته. من هنا فإن الدولة الفلسطينية المطروحة، هي في الأساس والجوهر، متناقضة مع المعتقد الصهيوني، وكيانه المصطنع في فلسطين. خاصة أن هذا الكيان، يرفض كلّ القرارت الصادرة عن مجلس الأمن، وبتغطية كاملة من الدول الغربية الداعمة له. فكيف يمكن في هذه الوضعية، المراهنة على فكرة الدولة الفلسطينية؟

تحدي البقاء

رغم كلّ ما قام ويقوم به العدوّ الصهيوني، فإنه لم يستطع أن يجعل حضوره طبيعيًا في فلسطين، والمحيط الشعبي العربي. فالأجيال الطالعة، لا تزال فلسطين راسخة في أذهانها، ومستقرة في الذاكرة، ومتجسدة في المقاومة ضدّ الاحتلال. وبالتالي، لم تستطع الاتفاقات العربية مع الكيان الصهيوني، أن تؤدي إلى توفير الأمن الاستقرار لوجوده.
من هنا، فإن بقاء الكيان الصهيوني، ما زال هاجسًا للمغتصبين، بالرغم من كلّ الدعم الذي يتلقاه دون حساب. أولًا، لأن الدعم الخارجي لا بُد أن يتغير. ثانيًا، لأن البنية الداخلية لهذا الكيان، لا يمكنها أن تبقى محكومة بالمنطق العسكري، والمجتمع الذي شكله. ثالثًا، لأن التراخي القائم إقليميًا، وضعف جبهة المواجهة الرسمية عربيًا، يزداد تأزمًا، وتخترقه مظاهر غير محسوبة. رابعًا، لأن الاختلال الديموغرفي ليس في مصلحة العدو، والهجرة اليهودية لا تستطيع تحقيق الحد الأدنى من التوازن. هذا إذا استثنيا للحظة، دور المقاومة المتصاعد ضدّ العدو.

وعليه، فإن الرفض العربي للفكرة الصهيونية، ومزاعمها السياسية، سيُبقي الصراع مفتوحًا، وهذا ما يزيد القلق الصهيوني، ويُوسّع شراسته، ويُعمق عدوانيته، ويُضخم جرائمه، ويزيد إجراءاته التوسعية باتّجاه المزيد من المستوطنات، والتطرّف والعنصرية.. ويجعل السلام المزعوم أقرب للوهم، والتخيل.

الخلل العربي

الزعم اليهودي بأن الله وعدهم بأرض فلسطين، دمج السياسي بالديني بالشعور القوميّ من جهة، وجعل النصوص التوراتية – التلمودية المنبع لعنصرية سائدة في المجتمع العسكري اليهودي من جهة ثانية، وجعل النفوذ الاقتصادي والمالي والربوي.. وما له من تبعات سياسية، جزءًا من الرأسمالية الاستعمارية، ومشاريعها من جهة ثالثة.
ترافق هذا المسار مع تراجع وضعف وتخلف لدى العرب، على أكثر من صعيد، ممّا عزّز قوة العدوّ الصهيوني. من هنا يُحدّد الكتاب، عوامل الضعف العربي، بشيء من التفصيل، وعلى أكثر من صعيد، بحيث يمكن تحديد عوامل عدة، أبرزها العناوين الرئيسية الآتية:

العجز العربي، غياب العمل العربي المشترك، عدم مواكبة العرب العصر وتحولاته، مقارنة بالعدو الصهيوني، هيمنة الفساد السياسي، والاقتصادي، والمالي، تعطيل دور القضاء، والعبث بحقوق الإنسان، وهيمنة الديكتاتوريات، والهدر دون نتيجة في حروب مصطنعة، وتضخم الإنفاق العسكري دون امتلاك قدرة عسكرية متقدمة، والتخلف الاجتماعي والثقافي والعلمي، والفوارق الاجتماعية والطائفية والثقافية..

متطلبات أولية

وعليه، يستحضر الكتاب، في ظلّ التهديد "الإسرائيلي" المتواصل لمستقبل العالم العربي، مجموعة من الإجراءات المُفترض إنجازها، لحمل "إسرائيل" على الإذعان للشرعية الدولية وإحقاق حقوق الشعب الفلسطيني، وتنفيذ القرارات الدولية، انطلاقًا من إعادة ترتيب الوضع العربي، ومراجعة التجربة وتقويمها، وتنشيط الدبلوماسية، وتعزيز الأمن القوميّ..

غير أن هذه المتطلبات، مرهونة، كما يأتي في متن الكتاب، بالوعي والتطور وإدراك الذات الفلسطينية والعربية، والدخول إلى عقل المجتمع الدولي، إنسانيًا وديمقراطيًا.
ما يمكن استنتاجه، إن مجمل هذه الإجراءات المطلوبة، تبدو "وصفات طبية"، يمكن للجسم العربي المريض، في حال اعتمادها، النجاة واستعادة الصحة والعافية. غير أنها، بالمقابل، ورغم أهميتها، تبدو، في أحسن تقدير أفكاراً نظرية أولًا، ومكرّرة ثانيًا، وفيها شيء من السردية ثالثًا.

لكن إلى أي حد يمكن لهذه الإجراءات أن تؤسس فعليًا لمسار سياسي وعسكري وفكري يمكن من خلاله، وفي أحسن تقدير، "محاصرة" الكيان الصهيوني؟ وهل يمكن لهذه الإجراءات، أن تكون عمليًا مقدمة لتحقيق ما طرحه عنوان الكتاب؟ أي هل تؤكد استحالة استمرارية "الدولة اليهودية"؟ وكيف؟ خاصة في ظلّ سياسة التطبيع المعتمدة عربيًّا.

إقرأ المزيد في: قضايا وكتب