نصر من الله

كلام الأمين

كلمة الشيخ نعيم قاسم بتاريخ 14 - 12 - 2024
14/12/2024

كلمة الشيخ نعيم قاسم بتاريخ 14 - 12 - 2024


كلمة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم (حفظه المولى) بتاريخ 14 - 12 - 2024:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا محمد وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين وصحبه الأبرار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والصالحين إلى قيام يوم الدين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سأتحدّث عن أربع نقاط: النقطة الأولى تقييمنا للأحداث والعدوان على لبنان ووضعنا الحالي والمستقبلي، ثانيًا ما مستقبل المقاومة في لبنان؟ ثالثًا ما برنامج عمل حزب الله للمرحلة القادمة؟ رابعًا ما الموقف من التطوّرات السورية؟

 
تقييم حزب الله للأحداث والعدوان على لبنان
أبدأ بتقييمنا للأحداث ووضعنا الحالي والمستقبلي. مساندة غزّة كانت عملًا نبيلًا وراقيًا وهو واجب علينا، بل هو واجب على كلّ الأمة، على كلّ العرب والمسلمين، وعندما لم يقوموا بواجباتهم توغّل الصهاينة وقاموا بما قاموا به وفرعنوا على الأرض. نحن كنا نتوقّع أن يحصل العدوان على لبنان عدوان "إسرائيل" المجرمة، الغاصبة، على لبنان في أية لحظة لكن لم نكن نعلم ما التوقيت الذي سيختاره الصهاينة لهذا العدوان. هذا الأمر كان قبل طوفان الأقصى واستمر بعد طوفان الأقصى فكان العدوان في أيلول. نحن لم نكن نعرف الزمان مسبقًا، لكن في الواقع هذا ليس له علاقة بإسناد غزّة، هذا له علاقة بالمشروع التوسّعي "الإسرائيلي" لأن العدوّ يريد إلغاء أي مقاومة تقف بوجه مشروعه التوسّعي على مستوى كلّ المنطقة، ماذا أنجز العدوّ من عدوان على لبنان؟

بكل وضوح أنجز قتل القيادات في حزب الله وعلى رأسهم سماحة سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) وعدد من القيادات والمجاهدين، وأنجز الاختراقات لشبكة الاتّصالات وتفجير البايجر والأجهزة اللا سلكيّة. هذا من إنجازات العدوّ وكان الثمن كبيرًا ومؤلمًا، لكن لم يحقّق أهدافه في هذه العمليات التي حصلت في أواخر شهر أيلول، ثمّ قام بجرائمه الوحشية على المدنيين والقرى والبيوت والآمنين والأطفال والنساء. كانت الجرائم تستهدف كسر المقاومة لكنّه لم يتمكّن على الرغم من عظيم التضحيات. إذًا الجرائم  ليست إنجازًا، في المقابل أنجزنا منع العدوّ من القضاء على المقاومة وسحقها كما ذكر مرّات عدة بأنه يريد أن ينهي وجود حزب الله، منعه المجاهدون المقاومون من التقدّم في الميدان، وكانت صواريخه تصل إلى الجبهة الداخلية وآلمناه كثيرًا وهجّرنا الكثير من المستوطنين، أكثر من 200 ألف مستوطن تقريبًا، وكذلك قتلت المقاومة مئات الجنود وجرحت المئات من الجنود أيضًا وحصلت أضرار اقتصاديّة واجتماعية وأضرار بأنواع شتّى في الداخل "الإسرائيلي".

إنجازات المقاومة
إذًا ما أنجزناه هو منع العدوّ من تحقيق هدفه بسحق المقاومة، وما أنجزه العدوّ هو إيلامنا بقتل قادتنا والاتّصالات، تحملنا وتحمل أهلنا التضحيات الكبيرة لعدم كسر المقاومة، وهنا أحيّيهم جميعًا هؤلاء الشجعان الذين حموا المقاومة وحملوها واعتبروا أنها خيارهم الوحيد والأساسي في هذه المواجهة، وفي هذه التضحيات فكانوا سندًا للمقاومين والمجاهدين الأبطال الذي صمدوا في الميدان. مقابل هذا التحمّل لمن يقول لنا لماذا تحملتم؟ المقابل هو الاستسلام وخسارة كلّ شيء، هيهات أن نستسلم وهيهات أن نكون أذلّة.

هذا أمر لا يمكن أن يكون مع مقاومة حزب الله، وهنا من يعتبر أن المشكلة التي حصلت في لبنان هي أن الخسائر كبيرة. يا حزب الله ماذا تفعل بهذه الخسائر الكبيرة؟ السؤال ماذا نفعل بهذا العدوان الكبير؟ العدوان هو المشكلة وليست المواجهة هي المشكلة. قال تعالى في كتابه العزيز"ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين أن يمسسكم قرح فقد مسّ القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس". الحمد لله الذي ثبّتنا والحمد لله الذي جعلنا الأعلى، والحمد لله الذي مكّننا من أن ننجز هذه المواجهة بانتصار حقيقي. أدرك العدوّ "الإسرائيلي" أن الأفق في مواجهة مقاومة حزب الله مسدود فذهب إلى اتفاق إيقاف العدوان.

ثلاثة عوامل للقوة والصمود

للعلم، الاتفاق أتى به هوكشتاين وهو مُتّفق عليه بين "إسرائيل" وأميركا وعرضه علينا من خلال عرضه على الدولة اللبنانية وعلى الأستاذ نبيه برّي كانت هناك ملاحظات عند الرئيس بري، وكانت هناك ملاحظات لدينا عدّلنا ما استطعنا في هذا الاتفاق، وبالتالي هو الذي أتى بالاتفاق، ونحن وافقنا ضمن تفاصيل أوردناها في داخل الاتفاق، ما الذي جعل العدوّ يذهب إلى الاتفاق؟ ويوقف هذا العدوان. ثلاثة عوامل للقوة والصمود أيأست العدوّ ومن وراءه من الاستمرار.

العامل الأوّل؛ هو صمود المقاومين الأسطوري في الميدان، العامل الثاني دماء الشهداء والتضحيات وعلى رأسهم دماء سيد شهداء المقاومة السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه الذي أعطى الحافز الكبير لشبابنا وأمتنا وأهلنا للصمود والتصدي، والعامل الثالث هو الإدارة السياسية والجهادية المتكاملة والفعالة في إدارة معركة أولي البأس بطريقة أوصلت إلى هذه النتيجة.

ذهب العدوّ إلى وقف إطلاق النار بسبب عوامل القوّة والصمود.

تقييمنا أن المقاومة انتصرت

ما تقييمنا؟ تقييمنا أن المقاومة انتصرت لأن العدوّ لم يتمكّن من تحقيق هدفه المركزي وهو القضاء على حزب الله، ولم يتمكّن من إعادة المستوطنين من دون اتفاق، ولم يتمكّن أن يدخل إلى الشرق الأوسط الجديد من بوابة لبنان، كنا سدًا منيعًا منعناه من تحقيق هذا الهدف من بوابة لبنان.

بقيت المقاومة حتى اللحظة الأخيرة في الميدان، وبقي المجاهدون يقاومون على الحافة الأمامية وهم مرفوعو الرأس وهم في بأسهم الشديد، قال علي (عليه السلام): "فلما رأى الله صدقنا أنزلنا بعدوّنا الكبت وأنزل علينا النصر". هذا الاتفاق هو لإيقاف العدوان وليس لإنهاء المقاومة، هذا الاتفاق هو اتفاق تنفيذي مستمد من القرار 1701 ويرتبط بجنوب نهر اليطاني حصرًا بحيث تنسحب "إسرائيل" إلى الحدود اللبنانية، وينتشر الجيش اللبناني كسلطة وحيدة تحمل السلاح، فلا يوجد مسلحون وأسلحة في هذه المنطقة، ولا علاقة للاتفاق بالداخل اللبناني وقضايا الداخل اللبناني وعلاقة المقاومة بالدولة والجيش ووجود السلاح وكلّ القضايا الأخرى التي تحتاج إلى حوار ونقاش.

صبرنا على مئات الخروقات من أجل المساعدة على تنفيذ الاتفاق

لقد صبرنا خلال هذه الفترة على مئات الخروقات من أجل أن نساعد على تنفيذ الاتفاق، وكي لا نكون عقبة أمامه، ولنكشف العدوّ "الإسرائيلي" ونضع كلّ المعنيين أمام مسؤولياتهم. الحكومة هي المعنية بمتابعة منع الخروقات واللجنة المكلّفة بمواكبة الاتفاق هي المعنية بمنع الخروقات وتنفيذ الاتفاق. نحن كحزب الله نتابع ما يحصل ونتصرف بحسب تقديرنا للمصلحة.

ما مستقبل المقاومة؟
هذه النقطة الأولى، النقطة الثانية ما مستقبل المقاومة؟ يبدو أننا بحاجة إلى أن نتعرّف على حقيقة المقاومة. ما المقاومة؟
المقاومة هي إيمان وإعداد وإيمان بالله تعالى والحرية والعزة والدفاع عن الحق والأرض والوطن "ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين"، والإعداد هو إعداد بالسلاح والإمكانات لحماية هذا الإيمان في مواجهة الأعداء لأن الأعداء لن يقفوا عند حد الأعداء، دائمًا سيعتدون. الأعداء دائمًا سيحاولون تغيير العقيدة والآراء، القناعات. سيسلبون الخيرات والإمكانات. كيف تواجه الأعداء وكيف تقاومهم؟ بالكلمة لا يكفي، بالشكوى لا يكفي، لا بد من مواجهتهم بإعداد القوّة المناسبة. نحن قلنا مرارًا وتكرارًا، والآن أقول فلسطين نقطة الارتكاز لتحريرها في هذه المنطقة، لماذا؟ لأن "إسرائيل" المعتدية والمحتلّة لفلسطين تتّخذ من عدوانها على فلسطين نقطة ارتكاز لاحتلال المنطقة بأسرها، فخير لنا أن نواجه هذه الغدة السرطانية مجتمعين من أجل منعها من التوسّع من ناحية، ومن أجل إبطال احتلالها من ناحية أخرى. كلّ بحسب إمكاناته وظروفه وواقعه، لا أن نتفرج، فتأكلنا "إسرائيل" واحدًا تلو الآخر.

شرعيّة المقاومة تأخذها من إيمانها بقضيّتها مهما كانت الإمكانات سواء كانت إمكانات كبيرة أو إمكانات قليلة. عندما نتحدث عن مقاومة نحن نتحدث عن مواجهة نتحدث عن حق، نتحدث عن أرض، نتحدث عن جماعة يريدون أن يستردّوا ما لهم وأن يواجهوا الأعداء الذين يريدون سلبهم حقوقهم، هذا شرعي على المستوى الإيماني وعلى المستوى الإنساني وعلى المستوى العالمي وعلى كلّ المستويات.

المقاومة تربح بالنقاط
هذه المقاومة لا تربح بالضربة القاضية على عدوّها، هذه المقاومة تربح بالنقاط. يمكن للمقاومة أن تستمر لعشر سنوات، وقد تستمر المقاومة 50 سنة. لا نعرف الفترة الزمنية التي تستمر فيها المقاومة لإسقاط الصنم ولإسقاط المستبد ولإسقاط المحتل. هذه مقاومة، وبالتالي هي تربح أحيانًا وتخسر أحيانًا، تأخذ جولة وتنتكس في جولة، هذا أمر طبيعي في عمل المقاومة، المهم هو استمرارها والمهم هو بقاؤها في الميدان مهما كانت إمكاناتها محدودة. عندما تقدّم المقاومة التضحيات، هذا لا يعني أنّها خسرت، بل دفعت ثمن استمراريّتها لأن التضحيات هي التي تجعل المقاومة تتبلور، وهي التي تمكّن المقاومة من الوقوف على قدميها، فالعدو عندما يضرب المقاومة، يقتل الناس، يحاول أن يطوّقها بالسلاح بالقوّة بالإمكانات. ماذا يريد؟ يريد أن يُضعف منطلقات المقاومة، يريد أن يُضعف إرادة المقاومة حتّى تسقط. فإذًا التضحيات هي الثمن الطبيعي لاستمراريّة المقاومة.

يقول الإمام الخميني (قدّس الله روحه الشريفة): "ما دُمنا على الحق فإنّنا منتصرون"، هنا الانتصار انتصار أن لا تتزعزع. الانتصار أن تبقى المقاومة. الانتصار أن لا ترد على تلك الأصوات النشاز التي تعيش حالة من الخيبة واليأس والخوف والرعب. المُهم أن تبقى على الحق. أولسنا على الحق؟ إذًا لا نبالي أن نموت مُحقّين كما قال علي الأكبر في كربلاء (سلام الله تعالى عليه). بناءً على ما تقدّم، مقاومة حزب الله مُستمرّة إيمانًا وإعدادًا والتضحيات تزيدنا مسؤوليّة في مواجهة هذا العدوّ التوسّعي، هذا العدوّ لا تكبحه إلا المقاومة ولا تتحرّر الأرض إلا بالمقاومة، أمامنا التجارب موجودة، هل تحرّر لبنان إلا بالمقاومة؟ هل خرجت "إسرائيل" من الشريط الحدودي المحتل إلا بالمقاومة؟ هل استطعنا أن نوقف "إسرائيل" لمدة 17 سنة من 2006 حتّى 2023 إلا بالمقاومة، هل كان الانتصار في تمّوز الذي منع الشرق الأوسط الجديد سنة 2006 إلا بالمقاومة؟

المقاومة مستمرّة
نحن لا نقول تعالوا إلى المقاومة لنُنشئها. نحن نقول تعالوا إلى مقاومة أُنشأت وأثبتت جدواها، وبيّنت أن هذا العدوّ لا يمكن أن ينحسر، ولا يمكن أن يخرج من الأرض إلا بواسطة المقاومة، إذًا هي مستمرّة ولكلّ مرحلة طُرقها وأساليبها، ويعني أنه ليس للمقاومة دائمًا شكل واحد من المواجهة، خير إن شاء الله، حصلت تطوّرات وأوضاع مُعيّنة، نغيّر بعض الأساليب وبعض الطرق. المهم أن تبقى المقاومة، لكن الأساليب والطُرق لها علاقة بكلّ مرحلة على حدة، وهذا ما سنعمل عليه.

نعم، نحن دافعنا عن لبنان، دافعنا عن لبنان لأن العدوان الأخير كان على لبنان ولم يكن علينا حصرًا وإن استهدفنا بشكل مباشر، هذا العدوان على لبنان دفعناه وأوقفناه عند الحدود بمقاومة المجاهدين الأسطوريّة وبصمودهم والتفاف أهلنا وأحبّتنا والتفاف كلّ الأحرار في لبنان.

أنا أعتبر، أنّ كلّ اللبنانيين الذين آووا والذين ساندوا والذين تمنّوا نصر المقاومة والذين اعترضوا على "إسرائيل" هؤلاء كُلّهم شُركاء في عمليّة النصر لأنّهم آزروا المقاومة ووقفوا إلى جانبها ومعها، لو لم يكن هذا الصمود من المقاومين على الجبهة لوصلت "إسرائيل" إلى بيروت وبدأت الخطوات التالية: ومنها التّوطين والاستيطان في جنوب لبنان وإضعاف قدرة لبنان والتحكّم بسياساته ومستقبله.

نحن لا نتكلّم عن عدو مجهول، ونحن لا نتكلّم عن أفكار غير قابلة للتطبيق، أنظروا إجرام هذا العدوّ الذي لا مثيل له، أنظروا ماذا يفعل في غزّة؟ 150 ألف شهيد وجريح، تدمير شبه كامل لغزّة، هو يُصرّح ويقول "أنا لا أريد أن أخرج من غزّة"، هو يقول إنّه "يُريد شمال غزّة منطقة منزوعة السلاح، منزوعة الحضور المدني، منزوعة الناس، منزوعة البيوت، منزوعة الحياة"، هو يُفكّر بالاستيطان في غزّة، هو يقول إنّه "يريد أن يضمّ الضفّة الغربيّة"، ويعمل على ذلك بتغطية كاملة من المجرم الأكبر أميركا التي تدعمه بكلّ إمكاناتها. إذا كانت ميزانيّة الدفاع في أميركا 850 مليار دولار كلّها في خدمة "إسرائيل"، إذا كان الحزبان في خدمة "إسرائيل"، إذا كان أكثر من 500 طائرة تقريبًا جاءت إلى الكيان "الإسرائيلي" مُحمّلة بالأسلحة والذخائر وكذلك نحو 100 سفينة بذلك، معنى ذلك أن الإجرام الذي نراه هو من صنع أميركا ومن قرار أميركا التي تغطّيه دائمًا.

نحن أمام عدو توسّعي خطير

ألم تروا ما حصل في سورية؟ هم دمّروا كلّ الإمكانات الخاصة بالجيش السوري تحت عنوان الدفاع المسبق، تحت عنوان الخوف من المستقبل، تحت عناوين مختلفة وأميركا تغطّيهم بشكل مباشر. هذا دليل على القرار التوسّعي، هم يريدون إعدام كلّ المنطقة، ولو صحّ لهم وأيّ ساعة يصحّ لهم في البلدان العربيّة الأخرى واحدة تلو الأخرى أنا لن أسمّيها الآن لفعلوا الأمر نفسه، يضعون عينهم على كلّ الدول العربيّة المُحيطة أولًا والتي بعدها ثانيًا. هذا يعني أنّنا أمام عدو توسّعي خطير، هو احتلّ قسم من الجولان بمئات كيلو مترات، ماذا فعل العالم؟ لماذا يحصل الاحتلال؟ ما الخطر الموجود؟ لا يوجد خطر لكن هو لديه نوايا توسعيّة. إذًا نحن يجب أن نستمر بالمقاومة، نعم المقاومة مع شعبها وجيشها منعته في لبنان من تحقيق أهدافه التوسعيّة. أنا لا أحكي شعاراً. لماذا مع شعبها وجيشها؟ لأنّ جيشنا جيش وطني، جيشنا دفع ثمن عشرات من الشهداء لأنّه واقفٌ في الميدان، جيشنا هو الذي سينتشر في الجنوب ليُخرج "الإسرائيلي"، شعبنا هو الذي كان متماسكاً ومتكاتفاً ومتعاوناً حتّى وصلنا إلى هذه النتيجة.
 
حزب الله قويٌ ويتعافى من جراحاته
الخلاصة، حزب الله قويٌ ويتعافى من جراحاته. حزب الله مُستمر والمقاومة مُستمرّة ولبنان بعناصر قوّته مُستمر. لبنان قويٌ بجيشه وشعبه ومقاومته في عدم السماح للفتنة أن تسري في بنية هذا الثلاثي وفي بنية لبنان، من كان يتأمّل بانتهاء حزب الله خاب أمله ومن اعتمد على "إسرائيل" لترجيح قوّته السياسيّة على الآخرين فاشلٌ في قراءته وخياراته، ومن يرى أن حزب الله قوّة فاعلة ومُؤثرّة في الحياة السياسيّة فسيرى منّا ترحيبًا وتعاونًا لمصلحة نهضة لبنان القوي والمستقر سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، لبنان ينهض بجميع أبنائه ومكوّناته.

برنامج عمل حزب الله في المرحلة القادمة

ما برنامج عمل حزب الله في المرحلة القادمة؟ سأقول خمس نقاط بشكل مختصر هي برنامج العمل الذي سنعمل عليه ونكون شركاء أساسيين في بناء الدولة، أولًا: تنفيذ الاتفاق في جنوب نهر الليطاني، ثانيًا: إعادة الإعمار بمساعدة الدولة المسؤولة عن الإعمار والتعاون مع كلّ الدول والمنظّمات والأشقّاء والأصدقاء الذين يرغبون في مساعدة لبنان على الإعمار، ثالثًا: العمل الجاد لانتخاب الرئيس في 9 كانون الثاني لتنطلق عجلة الدولة، رابعًا: المشاركة من خلال الدولة ببرنامج إنقاذي إصلاحي اقتصادي اجتماعي مبنيّ على المواطنة والمساواة تحت سقف القانون واتفاق الطائف وفي مواجهة الفساد ومحاسبة المفسدين، خامسًا: الحوار الإيجابي حول القضايا الإشكالية طبعًا نحن لدينا عدّة قضايا إشكاليّة تحتاج حوار، ما موقف لبنان من الاحتلال "الإسرائيلي" لأرضه؟ نريد أن نتحاور حتّى نوحّد وجهة نظرنا، كيف نواجه الاحتلال ونحرّر الأرض ولا نتعايش مع استمرار الاحتلال، كيف نقوّي الجيش اللبناني ليكون دعامة حماية لبنان؟ ما هي إستراتيجيّة لبنان الدفاعيّة للاستفادة من المقاومة والشعب سندًا للتحرير؟ هذه أسئلة وغيرها تحتاج إلى حوار بين اللبنانيين.

لا يمكننا الحكم على القوى الجديدة في سورية إلا عندما تستقر وتّتخذ مواقف واضحة

النقطة الرابعة والأخيرة، نحن دعمنا سورية لأنّها في الموقع المُعادي لـ"إسرائيل" وساهمت في تعزيز قدرات المقاومة عبر أراضيها للبنان وفلسطين، أمّا الآن فقد سقط النظام على يد قوى جديدة، نحن لا يمكننا الحكم على هذه القوى الجديدة إلا عندما تستقر وتّتخذ مواقف واضحة وينتظم وضع النظام في سورية، من هنا نحن نقول بأنّ بعض ما نرغب به نذكره من باب الرأي والموقف، نتمنّى أن يكون الخيار للنظام الجديد وللشعب السوري هو التعاون بين الشعبين وبين الحكومتين في لبنان وسورية على قدر المساواة وتبادل الإمكانات. ثانيًا نتمنّى أن يتشارك كلّ الأطراف في سورية وكلّ الطوائف وكلّ  المكوّنات في صياغة الحكم الجديد وفي المشاركة في الحكم الجديد حتّى يكون الحكم في سورية على قاعدة المواطن السوري وليس على قاعدة فئة دون أخرى. ثالثًا نتمنّى أيضًا أن تعتبر هذه الجهة الحاكمة الجديدة "إسرائيل" عدوًا وأن لا تطبّع معها. هذه العناوين هي التي ستؤثّر في طبيعة العلاقة بيننا وبين سورية. من حقّ الشعب السوري أن يختار قيادته وحكمه ودستوره ومستقبله، ونتمنّى أن يتوفّق لخيارات لا يتحكّم بها أحد من الدول الأخرى التي لها أطماع في سورية، والتي تريد أن تخدم العدوّ "الإسرائيلي". نعم خسر حزب الله في هذه المرحلة طريق الإمداد العسكري عبر سورية، ولكن هذه الخسارة تفصيل في العمل المقاوم، يُمكن أن يأتي النظام الجديد ويعود هذا الطريق بشكل طبيعي، ويمكن أن نبحث عن طرق أخرى، المقاومة مرنة لا تقف عند حدّ مُعيّن، المهم استمراريّة المقاومة، أما الأساليب والطرق هذه يمكن أن تتغيّر وتتبدّل. وعلى المقاومة أن تتكيّف مع الظروف لتقوية قدراتها، المهم أن تبقى مُستمرّة وتعمل على معالجة متطلّباتها بطرق مختلفة. نحن لا نعتقد أن ما يجري في سورية سيؤثّر في لبنان، بل بالعكس هناك انشغال الآن في سورية، هناك أوضاع خاصة في سورية، إن شاء الله تخرج سورية مستقرّة مرتاحة تعمل ما يريده شعبها. الوضع العام في المنطقة إجمالًا ضاغط، أميركا و"إسرائيل" يتحكّمان بمسارات كثيرة في المنطقة، هذا يعني أنّنا أمام ضغط كبير على مستوى كلّ المنطقة، لكن لدينا إيمان أن القوى الحيّة في المنطقة ستبقى موجودة وستتحرّك، وعلى هذه القوى الحيّة أن تعيد مراجعة حساباتها وطرق عملها. لا يصح أن تبقى الجماعة الحيّة على تقليد، تبقى على النمط السابق، والذي يرى أن نمطه السابق لا يُنتج فليعدّل، فليغيّر، والذي يرى أن لديه ثغرات فليعالج الثغرات. من الجيّد أن تكون هناك قراءة بعد هذا التطوّر الكبير الموجود في المنطقة، وإن شاء الله تكون النتائج إيجابيّة.
السلام كلّ السلام لكل مُحبي الحريّة والتحرير، السلام كلّ السلام للشهداء الأبرار، السلام كُل السلام لشعبنا الذي ضحّى وجاهد وأعطى، والسلام للمقاومين الأسطوريين الذين رفعوا رؤوسنا عاليًا، والمقاومة مُستمرّة إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

السبت 14 - 12 - 2024‏
12 جمادى الآخرة 1446 هـ

 

فيديو كلمة سماحته

 

الشيخ نعيم قاسمالامين العام لحزب اللهنصر من الله

إقرأ المزيد في: كلام الأمين

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة