ramadan2024

خاص العهد

06/12/2018

"إسرائيل" تكتشف نفقاً.. وجيشها يحتفل!

جهاد حيدر

للوهلة الاولى توحي عبارة عملية "درع الشمال" كما لو أن "إسرائيل" بادرت إلى شن عملية عسكرية واسعة تستهدف الجنوب اللبناني من أجل حماية شمال فلسطين المحتلة. لكن الذي حصل أن فرقاً هندسية تابعة لجيش العدو تجمعت على بعد عشرات الامتار من الحدود اللبنانية ازاء بلدة كفركلا من أجل ما قالت انه كشف عن نفق من الاراضي اللبنانية باتجاه الاراضي الفلسطينية المحتلة. وانطوت التسمية على ايحاء بأن "إسرائيل" ترى فيما تعالجه تهديدا للجبهة الشمالية.. وبالتالي تشكل اجراء وقائياً، في مواجهة التهديد الذي يشكله النفق.

على مستوى الاداء العملاني ما يقوم به جيش العدو هو عمليات حفر داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة. وبدلا من أن تُضخِّم الحملة السياسية والاعلامية الخطوة التي قام بها الجيش، إذا بها تتسبب بتقزيمها واظهارها على أنها خطوة سياسية دعائية أكثر من كونها عملا عسكرياً وقائياً وردعياً. بل إن بعض التقارير  ذهبت إلى حد الاستهزاء مما حصل بأساليب مختلفة.  وهكذا بدا أن نتنياهو لم ينجح في اقناع المعلقين السياسيين والعسكريين بأن عملية كشف "نفق" في الاراضي الإسرائيلية، ترتقي إلى مستوى "عملية عسكرية". لكنه نجح في ايجاد حالة شرخ داخل المؤسسة الاعلامية والرأي العام حول الموقف من حقيقة ما حصل. لذلك رفض بعضهم تسمية ما يقوم به الجيش بالعملية، واطلق عليها بدلا من ذلك نشاطات كأي نشاط يقوم به الجيش.

فيما يتعلق بالتوقيت، كشفت القناة الاولى في التلفزيون الإسرائيلي بأن رئيس قسم الابحاث في الاستخبارات العسكرية العميد درور شالوم كان ضد المبادرة إلى هذه الخطوة في هذا التوقيت، إلا ان رئيس الاركان غادي ايزنكوت ورئيس الاستخبارات العسكرية كانا مؤيدين لها، اضافة إلى تأييد أغلب الوزراء ..

أيا ما كانت العناوين والشعارات والتقديرات التي سادت المؤسستين السياسية والعسكرية في "تل ابيب"، فإن الحملة السياسية والاعلامية التي واكبت عمليات الحفر، كشفت عن عملية توظيف دعائي داخلي يخدم كل من ايزنكوت ونتنياهو. بالنسبة للاول، يفترض أن ينهي ولايته بعد نهاية السنة الجرية (تم تمديد ولايته اسبوعين). أما بالنسبة لنتنياهو فقد وجد في هذه القضية عنوانا يحرف من خلاله الرأي العام الإسرائيلي عن توصية الشرطة بمحاكمته في تهم وجهتها اليه في أكثر من قضية فساد. ويحاول نتنياهو من خلال تضخيم هذه النشاطات على الحدود مع لبنان، إلى جانب العديد من العناوين الأخرى، أن يؤثر في قرار المستشار القضائي للحكومة الذي تعود له الكلمة الفصل في قبول أو رفض  التوصية بتحويل نتنياهو إلى المحاكمة. على أمل أن يساهم ذلك في الحؤول دون موافقته على توصية الشرطة التي تعني تحوّله رسمياً إلى المحاكمة وفي هذه الحالة يوجد احتمال كبير جداً بأن يتم اسقاطه من منصبه وتجريده من حصانته...

على خط مواز، يسعى نتنياهو إلى تحصين نفسه عبر تعزيز احتضانه شعبياً، على قاعدة مواجهة التهديدات المحدقة بـ"إسرائيل"، وانطلاقا من ذلك يحاول تضخيم قصة النفق وتحويله من حدث تكتيكي إلى انجاز استراتيجي. لكن الملفت هو كشفته صحيفة "يديعوت احرونوت"، بالقول إن مهندسي الجيش "احتسبوا بدقة كمية مواد سد النفق، كي لا ينزلق لا سمح الله متر مكعب واحد لا لزوم له من الاسمنت إلى الأرض اللبنانية ويشعل الشرق الأوسط". ووصفت هذه الحسابات بالمهزلة انطلاقا من أن "حزب الله يحفر أنفاقاً إلى داخل الأراضي الإسرائيلية كي يسيطر في يوم الأمر على أراضٍ في الجليل، وعندنا يسيرون على أطراف الأصابع – فقط لعدم إثارة غضبه".
 

إقرأ المزيد في: خاص العهد