طوفان الأقصى

خاص العهد

الاعتداء على وزارة الخارجية الليبية.. رسائل للداخل والخارج
05/01/2019

الاعتداء على وزارة الخارجية الليبية.. رسائل للداخل والخارج

تونس ـ روعة قاسم
 
مثّل الاعتداء الإرهابي الذي ضرب مبنى وزارة الخارجية الليبية انتكاسة كبيرة لما يعرف بخطة الترتيبات الأمنية التي تراهن عليها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عموما لإعادة الأمن لطرابلس وإنجاز باقي الاستحقاقات الدستورية والملتقى الوطني. كما اعتبرها البعض انتكاسة للعملية السياسية برمتها خاصة وأن المبعوث الأممي كان يراهن بشكل كبير على استتباب الأمن بعد أن أنجز جملة من التوافقات مع الفاعلين في المشهد الليبي داخليا وخارجياً.

بقطع النظر عن الخسائر البشرية الناجمة عن العملية، فإن اعتداء "داعش" الارهابي جاء ليعرّي ويكشف اخلالاً في تنفيذ الترتيبات الأمنية الجارية في طرابلس. وكان وزير داخلية الوفاق قد كشف، في مؤتمره الصحفي رفقة وزير الخارجية، ولأول مرة انه لا يمكنه الحديث عن وجود ترتيبات أمنية بسبب رفض المجموعات المسلحة والمناطق الانخراط في الخطة في غياب الدعم المالي. كما اشتكى فتحي باشاغا من قلة السلاح وهذا غريب في بلد تنتشر فيه 40 مليون قطعة سلاح.

هشاشة الوضع الأمني

فالمجموعات المسلحة والمليشيات المتظاهرة بدعم حكومة الوفاق، وبحسب جل الخبراء، يبدو أنها مستمرة في ابتزاز تلك الحكومة وجني الأموال واعتبار السراج ومن معه ومن يدعمه خارجياً بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهبا. كما أن ما حصل يكشف هشاشة الترتيبات الأمنية المنبثقة عن اتفاق الزاوية الأمني بإشراف غسان سلامة، ومن أسباب تلك الهشاشة خطأ حسابات بعثة الأمم المتحدة التي تفتقر إلى مستشار أمني بعد إقالة الجنرال الايطالي (من المرجح أنه بطلب فرنسي) وتركيز البعثة على الجانب السياسي والإنساني.

ويرى الباحث الليبي والناشط الحقوقي جمال المبروك في حديثه لموقع "العهد" الإخباري أن هشاشة الوضع الأمني لا تبشر بخير إطلاقا والحديث عن انجاز الانتخابات بعيد عن الواقع، إلا إذا كانت الأمم المتحدة تفكر في إرسال قوات حفظ سلام. ويرى المبروك أنه لا بد من رفع جزئي لتوريد السلاح للجيش وأن ذلك أصبح ممكناً في ظل تنامي التحديات الأمنية واستحواذ المليشيات على ترسانة الأسلحة الموجودة إذ لا يتصور عاقل، برأيه، أن يواجه الأمن الليبي الدواعش بالعصي والصدور العارية.

ويضيف محدثنا قائلاً: "مقابل الإخفاق الأمني تحاول بعثة الأمم المتحدة التغطية على فشلها عبر مزيد من الحوارات السياسية بين الليبيين. رغم فشل الحوارات السابقة تصر البعثة على الاستمرار في ذات النهج وهذه المرة من خلال الملتقى الوطني الجامع الذي ما زال الخلاف  قائما بشأنه بين رأي يدعم انجاز الملتقى في ليبيا ورأي ثان يطالب بعقده في تونس، كما لا تخفي ايطاليا رغبتها في احتضان الحدث لا سيما بعد عودة الوئام بين روما وبرقة".

ولعل الجديد في هذا الحوار بحسب المبروك هو "مشاركة أنصار النظام السابق. وربما يشهد الملتقى حضور سيف الإسلام خاصة بعد ظهور موقف روسي داعم لتواجده ضمن المشهد السياسي. وقد أظهرت التجربة حاجة ليبيا إلى ميثاق اجتماعي بتوقيع كل الأطراف وبضمانات دولية وذلك لانسداد الأفق أمام الاتفاق السياسي الحالي".

وقف التدخلات الخارجية

ولعل ما يبعث على مزيد من التشاؤم هو هذه الأسلحة التي تصل من أطراف خارجية إلى الميليشيات المتصارعة وخصوصا من تركيا التي يمكن نعتها بأنها الممول الرئيسي للإرهاب في ليبيا. فقد أثارت شحنة الأسلحة التركية المرسلة إلى ليبيا مؤخرا جدلا واسعا وأكدت حقيقة أن الميليشيات تتلقى أسلحة من بعض الدول الداعمة للإرهاب والعنف وعلى رأسها تركيا أردوغان.

وشمل الجدل أيضا دور عملية صوفيا البحرية التابعة للحلف الأطلسي وبقيادة إيطاليا التي تتهاون في مراقبة السواحل الليبية، وجميعها تدخلات خارجية أربكت مساعي حل الأزمة. ففي مثل هذا المناخ وفي ظل هذا الغموض السياسي والوضع الأمني الهش تغولت الجماعات الإرهابية أكثر من أي وقت مضى وأصبح الوضع في ليبيا يمثل مصدر قلق لدى دول الجوار العربية أكثر من أي وقت مضى خاصة مع الانقسام الأوروبي بين فرنسا وإيطاليا وهو ما جعل الوضع يسير نحو المجهول في ظل غياب مشروع وطني جامع.
 

إقرأ المزيد في: خاص العهد