ramadan2024

آراء وتحليلات

زيارة اردوغان الى تونس..ليبية بامتياز!
26/12/2019

زيارة اردوغان الى تونس..ليبية بامتياز!

تونس ـ روعة قاسم

لا حديث في تونس خلال الساعات القليلة الماضية سوى عن الزيارة  المفاجئة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان والتي أثارت جدلا واسعا لدى التونسيين، حيث بدت مريبة ومثيرة للشكوك خاصة وقد علم بها التونسيون من وكالة الأنباء التركية بعد أن تكتمت حولها رئاسة الجمهورية في قرطاج. وطرحت الزيارة تساؤلات عديدة حول اهدافها وتوقيتها خاصة انها لم تأت بعد دعوة رئاسة الجمهورية التونسية بل ان الرئيس التركي هو من فرض نفسه وجاء دون سابق انذار في خطوة اعتبرها كثيرون تمسّ هيبة الدولة التونسية. ولعل ما اثار الشكوك اكثر حول خفايا الزيارة ونوايا انقرة هو ان الرئيس اردوغان حضر برفقة وزيري الخارجية والدفاع ورئيس جهاز المخابرات والمكلف بالاتصال في الرئاسة التركية. فهل تحضر تركيا لعمل عسكري واسع في العاصمة الليبية بعد ان انتقلت من الساحة السورية الى الساحة الليبية لتنفيذ مخططاتها في المنطقة واعادة حلم الامبراطورية العثمانية؟

مساندة السراج

ولئن تحدث الرئيسان التونسي والتركي في الندوة الصحفية عن ان الهدف هو التنسيق والتشاور بشأن قضايا المنطقة وكذلك تطوير العلاقات الثنائية والتجارية بين البلدين، الا ان الهدف غير المعلن هو طلب الدعم التونسي في الملف الليبي او على الأقل هو محاولة تركية لتأمين غطاء شرعي اقليمي لأي تصعيد عسكري وشيك في العاصمة الليبية دعما لحكومة السراج ضد خليفة حفتر خاصة ان تصريحات اردوغان خلال الندوة الصحفية تخللها تهجم واضح على حفتر فقال اردوغان ان وجوده في طرابلس غير شرعي بعكس حكومة السراج التي تحظى بدعم الشرعية الدولية. وتبدو اليوم تونس في وضع لا تحسد عليه خاصة ان دبلوماسيتها تتبنى سياسة الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف في ليبيا،  ولكن زيارة اردوغان رأى فيها قسم واسع من التونسيين محاولة تركية لاستمالة تونس او الاظهار أمام العالم ان تونس تقف الى جانب تركيا وخياراتها، خاصة ان تركيا أبرمت مع  فائز السراج اتفاقية تتعلق بالمياه في البحر الأبيض المتوسط أزعجت دول الجوار باستثناء تونس التي كانت تلتزم الصمت في البدء ثم صرح رئيسها قيس سعيد بان الاتفاقية لا تعني تونس في شيء ولا تمس البلاد، وذلك خلال الندوة الصحفية التي جمعته بنظيره التركي.

ولعل ما يدعم فرضية طلب الدعم التونسي لفائز السراج من قبل أردوغان "المدجج" بوزير دفاعه ورئيس مخابراته، هو الأنباء التي تتحدث عن قرب استيلاء خليفة حفتر على المعابر الحدودية الرابطة بين البلدين وخصوصا معبر رأس الجدير الحيوي قرب مدينة بن قردان التونسية التي شهدت ملحمة للجيش التونسية صد من خلالها منذ خمس سنوات واحدة من أشرس هجمات تنظيم "داعش" الإرهابي القادم من الأراضي الليبية. ففي سيطرة حفتر على المعابر تطويق لفائز السراج الذي يتم تسليحه بحرا من سواحل طرابلس وتخومها التي يبدو أن بوارج تابعة لدول داعمة لحفتر ستتولى حصار هذه السواحل وصد أي تقدم لسفن تركية قد تدعم السراج بالسلاح والعتاد والمؤن.

ويشار إلى أن تونس والجزائر تتعاملان مع حكومة السراج منذ سنوات بمنطق الضرورة وليس تغليبا لطرف على حساب طرف باعتبار أن السراج والجماعات الإخوانية والتكفيرية الداعمة له تسيطر على المنطقة الغربية التي تحد تونس والجزائر وكذا المعابر الحدودية. كما أن تمدد النفوذ المصري من خلال حفتر يزعج البلدين الراغبين في بقاء ليبيا ضمن الفضاءين السياسي والاقتصادي للبلدان المغاربية وخاصة تونس والجزائر اللتين بلغ التنسيق الأمني والاقتصادي والسياسي بينهما مداه سواء قبل موجة ما يسمى "الربيع العربي" أو بعده.

نداء تونس للسلام في ليبيا

وفيما تقرع طبول الحرب التركية في ليبيا عاليا ويتردد صداها في المنطقة.. تبدو هناك محاولات تونسية لتحقيق اختراق ما في الأزمة لليبية المعقدة عبر اعادة الفرقاء الى طاولة الحوار. في هذا السياق استقبل الرئيس التونسي قيس سعيد في وقت سابق وفدا من القبائل الليبية طالبته بالوساطة لحقن الدماء في الملف الليبي. والمعلوم ان القبائل لها دور محوري في ليبيا وتأثير قوي على فرقاء الصراع. وزيارة وفد القبائل هو من الاهمية بمكان خاصة انه يمثل كل الأطراف الليبية سواء في طرابلس او بنغازي.  وفي هذا الإطار يقول الناشط الحقوقي والسياسي الليبي خالد الغويل في حديثه لـموقع "العهد" الإخباري "ان لقاء الوفد الممثل للمجتمع المدني الليبي والقبائل الليبية بالرئيس قيس سعيد الاخير يأتي في اطار وضع مبادرة حقيقية للسلام والعمل على ايجاد صيغة توافقية للخروج من الأزمة الخانقة، وتم خلال اللقاء الاتفاق على اربع نقاط جوهرية تم الاعداد لها والاعلان عنها، وتقوم على تفويض الرئيس التونسي رعاية حلّ شامل للخلاف الليبي ودعوة كلّ الليبيين للجلوس إلى طاولة الحوار بهدف التوصل إلى صيغة توافقية للخروج من الأزمة الليبية الراهنة في إطار الاتفاق السياسي الليبي واحترام الشرعية الدولية، وذلك بالانتقال من هذه الشرعية إلى الشرعية الليبية التي ترتكز على مشروعية شعبية. كما تنص المبادرة على العمل من أجل الإعداد لمؤتمر ليبي تأسيسي يضمّ كلّ مكوّنات الطّيف السياسي والاجتماعي واعتماد قانون مصالحة وطنيّة شاملة وتنظيم انتخابات تشريعيّة ورئاسيّة ومحليّة حرّة ونزيهة".

ورفض محدثنا كافة اشكال التدخل في الشأن الليبي مهما كان نوعه بالقول "ان انهاء التدخلات الخارجية هو الذي سيدفع الى التقارب اكثر لان التدخل الخارجي هو الذي يخلق التوتر والفرقة معتبرا حديث المشايخ وممثلي المجتمع المدني في ليبيا مع رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد هو بالأساس لحقن الدماء ولم الشمل وليس للتدخل في الشأن الداخلي الليبي. وأضاف قائلا: "نحن نتأمل برئيس الجمهورية قيس سعيد خيرا لذلك توجهنا اليه عدا عن ان تونس هي دولة جارة ولها اهمية كبيرة مع ليبيا لان استقرار ليبيا من استقرار تونس وامن ليبيا من امن تونس".

ويشار إلى أن سعيد قد وعد في حملته الانتخابية ببذل كل ما في وسعه للمساهمة في حل الأزمة الليبية ويبدو أنه بدأ في اتخاذ خطوات جادة في هذا الإطار رغم الانتقادات الواسعة في الداخل التونسي. وينتظر أن تلعب تونس دورا سياسيا أهم في هذا الملف باعتبار أن قيس سعيد غير محسوب على أي طرف سياسي ليبي خلافا لأطراف سياسية أخرى في تونس تساند جهات ليبية أو هي تورطت مع الناتو وخسرت احترام أطياف ليبية هامة.. فهل تتمكن المبادرة التونسية الجديدة من وقف اي عملية عسكرية تركية وشيكة في الجوار الليبي؟.

تركياتونسليبياقيس سعيدرجب طيب أردوغان

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة
صادرات أسلحة تركية إلى العدو تُثير الجدل والغضب
صادرات أسلحة تركية إلى العدو تُثير الجدل والغضب
وزير الخارجية التركي في بغداد تمهيدًا لزيارة أردوغان
وزير الخارجية التركي في بغداد تمهيدًا لزيارة أردوغان
تنسيق سوري - عراقي لمواجهة التحديات المائية
تنسيق سوري - عراقي لمواجهة التحديات المائية
هل ستفكّك زيارة أردوغان العقد المستعصية بين بغداد وأنقرة؟
هل ستفكّك زيارة أردوغان العقد المستعصية بين بغداد وأنقرة؟
الآلاف يتظاهرون حول العالم نصرةً لغزة
الآلاف يتظاهرون حول العالم نصرةً لغزة
ماذا وراء موجة الإقالات المتتالية في تونس؟
ماذا وراء موجة الإقالات المتتالية في تونس؟
ندوة دولية في تونس: لمقاومة جرائم الإبادة الصهيونية للبيئة الفلسطينية
ندوة دولية في تونس: لمقاومة جرائم الإبادة الصهيونية للبيئة الفلسطينية
تونس: قضية غزّة  وجرائم الإبادة الصهيونية من منظور القانون الدولي
تونس: قضية غزّة وجرائم الإبادة الصهيونية من منظور القانون الدولي
نفق ضهر البيدر محور استقبالات وزير الأشغال 
نفق ضهر البيدر محور استقبالات وزير الأشغال 
ليبيا تطالب بطرد سفراء الدول الداعمة لـ"إسرائيل" ومنع النفط والغاز عنها
ليبيا تطالب بطرد سفراء الدول الداعمة لـ"إسرائيل" ومنع النفط والغاز عنها
هل تتكرّر نكبة درنة الليبية عند سدّ الموصل؟
هل تتكرّر نكبة درنة الليبية عند سدّ الموصل؟
ليبيا.. ارتفاع حصيلة ضحايا السيول في درنة إلى أكثر من 4 آلاف
ليبيا.. ارتفاع حصيلة ضحايا السيول في درنة إلى أكثر من 4 آلاف
نجل الإمام الصدر: معلوماتنا المؤكدة أنّ والدي وأخويه كانوا في سجن "مكتب النصر" قبيل سقوط القذافي
نجل الإمام الصدر: معلوماتنا المؤكدة أنّ والدي وأخويه كانوا في سجن "مكتب النصر" قبيل سقوط القذافي
ليبيا.. دعوى جنائية ضد 16 مسؤولًا عن كارثة فيضان درنة وحبس 6 احتياطيًا
ليبيا.. دعوى جنائية ضد 16 مسؤولًا عن كارثة فيضان درنة وحبس 6 احتياطيًا
المقداد خلال لقائه الرئيس التونسي: لتوحيد الدول العربية وفتح السفارة في تونس خلال أيام
المقداد خلال لقائه الرئيس التونسي: لتوحيد الدول العربية وفتح السفارة في تونس خلال أيام
اتفاق سوري تونسي على إعادة العلاقات
اتفاق سوري تونسي على إعادة العلاقات
تونس: تحديات البرلمان الجديد والصلاحيات الدستورية المحدودة
تونس: تحديات البرلمان الجديد والصلاحيات الدستورية المحدودة
بعد إعلانه حلّ جميع المجالس البلدية.. قيس سعيد يواصل خلط الأوراق
بعد إعلانه حلّ جميع المجالس البلدية.. قيس سعيد يواصل خلط الأوراق
السيسي وأردوغان يطالبان بوقف فوري لإطلاق النار في غزة
السيسي وأردوغان يطالبان بوقف فوري لإطلاق النار في غزة
السيد رئيسي من أنقرة: يجب السعي إلى تأسيس نظام عالمي أكثر عدلاً
السيد رئيسي من أنقرة: يجب السعي إلى تأسيس نظام عالمي أكثر عدلاً
رئيسي يزور تركيا: النصر سيكون حليفًا لفلسطين والانهيار لكيان الاحتلال
رئيسي يزور تركيا: النصر سيكون حليفًا لفلسطين والانهيار لكيان الاحتلال
السيد رئيسي وأردوغان يطالبان بوقف فوريّ للقصف علی غزة
السيد رئيسي وأردوغان يطالبان بوقف فوريّ للقصف علی غزة