طوفان الأقصى

آراء وتحليلات

هل تنجح تركيا في توريط
28/02/2020

هل تنجح تركيا في توريط "الناتو"؟

إيهاب شوقي

بدا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وكأنه فقد صوابه بعد أن بدأ يدفع ثمن خياراته الحمقاء ومقاربته المعكوسة والمتمثلة في أن الجيوش النظامية من مهامها محاربة الارهاب، بينما دفع جيشه للمحاربة الى جانب الارهابيين.

وقد حط اردوغان من مكانة تركيا الاقليمية والدولية بعد اصراره على توريط جيشه في توجه عبثي منفصل عن التوازنات وتطوراتها عسكريا من جهة، ومنفصل عن الامن القومي التركي وملفاته المتعلقة برسم علاقات الجوار سياسيا من الجهة الأخرى.

وتمثل التخبط التركي بالعصبية والتناقض في العامين الاخيرين بشكل كبير بعد أن تراوح اردوغان بين روسيا وامريكا في لعبة موت خطيرة، بدا وانها مجازفة مبررة حيث يريد الانتقال بحرفية من مركب تغرق في سوريا الى صفوف المنتصرين، في حين أن الحقيقة كما تبدو حاليا هي أن جعبة اردوغان لا تخلو من لعبة الموت والتي تدفعه للمواجهة مع المعسكر المنتصر والروس بشكل مباشر.

في 18 فبراير الجاري، احتفلت تركيا بالذكرى الـ 68 لعضويتها في حلف الناتو، وعلى عكس العام الماضي، نظمت التجمعات والمؤتمرات وحملات إعلامية مدعومة من الحكومة تحت شعار "تركيا هي الناتو، نحن حلف شمال الأطلسي". وهذا استفز المراقبين الذين رصدوا التناقض الفج بين هذا العام وما حدث في العام الماضي على وسائل الإعلام التركية الموالية للحكومة والتي وصفت "الناتو" بأنه تهديد أمني كبير، وأنه أصبح أداة كراهية، متهمة اياه بارتكاب جرائم لا تعد ولا تحصى، ومنها تورطه في تنظيم محاولة الانقلاب للتخطيط لتقسيم تركيا.

بينما هذا العام، وفي أوائل فبراير الجاري، أبلغت تركيا حلف شمال الأطلسي بخططها للقيام بعملية عبر الحدود في محافظة إدلب، وطلبت من الحلف فرض منطقة حظر طيران فوق المنطقة قبل الهجوم.

واليوم وبعد مقتل عشرات الجنود الاتراك خلال مساندتهم للارهابيين في سوريا، اتخذت تركيا خطوات عملية لابتزاز أوروبا بغرض توريطها رسميا في الصراع، حيث ذكرت وكالة تركية أن مجموعة كبيرة من المهاجرين تتحرك من شمال غرب تركيا نحو الحدود مع اليونان بعدما أعلنت أنقرة أنها لن تمنع اللاجئين السوريين بعد الآن من بلوغ أوروبا.

وهنا نود القاء الضوء على أسباب التوتر بين تركيا والناتو، والبحث في ما اذا كان سيتدخل الناتو في الصراع:

أولًا: أسباب التوتر رصدتها مجلة "المونيتور" بشكل مختصر في نقاط يمكن ايرادها كما يلي:

1 - عملية ربيع السلام ضد وحدات حماية الشعب (YPG)، والتي تعتبرها تركيا امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK)، الجماعة المسلحة التي قاتلت أنقرة منذ عام 1984 وتعتبرها منظمة إرهابية من قبل معظم المجتمع الدولي.

2 - رفض أنقرة دعم خطة دفاع "الناتو" لدول البلطيق وبولندا في محاولة لاستخراج الدعم السياسي لحملتها العسكرية ضد قوات حماية الشعب الكردية التابعة لحزب العمال الكردستاني في سوريا.

3 - امتلاك أنقرة لأنظمة الدفاع الجوي الروسية S-400، تليها اختبارات تمهيدية، ومؤخراً، وصول صواريخ الأنظمة في ديسمبر.

4 - توقيع أنقرة على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع الحكومة الليبية المتمركزة في طرابلس في نوفمبر / تشرين الثاني وما تلا ذلك من انتقاد للحكومات الغربية.

5 - الاتهامات التركية بأن "الناتو" قام بحماية الضباط الأتراك الذين لهم صلات مزعومة بشبكة غولين، والتي تلقي أنقرة باللوم عليها في محاولة الانقلاب لعام 2016، وأن الضباط الأتراك الهاربين مُنحوا حق اللجوء السياسي في بعض الدول الأعضاء في الناتو من خلال إجراءات حصرية ومعجلة.

6 - استبعاد المسؤولين الأتراك من بعض اجتماعات "الناتو" الحاسمة.

وهي ملفات كما نرى شائكة ومتعلقة بتهديد فلسفة "الناتو" كذراع جيوسياسية امريكية - اوروبية، ونجمت معظمها عن تطلعات ذاتية تركية توسعية دون ادراك لأهميتها النسبية في "الناتو" والتي بنيت على مجرد كونها دولة عازلة.

أما في ما يرتبط بتدخلات "الناتو" المتوقعة، فواقع الحال يقول انها مستبعدة، بل هي فرصة لتأديب تركيا أو الدفع لتغيير نظامها المزعج.
فاليوم تطالب تركيا بتفعيل المادة 5 والتي تنص على أن تتفق الأطراف على أن أي هجوم مسلح ضد عضو أو أكثر في أوروبا أو أمريكا الشمالية يعتبر هجومًا ضد جميع دول حلف "الناتو"، بينما هناك خلاف على وضع تركيا وهل تقع داخل حدود المادة، كما كان الوضع في اوكرانيا.

وأقصى ما فعله "الناتو" هو الاستجابة تحت المادة 4، وشتان ما بين المادتين، فالمادة 4 من معاهدة واشنطن تنص على أن "الأطراف سوف تتشاور كلما رأى أي منهم السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي أو الأمن من أي من الأطراف مهددة".

يبدو أن لحظة دفع فواتير الارهاب قد حانت وعلى المتضرر اللجوء الى المادة 4 للتشاور!

تركياالناتو

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة