ramadan2024

خاص العهد

13/04/2020

"خلينا نحكي".. مبادرة مستشفى "الشفاء" لعلاج الأزمات النفسية جراء كورونا

ياسمين مصطفى

"لم أكن أعرف النوم لا في الليل ولا في النهار، وكانت الحالة تتفاقم ويتملكني الذعر كلما تابعت نشرة إخبارية تحصي في تقاريرها أعداد الإصابات بفيروس كورونا حول العالم. انقطعتُ عن الأكل والشرب إلا ما قلّ لأيام، وفقدتُ قدرتي على الاعتناء بزوجي وأطفالي وحتى بنفسي، ولم أعرف أحدا يرشدني إلى سبل للتخفيف من حدة الأزمة النفسية التي كنت أعيشها". هكذا كانت إحدى النسوة في مجموعة للدردشة على تطبيق  "واتس أب" تسرد تفاصيل معاناتها الشديدة على الصعيد النفسي من حالة تسبب بها الهلع، الذي تمكن منها مع انتشار فيروس كورونا في لبنان. 

هذه الحالة، ومثلها الكثير كانت محط اهتمام المؤسسات الرعائية والصحية والاجتماعية التابعة لحزب الله. هذه المؤسسات التي كرست كل جهودها لاحتضان المصابين بفيروس كورونا ومساعدتهم على التعافي، لحظت في برامجها احتضان الحالات النفسية أيضا، من غير المصابين بالفيروس. ولتحقيق هذا الهدف، فتح مستشفى الشفاء التخصصي في عرمون لمعالجة الأمراض النفسية والعقلية والإدمان على المخدرات أبوابه لاستقبال هؤلاء، من جميع المناطق اللبنانية دون استثناء. 

وتحت عنوان "الهيئة.. في حدا حدك"، يقدم الصرح - الذي يعتبر تتويجا لمنظومة الصحة النفسية في الهيئة الصحية الإسلامية - المساعدة التخصصية النفسية المجانية للمحجورين صحيًا خلال قضائهم فترة الحجر، ولكل من تعترضه مشكلة نفسية جراء تداعيات الفيروس واجراءات الحجر. التواصل هو عبر خطوط ساخنة أطلقها المشفى للتخفيف من معاناة اللبنانيين جراء الفيروس الخبيث.

مدير عام المستشفى الدكتور حسين نحلة يوضح في حديث لموقع "العهد" الإخباري أن الهدف من المبادرة النفسية التخصصية التي أطلقها كان التصدي للمشاكل النفسية التي تعترض بيئتنا بسبب فيروس كورونا، لافتا إلى أن الهدف التخفيف من معاناتهم على الصعيد النفسي، بموازاة عمل باقي المؤسسات في الهيئة الصحية الإسلامية والمشافي التابعة لحزب الله لشفاء الحالات المصابة بالفيروس.

"خلينا نحكي".. مبادرة مستشفى "الشفاء" لعلاج الأزمات النفسية جراء كورونا

ويتابع نحلة: "مبادرتنا للدعم النفسي بعنوان "خلينا نحكي" تتوجه للناس الموجودين في الحجر الصحي، فضلا عن التوجه بالإرشادات للكوادر الصحية والطبية التي تعتني بمرضى فيروس كورونا، وحتى الناس العاديين الذين يواجهون مشاكل نفسية بفعل الهلع، والخوف الشديد من انتقال العدوى إليهم أو إلى أحبائهم".

استحدثت المستشفى ثلاثة خطوط اتصال ساخنة ليتمكن الناس من التواصل مع مجموعة من المتخصصين والأطباء النفسيين الحاضرين لتقديم المساعدة المجانية في أي وقت، وذلك عبر الأرقام 81908105 و81908106 و81908107.

 المبادرة بحسب نحلة تقوم على تقسيم لبنان إلى ثلاث مناطق، الجنوب والبقاع وبيروت، وفي كل منطقة فريق طبي نفسي من المتخصصين بعديد يقارب الـ40 من الطلاب المتطوعين، تم تدريبهم لتقديم المعلومات الخاصة بفيروس كورونا، وهم جاهزون للرد على اتصالات الناس، ومتابعة المحتاجين منهم للإرشاد النفسي وفق مرحلتين: 

- المرحلة الأولى تقتصر على الإرشادات النفسية والمتابعة هاتفيا مع المتتخصصين من الطلاب المتطوعين في مجال العلاج النفسي.

-المرحلة الثانية، في حال اتضح حاجة المتصل لعناية أكبر يتم تحويله إلى معالجين متخصصين بالعلاج النفسي.

- المرحلة الثالثة تُعنى بالمصابين بالاكتئاب الحاد، أو من حاول الانتحار على سبيل المثال. يتم التعامل مع هؤلاء عبر زيارتهم وإحضارهم إلى المستشفى عبر فرق التدخل السريع الموزعة في المناطق ضمن منظومة حزب الله للتدخل، وذلك على مستوى الشُعب والبلديات والمناطق، وقد خضع عناصر هذه الفرق لتدريب نفسي مكثف يتيح لهم التعامل بشكل صائب مع المرضى النفسيين.

على صعيد الاتصالات التي يتلقاها المعالجون النفسيون عبر الخطوط الساخنة، يوضح نحلة أنها بمعدل 10 اتصالات على كل رقم يوميا، بما مجموعه 200 حالة منذ الإعلان عن أول إصابة بفيروس كورونا وحتى اليوم، تم التعامل معها ضمن خدمات مجانية وفق المعطيات المتعلقة بكل واحدة منها، ووفقا للتشخيص من قبل المعنيين في المستشفى.

وتنقسم المبادرة إلى العمل وفق خطين متوازيين، الأول يُعنى بنشر التوعية العامة في المجتمع حول طبيعة فيروس كورونا وكيفية انتقاله وكيفية الوقاية منه، أما الثاني فيُعنى بالتعامل مع من انتهت فترة حجره الصحي ويحتاج للاندماج في المجتمع من جديد، تفاديا لما يسمى "وصمة العار" التي تتشكل لديه إثر التعامل السلبي من قبل باقي الناس معه، لقلة وعيهم وخوفهم من استمراره بنقل العدوى لهم.

"خلينا نحكي".. مبادرة مستشفى "الشفاء" لعلاج الأزمات النفسية جراء كورونا

يشدد المتخصصون على ضرورة عدم متابعة الحالات المصابة باكتئاب أو حالات هلع للنشرات الإخبارية

 وعن طبيعة الحالات، توضح المعالجة النفسية في مستشفى الشفاء الدكتورة ناديا هاشم لموقع "العهد" أن أغلب الحالات المتصلة كانت تعاني من الاكتئاب أو الحالات العصبية، وعلى رأس القائمة الوسواس القهري لدى كثيرين، منهم من كان لديهم في الأصل وتطور مع انتشار فيروس كورونا في لبنان، ومنهم من عاينه لأول مرة بسبب الفيروس، وأصبحوا بفعل الخوف من انتقال العدوى يتعاملون بإفراط ومبالغة مع التعقيم والتنظيف.

تشرح هاشم الإجراءت المعتمدة مع هؤلاء فتقول "يتم اختيار الإجراءات المعتمدة وفقًا لطبيعة شكوى الشخص، ففي حال شكت ربة المنزل من غسيلها المتكرر للملابس مثلا خوفا من انتشار فيروس كورونا نتوجه اليها عبر المعلومات العلمية لشرح كيفية انتقال الفيروس، وخلال إرشادنا لها نحرص على عدم تلقيها لمعلومات قد تكون خاطئة حول طبيعة انتقال الفيروس. في معظم الحالات المصابة باكتئاب وانهيار عصبي، نشدد على ضرورة عدم مشاهدة النشرات الإخبارية، وعدم تتبع عدد الإصابات، الأمر الذي يفاقم المشكلة لدى الحالة ويزيد من هلعها". 

فترة الحجر المنزلي لدى العائدين من السفر أو المخالطين لأشخاص مثبتة إصابتهم بفيروس كورونا هي محطة عناية لدى الكوادر الطبية النفسية في المستشفى، وهو ما توضحه الدكتورة هاشم فتقول: "نسعى لخلق برنامج لهؤلاء للتخفيف من التوتر والعصبية والملل أثناء قضائهم فترة الحجر المنزلي، وذلك عبر التواصل معهم ومتابعتهم هاتفيا وتزويدهم بإرشادات للاستفادة من الوقت عبر أنشطة مفيدة". وتلفت إلى أنه في الفترة القادمة سيستقبل المستشفى المرضى المتعافين من فيروس كورونا والذين حجروا أنفسهم حتى تبين عدم إصابتهم، وذلك لمساعدتهم نفسيا في حال كان لا يزال لديهم مشكلات نفسية مرتبطة بالتجربة التي مروا بها.

تختم هاشم بأن الخوف طبيعي، فنحن نواجه فيروسا مجهول الخصائص عجز الاطباء حتى اللحظة عن إيجاد علاج له ولقاح يقي الإصابة به، لكنها تلفت إلى أن الهلع لا يفيد، وإنما المطلوب التفكير الإيجابي، والسعي قدر الإمكان للخروج من أزمة كورونا بأقل الخسائر النفسية الممكنة، والاستفادة من الوقت الضائع خلال فترة التعبئة العامة عبر أمور مسلّية ومفيدة في آن، من أنشطة كنا تواقين للقيام بها قبل انتشار الفيروس، وحال دون ذلك ضيق الوقت والالتزامات.

هذه بعض الإرشادات التي أطلقها مستشفى الشفاء ضمن مبادرة "خلينا نحكي" لنشر التوعية لدى المحجورين صحيا والمحجورين التزاما بقرار التعبئة العامة للحيلولة دون انتشار فيروس كورونا

 

"خلينا نحكي".. مبادرة مستشفى "الشفاء" لعلاج الأزمات النفسية جراء كورونا

"خلينا نحكي".. مبادرة مستشفى "الشفاء" لعلاج الأزمات النفسية جراء كورونا

"خلينا نحكي".. مبادرة مستشفى "الشفاء" لعلاج الأزمات النفسية جراء كورونا

 

"خلينا نحكي".. مبادرة مستشفى "الشفاء" لعلاج الأزمات النفسية جراء كورونا

"خلينا نحكي".. مبادرة مستشفى "الشفاء" لعلاج الأزمات النفسية جراء كورونا

فيروس كوروناالمستشفيات

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة