يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

سياسة الحدود المفتوحة أغرقت الاقتصاد اللبناني
10/12/2018

سياسة الحدود المفتوحة أغرقت الاقتصاد اللبناني

طالت الأزمة السورية الكثير من مرافق اقتصاد الدولة اللبنانية، بدءا من حركة التبادل التجاري والركود الحاصل في القطاعات الخدماتية وصولا الى ما تكبده لبنان من عبء النازحين. وفي ظل الحديث عن الوضع المتأزم حالياً على الصعيدين المالي والاقتصادي يتناول الكثيرون أزمة النزوح على أنها المسبب الأساسي "للانهيار المتوقع". مع بداية الأزمة السورية، اعتمد لبنان سياسة الحدود المفتوحة عام 2011 سامحاً بذلك لدخول أكثر من مليون ونصف سوري الى البلاد علما بأن لبنان غير موقع على اتفاقية الامم المتحدة المتعلقة بالنازحين الصادرة عام 1967 أو البرتوكول الخاص بها.

ثلاث سنين مرت، قبل أن تعي الحكومة اللبنانية الآثار الناجمة عن تدفق النازحين فعمدت إلى اتخاذ اجراءات محكمة لاقفال الحدود علاوة على الزام السوريين بالتعهد بعدم العمل أو بتجديد الاقامة بشكل دوري كل 6 أشهر.

وبالنظر الى الاقتصاد اللبناني، فهو يعتمد بشكل أساسي على قطاع الخدمات:

- قطاع الصناعة لا يتجاوز الـ 18% من الناتج المحلي ويعمل به حوالي 26% من اليد العاملة.
- نسبة القطاع الزراعي لا تتجاوز الـ 4% من الناتج المحلي ويعمل به 4% من اليد العاملة.
- يعتمد لبنان على القطاع السياحي بالدرجة الأولى لتبلغ نسبته 29% من الناتج المحلي كما ويعتمد الاقتصاد اللبناني بشكل أساسي على قطاعي المصارف والبناء.
 
وبالتعمق أكثر بأثر الأزمة السورية على القطاعات، نجد أن القطاع الانتاجي تأثر بتقلص سوق التصدير بسبب اقفال المعابر البرية والتي تمر بها الصادرات اللبنانية الى الأسواق العربية.

أما السياحة فكان لها النصيب الأكبر من التدهور بسبب الخوف من الوضع الأمني والعسكري مسجلة انخفاضا من حوالي 40 الف سائح بموسم الذروة عام 2011 إلى حوالي 30 الف عام 2013. لم تقتصر الخسائر على القطاع السياحي وحده بل امتدت التداعيات السلبية إلى التجارة فأصبحت مؤسسات الأعمال على شفا الإفلاس.

بدأت القطاعات تستعيد طاقتها تدريجيا، فالسياح الوافدين الى لبنان في عام 2018 حوالي 57 الف سائح، اما القطاعات الانتاجية فقد بدأت تتوفر لديها معابر لتصريف انتاجها بشكل أفضل وبالتالي تحسنت حركة التبادل التجاري. الا ان لبنان مازال يعاني وبشكل اكبر من قبل.
 بحلول نهاية عام 2012 ، بلغت المؤشرات الإقتصادية السلبية الذروة واتسعت مكامن الفقر نتيجة لتدفق النازحين السوريين. فالأزمة دفعت بنحو 170 ألف مواطن لبناني إلى مستوى الفقر، في حين تفاقمت سبل العيش فازداد الفقير فقرا.

أما البطالة والتي تتصدر قائمة المشاكل التي يعاني منها المجتمع اللبناني، فقد ارتفعت وفقا لأرقام وزارة العمل بنسبة وصلت الى 25% في نهاية العام 2015 عازية ذلك إلى النزوح السوري.

ووفقا للإحصاءات، يبلغ عدد القوى العاملة السورية في لبنان 384،000 قاموا بحسب التقارير الدولية "بنزع 270،000 وظيفة من اللبنانيين."

أما على صعيد الكهرباء، فالطلب الاضافي ازداد- بسبب حاجة النازحين السوريين- ما بين 280 ميغاوات بنهاية العام 2011 و290 إلى 822 ميغاوات بنهاية العام 2014 ما سجل تكلفة مالية اضافية الكهرباء بنحو 131 مليون دولار أميركي لعام 2013 وما بين 314 مليون و343 مليون دولار أميركي لعام2014.

وبما أن لقطاع الكهرباء نسبة مرتفعة من الدين العام فإن النزوح السوري بالمحصلة النهائية زاد من الدين العام.

ولا بد من الاشارة الى أن زيادة الطلب على الخدمات الصحية نتيجة الأزمة السورية قد أدى إلى إرهاق القطاع الصحي اللبناني. ويبرز وقع الأزمة على القطاع الصحي عبر زيادة الطلب على الخدمات الصحية وتزايد المستحقات غير المدفوعة من قبل وزارة الصحة العامة إلى المستشفيات والنقص في عدد العاملين في مجال الصحة بمن فيهم الاطباء الاختصاصيين والممرضين والارتفاع الحاد في حالات الامراض المعدية.

وبالإنتقال إلى القطاع التربوي، نلحظ تزايداً في خدمات التعليم جراء تزايد أعداد اللاجئين السوريين من الأطفال، مما أدى إلى تصاعد التكاليف المالية.
وبالرغم من أن قدرة المدارس العامة على استيعاب الطالب تقتصر فقط على 31 بالمئة من إجمالي التلاميذ، فقد كانت تلبي أغلبيتها حاجات الطبقة المحدودة الدخل. إلا أنه مع بداية الأزمة السورية، سجلت المدارس استيعاب 41 ألف طفل نازح بكلفة بلغت 24 مليون دولار أميركي.

إن العجز في الميزانية كان حاصلاً قبل الأزمة السورية وكان باتجاه الانخفاض عام 2010 نظراً للنمو الذي رافق هذه الفترة، الا أن أزمة النازحين جعلته يلبي الزيادة في الطلب على الخدمات الأمر الذي أدى الى زيادة العجز.

ويقدر اتساع عجز الموازنة بنحو 2.2 مليار دولار أميركي خلال الفترة الممتدة بين 2012 و2108.

وعلى الرغم مما تقدم، بدأت القطاعات تستعيد طاقتها تدرجيا: فالسياح الوافدين إلى لبنان عام 2018 بلغوا في موسم الذروة حوالي 57 الف سائح، أما القطاعات الانتاجية فقد بدأت تتوفر لديها معابر لتصريف انتاجها بشكل أفضل. وبالتالي، نجد أن حركة التبادل التجاري تحسنت إلا ان لبنان مازال يعاني وبشكل أكبر من قبل.

وإذا ما كانت نيران الحرب السورية، دفعت بأبنائها إلى الهرب من جحيم الموت، فإن المسؤول عن سعير هذه الأزمة الإقتصادية اللبنانية هو الذي قرر اعتماد سياسة الحدود المفتوحة مغرقا البلد الهش بأزمات متتالية ليتحمل أعباء أكبر من طاقته لتشكل بذلك أزمة النازحين أحد أهم العوامل التي أدت الى تردي الوضع الاقتصادي المتأزم أصلاً.

 

إقرأ المزيد في: خاص العهد