نقاط على الحروف
في اليوم العالمي للطفل: أطفال العرب شهود على حفلة الدجل الغربي
ليلى عماشا
في مثل هذا اليوم من كل عام، يحتفي "العالم" بيوم الطفل العالمي، وهو الذكرى السنوية لتاريخ اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان شرعة حقوق الطفل، والتي بحسب ما يقولون جاءت لرفع الوعي حول حقوق الأطفال حول العالم وتعزيز الترابط الدولي في مجال حماية الأطفال، كلّ الأطفال، بدون أي تمييز وتحسين رفاههم.
واعتدنا في مثل هذا اليوم من كلّ عام على الاستماع لصياغات مؤثرة تؤديها الدول الغربية حول احترامها للأطفال وحقوقهم، بل ونشهد أنّهم يبدعون في توصيف حرصهم الشديد على الطفولة، ويصل بهم الأمر حدّ المحاضرة بأهمية احترام الطفل وتقديم كلّ الإمكانات اللازمة لنمو جسدي وصحي ونفسي وعاطفي سليم له. لكنّهم يكذبون، ويعرفون أننا نعرف أنّهم يكذبون، لكن شاؤوا وشاء اعلامهم المسلّط على يومياتنا أن نتفرّج على مسرحياتهم التي تحاول توثيق أكاذيب يدّعونها، والتي يتسرّب بعضها إلى أحاديث الناس اليومية تحت عنوان الوهم بأن الغربيين يحترمون الطفولة. وشاءت أقدارنا أن نشهد ما يفعلونه بأطفالنا بالعين المجرّدة، وبالقلوب الغاضبة الدامية.
هم يكذبون. ولعلّ من أقلّ واجباتنا أن لا نسمح لهم بتسريب أكاذيبهم إلى وعينا عبر استعادة كلّ مشهد وكل حكاية وثّقت كيف يعاملون الطفولة في بلادنا.
نبدأ من فلسطين المحتلة، والتي يحتلها الغرب كله تحت مسمّى "اسرائيل". ألف مشهد يحضر في البال:
علي دوابشة، يشعل الاسم حريقًا في الدم وهو الرضيع الذي قام الصهاينة بحرقه حيًّا.
محمد الدرّة، يخترق ذكره القلب برصاصات حلّت في جسده الطري وهو يحتمي بحضن أبيه.
فارس عودة، والحجر في يده انتفاضة وسلاح، قُتل بعد أن كسر هيبة دباباتهم بحجره.
تطول القائمة في فلسطين. تمتد إلى سجون الاحتلال حيث يُعتقل حوالي ١٨٠ طفلًا فلسطينيًّا، ويتعرّضون للتعذيب الجسدي والنفسي.
وخارج المعتقلات، يأسر الغرب على كامل الأرض الفلسطينية، من بحرها إلى برّها، كل وليد فلسطيني. كل طفل يولد أسيرًا، ويولد رهينة معرّضة لكل أنواع التعذيب والتنكيل الذي يحتاجها الغرب لتثبيت سلطة الاحتلال.
نمضي إلى اليمن، حيث يمارس الغرب التنكيل بالأطفال عبر أداته السعودية، حصارًا وتجويعًا وقصفًا وقتلًا.
بثينة، طفلة العامين، الجريحة التي أيتمها العدوان ومزّق أجساد أفراد عائلتها، استعادت وعيها في المستشفى وفتحت بأصابعها الصغيرة عينها حين عجز جفنها عن تحمّل هول الجراح.
أمل حسين، الصغيرة التي نهش الحصار جسدها، فحرمها الغذاء والدواء، واحتضرت أمام أعين والدتها. كانت تبتسم لجوعها ولوجعها، بكل عزّة أهل اليمن، قبل أن تسبل جفنيها وتمضي.
تطول اللائحة أيضًا، والجراح تمتد من صعدة إلى صنعاء إلى كلّ حيّ يمنيّ يستهدفه العدوان الغربي، إلى كلّ بيت يمنيّ يضنيه الحصار الغربي، إلى كلّ حافلة مدرسية يتناثر ركابها تحت وقع غارات بني سعود الذين من فرط عجزهم جعلوا تلاميذ المدارس "بنوك أهداف"! نمرُّ بالعراق وسوريا، نرى وحشًا تكفيريًا صنعه الغرب وأطلقه في أرضنا. ماذا عن طفولة ذُبحت بحدّ السيف وأُحرِقت في أقفاص النار ورُميت بالرصاص وحوصرت في القرى والبلدات، وعن طفولة اغتصبت وعن طفولة سُلبت وبيعت في أسواق استحدثها الارهاب ويتاجر فيها بالبشر؟ ماذا عن عصابات خطف الأطفال وقتلهم وانتزاع أعضائهم وتهريبها إلى أسواق مفتوحة لها في الدول الغربية؟
يمارس الغرب كلّ هذا وأكثر، بشكل مباشر أو عبر أدواته، ثم يخرج إلينا في العشرين من تشرين الثاني/نوڤمبر من كلّ عام ليحدثنا عن رهافة قلبه حيال الأطفال، عن دراساته وأبحاثه ومختبراته المخصصة لتقديم الأفضل لكل طفل في العالم، عن سعيه الدؤوب لإلغاء أي تمييز مهما كان نوعه بين طفل وآخر، بل ويهدّدنا إذا لم نلتزم بشرعته الكاذبة لحقوق الطفل. يمنح نفسه حقّ تقييم الآخرين في تعاملهم مع الطفولة والأطفال، ولا يرفّ له جفنٌ من حياء أو خجل، بل ويجد في عداد المصفقين له جمهورًا في بلادنا، جمهورًا من المنظّرين لأساليب الغرب في مقاربة قضايا الطفولة، بحيث لا ندري أيّهما أشدّ نفاقًا ووقاحة: الكاذب أو المصفّقون!
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
14/11/2024
عن النصر والهزيمة .. وأهلهما..
13/11/2024
بالعلم العسكري .. متى ننتصر؟
12/11/2024
جونسون بعد شيا: وكر الشرّ لا يهدأ
09/11/2024
أمستردام وتتويج سقوط "الهسبرة" الصهيونية
08/11/2024