يوميات عدوان نيسان 1996

نقاط على الحروف

جوقة عوكر تصبّ حقدها على أشرف الناس والرد دائمًا: ستخيبون!‎
07/02/2021

جوقة عوكر تصبّ حقدها على أشرف الناس والرد دائمًا: ستخيبون!‎

ليلى عماشا

أما وقد صار التضليل سلاحًا في الحرب على "أشرف الناس"، وصار الإفتراء عملًا يوميًا يستهدفهم ويسعى إلى عزلهم كمكوّن أساسي في تركيبة المجتمع اللبناني، وصار الهجوم عليهم رموزًا وأفرادًا وثقافةً ومنظومةً مهمةً يومية تؤديها الجوقة العوكرية وجمهورها من مختلف الأطياف والألوان، وبعد أن عمدت هذه الجوقة عبر منصاتها الإعلامية والإلكترونية إلى رفع مستوى الهجوم بعد جريمة قتل أحد الناشطين المجاهرين بالعداء للمقاومة وكلّ ما يمتّ إليها بصلة والتي لم ينتهِ بعد التحقيق الجنائي حولها، فكان لا بد من توثيق المشهد للتاريخ، ووضعه في سياقه الحقيقي والمتواصل منذ أعوام خلت بزخم متفاوت بحسب الأحداث.

استفاق جمهور المقاومة صباح الخميس على سيل إفتراضي من الإتهامات قبل أن ينتشر خبر العثور على لقمان سليم مقتولًا في الجنوب. وفي الوقت الذي بدأ يتساءل البعض عمّن يكون صاحب الإسم وبدأ البعض الآخر بمتابعة أخبار الجريمة والتساؤل عن المستفيد الحقيقي من ارتكابها، كانت جوقة عوكر قد بدأت بالهجوم الذي بدا وكأنّه معدٌّ سلفًا.
عاد الإتهام السياسي إلى واجهة التعاطي مع الموضوع وبأقسى العبارات وأكثرها إساءة لبيئة المقاومة. وحين نقول اتهامًا سياسيًا فلا بدّ من ذكر تفصيل بنى عليه الحاقدون سرديّة التضليل المجهّزة: كان لقمان سليم ناشطًا معاديًا للمقاومة ولناسها ولحزبها، يسكن في حارة حريك وينشط علنًا ضدّ البيئة التي يسكن فيها، بل وكان يدعو إلى قتلها كي تستفيق من احتضانها للمقاومة، كما كان يؤكد للأميركيين عن اطمئنانه لعدم التعرّض له جسديًا من قِبل حزب الله.
هذا التفصيل الذي يتشاركه سليم مع الكثيرين من المعادين للمقاومة تحوّل إلى مرتكز تضليلي حاول الكثيرون بناء فرضيّة "الإغتيال السياسي" أو "الإعدام" كما ورد في نشرة أخبار MTV مساء السبت. ببساطة، وقبل الإطلاع على أيّ تفصيل عن الجريمة، تحوّل المهاجمون جميعًا إلى قاضٍ يحكم وإلى محقّق يتعامل مع فرضيته المسبقة كواقع وإلى متخصّصين في علم الجريمة، وبطبيعة الأحوال إلى ضحايا معرّضين للتهديد ويناشدون "المجتمع الدولي" لحمايتهم، ممّن؟ من الجهة التي منذ ولادتها كمنظومة مقاومة حمت الجميع، الجميع حتى المبغضين، من العدوان الصهيوني ومن الخطر الإرهابي. وهنا مربط الفرس!
جميع المهاجمين يعرفون جيّدًا أنّه بالقياس المنطقي والموضوعي والواقعي لا يمكن أن يكون حزب الله في دائرة شبهة في جريمة كهذه، لكن جميعهم معنيين لسبب أو لآخر بتوجيه الإتهام الكيدي والمضلّل نحو حزب الله وبيئته، على سبيل معاقبته على التصدّي لمشغّلهم الأميركي وكل أدواته الأساسية والإحتياطية. وبمسارهم العام، هم مارسوا فعل التضليل وفعل الإفتراء عند كل محطّة في خدمة الأميركي ووفقًا لتعليمات سفرائه المتعاقبين، منذ الإتهام السياسي والذي سقط واقعيًا رغم التحشيد المذهبي ورغم العبث بالأدلة ورغم توظيف شهود زور يوم اغتيل رفيق الحريري عام ٢٠٠٥ إلى اليوم، مرورًا بكارثة انفجار مرفأ بيروت وبكل جريمة حدثت أو تمّ اختلاقها (كحكاية تهريب الكبتاغون مثلًا)..

مارس هؤلاء كلّ أصناف الرذيلة تضليلًا وحشدًا ضد بيئة المقاومة. دعوا إلى محاصرتها. عمل بعضهم كمخبر ضدّ أفرادها. أساؤوا إلى رموزها. اتهمّوها زورًا. وجهّوا إليها أقسى بذائتهم.. فعلوا كلّ ذلك وفق خطّة واضحة وصريحة ولم يجدوا طريقًا واحدًا يقودهم إلى اختراقها أو إلى زعزعة إيمانها وصبرها وتماسكها القويّ والتفافها الحنون حول نواتها المقاومة.. تعرّضت لأبشع الإتهامات، لأسوأ الإفتراءات، لأبشع الكلمات التي مسّت بثقافتها وبقِيمها وبشهدائها، وحافظت على رباطة جأشها في التصدّي وفي الإلتزام بالتكليف الأخلاقي بعدم الإنجرار إلى ما يريده الأميركي وأزلامه من اقتتال داخلي يلهي حزب الله عن دوره الأمميّ في المحور الشريف.. وستبقى كذلك، تدّخر الغضب، تخزّنه في زوايا نفوس أبيّة وقلوب طاهرة، وفقًا لحديث سيّدها الأمين "حافظوا على غضبكم..." وإن بدا لبعض الموتورين أنّ هذه البيئة في ساعة ظلم ضجّت على مواقع التواصل بكلمات الحق وبردّ التهم الباطلة، فذلك لا يعني أنّها خرجت عن طورها.. هي فقط تخبر العالم، العالم كلّه، أنّها ليست في دائرة الإتهام الملفّق والمجهّز وذي الخلفيات المكشوفة، ولا في موقع الدفاع عن النّفس، لكنّها في موقعها الطبيعي المضيء بالحقّ وذي الهوية الواضحة والصريحة والتي لا تحتمل الرمادية ولا المداراة في خطوطها الحمراء..

 تصدّت هذه البيئة بكلّ ما اوتيت من طهر ومن جمال ومن غيرة لهجوم إعلام عوكر وجوقة صبيان وجواري شيّا المعتمدين على منصات التواصل.. تصدّت بكلّ ما في قلوب أهلها من حبّ محصّن بالثقة وبالوعي التام لدقّة المرحلة.. وإن بدا هذا الحبّ غضبًا للبعض، أو "قلّة أخلاق"، فليراجع ما تعرّضت له هذه البيئة على مرّ السنوات وليقارن حجم ونوعية الظلم الذي احتوته واستوعبته بنوعية الردّ التي لم تخرج عن دائرة قول الحقّ بوجه الظالمين، وبعدها فليقل خيرًا أو يصمت! إن كلّ ما ورد على ألسنة أشرف الناس بوجه هجمة جوقة عوكر في اليومين الأخيرين لم يكن إلا ترجمات متعدّدة وصادقة وواضحة لكلمة واحدة، يلفظونها بكلّ ثقة ويقين: "ستخيبون!".

 

التضليل الإعلاميعوكر

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة

خبر عاجل