يوميات عدوان نيسان 1996

الوصية الأساس المقاومة والناس

زوجة الشيخ راغب حرب في رثائه: وهل تحلو الحياة بعدك؟
15/02/2021

زوجة الشيخ راغب حرب في رثائه: وهل تحلو الحياة بعدك؟

من أرشيف صحيفة "العهد"

في ذكرى أسبوعه، ألقت الحاجة "أم أحمد" زوجة الشهيد السعيد الشيخ راغب رضوان الله عليه كلمات حزينة رثته من خلالها، ونشرتها صحيفة "العهد" في ذكراه السنوية عام 1985، واليوم يعيد موقع "العهد" الإخباري نشر مقاطع منها:

في سبيل الله.. يا شهيد الإسلام.. في سبيل الله كان عمرك القصير.. في سبيل الله كان جهادك طويل..
في لحظة الفراق تحتشد في قلبي المشاعر هول المفاجأة، ورصاص الغدر، ومقتلك المفجع. تملأ قلبي حزنًا وألمًا، فأحاول أن أصرخ بأعلى صوتي، باكية شبابك، متأسفة على حبك الكبير، وعلمك الغزير، وتواضعك النبيل. وعد الله الحق للمؤمنين والشهداء بجنته الواسعة وأنهارها  المتصلة وثمارها اليانعة والحور العين والدرجات الرفيعة. كل هذه الحقائق  تبعث على الفرح الصعب والرضى وراحة الضمير.

مع كل ايماني  بهذا الوعد الإلهي، بالجزاء الكريم والثواب العظيم والنعيم الباقي والسعادة الأبدية، إلا أني  يا مولاي يعصر قلبي الألم، وأبحث عن ذلك  الاصطبار الذي علمتني إياه في حياتك، لآخذ منه زادًا يعينني على تحمل الفراق والبعد عنك.

سيدي أنت فرد في الرجال، وعلم في العلماء، ورمز في الأبطال وفارس في المجاهدين. كان باستطاعتك أن ترتاح، أن تبقى بجانبي وجانب أطفالك تهيء لنا أسباب الراحة وترتاح معنا، إلا أنك أيها البطل، رأيت أن هذه الراحة القصيرة في الحياة الدنيا تتطلب خضوعًا للظالمين وممالأة للكافرين ورضى بالمحتلين، وتخليًا عن أهداف الدين، عندها وقفت شامخًا وقفة حسينية، في كربلاء جبل عامل قائلاً مقولة ابي عبد الله (ع) " والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد"، صارخًا في وجههم إذ أرادوا منك الخضوع والذل، أو الأسر والقتل "وهيهات منا الذلة .. يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون".

زوجة الشيخ راغب حرب في رثائه: وهل تحلو الحياة بعدك؟

يا حبيب القلوب، أيها العطوف الحنون، هذا شعبك الوفي جاء ليودعك، ويعاهدك على المضي في الطريق الذي سلكت ، طريق التحدي والرفض، والشهادة حتى تحرير الأرض وانتصار الإسلام. نعم باستشهادك أصبحنا كلنا مجاهدين. لن يرتاح اليهود على أرضنا، لن تغمض لهم عين فوق ترابنا، ليلهم سيكون نهارًا من نيراننا، نهاركم سيكون ليلًا من غضبنا، قرّ عينًا يا مولاي.

مولاي، بسمتك.. كيف أنساها؟ وكيف ينساها الشعب الذي كنت دائم البسمة في وجهه؟ تستهين بالموت لأجله..

أنت أيها العظيم لا تنسى، ففي كل بيت لك آثار، وفي كل قلب مؤمن لك حب، وفي كل ضمير حي لك وفاء، نحن سائرون على هذا الطريق، الذي كان صعبًا فأصبح باستشهادك سهلًا يسيرًا، هذه الدنيا ماتت في قلوبنا، هذه السعادة القصيرة لا تغرينا، ولا تلهينا عن شوقنا الى جنات الله. وكما  كنت باسمًا في حياتك، رأيتك تبتسم لحظة استشهادك، ما معنى هذه البسمات في لحظة الموت؟ إنها تزخر بالمعاني السامية، بالحقائق الإلهية، هل كانت بسمة أمل تزفه الينا بحرية نريدها، نصر مبين نبتغيه.. هل كانت بسمة استقبال للأنبياء والأئمة الشهداء الذين هبوا لملاقاتك أيها المجاهد؟ أيها الصالح؟ إكرامًا لجهادك وإعظامًا لإيمانك وصلابتك في مواقف الحق، كما أرادوا كما كانوا.. فهنيئًا لك يا شهيد..

 نعم يا مولاي، كانت ضحكتك لحظة استشهادك من أجل كل هذه الأمور مجتمعة، لأنها كانت كلها تفعم حياتك وتملأ قلبك، وتملي عليك موقف الإيمان. وإن سألت عني بعدك فإني صابرة محتسبة مع أمك الثكلى، وأخواتك الصابرات ونساء المسلمين.. باقية على العهد، أخلفك جهادًا وحربًا على الكافرين، فليتني أصبحت قنبلة يرميني القدر على الأعداء فأجعلهم كالهشيم انتقامًا لك ولكرامة الإسلام، ولم لا؟ وهل تحلو الحياة بعدك؟ وهل يصفو العيش بدونك؟ سترى وفائي يا مولاي، تفرغًا لأطفالك، لأيتامك، وأيتام المسلمين الذين يتموا مرتين: بفقد أباءهم.. ومرة لفقدك يا أبا الأيتام.

 سأعلمهم كلماتك، سأزرع فيهم مبادئك، سأربيهم على التقوى والقوة، و"العنف" المقدس، لأنه لا تنفع في هذا العالم إلا القوة.. ولا يردّ الظلم والبغي إلا حرب طاحنة تدمر  كل أثر للمعتدين. وداعًا يا مولاي، وداعًا يا رفيق العمر . وداعًا أيها العلم الشامخ، بل الى اللقاء، فنحن خلفك  سائرون ولن نرضى إلا أن نكون معك، سلّم على الأحياء.. سلّم على الشهداء، شهداء الإسلام، قل لهم إن الزحف متواصل، وإن القدس والكعبة  سيتحرران من دنس اليهود وظلم الحكام الطغاة.. وعندما تقتلع هيمنة العملاء في بلدنا سوف أزرع شجرة على القمر.. أسقيها بدمع العين ودم القلب، لتقرأ جريدتي كل أسبوع، أخبرك فيها عن كل شيء.

 الى اللقاء يا مولاي، نقسم برب الشهداء سنريهم ما يحذرون، وسيلقون ما يكرهون، قتلوا والله بقتلك، وحزّوا رقابهم بأيديهم ألا ساء ما فعلوا.. ونحن كما علمتنا، وأنت في طليعتنا، ورثة الحسين(ع) وزينب(ع)، مسيرتنا ظافرة وضربتنا أقوى ولكنهم لا يعلمون، فذرهم في طغيانهم يعمهون، وإن جولة الباطل ساعة وجولة الحق الى قيام الساعة..

الشيخ راغب حرب

إقرأ المزيد في: الوصية الأساس المقاومة والناس

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة

خبر عاجل