يوميات عدوان نيسان 1996

نقاط على الحروف

"التسلط" السعودي على الاعلام اللبناني: "النهار" بأمر فرحان
06/04/2021

"التسلط" السعودي على الاعلام اللبناني: "النهار" بأمر فرحان

ميساء مقدم

ترتكز نظرية السلطة على أن للحاكم المطلق أو الحكومة المطلقة وحدهما الحق في الهيمنة على أمور الأمة. أو تصريف أمور العامة، وأن الانسان شخصية غير مستقلة أو غير قادرة على بلوغ المستويات الرفيعة إلا تحت رعاية الدولة. ورغم قدَم النظرية السلطوية في وسائل الاعلام، إلا أن العقد الحالي يزخر بالأمثلة المطابقة لها. بعض وسائل الاعلام في لبنان خير نموذج.

وفي التطبيق، ترى صحيفة "النهار" أن آل سعود هم الحكام المطلقون، وحدهم أصحاب الحق في الهيمنة على أمور "الأمة" وضمنها لبنان، وأن المواطن اللبناني شخصية غير قادرة على بلوغ المستويات الرفيعة إلا تحت رعاية الدولة السعودية. أمّا الشواهد، فهي كثيرة، نذكر منها ما هو وارد في عدد "النهار" الصادر اليوم الثلاثاء 6 نيسان - ابريل 2021، من تبخير لـ"الدور" السعودي في لبنان وترجمة لتصريحات وزير الخارجية السعودي الذي أوغل في التدخل بالشأن اللبناني، والتزلف الأعمى واستجداء الانتداب والوصاية السعودية:

* روزانا بو منصف تحت عنوان "المقاربة السعودية بين الخطأ والصواب":

"التسلط" السعودي على الاعلام اللبناني: "النهار" بأمر فرحان

- "ظهّر وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الموقف السعودي من الأزمة اللبنانية". بالنسبة للكاتبة فإن فرحان قد "ظهّر" الموقف السعودي، بينما لو كان الناطق هو نظيره الايراني، لما كان المصطلح بطبيعة الحال بهذه البراءة، بل كنّا لنقرأ مثلًا: "في تدخل سافر...".

- "تتفهم غالبية لبنانية لا سيما التي تضررت من العهد الحالي الذي دفع لبنان كليا نحو المحور الايراني بعيدا من بيئته العربية". ما هو الاستفتاء الذي استندت اليه الكاتبة في تعداد "الغالبية"؟ هل هو استفتاء سعودي المصدر؟

- "تفهم دول غربية الموقف السعودي في ظل كرم مشهود سابق من المملكة ازاء لبنان ساهم في انتشاله مرارا وتكرارا من ازماته". تشديد على "القصور اللبناني" والحاجة المستمرة لـ"الكرم" السعودي، أي اظهار لبنان بمظهر المتسول.

- "التحفظ على اساءات تراها المملكة ارتكبت في حقها لا يفترض من حيث المبدأ معاقبة سياسية لشخصيات سنية او حتى للطائفة التي تعاني من ارتباك غير مسبوق". أي أن للسعودية الحق بسن العقاب على شخصيات لبنانية، بعد "اساءة" مفترضة!

- "شخصيات سنية او حتى للطائفة التي تعاني من ارتباك غير مسبوق على خلفية غياب البوصلة السعودية في ظل عدم القدرة أو الرغبة في الخروج عن هذه البوصلة". إقرار بأن قسمًا من اللبنانيين يسير وفق الأوامر السعودية لكن بتلطيف للمصطلح من خلال اعتماد "البوصلة" للايحاء بصوابية الاتجاه، لكن لو كانت "البوصلة" الايرانية لا سمح الله، لكان المصطلح المستخدم هو "التبعية" على أقل تقدير.

- "غالبية لبنانية تعاني من فقدان المظلة السعودية والتوازن الاقليمي الذي تحدثه المملكة". عدنا الى "استفتاء" أو "احصاء" لـ"الغالبية" المفترضة، لكن هذه المرة مع اصرار على التمسك بـ"المظلّة" السعودية. وطبعًا لو كان الموقف ينطبق على ايران، لكان المصطلح المستخدم هو "الوصاية" أو "رهن"، على أقل تقدير.

- "الدول العربية خسرت العراق لمصلحة ايران نتيجة الابتعاد عنه فيما ان طريق اعادة استيعابه صعبة وشائكة وقد تبقى غير مكتملة على الارجح. ولا ينبغي ان يسري ذلك على لبنان لان كلفة اعادته صعبة". استجداء للتدخل السعودي في لبنان والامساك بزمام الأمور، ولو صدرت هذه الكلمات اتجاه ايران مثلا من صحيفة او موقع او وسيلة اعلامية محسوبة على محور المقاومة، لعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة بدعوة من "ثوار" السفارات في لبنان لانقاذ البلد من "الهيمنة" الايرانية.

- "يحتاج لبنان الى الدعم المعنوي والسياسي قبل المالي". معنوي؟ هل أزمة لبنان عاطفية؟ أم أن الشعور بالدونية اتجاه السعودي ينحو بكاتبة النص الى هذا الاتجاه؟ ثم في أي سوق سوداء يصرف هذا الدعم "المعنوي"؟

* وجدي العريضي تحت عنوان "كلام ابن فرحان يتناغم وشروط المجتمع الدولي... مفاوضات فيينا قد تبلور صورة الحراك الأميركي":

"التسلط" السعودي على الاعلام اللبناني: "النهار" بأمر فرحان

- "الموقف اللافت والأبرز في هذا السياق لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، إذ انتقد الطبقة السياسية في لبنان". ماذا لو كان الموقف لوزير الخارجية الايراني أو السوري؟ هل كان ليكون "لافتًا وبارزًا"، أم "ناريًا وتصعيديًا ومعرقلًا ومتدخلًا"؟  

- "السفيرة الأميركية دوروثي شيا أفصحت لبعض من التقتهم أخيراً أنّه حتى الآن لا قرار أميركياً حاسماً على خط تأليف الحكومة". اقرار واضح بالعرقلة الأميركية، يليها مقال لـ"علي حمادة" يرمي فيه التهم بالعرقلة على ايران وحزب الله متغاضيًا عن اقرار زملائه بالعرقلة الأميركية السعودية.

- "قد تكون شيا غمزت من قناة اللقاء الذي سيُعقد في فيينا بين الأميركيين والإيرانيين والدول الأوروبية". على الأرجح أنه لو كان الفاعل في هذه الجملة هو ظريف (المبتسم دومًا)، لتحوّلت "الغمزة" الى "جأرة".. بلا شك.

- "وزير الخارجية السعودي أفضل مَن ظهّر انعكاس صورة واضحة وصادقة حول ما يحيط بالشأن المحلي". عدنا الى مصطلح "ظهّر"، هل هي تعليمة واحدة أم أن الحقل المعجمي قد نضب لدى كتاب "النهار"؟

* غسان حجار تحت عنوان "هل يفرمل الموقف السعودي استيلاد الحكومة؟":

"التسلط" السعودي على الاعلام اللبناني: "النهار" بأمر فرحان

- "بعد كلام كبير مساعدي رئيس مجلس الشورى الإيراني للشؤون الدولية، حسين أمير عبد اللهيان، عن أسباب عدم الاستقرار في لبنان........  جاء انتقاد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الطبقة السياسية في لبنان". عظيم جدًا، أسلوب جديد في تبرير التدخل، كأن يوحي للقارئ أن عبد اللهيان قد أصدر موقفا متدخلًا (وهو موقف داعم للبنان ككل ليس فيه أي هجوم على أي طرف)، وبالتالي يحق للسعودي أن "ينتقد" - يا للبراءة - المسؤولين اللبنانيين.

- "معنى هذا الكلام بصريح العبارة، انه ما دام "حزب الله" ممسكاً بمفاصل البلد فان لا مساعدات ولا رعاية عربية". اختصار مفيد غالبًا، في ايضاح الابتزاز السياسي من الطرف السعودي بعبارة منمّقة بعض الشيء.

- "عدم تشجيع للرئيس المكلف على المضي في حكومة تقاسم حصص جديد، واشراك "حزب الله" تحديدا بصورة مبطنة، ما يعني ضمنياً بطاقة حمراء قد تفرمل المساعي القائمة لاستيلاد الحكومة". الجملة الخاتمة لهذا المقال، يُنصح "علي حمادة" - كاتب النص على يمين الحجار في النسخة الورقية - بالمواظبة على قراءتها 5 مرّات صباحًا وظهرًا ومساءً، ففيها شفاء متيقّن من داء "العرقلة الايرانية"، وخبرة أكثر في تحديد "الأدوات".

في العودة الى نظرية السلطة، حيث من واجب وسائل الإعلام وفقًا لها المحافظة على "قداسة" النظام القائم (السعودي في حالة "النهار" وإلهاء الجماهير والاتفاق حول آراء السلطة (السعودية) واتجاهاتها (أوامرها في لبنان)، فإن من المفيد التنويه الى إحدى خصائص النظرية المتمثلة بـ"شراء الأقلام"، حيث عمدت الأنظمة التسلطية الى منح الأموال السرية لأصحاب الصحف لشراء ذممهم وضمائرهم وضمنت بذلك شراء صحف مشهورة وأقلام موجهة بدلًا من أن تصدر صحفًا رسمية بأقلام رسمية.

السعوديةالإعلامالتضليل الإعلاميوسائل الإعلام

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة
هل للسعودية شهداء على طريق القدس؟
هل للسعودية شهداء على طريق القدس؟
إدانة حقوقية لترؤس السعودية لجنة حقوق المرأة في الأمم المتحدة
إدانة حقوقية لترؤس السعودية لجنة حقوق المرأة في الأمم المتحدة
في عاشر أعوام الصمود.. السيد القائد الحوثي يضع شروطًا خمسة للسلام مع السعودية
في عاشر أعوام الصمود.. السيد القائد الحوثي يضع شروطًا خمسة للسلام مع السعودية
مواقف عربية مرحّبة بقرار مجلس الأمن الدولي الداعي لوقف إطلاق النار في غزة
مواقف عربية مرحّبة بقرار مجلس الأمن الدولي الداعي لوقف إطلاق النار في غزة
بعد الصفعة السعودية.. أيام "بن مبارك" معدودة
بعد الصفعة السعودية.. أيام "بن مبارك" معدودة
الإمام الخامنئي: الإعلام يؤثّر على العدو أكثر من الصواريخ والطائرات والمسيّرات
الإمام الخامنئي: الإعلام يؤثّر على العدو أكثر من الصواريخ والطائرات والمسيّرات
 قنوات لبنانية تتبنّى السردية الإسرائيلية
 قنوات لبنانية تتبنّى السردية الإسرائيلية
"طوفان الأقصى" وكذبة المحتوى المحايد.. استغباء أم تضليل مدسوس!
"طوفان الأقصى" وكذبة المحتوى المحايد.. استغباء أم تضليل مدسوس!
جولة ميدانية للإعلاميين في الغازية: رغم الدمار الذي خلّفه العدوان لن نيأس وسنكمل 
جولة ميدانية للإعلاميين في الغازية: رغم الدمار الذي خلّفه العدوان لن نيأس وسنكمل 
إعلامٌ يتجاهل الميدان.. والمجزرة
إعلامٌ يتجاهل الميدان.. والمجزرة
تهافت المقولات في مناكفة "الوعد الصادق"
تهافت المقولات في مناكفة "الوعد الصادق"
العمليات "الإعلامية" ضدّ المقاومة مستمرة..
العمليات "الإعلامية" ضدّ المقاومة مستمرة..
الخطاب التعبوي ضدّ المقاومة.. خيبات متراكمة
الخطاب التعبوي ضدّ المقاومة.. خيبات متراكمة
سردية العدوّ في إعلام الـMTV
سردية العدوّ في إعلام الـMTV
مبرمجون إسرائيليون يديرون الإعلام الرسمي العربي
مبرمجون إسرائيليون يديرون الإعلام الرسمي العربي
تغييرات في الصحافة الغربية: تحذير وخوف وتكذيب.. وسيادة فلسطين
تغييرات في الصحافة الغربية: تحذير وخوف وتكذيب.. وسيادة فلسطين
بالصور.. الحفل التكريمي الذي أقامته العلاقات الإعلامية في حزب الله بعنوان "إعلاميّون على طريق القدس"
بالصور.. الحفل التكريمي الذي أقامته العلاقات الإعلامية في حزب الله بعنوان "إعلاميّون على طريق القدس"
"الإعلام الحربي": ماذا لو لم تكن على الحدود "كاميرا" تقاتل؟‎
"الإعلام الحربي": ماذا لو لم تكن على الحدود "كاميرا" تقاتل؟‎