طوفان الأقصى

خاص العهد

مدير المكتب السياسي لإئتلاف ١٤ فبراير لـ
18/02/2019

مدير المكتب السياسي لإئتلاف ١٤ فبراير لـ"العهد": خروجنا إلى الضوء جزئي وسنبدأ فك احتكار السلطة للعمل الديبلوماسي

إسراء الفاس

وسط إقليم يشتعل صراعاً على النفوذ، وجغرافيا تمعن في كل محطة مفصلية في ظلم البحرينيين، عام ثامن يُطوى من عمر الثورة البحرينية. تتزاحم الأحداث في الجزيرة المعلقة قضيتها على ملفات المنطقة. تخرج أكبر القامات الدينية من البلاد، وتُغلق قضية التخابر المزعومة على حكم بالمؤبد يُنفذ بحق أمين عام جمعية الوفاق البحرينية، بعد انتخابات قاطعتها المعارضة المعزولة أصلاً بفعل منهجية الإقصاء الرسمية. ووسط المشهد المأساوي، جديد يخرق العتمة، ائتلاف الرابع عشر من فبراير إلى الضوء، ليميط اللثام عن شيء من وجهه الذي ظل مجهولاً على مدى سنوات الحراك الثماني، بمكتب سياسي من بيروت، وإعلان أتى من بغداد، أراد الائتلاف لنضاله أن يأخذ مساراً أكثر وضوحاً، في الخطاب والهوية.. والهدف.

منذ العام ٢٠١١، ارتبط اسم الائتلاف بالتحركات اليومية في قرى وبلدات بحرينية. على منتديات الكترونية ظهر الاسم لأول مرة. دعوات يومية كانت تطلق باسم الائتلاف للتظاهر والمشاركة في الاحتجاجات، وعلى منصات التواصل بدأت حساباته بالظهور لاحقاً. كانت صورة الثورة، وكلمتها، وتحركاتها الشعبية تُنقل. لا قيادات عرفت للتنظيم، ولا عناوين عريضة أبعد من العنوان الأبرز: "يسقط حمد" ليتحدد بذلك سقف نضاله السياسي، مزيحة مطالب الاصلاح التي نادت بها تيارات معارضة أخرى خالقاً فسحة من التمايز.

في 22 كانون الأول/ديسمبر الماضي، خرج أول وجوه الائتلاف إلى العلن "إبراهيم العرادي"، معلناً من بغداد تشكيل مكتب سياسي لائتلاف الرابع عشر من فبراير برئاسته. إعلان أثار زوبعة من ردود الفعل على المستوى البحريني والخليجي بالعموم.. قيل إن خروج الإعلان من بغداد حمل في طياته رسالة تزعج البحرين الرسمي ومن يغطي ممارساته، وقيل أيضاً إن اختيار بيروت كمركز للمكتب يأتي في المسار نفسه.. وتساؤلات أخرى طرحت عن المستجد السياسي الذي قاد للخطوة، وعن مشروع الائتلاف السياسي وعلاقاته بالخارج.. عناوين وتساؤلات كانت محور مقابلة أُجريت مع مدير المكتب السياسي لائتلاف الرابع عشر من فبراير إبراهيم العرادي في أجواء الذكرى الثامنة لانطلاق الحراك الشعبي البحريني.

سؤال ١. بداية، من هو إبراهيم العرادي؟ كيف يعرفنا عن نفسه؟ ماذا عن نشاطكم خلف الكواليس في السنوات الماضية؟ ولماذا بدا اسمكم مستفزاً للسلطة ومنظومتها الاعلامية بعد خروج الاعلان من بغداد؟

إجابة - إبراهيم العرادي كأحد المواطنين الذين خرجوا مع باقي أبناء الشعب البحراني للمطالبة بالعدالة ودولة المواطنة، وكان طبيباً يعمل في مستشفى السلمانية الذي شهد أيضاً أحداثاً مهمة في سياق ثورة 14 فبراير والذي تحول فيما بعد إلى ثكنة عسكرية بعد أن قامت جيوش مرتزقة نظام آل خليفة الديكتاتورية بإحتلاله وإعتقال ما عرف بقضية الكادر الطبي والذي كشف حقيقة أن آل خليفة أعلنوها حرباً مفتوحة ضد الشعب.

وكبقية المواطنين الذي شاركوا في الثورة، كان إبراهيم العرادي حاضراً مع مطالب الشعب العادلة والمشروعة وأخذ على عاتقه الوقوف إلى جانب هذه المطالب وتحمل مع إخوانه في ائتلاف شباب الثورة مسؤولية الدفاع عن هذه المطالب والسعي إلى تحقيق الأهداف المشروعة للثورة من خلال تنظيم الطاقات وتحمل المسؤولية الوطنية والتاريخية والمساهمة في إنقاذ البلاد من الظلم ومن الإضطهاد السياسي لنظام آل خليفة والتخلص من نظامهم الديكتاتوري المستبد. أما الحملات التي شنها مأجورو السلطة لتشويه صورتنا وصورة العشرات من النشطاء والمعارضين تعبر عن جزء من أخلاقية النظام في التعامل مع المعارضين الذين يطالبون بحقوقهم السياسية وهي جزء من الضريبة التي يدفعها الجميع من أجل المطالبة بإسقاط الديكتاتورية ورحيل الإستبداد.

سؤال ٢. ماذا عن ائتلاف 14 فبراير كيف تقدمونه اليوم؟ ولماذا ابتعد قياديوه عن الإعلام طوال السنوات الماضية؟ وكيف تحول من حالة رفض شعبية عفوية خارج الإطار الحزبي إلى تنظيم سياسي؟

إجابة - الائتلاف تنظيم وحركة انبثقت من رحم الثورة الشعبية عند إنطلاقتها، وفي أيامها الأولى في دوار اللؤلؤة الذي سجل أروع ملحمة شعبية وطنية في تاريخ البحرين السياسي منذ استيلاء آل خليفة على الحكم والسلطة بالقوة، بهدف تنظيم وتنسيق الجهود وقيادة الموج الشعبي الكبير الذي كان حاضراً بقوة في الميدان. وتبنى الائتلاف خيار الشعب بما طرحه من شعارات إتسمت فيها الثورة وأخذ على عاتقه توجيه الطاقات الشبابية الثورية التي آمنت بالثورة ومنطلقاتها وأهدافها، وبدأ الائتلاف في تعزيز مسيرته بصياغة مشروع الثورة بشكل منظم وهادف إلى الإستفادة من هذا الموج الشعبي الهادر الذي كان يتطلع إلى بناء نظام سياسي يحقق العدالة ويقيم الحرية في المجتمع. واستطاع الائتلاف أن يفرض حضور شباب الثورة بشكل فاعل وخلاق وشكل أهم الركائر الأساسية للثورة .

واقتضت الضرورات الأمنية الحفاظ على كوادر الائتلاف من بطش السلطة ولذلك كان القرار بعدم تعريضهم لخطر التصفية أو الإعتقال. وقد حكمت ظروف القمع المفرطة والقاسية على أن يقوم الائتلاف بإتخاذ قرار المجابهة مع النظام وتمثيل تطلعات الثورة دون ظهور كوادره في وسائل الإعلام خاصة واكتفى بتوجيه الشعب من خلال بياناته التي يصدرها بين الفينة والاخرى والعمل من خلال تنظيم سري.

نختلف معكم بتوصيف الائتلاف كحالة رفض عفوية بل كان عملنا موجهاً ومنظماً منذ اللحظة الأولى الذي أنطلق فيها، ولذلك لم يحدث أنها تحول من إطار لإطار آخر. وفي تقديرنا بأن ثورة 14 فبراير لم تكن حالة عفوية بل هي نتيجة للإضطهاد... وقد حدثت الثورة بعد محاولات عدة قامت بها المعارضة أملاً في أن تقوم السلطة بإصلاح الأوضاع ولكن بعد يأس شديد خرج ملبياً الدعوات التي تبنتها بعض القوى الشبابية لثورة غضب تطيح بالإستبداد وتتخلص من سنوات طويلة من الظلم والنظام الديكتاتوري وتحكم عائلة واحدة بمقدرات الوطن .

سؤال ٣. لماذا يخرج 14 فبراير الآن إلى العلن؟ أي مستجدات سياسية أو قراءات تحتم الوجود السياسي للتنظيم الذي يعد من أبرز أركان الحراك البحريني؟

إجابة - هو خروج جزئي إلى العلن، وذلك لقناعة تتصل بضرورة وجود صوت سياسي معبر عن المشروع السياسي للثورة وشرح أهدافها وبرامجها وغاياتها للرأي العام سواء المحلي أو الإقليمي أو الدولي. خاصة بعد أن رأى الائتلاف ضرورة اختراق هذه المساحة نظراً لإحتكار السلطة الإعلام وتوجيه أكاذيبها حول حقيقة ما يجري على الأرض من حركة شعبية رافضة للإستسلام لسلطة الأمر الواقع ووصمها بالإرهاب بينما حقيقة الأمر بأن هناك سلطة لا تستند إلى أي شرعية وقامت بإغتصاب الحكم وتستأثر بشكل مطلق بالقرار والموارد وتمارس كافة أنواع الإرهاب من أجل كسر إرادة الشعب وإجباره على الإستسلام والخضوع. وأن توضيح الحقائق للرأي العام أصبحت حاجة ملحة خاصة لمنع نظام آل خليفة وسائل الإعلام الأجنبية بالدخول إلى البحرين لتغطية يوميات الحراك الشعبي والمواجهات التي تحدث في الشارع بين شباب الثورة ومرتزقة النظام.

سؤال ٤. المكتب السياسي، من يديره اليوم؟ ما هي علاقتكم بباقي المكونات البحرينية؟ وما هي حدود صلاتكم بالخارج، تحديداً الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟

إجابة - يدار المكتب السياسي وفق تطلعات شعبنا العادلة والمشروعة والتي طرحها وما يزال في كل التظاهرات والتجمعات الثورية بوضوح تام لا تقبل التشكيك ووفق ذلك تم صياغة مشروع ميثاق اللؤلؤة الذي اعتمده الائتلاف كبرنامج سياسي يمشي وفق مبادئه. أما من الناحية الفنية فإن الائتلاف له المجلس السياسي الذي تنبثق عنه المكاتب السياسية كما أن للإئتلاف مجالسه الإدارية وتدار الأمور بشكل مؤسسي ولكن نظراً لظروف القمع ومنع حرية التعبير وتجريم العمل السياسي المعارض للديكتاتورية والإستبداد فإن الائتلاف وحفاظاً على كوادره بمختلف مواقعه القيادية وغيرها لايمكنه الإعلان عنها، فنحن نقف أمام نظام لا يتورع من إرتكاب أبشع الجرائم ضد خصومه السياسيين وضد النشطاء بشكل عام.

أما عن العلاقة بباقي المكونات البحرانية وحتى غير البحرانية فإن الائتلاف استطاع رغم الظروف الأمنية القاسية والشديدة من مد جسور التواصل مع الآخرين ويحتفظ الائتلاف بعلاقات طيبة مع باقي المكونات بما تسمح به التعقيدات الأمنية الحاكمة على الأوضاع في هذه الفترة .

لقد استطاع خلال السنوات السبع الماضية أن يمتد بعلاقاته إلى خارج الحدود الجغرافية للبحرين ليصل الى لأكثر من منطقة في العالم وله حضوره الذي يمكن ملاحظته بوضوح من خلال الفعاليات والأنشطة والبرامج السياسية التي ينفذها في عدد من الدول وليس في ايران فحسب. ولعل تنظيم الائتلاف لفعالية الإعلان عن فتح مكتبه السياسي في بغداد تعطي فكرة عن عمق وحجم ما حققناه على الصعيد السياسي، وإن ذلك لم يحدث لو لا أن هناك تواصلاً مستمراً ولسنوات حتى تمكن من تنظيم مثل هذه الفعالية. وهناك فعاليات سياسية قادمة ستعكس أيضاً حجم الدور السياسي الذي سيلعبه الائتلاف في المرحلة القادمة والتي نؤكد أنها ستكون بداية لفك احتكار السلطة للعمل الديبلوماسي وتحقيق اختراق كبير له.

سؤال ٥. في تغريدة سابقة له على تويتر قال وزير الشؤون الخارجية الاماراتي أنور قرقاش: "..نقف مع البحرين في رفضها لشرعنة الائتلاف والذى سعى عبر العنف لتقويض أمنها"... أي عنف مارسه ائتلاف 14 فبراير بحسب قراءتكم؟

إجابة - من الطبيعي أن يتخذ قرقاش هذا الموقف فقد أرسلت الإمارات جيشها الى البحرين لسحق الشعب ومنعه من المطالبة بالعدالة وحقوقه السياسية المشروعة. ولذلك لا غرابة بأن يصرح بهذا التصريح وسيكون مدهشاً على نحو بالغ لو أنه اتخذ موقفاً إيجابياً من الحركة المطلبية للشعب في البحرين ودعى الى ضرورة تلبية المطالب الشعبية وبناء نظام ديمقراطي يستمد شرعيته من الإرادة الشعبية وأن يدعو لإحترام حقوق الإنسان والتعايش.

أما رفضه لشرعنة الائتلاف كما ادعى في تغريدته لأنهم يعرفون قدرات الائتلاف وقوته وهذا يرعبهم ومن ثم من قال له ولحكومته بأن حركة المطالب الشعبية بالعدالة وبناء دولة المواطنة بحيث يتساوى الجميع تحت مظلتها تحتاج إلى شرعنة من أنظمة ديكتاتورية شمولية.

سؤال ٦. في مقابلة متلفزة معكم ذكرتم أن الاعلان عن المكتب السياسي من العراق كان رسالة محور، حبذا لو تفسرون لنا ذلك، وما هو مضمون الرسالة؟

إجابة - ما ذكرته في المقابلة بأن الإعلان عن انشاء المكتب السياسي في بيروت أتى من قلب  العراق على أنه رسالة محور، يعني أولاً أننا ننظر لبغداد بأنها قلب محور المقاومة والخير والذي يقف بوجه محور الشر ولم يكن اختيارنا- نحن وحلفؤانا- لبغداد عبثيا.

وثانياً  إننا في ائتلاف ثورة 14 فبراير نقف مع حق الشعوب في تحقيق مصيرها وإختياره شكل وطبيعة النظام السياسي الذي يستمد شرعيته من الإرادة الشعبية في إقتراع نزيه وشفاف . وعلى هذا فإننا نقف ضد كل محاولات إستعباد الشعوب وإخضاعها بمنطق القوة والغاب وفرض الأمر الواقع، وهذا هو مضمون الرسالة، بما يعني أن من يريد أن يحدد علاقاته بشعوب وفصائل وتنظيمات على أساس تمحورها، فهذه العناوين تحدد موقعياتنا في صراعات المنطقة، واصطفافاتنا السياسية تجاه قضايا الشعوب.

سؤال ٧. تتعمد البحرين الرسمية في أكثر من محطة إبراز علاقاتها الجيدة مع كيان العدو الصهيوني، مشهد تكرر مؤخراً  فتشارك جنباً الى جنب مع رئيس وزراء العدو، ما هو موقف إزاء هذا المشهد؟

إجابة - ليست المرة الأولى التي نصف فيها التطبيع مع العدو بأنه دنس، وهذا ليس موقف الإئتلاف حصراً، الموقف مجمع عليه شعبياً في البحرين، نحن بالتوصيف نعيد تحديد ثوابت شعبنا، الذي يتعاطى مع القضية الفلسطينية ومع رفض التطبيع مع العدو كقضايا مبدأية، ولا تخضع للسوق السياسي. لهذا قلنا وتكرر هنا أن قمّة "وارسو" لم تنعقد إلّا بهدف التآمر على المسلمين والعرب وتمرير المشاريع الصهيو-أمريكيّة في المنطقة. هي قمة العار والعهر التي اكدت خيانة بعض الحكام العرب، والتي لن تزيد الشعب البحراني إلا تشبثاً بالمقاومة وتعلقاً ببطولاتها واحتراماً لصمودها من فلسطين وعلى امتداد محور المقاومة. وشعبنا الغيور والمقاوم لن يألو جهداً في كل محطة لإعلان براءته من تزلّف النظام الخليفي الأحمق ومن تطبيعه مع الكيان.

 

إقرأ المزيد في: خاص العهد