نصر من الله

لبنان

المشهد بين رفع الدعم والبطاقة التمويلية.. جولة جديدة لمفاوضات الترسيم على وقع زيارة لودريان
04/05/2021

المشهد بين رفع الدعم والبطاقة التمويلية.. جولة جديدة لمفاوضات الترسيم على وقع زيارة لودريان

اهتمت الصحف الصادرة اليوم في بيروت بالسباق الحاصل بين رفع الدعم المرتقب من قبل مصرف لبنان والبطاقة التمويلية التي من المتوقع أن تكون بديلا للأسر المحتاجة لتأمين السلع الأساسية، والتي صارت مسودتها النهائية في التداول، وسط حديث عن مبلغ 137 دولار أمريكي لكل عائلة.
إلى ذلك يبرز إلى الواجهة الجولة الجديدة من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، والتي ستعقد جلسة جديدة منهان ويترافق ذلك مع زيارة لوزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان إلى بيروت وما يحمل في جعبته من جديد على صعيد المبادرة الفرنسية حول الأزمة الحكومية.


"الأخبار": المسوّدة النهائيّة للبطاقة التمويليّة: 137 دولاراً نقداً لكل أسرة بالعملة الخضراء

بعد أشهر طويلة من تردد رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في تحمّل مسؤولية رفع الدعم عن المحروقات والسلع الأساسية، وضع الأخير مساء أمس، بالتعاون مع اللجنة المكلفة رفع الدعم، اللمسات الأخيرة على النسخة النهائية من مشروع قانون البطاقة التمويلية. التعديل الرئيسي يكمن في تحويل عُملة البطاقة الى الدولار بدلاً من الليرة اللبنانية، أي أن 750 ألف أسرة يُفترض أن تحصل، شهرياً، على مبلغ يعادل 137 دولاراً نقداً. تمويل البطاقة، بالتزامن مع رفع جزئي للدعم، سيتم عبر الاحتياط الإلزامي في مصرف لبنان، فيما لم يصدر عن حاكم المصرف رياض سلامة أي تعليق على الأمر. ويُعوّل دياب على أن يؤدي التوافق السياسي، وخصوصاً بعد زيارته رئيسَي الجمهورية ومجلس النواب، الى إجبار سلامة على الموافقة على المشروع لما فيه من وفر يقدّر بمليارين و600 مليون دولار سنوياً.


وُضعت، مساء أمس، التعديلات النهائية على مشروع البطاقة التمويلية، على أن توزّع على الوزراء ابتداءً من اليوم للاطلاع عليها. وفي خلاصة الصيغة النهائية التي وصلت اليها اللجنة المُكلّفة رفع الدعم برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب، جرى التوافق على أن تكون البطاقة بالدولار وليس بالليرة، وأن يتم تقاضي قيمتها عبر المصارف نقداً بمتوسط 137دولاراً لكل أسرة مؤلفة من 4 أشخاص، أي نحو 1645دولاراً سنوياً للعائلة الواحدة. وقياساً على 750 ألف أسرة ستستفيد من البطاقة، يكون مجموع الدعم ملياراً و235 مليون دولار سنوياً.
التعديل الأساسي يكمن في حصول العائلات المشمولة ببرنامج الأسر الأكثر فقراً في وزارة الشؤون الاجتماعية، إضافة الى برنامج «شبكة الأمان» المموّل من قرض البنك الدولي بقيمة 264 مليون دولار، على كامل قيمة البطاقة التمويلية من دون أي حسم للمبلغ الذي يحصلون عليه من هذه الجهات، كون هذا التدبير يحقق «عدالة أكبر». فيما كانت الصيغة السابقة تنصّ على أن تكون مساعدات البرنامجين جزءاً من القيمة الإجمالية للبطاقة.
المشروع ناقشه دياب في زيارته أمس لرئيس الجمهورية ميشال عون، الذي أرسل ممثلين بالنيابة عنه الى الاجتماعات (المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير ومستشار الرئيس للشؤون الاقتصادية شربل قرداحي). كما ناقش دياب المشروع قبل يومين في أثناء زيارته لرئيس مجلس النواب نبيه بري.
تمويل البطاقة، بحسب مصادر مُطّلعة، سيكون من الاحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان، رغم عدم تعليق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على هذا الأمر بعد، وعدم طرحه من قبل الحكومة عليه. ويُعوّل دياب على أن «التوافق السياسي وإقرار المشروع كقانون في مجلس النواب سيُجبر سلامة على التجاوب مع الطرح، لأنه يُحقّق وفراً يقارب مليارين و610 ملايين دولار، وسيذهب مباشرةً الى الفئة المستهدفة ويكافح التهريب مع رفع الدعم بشكل كبير عن المحروقات والسلع».

تراوح قيمة البطاقة للأسرة الواحدة بين حدّ أدنى يبلغ 53 دولاراً وحدّ أقصى يصل إلى 185دولاراً

وبحسب المسودة الأخيرة، توزعت الـ 137دولاراً للبطاقة التمويلية التي ستحصل عليها الأسر على الشكل الآتي:
1- 35.6 دولاراً للبنزين الذي سيرفع عنه الدعم بنسبة 83%. أما كيفية احتساب هذه القيمة فخضع لآلية تشير الى أن معدل الاستهلاك العام للعائلة في الشهر الواحد يبلغ نحو 5.3 صفائح بنزين، يبلغ سعر كل منها اليوم 39500 ليرة، أما في حال رفع الدعم عنها فستصبح 141 ألف ليرة؛ أي أن القيمة التي يدعمها مصرف لبنان اليوم هي 101500 ألف ليرة. واذا ما احتسبنا هذه القيمة مع متوسط الاستهلاك أي 5.3، يكون المجموع 537500 ليرة لبنانية، على أن يُسدد منها ما نسبته 83% أي ما يعادل 445 ألف ليرة، سيتم تحويلها الى الدولار على سعر صرف يعادل 12500 ليرة أي 35.6 دولاراً.
2- 43.2 دولاراً للمازوت الذي سيُرفع عنه الدعم بنسبة 86%. الاستهلاك العائلي لهذه المادة بحسب المسودة هو 6.3 صفائح شهرياً، فيما سعر الصفيحة المدعوم اليوم 27 ألف ليرة وسيصبح 127 ألفاً عند رفع الدعم.
3- 10.7$ مقابل قارورتين من الغاز، إذ سيتم رفع الدعم عن الغاز بنسبة 100%، وهو ما يعادل مبلغ 134 ألف ليرة شهرياً للعائلة أو 10.7 دولارات على سعر صرف 12500 ليرة.
4- 8.4 دولارات مقابل 5 أمبير كهرباء لكل أسرة (سعر 5 أمبير اليوم 122 ألف ليرة)، على أن يتم رفع الدعم عن الكهرباء بنسبة 86%.
5- 34 دولاراً للسلة الغذائية
6- 0.4$ لربطة الخبز وذلك لأن الدعم العام على ربطة الخبز فقط لا القمح سيرتفع بنسبة 25%. هذا المبلغ جرى احتسابه وفقاً لمعدل استهلاك يقارب 25 ربطة خبز شهرياً لكل عائلة
7- متفرقات تحتسب هامش خطأ في الحساب قيمتها 5.3$
قيمة البطاقة التمويلية البالغة نحو 137دولاراً هي مقابل متوسط دعم عائلي يقارب 4.2 أشخاص. ما يعني أن الأسرة المؤلفة من ثلاثة أفراد أو فردين لن تحصل على المبلغ نفسه، والأمر ينطبق على الأسر التي يتجاوز عددها الأربعة. فثمة، وفقاً للمشروع، مبلغ مقطوع عام لكل أسرة هو 26.4$، تليه 26.4$ أخرى لكل فرد في العائلة ليصبح الحدّ الأدنى للأسرة الواحدة 53$ والحدّ الأقصى 185$. ويتوقع مُعدّو المشروع أن تنخفض القيمة الإجمالية للدعم السنوي المموّل من مصرف لبنان والذي تبلغ قيمته الإجمالية اليوم 5 مليارات و40 مليون دولار الى مليارين و430 مليون دولار (مليار و195 مليون دولار دعم محروقات ودواء وخبز، ومليار و235 مليون دولار للبطاقة التمويلية)، علماً بأن الدعم على الدواء سينخفض الى 54% أي ما يعادل 598 مليون دولار سنوياً.


"البناء": جولة الترسيم وفق التوجيهات الرئاسيّة بعد تجاذبات المرسوم… وخبراء روس لتدقيق الخرائط!
لبنان الذي تعبّر المتغيرات الإقليمية والدولية عبر ملفاته، يشهد حراكاً أميركياً فرنسياً على ملفي ترسيم الحدود البحرية، ومعالجة الانسداد في المسار الحكومي، وبمثل ما كان لافتاً أن يستجيب الأميركيون لطلب رئيس الجمهورية، وينجحوا في جلب كيان الاحتلال لخيار العودة الى المفاوضات، بدا واضحاً أن العودة للتفاوض تتمّ من دون أن يقدم لبنان تنازلاً عن حقوقه، بعدما سحب من التداول السجال حول مرسوم الترسيم، وسمع الوفد المفاوض بحضور قائد الجيش من رئيس الجمهورية توجيهات واضحة بالتمسك بالخط التقني والقانوني الذي توصل إليه خبراء الجيش اللبناني، والانفتاح على سماع أي مقترحات أمميّة أو أميركية للاستعانة بخبراء دوليين، كان رئيس الجمهورية قد طلبها من معاون وزير الخارجية الأميركية السابق ديفيد هيل في زيارته الأخيرة الى لبنان، ولم تستبعد مصادر مواكبة للملف أن يكون رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قد طلب من موسكو الشيء نفسه خلال زيارته الأخيرة لها.

المسعى الفرنسي الذي قاد الملف الحكومي منذ إطلاق الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون مبادرته من قصر الصنوبر قبل تسعة شهور، يسجل مع زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان الى بيروت محطة فاصلة، فالزيارة تأتي بعد فشل فرنسي متكرّر في صياغة حل وسط يخرج الأزمة الحكومية من التجاذبات بين بعبدا وبيت الوسط، وبعد تهديدات فرنسية بفرض عقوبات، كانت آخر نسخة منها هي الحديث عن منع السفر الى فرنسا أمام المعاقبين، في ظل عجز فرنسي عن الحصول على موافقة أوروبية على فرض العقوبات، وحملت المعلومات المرافقة للزيارة أسئلة مع الحديث عن حصر اللقاءات الرئاسية برئيسي الجمهورية والمجلس النيابي واستثناء الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي بدا طوال الفترة السابقة أن باريس تتبنى مواقفه، وفهم من المقربين منها أن عقوباتها ستستهدف مقرّبين من رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر، فيما جاءت تعليقات بيت الوسط عن قلب الطاولة متزامنة مع الزيارة وتسريبات استثناء الرئيس المكلف منها، لتطرح أسئلة حول موقع الزيارة بين خياري رفع العتب أو إحداث تحوّل في المسار الحكومي، فالبقاء على الموقف التقليدي ولو كان مشفوعاً بالعقوبات سيعقد الطريق أمام دور الوسيط الذي تريد باريس أن تلعبه، وحول وجود تحول يحمله لودريان قالت مصادر إقليمية إن باريس التي تتابع تطورات الوضع اللبناني على خلفية المتغيرات الدولية والإقليمية تدرك هامشية دورها في مفاوضات الملف النووي الإيراني، وتدرك أن الحصول على دور فاعل في لبنان يستدعي الوقوف في منطقة وسط في العلاقات الإيرانية السعودية التي تتقدّم نحو الانفراج، وما يبدو من فيتو سعودي على الدعم الفرنسي للحريري، بينما تشير المتابعة الفرنسية للموقف الروسي باهتمام خاص بالدور المسيحي في المنطقة، يمكن أن يحل محل الدور الفرنسي التقليدي إذا لم تستعد فرنسا هذه الصفة عبر مقاربة جديدة للملف الحكوميّ.

ويحمل الأسبوع الطالع تطوّرات على صعيد الملف الحكوميّ مع زيارة وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان إلى لبنان الأربعاء المقبل وإن على صعيد ملف ترسيم الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة مع الزيارة المرتقبة للفريق الأميركي برئاسة السفير جون ديروشير إلى بيروت لاستئناف جلسات التفاوض بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي.

ويلتقي وزير الخارجية الفرنسي بحسب المعلومات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري وقد يلتقي القيادات السياسية التي اجتمعت في قصر الصنوبر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته إلى بيروت عقب تفجير مرفأ بيروت لكن الأمر غير محسوم.

وأفادت وسائل إعلام بأن لودريان يحمل معه رسالة تحذيرية للمسؤولين اللبنانيين المعرقلين وعلى الأرجح ستكون الأخيرة لهؤلاء. وأضافت أن «العد العكسيّ بدأ وفرنسا كانت قد اتخذت سلسلة إجراءات لمنع عدد من المسؤولين اللبنانيين من زيارتها وهناك عدة أفكار تتعلق بتجميد العقارات والأرصدة وغيرها». وشدّدت على أن «عنوان الزيارة هو التأكيد أن المبادرة الفرنسية ما زالت حيّة وأنه ينبغي التحرك قبل فوات الأوان».

في المقابل لفتت مصادر «البناء» إلى أن «زيارة لودريان تهدف إلى إنقاذ المبادرة الفرنسية بعدما أدى تعثرها إلى تداعيات سلبية في الداخل الفرنسي على مستوى الرئاسة التي تسعى إلى إحداث خرق ما في جدار الأزمة اللبنانية قبيل الانتخابات الفرنسية»، وشددت المصادر على أن «الأميركيين هم أول من أجهضوا المبادرة الفرنسية منذ الإعلان عنها عبر الالتفاف عليها وتحميلها تأويلات وتفسيرات تضرب مضمونها من جهة وبفرض العقوبات على أكثر من شخصية سياسية أساسية في لبنان من جهة ثانية والضغط على آخرين لعرقلة أي تفاهم بين اللبنانيين».

وفي غضون ذلك، وعشية زيارة الوفد الاميركي الوسيط لإعادة إحياء المفاوضات في ملف الترسيم، شدّد رئيس الجمهورية ميشال عون، خلال ترؤسه اجتماعاً لأعضاء الوفد إلى المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، على «أهمية تصحيح الحدود البحرية وفقاً للقوانين والأنظمة الدولية، وعلى حق لبنان في استثمار ثرواته الطبيعية في المنطقة الاقتصادية الخالصة».

وتنطلق اليوم جلسة مفاوضات جديدة بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي في قاعدة اليونفيل في الناقورة.

وأعلنت الحكومة الإسرائيلية عن استئناف المفاوضات بحسب ما أفادت «سكاي نيوز». وأشارت إلى أن المفاوضات تبحث إمكانية التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية مع لبنان.

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب زار بعبدا أمس، والتقى الرئيس عون وخرج من دون الإدلاء بأي تصريح.

وشدد دياب في حديث تلفزيوني على «ضرورة توقيع المرسوم من قبل رئيس الجمهورية اليوم قبل الغد»، مشيراً الى أن «الخلاف مع بعبدا ليس خلافاً، هو تفسير للدستور، فالدستور واضح جداً في كيفية التعامل في أي حكومة خلال فترة تصريف الأعمال، وموضوع الملف هو تقني بحت والدوائر المختصة بالجيش التي لدي ثقة كاملة فيها تقول إن النقطة 29 هي من حق لبنان».

 

"اللواء": لودريان في بيروت في لحظة مؤاتية: الحكومة أو قلب الطاولة!
وفي نظر الكثرة من المراقبين، لا سيما الدبلوماسيين منهم، فإن الأسبوع الحالي، سيكون مفصلياً على غير صعيد: دبلوماسي وسياسي ومالي ونقدي واقتصادي، على وقع تحولات في السياسات الإقليمية، وضعت سوريا على لائحة التطبيع العربي، واحتواء الأزمة التي طالت وكادت ان تحرق الأخضر واليابس، في سوريا نفسها، وفي عموم دول المشرق، ومن بينها لبنان.

فاليوم تستأنف المفاوضات غير المباشرة، لترسيم الحدود البحرية الجنوبية في الناقورة.. واليوم توضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون البطاقة التمويلية، التي يشترط رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب اقرارها تشريعياً في المجلس النيابي، قبل التوقيع على قرار رفع الدعم عن السلع الضرورية، والتي يُصرّ عليها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للحفاظ على نسبة معقولة من احتياطي المصرف، التي هي في نظر كثيرين، أموال المودعين، الذين تقدمت أمس جمعية فرنسية بالتعاون معها بشكوى ضد الحاكم رياض سلامة امام القضاء الفرنسي، بتهمة الإثراء غير المشروع، إلى جانب شقيقه وشخصية مالية أخرى.

وغداً، وبعده، يمضي رئيس الدبلوماسية الفرنسي جان ايف لورديان في بيروت، حاملاً رسالة واضحة للمسؤولين الكبار تتعلق بمآل الأمور، ما لم يرعو المسؤولون عن استمرار عمليات التأزم، والتداعيات الخطيرة لعدم تأليف الحكومة وفقاً للمبادرة الفرنسية.

إذاً، بعد توقف فرضته عطلة الجمعة الحزينة والفصح المجيد لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي، يشهد موضوع تشكيل الحكومة تحريكاً للمبادرة الفرنسية مع وصول الوزير لودريان الى بيروت في زيارة تستمر يومي الخامس والسادس من أيار الحالي، ويلتقي خلالها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري وقد يلتقي القوى السياسية التي اجتمعت في قصر الصنوبر لدى زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون بيروت، ولكن لا شيء مؤكد على هذا الصعيد.

وتأتي هذه الزيارة على وقع عقوبات فرنسية لوّح بها لودريان منذ ايام، بأن بلاده تضع لمساتها الاخيرة عليها، ستفرضها باريس على الفاسدين في لبنان وعلى مَن يعطّلون الحل السياسي والحكومي المتمثل بالمبادرة الفرنسية، من دون ان يعلن عن اسماء هؤلاء. لكن المعلومات اشارت الى ان العقوبات قد تشمل حجز ارصدة واملاك بعض المسؤولين عن عرقلة الحلول.

وتعكف دوائر السفارة الفرنسية على ترتيب جدول أعمال الوزير الفرنسي في السفارة الفرنسية، على ان يلتقي مندوب عن كل حزب في قصر الصنوبر، وفقاً لمصادر إعلامية.

والثابت ان الجدول المنجز لغاية مساء أمس هو لقاء الرؤساء عون وبري والرئيس المكلف سعد الحريري والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.

ووفقاً لمصادر دبلوماسية فإن الوزير الفرنسي يأتي في لحظة إقليمية مؤاتية، بعد المصالحات الجارية في المنطقة، والتقارب التركي المصري، والعربي - العربي، فضلاً عن استمرار المفاوضات الدولية حول الملف النووي الإيراني..

لذا، تعتقد المصادر ان الوزير الفرنسي يحمل رسالة قوية بضرورة التوصّل إلى تفاهم ضمن سيناريوهات محتملة، ومخاوف من انهيارات مقبلة ما لم تحدث معجزة التفاهم على تأليف الحكومة التي أصبحت المفتاح السحري لكثير من الحلول.

وعلى هذا الصعيد، حددت الأطراف المعنية بالتأليف خياراتها:

1- فالرئيس الحريري اجتمع مع رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، وتمام سلام، وجرى الاتفاق على دعم الرئيس المكلف بمواقفه، ودعوه إلى عدم التراجع، لا عن المبادرة الفرنسية ولا عن مندرجاتها.

2- بالمقابل رشح عن أوساط مطلعة على موقع بعبدا، ان الرئيس عون ينتظر التشكيلة الوزارية لإصدار مراسيمها على ان تسقط، ما لم يكن فريقه مع حزب الله راضٍ عنها في المجلس النيابي.

3- النائب جبران باسيل يسير في اتجاه احراج الرئيس المكلف لاخراجه، ودفعه إلى الاعتذار، وفقاً لمطلعين على طبيعة الخيارات التي ينتهجها الرجل.

ووفقاً لموقع «اللواء» الالكتروني نقلاً عن مصادر بيت الوسط أن الرئيس الحريري يعتقد أن «الأمور بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسية الى بيروت لن تكون كما قبلها، وإن الحريري يدرس كل الإحتمالات»، متوقعة أن الموقف الذي قد يتخذه عقب زيارة لودريان «قد يقلب الطاولة على الجميع».

وتوقفت المصادر عند مساعي جمع الحريري بالنائب جبران باسيل، ونقلت عن الرئيس المكلف «رفضه لهذا الطلب لأن باسيل لم يسم الحريري في الإستشارات النيابية، وأنه من اليوم الأول أعلن رفضه التعاون معه، وأنه لم يكتفِ بذلك بل أعلن مرارا وتكرارا أنه لن يمنح الحكومة الثقة، وأن الحريري سأل عن مبرر لقاء شخص لا يريده، وأنه يؤكد أنه خارج اللقاء مع رئيس الجمهورية الشريك الأساسي في تأليف الحكومة لن يلتقي أيا من القوى السياسية قبل أن تشكل الحكومة».


"الجمهورية": لودريان لردع شياطين التعطيل
من جهتها، رأت صحيفة "الجمهورية" أنه مع استمرار مهزلة العبث السياسي القائم بالبلد، وتمترس قوى التعطيل خلف تصلّبها ومنع تشكيل حكومة، ثمة إجماع داخلي وخارجي على انّ باب لبنان مشرّع على احتمالات كلّها في منتهى الصعوبة، على بلد فقد كل شيء، وأفلس من أي قدرة على الاستمرار. وها هي مؤسسات التصنيف المالي الدولي تسقطه اكثر فأكثر، وبعض هذه المؤسسات، في معرض توصيفها للمصيبة اللبنانية، تُنذر بأنّه على رغم الواقع الصعب والقاسي الذي يعيشه اللبنانيون في هذه الايام، فإنّهم لم يدخلوا في الأزمة بعد، فأزمة لبنان الحقيقية والفظيعة لم تبدأ بعد. معنى ذلك انّ على اللبنانيين ان يتحضّروا لأيام سوداء لا احد يعلم مدى عتمتها.

وسط هذه الصورة اللبنانية المتهالكة، تلوح من جديد، على ما تقول مصادر ديبلوماسية من باريس، «فرصة فرنسية» للقابضين على السلطة في لبنان، لحرف المسار اللبناني عن الاتجاه القاتل الذي يسلكه، والانتقال فوراً الى تفاهم على حكومة وفق المبادرة الفرنسية وتلبّي طموحات اللبنانيين ومطالب المجتمع الدولي لناحية إجراء الاصلاحات ومكافحة الفساد. هذا مع التأكيد على انّ هذه الفرصة هي الأخيرة في البرنامج الفرنسي الذي فُتح مع اطلاق المبادرة الفرنسية اواخر آب من العام الماضي، وعلى معطلي الحل في لبنان ان يختاروا بين ان يحيوا بلدهم وبين ان يدّمروه نهائياً عبر استمرار النهج المتّبع حالياً في تعقيد الحلول ومنع تأليف حكومة اصلاحات».

هذه الفرصة، وكما بات معلوماً متمثّلة بالزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى بيروت اعتباراً من يوم غد الاربعاء. وعشية وصوله، يطفو على سطح المشهد السياسي سؤال من شقين:

الشق الأول، هل انّ زيارة الوزير الفرنسي تمهّد فعلاً لإنزال لبنان عن اشجار التوترات التي «عربش» عليها القابضون على السلطة، وتقوده في الاتجاه الذي يتمكن فيه من التقاط انفاسه واعادة الانتظام لحياته السياسية وصياغة تسوية سياسية تفضي الى تشكيل حكومة طال انتظارها، يدخل معها البلد الى واحة الإنفراج؟

الشق الثاني، هل أنّ لودريان آتٍ والعصا معه ليلوّح فيها أمام الشياطين المعطّلة للمبادرة الفرنسية، فإن انصاعت كان خيرٌ، وإن لم ترتدع وترضخ، يعلن الوزير الفرنسي بإسم الدولة الفرنسية ورئيسها ايمانويل ماكرون إطفاء محركات المبادرة، ويقول للمعطّلين «من الآن فصاعداً، قلّعوا شوككم بأيديكم»؟.

البرنامج مفتوح
لا برنامج معلناً حتى الآن لزيارة لودريان، كما لا تحديد رسمياً لجدول لقاءاته التي سيجريها في بيروت، علماً انّ موعدين قد تمّ تثبيتهما للزائر الفرنسي، الأول مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والثاني مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وعلى ما تؤكّد مصادر ديبلوماسية من باريس لـ»الجمهورية»، انّ برنامج لقاءات وزير الخارجية لودريان مفتوح في لبنان وليس مقفلاً، وهناك جهود لأن يشمل الرئيس المكلّف سعد الحريري، من دون ان يتبلور تأكيد لذلك حتى الآن.

على انّ اللافت في ما تعكسه الاجواء الباريسية، هو عدم رفع مستوى التوقعات الإيجابية من هذه الزيارة، خصوصاً انّ الادارة الفرنسية لم تلمس من الجانب اللبناني تغييراً في النهج التعطيلي المُعتمد من اشهر طويلة، واستسلاماً من قِبل بعض القادة في لبنان لإرادة اللبنانيين بالتغيير والانتقال الى زمن اصلاحي لا سبيل سواه لإنقاذ لبنان.

وبحسب هذه الاجواء، فإنّ زيارة لودريان، تأتي من خلفيّة فرنسيّة غاضبة من تعطيل المبادرة الفرنسية، وبمعنى أدق، فرنسا مذهولة من أداء بعض القادة في لبنان ومجافاتهم لمصالح اللبنانيين، ومقارباتهم التعطيلية وغير المبررة لكل الحلول، وفي مقدّمها المبادرة الفرنسية. وزوار الايليزيه يلمسون ذلك من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.

يُضاف الى ذلك، انّ هذا الغضب الفرنسي عبّر عنه لودريان نفسه قبل ايام قليلة، حينما تحدث عن انّ باريس انتقلت الى ما سمّاه «خطاً جديداً في مقاربة الأزمة اللبنانيّة». وكشف علناً عن عقوبات على معطّلي تشكيل الحكومة في لبنان، من دون ان يحدّد طبيعة هذه العقوبات، وكذلك من دون ان يحدّد المعطِّلين المستهدَفين بهذه العقوبات. علماً انّ مستويات سياسية وغير سياسية تتداول معلومات غير مؤكّدة، عن انّ العقوبات الفرنسية مركّزة تحديداً على «التيار الوطني الحر» ورئيسه جبران باسيل وبعض المستشارين في القصر الجمهوري. ومن دون أن تستبعد هذه المعلومات، غير المؤكّدة ايضاً، شمول العقوبات الفرنسية مقرّبين من الرئيس المكلّف سعد الحريري.
 
وإذ قلّلت المصادر الديبلوماسية في باريس من فرضية نعي المبادرة الفرنسية في حال اصطدم لودريان بحائط التعطيل من جديد في لبنان، اكّدت انّ الرئيس ايمانويل ماكرون اعلن في زيارته الاولى الى لبنان على إثر انفجار مرفأ بيروت انّ فرنسا لن تتخلّى عن الشعب اللبناني، والمبادرة الفرنسية قدّمها الرئيس ماكرون كفرصة لإنقاذ لبنان والشعب اللبناني، وبالتالي هي لن تستسلم للمعطلين، ولن تتسامح معهم.

ليس سائحاً
الى ذلك، قالت مصادر سياسية مسؤولة لـ»الجمهورية»، انّ زيارة لودريان احدى ابرز المحطات الفرنسية في لبنان، فهي تأتي في توقيت سقط فيه لبنان الى القعر وانحدر حاله من سيئ الى اسوأ. ولودريان نفسه قال انّ لبنان سفينة تايتانيك تغرق بلا موسيقى. كما انّها تأتي على تراكم من الإخفاقات السابقة، سواء حول المبادرة الفرنسية او حول تشكيل حكومة وفق مندرجاتها. وبالتالي، فإنّ الغاية الاساس منها هو التأكيد انّ كيل فرنسا قد طفح بالكامل، وكبح مسار الإخفاقات هذا والدفع بالمبادرة الفرنسية الى الامام بوصفها قاطرة الحل للبنان.

ومن هنا، تضيف المصادر، فإنّ لودريان لا يأتي الى لبنان كسائح للاستجمام في ربوع بلد قلق وملوث بيئياً وسياسياً، بل هو آتٍ في محاولة فرنسية جديدة لسوق اللبنانيين الى الحل وتشكيل حكومة. الّا انّ الخشية التي تبرز في هذا الجانب تكمن في انّ الفشل إن تكرّر هذه المرة، قد يجعل هذه المحاولة أخيرة لا تتكرّر في المستقبل. علماً انّ التجربة من التعطيلات المتتالية للحلول منذ آب الماضي، وهروب القوى السياسية في لبنان من مسؤولياتهم حيال بلدهم، باتا يحتمان سلوك سبيل وحيد، وهو ان يُساق المعطلون بالعصا ويُفرض عليهم الحل رغماً عنهم.

واشنطن مؤيّدة
الى ذلك، قالت مصادر ديبلوماسية لـ»الجمهورية»، انّ الحضور الفرنسي المتجدّد في لبنان عبر زيارة وزير الخارجية لودريان، ليس معزولاً عن رغبة المجتمع الدولي ببلوغ حلّ للمعضلة اللبنانية، كما ليس معزولاً عن الموقف الاميركي الذي يتقاطع مع الموقف الفرنسي في الحديث عن حكومة سريعاً في لبنان، بمهمة اصلاحية عنوانها الأساس مكافحة الفساد.

وتؤكّد المصادر، انّ لبنان اصبح في المنطقة الحرجة جداً، وكل ما فيه ينذر بتفكك وانهيار، ما لم يُصر الى إعادة الامساك به، بحلول صادقة وجادة وجذرية. والعلامة الجيدة التي ما زالت محقّقة للبنان، وتتمثل في أنّ لبنان ما زال يجد اصدقاء له يقفون الى جانبه ويهتمون في مساعدته على الخروج من أزمته، ولكن الاهم هو أن يتجاوب اللبنانيون مع جهود ومساعي اصدقاء لبنان ويساعدوا بلدهم.
 
ولفتت المصادر الديبلوماسية الانتباه، الى انّ الكرة هذه المرة في ايدي اللبنانيين اكثر من اي وقت سابق، لبلورة حلول سريعة في هذه المرحلة تحديداً، وخصوصاً انّ المنطقة تشهد تطورات متسارعة، تمهّد لمتغيّرات على اكثر من ساحة. فصورة المشهد الاميركي- الإيراني تنضح بإيجابيات تتوالى في الملف النووي الايراني، والمشهد الايراني- السعودي ينتقل من الصدام الى التلاقي والحوار، وكذلك الامر بالنسبة الى المشهد الخليجي- السوري الذي ينحى خارج السياق الصدامي، إضافة الى الاستحقاقات الانتخابية، بدءًا من الانتخابات الرئاسية في سوريا وكذلك الانتخابات الرئاسية في ايران. فأمام هذه الصورة لا بدّ للبنان ان يلحق بهذه التطورات.

جمود سلبي
وعشية وصول لودريان، لم يسجّل الخط الحكومي اي اتصالات داخلية في اي اتجاه، حيث بقي الجمود السلبي هو السيّد. فيما كشفت مصادر مسؤولة لـ»الجمهورية»، عن انّ جهداً يتحرّك حول ملف التأليف، يُنتظر ان يتبلور في وقت قريب، لكن لا يمكن الحديث عن ايجابيات حتى الآن.

وفيما ابلغت مصادر قريبة من الرئيس المكلّف الى «الجمهورية» قولها، بأنّ لا جديد على خط الاتصالات، كما لا يوجد اي جديد في ما خصّ الموقف المعروف للرئيس المكلّف من تشكيل الحكومة والمسلّمات التي حدّدها ولا يتراجع عنها»، قال مقرّبون من القصر الجمهوري لـ»الجمهورية»، انّ رئيس الجمهورية ما زال ينتظر الرئيس المكلّف لكي يبادر الى تقديم مسودة للحكومة وفق الدستور وتراعي الاصول والمعايير.

ترسيم حدود لبنان

إقرأ المزيد في: لبنان