طوفان الأقصى

خاص العهد

رفع الدعم..
25/09/2021

رفع الدعم.."كلفة النّقل" ترفع كلفة المنتج والأسعار تتّجه صعودًا

فاطمة سلامة

عندما نتحدّث عن كلفة إنتاج أي سلعة فإنّنا نتحدّث عن مجموعة من الأكلاف تأتي من ضمنها كلفة النقل. وفق المنطق الإقتصادي فإنّ ارتفاع كلفة النّقل ترفع كلفة الإنتاج وبالتالي الأسعار ما يُلقي بطبيعة الحال بأعباء إضافية على المستهلك. ومن هنا جاءت تحذيرات أهل العلم والإختصاص من رفع الدعم عن المحروقات بلا أي خطّة بديلة. ثمّة انعكاسات واسعة لهذا الأمر على كلّ ما يحيط بنا من قطاعات خصوصًا تلك الإنتاجية. 

وعلى العكس من ذلك، لعب تقدّم النّقل في بعض البلدان وانخفاض تكلفته دورًا كبيرًا في انخفاض تكلفة المنتج النهائية والتي تشكّل تكلفة النّقل أحد أعمدتها. وفي هذا السياق، تشير بعض الدراسات الاقتصادية إلى أنّ تكاليف النّقل تمثّل في المتوسّط 20% تقريباً من التّكلفة النّهائية لأي منتج. انطلاقًا من هنا، تسعى بعض الدول إلى تخفيض تكلفة النّقل لخفض تكلفة المنتج النهائي ما ينعكس بطبيعة الحال على مؤشر البيع والشراء وحركة النمو الإقتصادي بأكملها، وذلك على العكس تمامًا من ما يحصل اليوم في لبنان، فرفع الدّعم عن المحروقات سيرفع كلفة النّقل حُكمًا وبالتّالي كلفة الإنتاج ما سيُلقي بأعباء إضافية على المستهلك من جهة، وتداعيات على الدورة الإقتصادية من جهة ثانية. 

عجاقة: متّجهون الى تعلّق اقتصادي شبه كامل بالدولار 

يعرّف الخبير الإقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة "كلفة النّقل" بالإشارة إلى أنّها كلفة تدخل ضمن التّكاليف اللّوجستية للنّشاط الاقتصادي. بكلّ بساطة، ثمّة أمور معيّنة كالسّلع والبضائع والخدمات تحتاج إلى نقل من مكان الإنتاج إلى الإستهلاك ليصبح بموجبها النّقل جزء من آلية النشاط الإقتصادي يدخل ضمن الكلفة. وهنا يوضح عجاقة أنّ المشكلة الكبيرة في كلفة النّقل تأتي بأنّ من يتحمّلها في الإقتصاد هو المستهلك الأخير وليس المصنّع. على سبيل المثال، إذا ارتفعت كلفة النقل على شركة تُعنى بتصنيع أكياس "النايلون" فإنّ الإرتفاع سيتحمّله المستهلك لهذه الأكياس لا الشركة. 

رفع الدعم.."كلفة النّقل" ترفع كلفة المنتج والأسعار تتّجه صعودًا

ولدى سؤال عجاقة عن نسبة ارتفاع كلفة النّقل على البضائع والمنتجات بموازاة رفع الدّعم عن المحروقات، يجيب بالإشارة إلى أنّ لا إمكانية لتحديد النسبة بشكلٍ دقيق لأنّ السوق السوداء "فالتة" من عقالها وتعرفة النّقل ستختلف. لنفترض على سبيل المثال، وصلت صفيحة البنزين لاحقًا الى 250 ألف ليرة، ومن بعدها ارتفعت "تعرفة النّقل" إلى مستوى معيّن فهل نضمن بأن لا يرتفع سعر صرف الدولار؟ وإذا ارتفع سعر صرف الدولار هل نضمن بأن لا ترتفع التّعرفة مجدّدًا؟.

وفق عجاقة، نحن متّجهون للأسف إلى تعلّق شبه كامل بالدولار في كلّ ما يُحيط بنا، وعليه، هناك استحالة بإعطاء توقّعات لناحية كم ستكون التّداعيّات على أسعار السلع والمنتجات والخدمات، فالأسعار تتأثّر بشكلٍ مباشر بارتفاع سعر صرف الدولار، وبشكلٍ غير مباشر بأسعار كلفة النّقل وكلّ ذلك سيرفع الأسعار. لذلك -يقول عجاقة- لا قدرة لاحتساب نسبة ارتفاع كلفة النّقل بشكلٍ دقيق، فالإشكالية الكبيرة تكمن في أنّ رفع الدّعم يوازي ربط شبه كامل للإقتصاد اللبناني وكل ما يتعلّق به بالدولار، وعليه باتت القضية مفتوحة أكثر وتحمّل تداعيات خطيرة لناحية ارتفاع الكلفة التي يقدّر أن ترتفع بين 7 إلى 10 بالمئة في حال بقي سعر صرف الدولار على ما هو عليه اليوم.  

التّجار قد يستغلون مسألة ارتفاع كلفة النّقل وسط الفوضى السائدة 

ويشدّد عجاقة على أنّه وفي حال ارتفع سعر صرف الدولار فإنّ الكلفة ستزيد بكلّ القطاعات. وفق حساباته، فإنّ التجّار قد يستغلّون مسألة ارتفاع كلفة النقل وسط الفوضى السائدة ما سينعكس بشكلٍ واسع على الأسعار. وهنا يقول عجاقة :" لو أنّ الدولة ضبطت الواقع لكان بالإمكان احتساب الزيادة الواقعة على التّكاليف بسهولة على القلم والورقة ولكن حتّى اليوم فإنّ التسعيرة الرّسمية لطن المازوت 540 دولارًا فيما الواقع يبيّن عدم التزام أحد بها حيث يباع الطّن وبشكل رسمي بين 620 إلى 670 دولارا في السوق العادية لا السوق السوداء". ويوضح عجاقة أنّ أي مشتر  لطن المازوت من المحطة يشتريه بـ670 دولارًا كسعر للإنطلاق دون احتساب كلفة النّقل التي تختلف بحسب المسافة إلى المنزل. ويلفت عجاقة إلى أنّ أسعار المحروقات تباع حاليًا وفق سعر 14 ألفًا للدولار الواحد، أمّا اذا رفع الدّعم عنها نهائيًا لتباع بسعر صرف الدولار في السوق السوداء فعندها سترتفع كلفة النّقل بشكلٍ أكبر.  

خلاصة الحديث، يُشير عجاقة إلى أنّنا نتّجه نحو اقتصاد مرتبط بكلّ تفاصيله بالدولار، وسط مخاوف وهواجس بأن يتمّ إجبار المواطنين على دفع بدل صفيحة البنزين والدواء بالدولار "الفريش"، تمامًا كما يحصل اليوم حيث يتمّ شراء المازوت بالدولار "الفريش" وهذه كارثة ما سيجعل التجار يرفعون الأسعار كلما ارتفع الدولار بالسوق السوداء. 

الأسمر: الأكلاف قد تزيد بحدودالـ20 بالمئة كحد أدنى

رئيس الإتحاد العمّالي العام الدكتور بشارة الأسمر يوضح في حديث لموقعنا أنّ الإرتفاع الصاروخي بأسعار المحروقات -والمرجّح أن يرتفع أكثر فأكثر لنكون أمام دولار 16 ألف لتسعيرة المحروقات الجديدة- سينعكس على كلّ القطاعات على رأسها القطاعات الإنتاجية. بحسب الأسمر، فإنّ السلع الإستهلاكية تتأثّر كاملةً بوسائط النّقل المختلفة وسط الغلاء الطارئ على أسعار المحروقات. المعامل والصناعات تعتمد على البنزين والمازوت في الإنتاج والنّقل وبالتّالي فالأكلاف قد تزيد بحدودالـ20 بالمئة كحدّ أدنى، فحتّى القطاع الزّراعي أيضًا سترتفع أسعاره لجهة ارتفاع كلفة النّقل بما فيها الأعلاف والدْواجن وغير ذلك من القطاعات منها قطاع المياه. 

رفع الدعم.."كلفة النّقل" ترفع كلفة المنتج والأسعار تتّجه صعودًا

مسألة النّقل تعطّل جزئيًا الحركة الإقتصادية 

وفي معرض حديثه، يوضح الأسمر أنّ قطاعًا لن يسلَم من التّداعيّات الخطيرة لارتفاع كلفة النّقل بحيث ستتضرّر كلّ فئات الشّعب اللّبناني المؤهلة أن تتضرّر بدءًا من الموظّفين في القطاع العام والخاص والذين يعانون ويتكبّدون حوالي 50 ألف ليرة كنقل يومي إن كانوا في العاصمة. وفق الأسمر، فإنّ مسألة النّقل تعطّل جزئيًا الحركة الإقتصادية لعدم قدرة الموظفين سواء في القطاع العام أو الخاص على استعمال سياراتهم أو وسائل النّقل العادية وسط غياب خطّة دعم واضحة. وهنا يلفت الأسمر إلى أنّ خطّة الدّعم لقطاع النّقل لم تقرّ بعد، مشيرًا إلى أنّه جرى التّباحث مع وزير الأشغال العامّة والنّقل عن خطّة نقل عامّة بموجب قرض البنك الدولي البالغ 290 مليون دولار  على اعتبار أنّ خطة النّقل مهمّة جدًا في العاصمة بيروت ويجب تطويرها. 

ويشدّد الأسمر على أنّ قطاع الدواء أيضًا غير بعيد عن التّداعيات الخطيرة، فشركات الأدوية والمستودعات  قد تمتنع عن تزويد الصيدليات بكميات الأدوية -إن لم تكن كبيرة- بحجّة كلفة النّقل الكبيرة. كما ستنعكس رفع كلفة النقل على القطاع التربوي الذي سيتأثر كثيرًا بهذا الأمر. 

ويشدّد الأسمر على أنّ كلفة رفع الدّعم كبيرة وتنعكس على كلّ القطاعات، وبالتالي فإنّ رفع الدّعم بطريقة عشوائية ودون وجود بدائل سيؤدي إلى كوارث بدأنا نلتمس تداعياتها بحجم التباطؤ الكبير بالحركة الاقتصادية والتي تكاد تتوقّف ما يحتّم ضرورة أن يكون هناك خطّة بحجم رفع الدّعم لأنّنا نكاد نصل إلى مرحلة تتوقّف فيها الحركة بكلّ القطاعات الاقتصادية.

النقلالدولاررفع الدعم

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة