طوفان الأقصى

خاص العهد

 المكتبات إلى الإقفال والاستمرار
09/10/2021

 المكتبات إلى الإقفال والاستمرار "وهْم"

يوسف جابر

مع بدء العام الدراسي الحالي، استأنفت المكتبات نشاطها بعد معاناة عاميْن بسبب جائحة "كورونا"، معوّلة على هذا الموسم لضمان استمراريّتها، غير أنها وجدت نفسها بين فكّي البقاء تحت وطأة الانهيار الكلّي أو الإقفال للنجاة بالقليل. 

انخفاض القدرة الشرائية للأهالي وتحكُّم الدولار بعملية المبيع والشراء أدّيا إلى زيادة الأعباء التي أثقلت كاهل قطاع المكتبات، فيما أعلنت نقابة أصحاب المكتبات عن التزامها باتفاق ​وزارة الاقتصاد​ ونقابة الناشرين المدرسيّين في تموز الماضي، والقاضي باعتماد نسبة 45% من سعر صرف ​الدولار​ في السوق الموازية، أساسًا لتسعير الكتاب المدرسي المحلّي.

إزاء هذا الواقع المعقّد، تواجه مكتبة "القدس"، إحدى أعرق مكتبات الضاحية الجنوبية لبيروت، سيناريو الإقفال، بحسب مالكها حسين وهب، الذي أوضح لموقع "العهد الإخباري" أنَّ عمل المكتبات الذي تعتاش منه حوالي 7 آلاف عائلة موسميّ، مشيرًا إلى الأزمات التي تواجه القطاع وأبرزها لائحة الكتب المدرسية التي كانت تكلِّف الأهالي 150 ألف ليرة، وتجاوزت كلفتها اليوم المليون و700 ألف على دولار 17 ألف.

ولفت وهب إلى أنَّ نقابة الناشرين تسعِّر الكتب أسبوعيًا لأنَّه بات "مدولرًا"، ما أربك أصحاب المكتبات، وأدخلهم في دوامة التسعير والكميات التي يجب شراؤها وغيرها.

وحول أزمة الكتب، قال لـ"العهد" إنَّ "دور النشر الخاصة لا تطبع حاليًا إلا ما يُطلب منها، وذلك بسبب كلفة الورق والحبر، كما أنَّها تجد نفسها مغبونة بقرار الوزراة باعتماد 45% من سعر الصرف فقط"، مبيّنًا أنَّ تأخُّر المدارس في تقديم العناوين التي تريدها للدُّور وبدايتها في الوقت نفسه زاد من الطلب، والآن بالنتيجة الكتاب الرسمي غير متوفر والكتاب الخاص بنسبة 50% غير متوفر.

وذكر أنَّ "اليونيسيف" أرادت مساعدة لبنان عبر تبني الكتاب الرسمي وتوزيعه على المدارس، لكن العام الدراسي بدأ ولا يزال الكتاب لم يلزَّم للطباعة، موضحًا أنَّه "مع هكذا أزمة، لم تتدارك الوزارة الأمر لتسعيره ما دفع المكتبات للارتجال بالبيع عشوائيًا".

وتابع مالك مكتبة "القدس" حديثه: "كان يتم توزيع المساعدات سابقًا سواءٌ من كتب وغيرها عبر النقابة التي تضع مع المكتبات آلية للتسليم للمدراس، وعند الانتهاء تستلم المكتبات ربحًا بنسبة 15%، ولكن اليونيسيف لزَّمت منظمة غير حكومية (NGO) لا خبرة لديها ما أوجد إرباكًا للمدارس من ناحية، وألغى دور المكتبات كليًا عبر حرمانها من التوزيع للسنة الثانية على التوالي".

وعن القرطاسية، أكَّد لـ"العهد" وجود غلاءٍ لأنَّ كلُّ البضاعة تُشترى من الخارج، مشيرًا إلى أنَّه الآن اقتصر الشراء لدى المواطنين على الحاجة الأساسية فقط لا غير، وعليه رأى أن لا أفق للاستثمار في هذا القطاع، ولا سيما أنَّ 50 % من المكتبات الصغيرة والمتوسطة أقفلت، خصوصًا مع النتائج السلبية التي عكسها هذا العام على المكتبات.

الوضع لا يختلف كثيرًا في مكتبة الأيتام. أحوالها ساءت مقارنة بالأعوام السابقة. وللغاية، قالت إدارة المكتبة لـ"العهد" إنَّ "الأزمات الاقتصادية والمالية التي عصفت بلبنان خلال العامين المنصرمين كان لها تداعيات كبيرة على جميع القطاعات ومنها قطاع المكتبات ابتداءً بجائحة كورونا والاقفال العام، ثمّ انهيار سعر صرف العملة الوطنية مما أدى إلى ارتفاعٍ كبيرٍ في الأسعار نظرًا لأن غالبية الأصناف مستوردة بالعملة الأجنبية مما انعكس على القدرة الشرائية لدى المستفيدين من خدمات المكتبة".

وأشارت إلى أنَّه كان لا بد من مواكبة هذا التغير من خلال عدة خطوات: 
- تأمين المستلزمات بأسعار مدروسة جدًا.
- تفعيل التواصل مع المستفيدين من خلال تقديم عروضات مميزة عبر مواقع التواصل الاجتماعي و تفعيل خدمة الـ "delivery".

وأكَّدت الإدارة أنَّ "فقدان القدرة الشرائية لدى المستفيدين من خدمات المكتبة أثَّر على حركة المبيعات ما دفعها لتخفيض نسبة الأرباح الى أدنى المعدلات للمحافظة على استمرارية عمل المؤسسة وعلى الأمان الوظيفي لدى العاملين في المكتبة ومساعدة المستفيدين قدر الامكان في هذه الظروف العصيبة".

وحول ما يواجهه القطاع من مشاكل، أوضحت لـ "العهد" أنَّ لا قدرة على تأمين مستلزمات المستفيدين من القرطاسية والمواد المستوردة من الخارج نتيجة القيود المفروضة من المصارف على عمليات التحويل لسداد فواتير المشتريات من الخارج، وانهيار سعر الصرف وعدم القدرة على تأمين العملة الأجنبية لتسديد المتوجبات على المكتبة للموردين الخارجيين.

ورأت إدارة مكتبة الأيتام أنَّ ارتفاع الكلفة التشغيلية للمؤسسات من كهرباء ومحروقات وارتفاع أسعار المواد وتراجع القدرة الشرائية للمستفيدين، فضلًا عن إقفال العديد من المؤسسات هي من المعوقات الأساسية التي تقف أمام استمرار القطاع.

ما سلف يتطابق وكلام الموظَّف في المكتبة "العلمية" جهاد عواد الذي قال لـ"العهد" إنَّ عملنا في الكتب صار كالعمل في البورصة.. صرنا نسجل على كل كتاب بكم سُعِّر وعلى أي دولار اشتُري"، مشددًا على أنَّه "على الرغم من فتح المكتبات هذا العام إلا أنَّ الأعباء زادت ضعفي الأعوام السابقة".

وأسف لوضع المكتبات، مشيرًا إلى أنَّ "العلمية" كانت توظِّف في الموسم الدراسي 20 موظفًا أما الآن فيوجد 4 موظفين فقط، وذلك للاستفادة من هذه المعاشات في سدِّ تكاليف أخرى.

ماذا يقول الأهالي؟

لا شكَّ أنَّ أيّة نكسةٍ تطال المكتبات تنعكس على الواقع الدراسي ككلّ وعلى الأهالي بالأخصّ. هنا تؤكِّد نوال سيف الدين (والدة لطفلتين) أنَّها دفعت ثمن الكتب للصف الأول ابتدائي مليونًا و400 ألف، من دون التطرُّق إلى القرطاسية، أمَّا عن المدارس فمعاناة من نوعٍ آخر.

كذلك، شكت فاطمة دهيني لـ"العهد" معاناتها هذا العام في تأمين كتبٍ للصف الثالث، فقالت "جُلت على الكثير من المكتبات وأرخص كتابٍ وجدته بـ 85 ألف ليرة، ما دفعني للجوء إلى الكتب المستعملة، ولكن بعض الكتب اضطررت لشرائها من المكتبات التي تعطيكَ كلَّ يومٍ سعرًا مختلفًا عما سبق".

ولدُنيا أحمد المعاناة نفسها، إذ تُدخل ابنها للعام الأول إلى صفوف المدرسة، وفي هذا السياق تشير إلى أنَّ كلفة القرطاسية لتجهيزٍ الطالب باتت تكلِّف مليونًا ونصف المليون من الحقيبة إلى الأقلام والدفاتر، معتبرةً أنَّ ما يمرُّ به الأهالي اليوم من صعوبات في تأمين أقساط التعلُّم لأطفالهم قد يؤدي إلا فقدانهم القدرة على إرسال أطفالهم للمدارس.
 

التربية والتعليمالكتاب المدرسي

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة