طوفان الأقصى

خاص العهد

12/12/2018

"منتدى لندن الاقتصادي".. فرصة للبنان أم "مضيعة" للوقت؟!

فاطمة سلامة

بات الحديث عن الوضع الاقتصادي الحرج في لبنان معزوفة قديمة، استُهلكت كثيراً هذه الأيام. كيفما اتجهنا يُطالعنا من يتحدّث عن سوء الأحوال والأوضاع الاقتصادية. وقد بات الكلام الإعلامي لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بين الفينة والأخرى -سواء عبر استقبالاته أو بياناته- فرضاً واجباً لطمأنة اللبنانيين بأن لا داعي للخوف، فالليرة ثابتة، ومستقرة. والمُثير للدهشة أنه في ظل كل المؤشرات السلبية للاقتصاد والتحذيرات من الأوضاع المزرية لم يتخط لبنان دائرة الكلام بعد. بمعنى أننا لم نُشاهد خطوة جدية وحقيقية "تنشُل" لبنان من الآتي الأعظم. خطوة على نسق تشكيل الحكومة مثلاً، وهي خطوة مطلوبة وضرورية من رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، المطالب بإلقاء "الأذن الطرشة" والتعامل بواقعية مع الملف الحكومي، بعيداً عن منطق الاحتكار. فالعناد الحريري يؤذي الاقتصاد المزري أصلاً، والذي لن تنفع معه المنتديات والمؤتمرات حتى ولو عُقد منها الآلاف، طالما لا أرضية جاذبة للاستثمارات في لبنان. تماماً كما حال "منتدى لندن الاقتصادي" الذي يأتي في الشكل كخطوة جيدة. أما مضمونه فغير مطابق لمواصفات الأوضاع اللبنانية، خصوصاً أنه يحمل عنوان "الاستثمار في لبنان"، فتلك الحركة تحتاج الى محفزات أبعد ما تكون عن لبنان في الوضع الحالي، وفق ما يؤكّد مصدر متابع للشأن الاقتصادي لـ"موقع العهد الإخباري". 

وفيما ينظر البعض الى المنتدى باعتباره فرصة، يُقيّم المصدر المؤتمر على قاعدة أنه "لن يُقدّم ولن يؤخّر". فذهاب سعد الحريري كرئيس حكومة تصريف أعمال إلى المنتدى أمر غير منطقي وفي غير محله. منتديات كهذه، وحتى تؤتي أكلها فإنها تحتاج الى أرضية في لبنان جاذبة للاستثمارات، لا إلى بلد بلا حكومة وبلا استقرار سياسي. يلفت المصدر الى أنّ فكرة المنتدى في الأصل لم تكن فكرة حكومية، بل كانت رغبة من قبل السفير اللبناني في لندن رامي مرتضى، نزل عندها الحريري وتجاوب معها. وهنا يسأل المصدر: على أي أساس سيقيم لبنان شراكة مع بريطانيا؟، فالشراكة تعني أن نعطي ونأخذ، لكنّ لبنان في موقع لا يستطيع فيه سوى الأخذ، فهو لا يملك شيئاً من الناحية الاقتصادية. أكثر من ذلك، فإنّ بريطانيا كدولة لا تملك القدرة على مساعدة لبنان إلا بشكل رمزي وعيني، فهي لا تملك وضعا مالياً قوياَ يمكّنها من دفع مبالغ كبيرة لإنقاذ لبنان، على غرار الولايات المتحدة الأميركية. 

يُسهب المصدر في الحديث عن الأوضاع اللبنانية غير المؤاتية للدخول في هكذا منتديات، فيستغرب كيف للبنان أن يطلب من لندن مساعدته، وهو غير قادر على القيام بالاصلاحات الضرورية لمؤتمر "سيدر"؟!. ويُضيف على ذلك بأنّ تشجيع الاستثمارات يتطلّب تبادل الخبرات بين لندن وبيروت، وهذا ما لا يمكن تحقيقه في ظل دولة شبه مهترئة واقتصاد منهار يُحاول المعنيون ترميمه صورياً حتى لا يعلن عن موته. يُشدّد المصدر على أنّ تشجيع الاستثمار لا يتم في بلد يتحدّث الجميع عن سوء أوضاعه ونسبة الفساد المستشري في مؤسساته. يعود المصدر ليؤكّد أنّ المنتدى لشراء الوقت فقط رغم إشارته الى أنّ وجود سفير لبناني في بريطانيا، وسفير بريطاني في لبنان أمر إيجابي، لكنّ ذلك لا يكفي، فهل سيساعد المنتدى على إيجاد حل ملموس للأزمة الاقتصادية في لبنان؟، أستبعد حتماً، يختم المصدر.

عجاقة..فائدة معنوية فقط 

ما يقوله المصدر يؤيده الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة. لدى سؤاله عما يمكن أن يقدّمه المنتدى للبنان؟، يجيب بالإشارة الى أنّ لبنان لا يستطيع أن يأخذ حتى ولو قدّم له المؤتمر شيئاً، فغياب الحكومة يقطع الطريق على أي استفادة مالية كبيرة للبنان. يدعو عجاقة لنكون أكثر عقلانيين ومنطقيين في مقاربة المنتدى، لافتاً الى أننا حتى ولو حصلنا على أموال، فإننا لا نستطيع توظيفها في ظل غياب الحكومة. وهنا لا ينفي عجاقة أنّ للمنتدى فائدة، لكنها معنوية فقط، فأي استفادة عملية هي غائبة حتماً. 

إقرأ المزيد في: خاص العهد