خاص العهد
حصيلة أحد عشر عاماً من العدوان.. ماذا تقول المعارضة السورية؟
دمشق ـ محمد عيد
خلّفت الأزمة في سورية آثارها الكارثية على كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. وفي الذكرى الحادية عشرة لهذا العدوان على هذا البلد الآمن المطمئن، هناك من يحاول الوقوف على حصيلة هذا العدوان من زاوية معارضة الداخل، وخاصة تلك التي نشأت أثناء الأزمة واستلهمت أدبياتها السياسية من معتركها.
التوطئة للعدوان
يرى الدكتور خالد كعكوش نائب الأمين العام لحزب الشباب الوطني السوري أنه لا يمكن بأي شكل من الاشكال الحديث عن نتائج الحرب التي شهدتها سورية، دون الاضاءة بشكل سريع ومبسط على الأحداث السياسية التي حدثت في المنطقة، ومهدت عملياً لهذه الحرب. فسورية بلد له موقعه الجغرافي الحساس والهام وله خصوصيته الداخلية لجهة تنوع مكونات الشعب السوري الوطنية.
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري لفت كعكوش إلى أن الحرب على سورية جاءت في ذروة الصعود السوري سياسياً واقتصادياً واجتماعياً في العام 2011، حيث كانت العلاقات السياسية السورية في مرحلة النهوض الايجابي لجهة تلك التي ارتبطت بها سورية مع العديد من دول العالم ككل بما فيها الغرب. وكان الاقتصاد السوري في حالة جيدة نوعاً ما، تمثلت في ثبات سعر الصرف والقوة الشرائية لليرة السورية ومستوى الدخل للمواطن مقارنة بما كان قبل ذلك بعشرة اعوام.
كما كانت القيادة السورية قد اطلقت برنامجاً لمواجهة الفساد والحد منه وعدداً من القوانين التي تصب في خانة الاصلاح السياسي والاداري.
وأشار كعكوش الى ان الحرب على سورية لم تبدأ في العام 2011 وانما كانت ملامح التحضير لها منذ الغزو الامريكي للعراق في العام 2003، وما تلاها من ضغوط على الحكومة السورية وشروط كولن باول الشهيرة التي طرحها على القيادة السورية.
تلا ذلك ما حدث في لبنان وجريمة اغتيال رفيق الحريري احد حلفاء سورية البارزين في لبنان، والاتهام السياسي لسورية وما تبع ذلك من بروباغاندا اعلامية، ومحاولات لعزلها واتهامها باغتيال رفيق الحريري ذلك الاتهام السياسي لسورية دون ادلة جنائية.
ليأتي بعد ذلك التدخل الصهيونى المباشر في التأسيس لملامح الحرب على سورية، عندما تم العدوان الصهيوني على لبنان في العام 2006. وتم استهداف لبنان ككل وحليف سورية الابرز في لبنان حزب الله، الذي تم استهدافه وبيئته الحاضنة وجمهوره اللبناني بشكل كامل.
واستمرت تبعات هذا الاستهداف وصولاً للعام 2011 الذي تم فيه استهداف سورية بشكل مباشر بالركوب على موجة حراك طالب بالاصلاح في بدايته ثم ما لبث ان تحول الى شعارات طائفية ومطالبات باسقاط النظام هدفها ليس النظام فقط وانما اسقاط الدولة السورية.
فاتورة ضخمة اقتصاديا
وأكد نائب الأمين العام لحزب الشباب الوطني السوري في حديثه الخاص بموقع العهد الإخباري أنه وبمرور احد عشر عاماً على الحرب "نجد نفسنا أمام عدد من الاسئلة الهامة: ماذا حققت الجهات التي تدعي المعارضة من الحرب؟ والى اين اوصلت هذه الجهات ومن يدعمها سورية؟"
وما هو الانجاز الذي حققته؟
وفي معرض أجوبته عن هذه الأسئلة الملحة لفت كعكوش إلى ان "الدولة السورية في ظل هذه الحرب استطاعت الحفاظ على المؤسسات الحكومية وهذا يعتبر انجازاً يسجل لها. لكن الحرب دمرت بشكل كبير الاقتصاد السوري حيث تم تدمير البنية التحتية لعدد كبير من المشاريع الاقتصادية السورية والمؤسسات السورية وعلى رأسها المرتبطة بالكهرباء، ما ادى الى خروج العديد من محطات توليد الكهرباء عن العمل مسببة انقطاعات طويلة للتيار الكهربائي. كما تم استهداف المناطق التي تحوي جزءاً هاماً من السلة الغذائية السورية وسيطرت قوى ارهابية عليها في الجزيرة السورية حيث احد اهم مصادر القمح والشعير والقطن، ما قلل من وفر المواد وتقنينها واعتماد بيعها على البطاقة الذكية مقننة لا سيما مادة الخبز".
ويضيف كعكوش في حديثه لموقعنا "أنه وفي ذات المنطقة سيطر الارهاب على منابع النفط والغاز السورية، وكان لذلك تبعات خطيرة على الاقتصاد السوري، على رأسها انخفاض الوارد بالعملة الصعبة او القطع الاجنبي ما ادى الى انخفاض قيمة الليرة السورية وفقدانها لـ 400% من قيمتها وغياب قدرتها الشرائية. وانعكس ذلك على الوضع الاجتماعي حيث بدأت الكوادر والعقول السورية الشابة بالهجرة بحثاً عن لقمة العيش ومستوى الدخل الافضل، الامر الذي فرغ البلد جزئياً من خيرة شبابه واصحاب الشهادات فيه. وهذا بالتالي أسس لخلل اجتماعي كبير في دولة متوسط اعمار شعبها يعتبر شاباً".
التبعات السياسية
في التبعات السياسية للحرب يشير نائب الأمين العام لحزب الشباب الوطني إلى أن السوريين لم يصلوا حتى اليوم لأي حل سياسي."ولا يلوح في الافق القريب اي حل بسبب تزمت اطراف المعارضة الخارجية وتمسكها بموقفها الرافض لتقديم تنازلات حقيقية تصب في مصلحة البلد، والتزامها بأجندات خارجية تقرر لها سبل عملها ومواقفها".
ولفت كعكوش إلى "إجراء العديد من المؤتمرات للحوار الداخلي الا انها لم تفض لنتائج حقيقية ولهذا عدة اسباب على رأسها تدويل الملف السوري وارتباط الحل بجهات مرتبطة بالخارج. كما ان الجهات الخارجية اقصت تماماً القوى السياسية الداخلية ولم تعترف بوجودها اصلاً مثبتة بذلك انها ليست ديموقراطية ولا تعنيها التعددية السياسية".
"في المحصلة لا تطور على الملف السياسي، فاللجنة الدستورية تعقد جلساتها دون اي تقدم يذكر. وجزء هام من سورية خارج سيطرة الدولة السورية في ادلب والجزيرة. ولا اعتقد بوجود حل في تلك المناطق سوى الحل العسكري".
إشكالية العلاقة مع قادة الأكراد
ويرى نائب الأمين العام لحزب الشباب الوطني أنه في "الموضوع الكردي ليس هناك من تقدم" فممثلو "مسد" و"قسد" يتنقلون بين اميركا والغرب وروسيا ولا يأتون لدمشق بملف وطني واضح. "وقد حاولنا من خلال عملنا السياسي لعب دور الوساطة في هذا الملف الا ان التردد القسدي بتقديم مبادرات وطنية كان سداً منيعاً امام ذلك اضافة لتعويله بشكل كبير على الامريكي" .
وأضاف كعكوش أن العقد الاجتماعي السوري بحاجة الى "اعادة الصياغة والتطوير باتجاه الحرية والديموقراطية والدولة العلمانية وهذا ما لم يتحقق بعد احد عشر عاماً من الحرب".
واليوم ينتشر السوريون في مخيمات اللجوء والتشرد دون ان تقوم اي جهة بدعم عودتهم الى وطنهم على الرغم من دعوات الرئيس الاسد المتكررة لذلك.
ويختم نائب الأمين العام لحزب الشباب الوطني حديثه لموقعنا بالتأكيد على أن "الامل الذي تناضل من اجله سورية يتمثل في قوة الدولة السورية بمرور سنوات الحرب وفي نجاحها في الحفاظ على هويتها، مع ملاحظة عودة العديد من الدول الى سورية وافتتاح السفارات مجدداً في البلاد الامر الذي يؤشر على فشل مشروع تدمير الدولة والتراجع عنه لمصلحة الحوار".
"الا ان هذا الملف يتطلب الكثير من العمل السوري مدعوماً بحلفاء سورية على الرغم من وجود قناعة راسخة لدينا بأن وجود قوى غريبة بشكل غير شرعي على الاراضي السورية يعطل تسارع حركة الحل السياسي".
إقرأ المزيد في: خاص العهد
14/10/2024