نقاط على الحروف
بين المشاريع الايرانية والخردة الأميركية.. "النهار" للتبييض
ميساء مقدم
"اكذب اكذب اكذب.." بات شعار "النهار" وديكها الذي يبيض "كهرباء"، أما كيف ولماذا فتعالوا لنضحك سوياً.
أتحفتنا صحيفة "النهار" هذا اليوم بمطالعة إعلامية تحت عنوان: "شعارات كهربائية إيرانية... والمشاريع المُنفذة برعاية أميركية"، وقرر كاتب المطالعة أن الحكومة اللبنانية "لا تلتمس عروضاً كهربائية إيرانية مكتوبة على الورق. يصنّف المراقبون الاستعدادات التي عبّر عنها وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان في إطار الشعارات، لا العروض. الشعار: on. عرض المشروع: off".
لندع تكذيب هذه المقولة الى مقطع آخر، ونتوجه صوب "صلب" الكذبة التي يريد كاتب المقال ترسيخها في ذهن القارئ: "تقتصر العروض الجديّة التي التمستها وزارة الطاقة جديّاً في المراحل الحديثة على المبادرة الأميركية باتجاه مساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية من الأردن وإيصال الغاز الطبيعي من مصر. وبحسب معطيات مصادر الوزارة، فإنّ المواكبة الأميركية مستمرّة للوصول إلى ترجمة عملية لاستجرار الكهرباء، ومع ترقّب توقيع اتفاقية الغاز المصري في وقت قريب".
هكذا تقدّم الحقائق على الصفحات المموّلة خارجيًا، المؤتمرة بتبييض صورة "الحصار الأميركي على لبنان". لكن اليكم الحقيقة كما هي.
في آب/ أغسطس من العام 2021، أي قبل قرابة 8 أشهر، اضطرّت السفيرة الأميركية في لبنان مرغمة على الإعلان عن قبول الادارة الأميركية استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية مرورًا بسوريا التي ترزح تحت عقوبات أميركية، وذلك عقب إعلان الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله استقدام بواخر من المازوت من ايران للتخفيف من حدّة الأزمة المفتعلة حول المحروقات في لبنان.
يومها، وعلى عجل، توجّهت دوروثي شيا الى القصر الجمهوري حاملة "على زعمها" عرضاً كهربائياً "طارئاً" حاولت فيه حفظ بعض ماء الوجه. لكن الوقت كذلك هذه المرّة كذّب الغطاس الأميركي.
بعد أشهر على الإعلانين، ها هو المازوت الايراني قد وصل الى لبنان على دفعات في بواخر، واستفادت منه مؤسسات الدولة وآبار المياه والمساجد والأديرة، والمستشفيات والمناطق اللبنانية على اختلافها دون تمييز بين عرق أو دين أو منطقة، وكذلك أصحاب اشتراكات المولدات. وفي عزّ الشتاء البارد بعواصفه، تدفّأت العوائل اللبنانية التي تقيم على ارتفاع أكثر من 500 متر على المازوت الايراني المدفوع ثمنه بالليرة اللبنانية لا بالدولار.
أمّا العرض الأميركي فكان أشبه بـ"طلبيّة ديليفري" أميركية كاذبة، لم يصل منها الى لبنان لا غاز مصري ولا كهرباء أردنية. وكان آخر ما صدر عن وزير الطاقة الأردني صالح الخرابشة: "ننتظر البنك الدولي لاستكمال عمليات التمويل مع لبنان، وبمجرد حصولهم على الموافقة النهائية من الجانب الأمريكي، نحن على استعداد لبدء نقل الكهرباء إلى لبنان". إذًا، ما تزال أميركا تعرقل امداد لبنان بالكهرباء وتحاصر شعبه وتتسبب بأذيته، وتمتنع عن اصدار الاذن، أمّا كاتب المقال في "النهار" فيبدو أنه يعيش في "أحلامه الوردية"، مع السفيرة شيا.
الخديعة الكبرى في مقال الكاتب والتي يبدو أنه استدعاها "عالقَطعة"، تبين أنها من العام السابق وليس من هذا العام، مستعينًا بخبر منشور على موقع "السفارة الأميركية في بيروت" بتاريخ 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2021. وقد نقلها الكاتب بشكل شبه حرفي ليمنن اللبنانيين بمشروع ضيّق النطاق، محدود الفائدة، لم يسمع به أحد في لبنان إلا كاتب المقال وموقع السفارة: "تستمرّ المبادرات الخاصة التي تتّخذها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لتوفير طاقة تتخذ مسمّى "الطاقة الموثوقة" على الأراضي اللبنانية. وفي حديث الأرقام، نفّذت الوكالة منذ 2012 أكثر من 15 حلّاً مستنداً الى الطاقة الخضراء لإبقاء المنازل والشركات مضاءة، والتقليل من استهلاك الوقود بنسبة 30 في المئة. وتهدف هذه المشاريع إلى تقليل نسبة التلوث لنحو مليون شخص. وتعمل الوكالة الأميركية على أكثر من 20 مشروعاً يعتبر قيد التنفيذ في أنحاء لبنان، بهدف توفير الكهرباء الاحتياطية والمياه".
لنترك لعب "النهار" على جمهورها، وندخل الى قالب الحقيقة. تقول الحقيقة إن العروض الايرانية للبنان في مجال الطاقة تحديدًا لم تتوقف منذ 2010 على أقل تقدير. وقد قدّمت الحكومة الايرانية على لسان وزراء الطاقة، ووزارء الخارجية المتعاقبين، وسفراء الجمهورية الاسلامية المتعاقبين في لبنان، عروضًا دائمة لمساعدة لبنان في مجال الكهرباء بما يشكل نقلة نوعية للبلد والمواطن، لكن الحكومات المتعاقبة في لبنان والطبقة السياسية الخاضعة بأغلبها للأهواء الأميركية، كانت ترتعب من قبول أي عرض ايراني أو حتى مجرّد الخوض أو التفكير به. وخلف هذه الطبقة السياسية المرتهنة للارادة الأميركية، تقف طبقة من المنظمات الممولة أميركيا تشمل جمعيات ومؤسسات ووسائل إعلام، لتقوم بمهمة شيطنة أي مبادرة تقدم من ايران، بمقابل ورشة تبييض لا مثيل لها "لتقديمات" الولايات المتحدة الأميركية، التي تأتي على شكل "كمامات.. خردة.. ابتسامات.. تهنئة بالأعياد.. أو حتى بعض من ألواح الطاقة الشمسية..".
إذا كانت الإدارة الأميركية فعلًا تهتم لأمر لبنان، وتسعى لمساعدته على تخطي أزمة الكهرباء، لكان أجدى بها عوضًا عن هذه "الحركات" المفضوحة، أن توقّع لمصر والأردن تعهدات باعفائهما من عقوبات قانون "قيصر" لاستكمال امداد لبنان بالغاز والطاقة عبر سوريا، أو لكانت بالحد الأدنى، رفعت العصا عن رؤوس بعض المسؤولين اللبنانيين، للقبول بآخر عرض روسي وليس ايراني، كان قد أعلن عنه الامين العام لحزب الله بالأرقام، والتفاصيل، والذي يسمح للبنان بأن يصبح ليس فقط مكتفيًا بمجال الطاقة، بل مصدرًا للمشتقات النفطية وبفترة زمنية لا تتخطى 6 أشهر.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
02/12/2024
كيف حقّقت المقاومة نصرها العسكري والسياسي؟
30/11/2024
قراءة في خطاب النصر!
28/11/2024
شواهد من يوم النصر الأعظم
28/11/2024
نصرك هز الدنيا.. ولو بغيابك يا نصر الله
28/11/2024