طوفان الأقصى

آراء وتحليلات

هوامش على دفتر المشهد الإقليمي والدولي
02/05/2022

هوامش على دفتر المشهد الإقليمي والدولي

إيهاب شوقي

في المراحل الانتقالية، تتميز الحوادث بالضبابية والتحليلات بالارتباك، كما تخرج دومًا استنتاجات مغلوطة ما لم يتم ضبط البوصلة ومراعاة الصورة الكلية للمشهد الدولي والإقليمي.

ولا شك أن العالم يشهد مرحلة انتقالية ومخاض نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، كما يشهد إقليمنا مرحلة انتقالية مزدوجة، حيث تتغير فيه التوازنات بين القوى الإقليمية من جهة، وتؤثر عليه انعكاسات التحولات الدولية من جهة أخرى.

وهنا نود أن نبرز بعض الملامح التي يمكن أن تكون بمثابة هوامش على دفتر المشهد الدولي والإقليمي دون الخوض في مجازفات تحليلية قد تكون سابقة لأوانها، بينما ما نورده هو في إطار القواعد العامة والقدر المتيقن من هذا المشهد:

أولا: تشكل الازدواجية ملمحًا عامًا في التعاطي الدولي والإقليمي، والفارق في هذه المرحلة، هو أنها تمارس بفجاجة بالغة دون الحرص على التخفي أو التذرع، ولا شك أن التعاطف والدعم المبالغ به لأوكرانيا في مقابل دول أخرى يتم انتهاك حقوقها والعدوان عليها، هو مصداق مباشر لهذه الازدواجية، وفي الاقليم هناك ازدواجية بالغة وصارخة في دعم قوى العدوان والتنصل من مجرد التعاطف مع ضحايا العدوان كما في المشهدين اليمني والفلسطيني.

إلا أنه وفي ملف واحد قد نرى ازدواجية صارخة، مثل ملف اللاجئين السوريين والتعاطي مع البلدان المستضيفة بأكثر من مكيال.

فعلى سبيل المثال، تستضيف الأردن نحو 1.3 مليون لاجئ سوري يمثلون حوالي 15 في المائة من سكان الأردن، ويستضيف لبنان نحو 1.5 مليون لاجئ.

وبينما يُعتبر الأردن ثاني أكبر متلقِ للمساعدات الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط بعد "إسرائيل"، وثالث أكبر دولة تتلقى مساعدات أمريكية في العالم بعد أفغانستان و"إسرائيل"، نجد حصارًا للبنان الذي يستضيف عددًا أكبر، ونرى أوضاع اللاجئين إضافة إلى أوضاع الشعب اللبناني بهذا الانهيار، رغم أن لبنان ليس بحاجة لمساعدات أمريكية بل يكفيه فقط رفع الحصار الأمريكي!

وبالطبع لا يخلو الأمر من خطة للإيقاع بين الأشقاء اللبنانيين والسوريين.

ثانيا: هناك محاولات لإضاعة الوقت على أمل تغير الأوضاع، ونجد أن تركيا والسعودية يعدان من أكثر الأمثلة الصارخة لذلك، فهما تتتجهان لتشكيل تحالف مواجه لمحور المقاومة، تعمل به تركيا على علاج أزمتها الاقتصادية، بينما تعمل به السعودية على التحالف مع موازن إقليمي لإيران يضاف إلى توجهها نحو باكستان بعد الإطاحة بعمران خان والذي كان معتدلا في توجهاته ومستقلا مما حدا بأمريكا عبر أتباعها للعمل على الإطاحة به.

ولا شك أن العلاقات السعودية الباكستانية تأخذ منحى أكثر خطورة، ومؤخرا، بدأ رئيس الوزراء الباكستاني الجديد شهباز شريف زيارة لثلاثة أيام إلى السعودية، وهي الرحلة الأولى له إلى خارج البلاد منذ توليه السلطة، وقد رصد سيمون هندرسون في مقال له بمعهد واشنطن، ترحيب شقيق شهباز شريف ورئيس الوزراء السابق نواز شريف بوزير الدفاع السعودي سلطان في مصنع تخصيب اليورانيوم في كاهوتا خارج إسلام آباد في حزيران/يونيو 1999، بعد عام من إجراء باكستان اختبارين نووين.

مضيفا إنه إلى جانب الجولة في مصنع التخصيب بأجهزة الطرد المركزي، تمّ عرض صاروخ "غوري" ـ وهو النسخة الباكستانية للنوع الكوري الشمالي القادر على حمل أسلحة نووية ـ على الوفد السعودي فضلاً عن نماذج أسلحة نووية بالحجم الفعلي، ولاحقاً، حضر أمير سعودي اختبار إطلاق صاروخ "غوري". والجدير بالذكر أن هناك مصنعًا سعوديًا لإنتاج الصواريخ في الصحراء جنوبي الرياض، يبدو أنه نسخة طبق الأصل من مصنع باكستاني قام بتجميع صاروخ "أم-11" الصيني، وهو سلاح نووي آخر.    

كما أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى وجود منشأة غامضة يُعتقد أنها مرتبطة بالمجال النووي.

ثالثا: محاولة تشكيل كماشة في سوريا بين العدو الإسرائيلي من جهة، والتكفيريين، تزامنَا مع إغلاق تركيا مجالها الجوي أمام روسيا، وبالتالي منع الإمدادات جوَا، لتضاف إلى منعها بحرَا بعد إغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل، وهو وضع يتطلب انتباه وجهوزية سورية كبيرة.

رابعا: هناك معادلة تخلق انزلاقات كبيرة، وهي عدم الرضا الامريكي بتغيير النظام العالمي وعدم القدرة على منع تشكله، وفي الاقليم نفس المعادلة بالنسبة للعدو الاسرائيلي، الذي لا يرضى بتراجع الفجوة وتصاعد المقاومة ونشوء توازن للردع والرعب، وفي ذات الوقت لا يستطيع منع هذه المستجدات.
وما بين عدم الرضا وعدم الاستطاعة، تحدث الأخطاء وتبرز نذر الانزلاقات.

خامسا: هناك فيما يبدو رهانات على عودة ترامب، نلمح ظلالها في الملف اليمني وملفات أخرى، ونجد لها شواهد في تعاطي ولي العهد السعودي، حيث التوتر مع إدارة بايدن ودعمه لصندوق جاريد كوشنر ووزير المالية السابق، وشواهد دعم لحملة ترامب المزمعة لعودته رئيسا.

فليراهن من يراهن على ما يشاء، بينما تبقى المقاومة ومحورها على رهاناتهم وبوصلتهم الثابتة والتي صمدت وستكمل صمودها، والتي تشير جميع الحوادث والمؤشرات على ان انتصارها النهائي بات قريبا، بأكثر مما لا يتوقعه المتوقعون.

السعوديةالقدس المحتلةاميركا

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة

خبر عاجل