يوميات عدوان نيسان 1996

لبنان

صمت إنتخابي يخيم على الساحات بإنتظار يوم الحسم
12/05/2022

صمت إنتخابي يخيم على الساحات بإنتظار يوم الحسم

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على المواقف التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله خلال المهرجانين الانتخابيين المتزامنين الأخيرين، إذ قدما الحلول العملية والواقعية للأزمات الداخلية السياسية والاقتصادية والمالية والنقدية فضلاً عن أزمة ترسيم الحدود مع العدو الاسرائيلي، وقد اعتبرت العديد من المصادر أن الخطابين هما «أهم برنامج انتخابي واضح وعقلاني وموضعي يمكن أن يقدمه فريق سياسي لبناني».

واشارت الصحف الى تفاقم الاوضاع الاقتصادية اكثر مع الارتفاع الإضافي بسعر صرف الدولار في السوق السوداء وارتفاع أسعار المحروقات بشكل قياس، ما ينذر بكارثة اجتماعية وإنسانية تنتظر لبنان بعد الانتخابات وانفجار اجتماعي قادم لا محال.

كما لفتت الصحف الى حالة الغضب الشعبي التي إجتاحت العديد من الدول العربية إثر إغتيال العدو الإسرائيلي للصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة.

"البناء": «الثنائيّ» يرسم معادلة خلال شهر: الغاز والنفط يضمنان الودائع والسلاح يضمن النفط والغاز

بداية مع صحيفة "البناء"، التي أشرات الى أن الحزن والغضب خيّم على الشارعين العربي والفلسطيني منذ الصباح الباكر ليوم أمس، مع شيوع نبأ إقدام جيش الاحتلال على اغتيال الصحافية الفلسطينية في قناة الجزيرة الفضائية شيرين أبو عاقلة بدم بارد وبرصاصة قناص مستهدِفة، ولم توفر للشهيدة شيرين جنسيتها الأميركية حصانة بوجه قرار الاغتيال، ولا وفر هذه الحصانة دور قناة الجزيرة في تسويق مشروع التطبيع الإعلاميّ مع رموز الكيان تحت شعار الرأي والرأي الآخر، ولا الخدمات التي أدّتها وتؤديها دولة قطر المالكة لقناة الجزيرة لحساب السياسات الأميركية ولا تلك التي أدتها وتؤديها قناة الجزيرة في السياق نفسه، والشواهد ممتدة من الحرب على سورية إلى الحرب في أوكرانيا، وشيرين التي فجّرت موجة حزن وغضب باستشهادها لما مثلته من صدق في حملها لراية الدفاع عن شعبها في فلسطين وإظهار مظلوميته بوجه الاحتلال، فشيّعتها فصائل المقاومة في مخيم جنين حيث استشهدت، وتناقلتها أكتاف الفلسطينيين من بلدة إلى بلدة بين جنين ورام الله، حيث وصل جثمانها بعد ظهر أمس، أطلقت موجة عبرت عنها تظاهرات الغضب في عدد من العواصم العربية أبرزها في عمّان تطالب بطرد السفارات الإسرائيلية وإلغاء كل أشكال التطبيع مع كيان الاحتلال في كل البلاد العربية، ودعوة الإعلام العربي ومؤسساته الى التعبير عن حزنه وتضامنه مع شهادة شيرين أبو عاقلة بوقف التطبيع الإعلامي، والامتناع عن استضافة كل مَن وما يمت للاحتلال بصلة، وفقاً لشعوذة الرأي والرأي الآخر، بعدما أصبحت العمالة مجرد وجهة نظر.

لبنانياً، أكدت مصادر سياسية أن ما صدر عن كل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حول ثروات النفط والغاز والودائع، يرسم معادلة جديدة لمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، وهو ليس مجرد تقاطع مواقف بالصدفة، بل هو حصيلة تشاور وتنسيق، خصوصاً لجهة مهلة الشهر الممنوحة للتفاوض قبل البدء بالتنقيب بمعزل عن مسار التفاوض، ومضمون هذه المعادلة سيشكل برنامج ثنائي حركة أمل وحزب الله لمرحلة ما بعد الانتخابات، والعنوان هو أن ترجمة التمسك بحماية حقوق المودعين سيكون باعتبار ثروات النفط والغاز ضمانة الودائع، والتمسك بالحقوق في النفط والغاز وتسريع استثمارها يترجم باعتبار السلاح ومعادلة الردع، هما ضمانة صيانة هذه الثروات واستثمارها في فترة قريبة مقبلة.

وفيما دخلت البلاد في فلك الصمت الانتخابي الثاني عشية اقتراع الطاقم الإداري الذي سينظم العملية الانتخابية في 15 أيار المقبل، بقيت الساحة الداخلية متأثرة بالمواقف التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خلال المهرجانين الانتخابيين المتزامنين اللذين نظمهما حزب الله وحركة أمل في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت.

وتضمّن الخطابان مواقف بارزة وهامة على المستويات كافة رسمت خريطة طريق للمرحلة المقبلة بعد الانتخابات النيابية المليئة بالاستحقاقات الدستورية المتتالية والهامة، بدءاً بانتخاب رئيس للمجلس النيابي فتكليف رئيس للحكومة وتشكيل حكومة جديدة ثم انتخاب رئيس جديد للجمهورية في تشرين المقبل.

وأشارت مصادر مطلعة على موقف الثنائي أمل وحزب الله لـ«البناء» الى أن «كلمة الرئيس بري وخطابي السيد الأول والثاني قدما الحلول العملية والواقعية للأزمات الداخلية السياسية والاقتصادية والمالية والنقدية فضلاً عن أزمة ترسيم الحدود مع العدو الاسرائيلي»، لافتة الى «التنسيق الواضح بين بري ونصرالله وتكامل الخطابين والتقائهما عند نقاط مشتركة عدة يعكس التكامل بين الدولة والمقاومة». واضافت المصادر أن الخطابين هما «أهم برنامج انتخابي واضح وعقلاني وموضعي يمكن أن يقدمه فريق سياسي لبناني».

وأوضحت المصادر أن «السيد نصرالله قدم بالقراءة التاريخية والموضوعية والأدلة القاطعة والساطعة الخطر الاسرائيلي على لبنان وحاجة المقاومة للدفاع عن لبنان، حيث بات يعتبر النقاش حولها اعتداء على الحق المشروع بالدفاع عن النفس»، مضيفة: «أما خطاب نصرالله الثاني فهو موضوعي وعقلاني وواقعي ويرفض عملية الإقصاء والإلغاء ويؤكد على أن لبنان للجميع وبأن لا طائفة قائدة ولا حزب قائد ولا أكثرية لأن لبنان بلد اقليات ولا اقلية تحكم الآخرين وبالتالي الحل الوحيد هو التفاهم والمشاركة وعدم الإقصاء إلا مَن يُقصي نفسه بنفسه».

وتوقفت المصادر عند «المعادلة التي ظلل بها نصرالله معركة ترسيم الحدود التي تكرس معادلة الجيش والشعب والمقاومة كما حصل في الحرب مع «إسرائيل» والإرهاب. فمن جهة ترك مسؤولية استكمال الترسيم للدولة ومن جهة ثانية قدم المقاومة كضامنة للحقوق، ولم يقل سأحل مكان الدولة وأرسم الحدود وأستخرج النفط، بل الدولة تستكمل والمقاومة تحمي الحقوق».

وفي هذا السياق وبعد تهديد نصرالله لـ«إسرائيل» ولشركة التنقيب رجح خبراء عسكريون ومتابعون لملف الترسيم للبناء ان لا تقدم «إسرائيل» على بدء التنقيب في المنطقة المتنازع عنها على الحدود وان تحجم الشركة عن مباشرة العمل خشية استهدافها، وتوقعوا تجميد الملف حتى تأليف الحكومة الجديدة.

وطرح السيد نصرالله بحسب مصادر الثنائي استعداد أمل وحزب الله للتعاون بتأليف الحكومة وإنقاذ البلد ومعالجة الازمات المختلفة، لكن كله معلق على نتائج الانتخابات وتشكيل الحكومة وأية هوية ستصبغها. وتوقعت المصادر أن يعيد الأميركيون مراجعة سياساتهم ومواقفهم بعد اعلان نتيجة الانتخابات التي ستدفن خطة وزير الخارجية الاميركي السابق مايك بومبيو التي بدأ تنفيذها في اذار الـ 2019.

واعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان «أن المعركة الانتخابية معركة خيار وطني يريد لبنان سيداً لا دكانة للسفراء، مستقلاً لا مستعمرة، حراً لا ملحقاً، وطناً لا مرتعاً لأنابيب النفط». متوجها «لأهلنا في البقاع والجنوب والضاحية وزحلة وباقي دوائر لبنان» بالقول: «الخيار وطن مستقل وقرار حر وسلطة سياسية شجاعة وكرامة وطنية تلفظ المال اللقيط والعسس اللقيط، سلطة تقول لا لعوكر، سلطة تمنع سفارات النفط الوقحة من تفخيخ البلد بالمال الأسود، سلطة قادرة على أخذ قرار سياسي باتجاه الشرق، سلطة قادرة على حماية مواردها الوطنية، سلطة تمنع لعبة دكاكين الدولار والأسعار وتجار الأزمات من نهش البلد واستنزافه، سلطة قادرة على التغيير النقدي والبطش بالفاسدين، سلطة أقرب للفقراء، سلطة قادرة على التصحيح المالي، سلطة قادرة على قمع مصارف الأزمة ومافيا الودائع، سلطة ذات سيادة سياسية نقدية، وهذا يعني ضرورة الاقتراع الكثيف للثنائي الوطني وحلفائه يوم الأحد الكبير، لأن المعركة بين خيار مقاوِم وخيار مقاوِل».

في المقابل وفي توقيت «انتخابي مشبوه» يضاف الى تدخل السفارات والمراجع الروحية السنية بالعملية الانتخابية والتأثير على الناخبين وفي محاولة لإقحام البطريركية المارونية بالمعركة الانتخابية بعد توريط دار الفتوى بهذا الأمر، أطل البطريرك الماروني مار بشارة الراعي عبر شاشة تلفزيون لبنان أمس، مطلقاً سلسلة مواقف من الملفات المطروحة، قبل ثلاثة أيام من المرحلة الثالثة والاخيرة من الانتخابات وفي مرحلة الصمت الانتخابي متماهياً مع عنوان الحملات الانتخابية لقوى 14 آذار ومجموعات المجتمع المدني اي سلاح حزب الله، ما يطرح علامات استفهام عدة بحسب مصادر سياسية حول أخذ بكركي لتكون طرفاً في الانتخابات، من خلال استخدام التأثير الديني على توجهات الناخبين.

وتساءلت المصادر عن توقيت الإطلالة قبيل الانتخابات علما أن إطلالات الراعي الاعلامية التلفزيونية تحديداً شبه نادرة!

وتساءلت مصادر سياسية عبر «البناء»: ألم يرَ غبطة الراعي ما جرى في فلسطين أمس، أم ان ما كتب خلال الإعداد للمقابلة قد كتب لتخدم أهدافا سياسية انتخابية انسجاماً مع حركة وتوجهات واهداف السعودية في لبنان؟ هل يريد البعض تقييد وتجميد سلاح المقاومة لكي تستفرد «إسرائيل» بلبنان كما تفعل بالشعب الفلسطيني والمقدسات الاسلامية والمسيحية في فلسطين؟ ما هو البديل عن سلاح المقاومة؟». ولماذا لم يجب الراعي على دعوة السيد نصرالله للحوار حول الاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان وسيادته وثرواته؟

ولوحظت مسارعة الحكومة عبر سلسلة من الإجراءات والقرارات المالية الى «رشوة» الموظفين في الاسلاك المدنية والعسكرية الذين سينخرطون في تنظيم عملية الانتخابات ادارياً وأمنياً وقضائياً وذلك لتدارك اي تقاعس او حركة اعتراضية عن المشاركة في الانتخابات.

وقد أوعز رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى وزير المالية يوسف خليل بوجوب صرف المساعدة الاجتماعية التي أقرها مجلس الوزراء للجيش والقوى الامنية والموظفين وغيرهم وذلك بالسرعة الممكنة. كما وقع مرسوم زيادة غلاء المعيشة للمستخدمين والعمال الخاضعين لقانون العمل.

ودعا وزير العدل هنري خوري رؤساء النيابات العامة في لبنان الى اجتماع عقده صباح أمس، في مكتبه في الوزارة استكمالاً للبحث بالتحضيرات المتعلقة بيوم الاستحقاق الانتخابي الأحد المقبل، وبحث المجتمعون في كيفية معالجة أي تجاوزات قد تحصل وتتعلق بسير العملية الانتخابية السليمة، علماً أن رؤساء النيابات العامة سيكونون متواجدين طوال النهار الانتخابيّ في مراكز عملهم لتلقي الشكاوى والمخالفات والتصرف على اساسها منعاً لحصول أية تجاوزات او ارتكابات.

وتتفاقم الاوضاع الاقتصادية اكثر مع الارتفاع الإضافي بسعر صرف الدولار في السوق السوداء وارتفاع أسعار المحروقات بشكل قياسي. ما ينذر بكارثة اجتماعية وإنسانية تنتظر لبنان بعد الانتخابات وانفجار اجتماعي قادم لا محال.

على صعيد موازٍ أعلن وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية خلال مؤتمر صحافي ان «الدفعة الاولى من الباصات الفرنسية ستنطلق من فرنسا يوم الأحد المقبل في 15 أيار الحالي وستصل إلى مرفأ بيروت في 23 الحالي»، مرحبّاً بأية دولة «تريد الاستثمار في سكك الحديد في لبنان سواء شرقًا أو غربًا».

وفيما العيون شاخصة الى الخامس عشر من أيار موعد الاستحقاق الانتخابي، خطفت جريمة العدو الاسرائيلي اغتيال الصحافية شيرين أبو عاقلة الأضواء المحلية، وقد استدرجت الجريمة البشعة حملة ردود فعل واسعة على المستويين الرسمي والشعبي.


"الأخبار": دي شوتر يتّهم القيادة السياسية ومصرف لبنان والمصارف: إفقار سكان لبنان مفتعل

بدورها، صحيفة "الأخبار" اعتبرت أنه في إطار الدورة الخمسين لمجلس حقوق الإنسان، صدر أمس، تقرير المقرّر الخاص أولييفيه دي شوتر بشأن زيارته للبنان في تشرين الثاني 2021. يعيد التقرير رسم الأحداث التي أدّت إلى إفقار السكان بشكل «مفتعل» ويوجّه الاتهامات للمؤسسة السياسية الأوسع نطاقاً بالشراكة مع مصرف لبنان والمصارف، ويحمّلهم المسؤولية بصورة مشتركة وفردية

كان لافتاً أن يكون عنوان البند الرابع من تقرير أوليفييه دي شوتر بشأن زيارته للبنان في تشرين الثاني الماضي: «الفقر في لبنان: ظاهرة من صنع الإنسان». والتقرير لا يكتفي بالإشارة إلى الأحداث والنتائج، بل يحدّد من صنعها ومن اغتنى من هذه العمليات ومن يجب محاسبته.

تحت هذا البند، يعيد التقرير رسم الأحداث بطريقة واضحة جداً. برأيه «كان يمكن تجنّب انهيار الاقتصاد»، إذ كانت هناك تحذيرات من الخبراء الاقتصاديين والماليين منذ عام 2015، لكن ما حصل هو أن «القيادة السياسية تجاهلت عمداً هذه التحذيرات».

وأوليفييه لا يكتفي بهذا الاتهام، بل يذهب أبعد نحو تحميل المسؤولية، مشيراً إلى أن «الحكومة والمؤسسة السياسية الأوسع نطاقاً، ومصرف لبنان والقطاع المصرفي، يتحملون المسؤولية بصورة مشتركة وبصورة فردية، عن انتهاكات حقوق الإنسان التي نتجت من الأزمة المفتعلة التي يعيشها لبنان اليوم».
ويلفت التقرير إلى ثلاثة قرارات اتّخذها مصرف لبنان، أسهمت في خفض قيمة العملة اللبنانية وأدّت إلى إفقار للسكان:
ــــ أولاً، يشكّل انعدام الشفافية في مصرف لبنان عقبة تحول دون مساءلة الدولة. فالمصرف لا يبلّغ بوضوح عن خسائره في ميزانياته العمومية كل أسبوعين. إذ تبيّن لمراجعي حسابات المصرف في عام 2018 أن سياساته المحاسبية «تختلف عن المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية». وفي كانون الأول 2015، أظهرت وثائق سرية لصندوق النقد الدولي احتياطات صافية سلبية لم يكشف عنها بلغت 4.7 مليارات دولار. كما أن مصرف لبنان لم ينشر بيانات الأرباح والخسائر منذ عام 2002، ويعتمد على إيرادات مستقبلية بالعملة الأجنبية تتجاوز بكثير حجم الناتج المحلي الإجمالي، وهي ممارسة طالما انتقدها صندوق النقد الدولي. وممارسات مصرف لبنان المبهمة في إعداد التقارير وعدم الإقرار بالخسائر التي تقدّر بأكثر من 50 مليار دولار في الوقت الراهن، تمنع تدقيق العموم لاستخدامه الثروة الوطنية.
بالأرقام

80% من أطفال لبنان أو 1.8 مليون طفل يعانون من فقر متعدّد الأبعاد
77% من الأسر تفتقر إلى ما يكفي من المال لشراء الأغذية
60% من الأسر تشتري الأغذية بواسطة الائتمان أو بواسطة الاقتراض
400.000 طفل محرومون من المدرسة في 2020
80% من الأشخاص ذوي الإعاقة لا يعملون أو لم يعملوا قطّ
63% من شريحة الـ 10% الأشدّ فقراً يفتقرون مقارنة بنحو 6.5% فقط من الأفراد في فئة الـ 10% الأكثر ثراءً

والحيل المحاسبية في ما يتعلق بخسائره، تعني أنه خلق سرّاً، ديناً عاماً ضخماً خارج إطار عملية شفافية لاعتمادات الميزانية، ما سيثقل كاهل اللبنانيين لأجيال. وما يثير القلق أنه في الوقت الذي تدقق فيه اللجان والجلسات النيابية عادة في عمل المصارف المركزية المستقلة، لم تسائل لجنة المال والموازنة في مجلس النواب اللبناني قط قيادة مصرف لبنان بشأن ممارساته الشاذّة في الإبلاغ، ولذلك يجب أن تشمل الخطوة الأولى نحو الإنعاش الإقرار بالخسائر ومراجعة حسابات مصرف لبنان. ينبغي أن تضع الحكومة حداً لقانون السرية المصرفية الضارّ الذي يحول دون المساءلة الحقيقية في القطاع المالي.
ــــ ثانياً، من أجل اجتذاب الدولارات وبالتالي الحفاظ على سعر صرف ثابت، عرض مصرف لبنان أسعار فائدة مرتفعة بشكل غير متناسب على المصارف التجارية والمودعين الأثرياء. وقد اعتبر صندوق النقد الدولي، أسعار الفائدة هذه أعلى من السوق في عام 2016، وأنها تمثّل أرباحاً غير متوقّعة للمستفيدين بما يعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي. وفي حين يمكن القول إن هذه العملية عزّزت احتياطات رأس المال لدى المصارف، إلا أنها أضعفت الاستقرار المالي للقطاع المصرفي بالتسبّب في خسائر كبيرة في الميزانية العمومية لمصرف لبنان، ما أدّى في نهاية المطاف إلى انهيار العملة وتدمير ثروة المودعين. وبمجرد إقرار الخسائر، يجب على الحكومة أن تضمن تحملها من قبل المساهمين والمودعين الأثرياء الذين استفادوا من أسعار الفائدة المرتفعة وليس من قبل 1.2 مليون حساب لصغار المودعين الذين تقلّ ودائعهم عما يعادل 75 ألف دولار، ولا من قبل عامة الناس من خلال التضخم كما هو الأمر حالياً.
ــــ ثالثاً: يمثّل الحفاظ على أسعار صرف متعدّدة حالياً عقبة أمام المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ومن المعروف أنه يؤدي إلى الفساد. وعندما يبيع مصرف لبنان دولار الولايات المتحدة، وهو أصل عام محدود في لبنان، بمعدل أقل من سعر السوق الموازية، يمكن للصرافين تحقيق أرباح صافية عن طريق شراء العملة وبيعها، بينما تتضاءل الاحتياطات الأجنبية لمصرف لبنان. كما يستفيد من أسعار الصرف المتعدّدة، المستوردون الذين يمكنهم بيع السلع المدعومة بأسعار غير مدعومة. ويستخدم مصرف لبنان الأموال العامة لتستفيد منها هذه الجهات الفاعلة بشكل مباشر على حساب بقية السكان.

أسهمت السياسات النقدية في تدهور العملة وتدمير الاقتصاد وتبديد مدّخرات الناس مدى الحياة
وقد أسهمت هذه السياسات في تدهور العملة وتدمير الاقتصاد وتبديد مدّخرات الناس مدى الحياة، وأسهمت في نهاية المطاف في الزجّ بالسكان في دوامة الفقر. ومع تطوّر الأزمة، هرع الأفراد النافذون الذين كانوا على علم بالكارثة الوشيكة إلى نقل رؤوس أموالهم إلى خارج لبنان، وسهّل عملهم الفراغ القانوني في مراقبة رؤوس الأموال.
ورغم الاختلال الواضح للثروة الوطنية، لم يُجرَ أيّ تقييم على الإطلاق لأثر قرارات مصرف لبنان المتعلقة بأسعار الفائدة وأسعار الصرف على مختلف فئات المجتمع، وهو شرط مسبق رئيسي لضمان امتثال السياسات النقدية لحقوق الإنسان الدولية. وفي الوقت الذي تحترم فيه الحكومة استقلال مصرف لبنان، يجب عليها أن تكفل في تعريف ولاية مصرف لبنان ألّا تؤدي السياسات النقدية إلى انتهاك التزاماتها في مجال حقوق الإنسان.

استعراض أمام الدائنين
قدّم أمس، نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، ووزير المال يوسف الخليل، عرضاً لدائني الدولة، يظهر توقعاتهم وافتراضاتهم للمؤشرات الاقتصاديّة مستقبلاً بعد سريان برنامج التمويل مع صندوق النقد الدولي. وتشير التوقعات إلى بقاء معدّل النمو الاقتصادي سلبياً في عام 2022 (-2.5%)، على أن يصبح إيجابياً مع بداية برنامج صندوق النقد عام 2023 (2.2%)، وأن يبلغ 3.1% في عام 2026. وبحسب الشامي، تعتمد الحكومة في افتراضها أن النموّ سيتحقّق من خلال الاعتماد على «اقتصاد المعرفة» ومن خلال «استغلال الخبرات والطاقات اللبنانية الموجودة في الداخل والخارج». كما تشير التوقعات إلى بقاء معدلات التضخّم مرتفعة، حتى في أوّل عام من برنامج صندوق النقد (42%)، على أن تنخفض تدريجاً لتبلغ 5% في عام 2026. أما بالنسبة إلى العجز في الحساب الجاري نسبة إلى الناتج المحلّي، فتتوقع الحكومة انخفاضه تدريجاً من 14% في 2021 إلى 6% في 2026، وهذا مبنيّ على افتراض زيادة الصادرات.

تفكيك مؤسسة الكهرباء من أجل «الشراكة»
أعرب المقرّر الخاص لمجلس حقوق الإنسان أولييفيه دي شوتر، عن قلقه من أن تؤدي الشراكة مع القطاع الخاص في قطاع الكهرباء إلى زيادة «تسعيرات تجارية أعلى مما لو كان مرفق التوزيع مملوكاً من القطاع العام»، لافتاً إلى أن «الهدف من الشراكة زيادة الأرباح إلى أقصى حدّ، بدلاً من تقديم الخدمات الأساسية». ولمّح إلى أن الشراكة تُفرَض بالاحتيال، مشيراً إلى أن «تفكيك مؤسّسة كهرباء لبنان سيؤدي إلى تقسيم القطاع وفتحه أمام مشاركة القطاع الخاص، ما يسمح في نهاية المطاف بنقله إلى القطاع الخاص بالكامل».

"النهار": إدانة أممية للسلطة و"المركزي" عشية الانتخابات

أما صحيفة "النهار"، رأت أن هناك ثلاثة أيام أخيرة تفصل لبنان عن موعد الانتخابات النيابية الاحد المقبل، لن يكون بينها سوى يوم غد الجمعة منبرًا مفتوحًا للموجة الأخيرة من المهرجانات والحملات الانتخابية والمقابلات الإعلامية والتلفزيونية للمرشحين، اذ ساد الصمت الانتخابي امس جزئياً بسبب انتخابات الموظفين التي ستجرى اليوم ويشارك فيها نحو 15 الف موظف، ومن ثم سيبدأ الصمت الالزامي منتصف ليل الجمعة – السبت حتى الاحد الانتخابي الكبير. والواقع ان كل ما في جعب القوى والأحزاب والمجموعات المدنية والمرشحين قد افرغ مبدئيا بعد الأسابيع والايام الأخيرة التي اتسمت ببلوغ التعبئة الإعلامية والدعائية الانتخابية ذروتها ولكن ستكون الفترات المتاحة لاستكمال الحملات حافلة بالمواقف المحمومة سياسيا وانتخابيا نظرا الى مفارقات كبيرة ارتسمت في افق مجريات العملية الانتخابية قد يكون ابرزها "استقتال" الكثير من الجهات والقوى والمرجعيات السنية وغير السنية على الانخراط في التجاذب حول الوضع الذي يطبع هذه الساحة في ظل خياري المشاركة في الاقتراع او مقاطعته . وبدا واضحا من خلال المؤشرات والتطورات التي تعاقبت في الأيام الأخيرة ان "القطوع السني" المتمثل باحتمال حصول نسبة كبيرة من المقاطعة وعدم المشاركة في الانتخابات قد شكل هاجسا جماعيا وليس سنيا فحسب، بما يسلط الأضواء على الأثر المباشر الفعال لهذه الظاهرة على نتائج الانتخابات في أكثرية الدوائر الانتخابية كما على حسابات معظم القوى وخصوصا في مناطق الاختلاط الكثيف بين الطوائف.

ولكن العد العكسي للانتخابات لم يحجب رصد المواقف الخارجية المتصلة بالوضع في لبنان. وبرز امس في هذا السياق ما يمكن وصفه بإحدى أسوأ الادانات الأممية الجديدة للسلطة السياسية والمصرف المركزي في مسألة التسبب بافقار اللبنانيين ، وهذه الإدانة وان لم تكن الأولى من نوعها ، تكتسب دلالة قوية ومعبرة استثنائية لكونها تأتي عشية الانتخابات النيابية في لبنان .

وجاءت الإدانة عبر تقرير نشر امس في جنيف للمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، أوليفييه دي شوتر رأى فيه "أن الأعمال المدمرة للقادة السياسيين والماليين في لبنان هي المسؤولة عن دفع معظم سكان البلاد إلى الفقر، في انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان". وأشار المقرر الاممي الى انه "تم دمج الإفلات من العقاب والفساد وعدم المساواة في نظام سياسي واقتصادي فاسد مصمم لإخفاق من هم في القاع ، ولكن لا يجب أن يكون الأمر كذلك". وأضاف "كانت المؤسسة السياسية على علم بالكارثة التي تلوح في الأفق لسنوات لكنها لم تفعل شيئًا يذكر لتلافيها. حتى أن الأفراد المرتبطين جيدًا قاموا بنقل أموالهم إلى خارج البلاد، بفضل الفراغ القانوني الذي سمح بتدفق رأس المال إلى خارج البلاد.

آخر الجلسات
وعشية الانتخابات التي ستعتبر بعدها الحكومة في حكم المستقيلة استعدت الحكومة لهذا التطور باعداد جدول اعمال الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء اليوم في السرايا بادراج بنود كثيرة في جدول الاعمال تعود الى تأمين اعتمادات من احتياطي الموازنة لسنة ٢٠٢٢، لزوم الإنفاق الذي سيُصبِح متعذراً بعد استقالة الحكومة وفي ظل عدم اقرار قانون الموازنة. ويعود الجزء الأكبر من الاعتمادات المطلوبة الى المجلس الأعلى للدفاع الذي يطلب ٣٤٠٠ مليار ليرة من الاحتياطي كما تطلب وزارة الداخلية اعتمادات غير محددة في الجدول من اجل قوى الامن والسجون ليصبح الإنفاق شهرياً على أساس القاعدة الاثني عشرية. ويعكس هذا التوجه رغبة الحكومة في تأمين الاعتمادات المالية المطلوبة لتسيير شؤون المرافق العامة الاساسية، ولا سيما العسكرية وسط مخاوف من ان يكون مسار تشكيل الحكومة الجديدة معقداً ويستغرق وقتاً، في ظل القلق مما ستفرزه الانتخابات النيابية من نتائج من شأنها ان ترسم صورة المرحلة المقبلة .

وقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي امس انه "يتمنى ان يكون الشخص الذي سيكلّف بتشكيل الحكومة الجديدة من البرلمانيين المنتخبين اذ هناك 27 شخصيّة سنية مرشحة من بين الذين يمكن إنتخابهم، ومعظمها يملك الكفاءة، والأهم أن تكون الحكومة مدعومة من البرلمان".

واذا كان يقبل بتشكيل الحكومة الجديدة قال: "أنا لست طالب ولاية، وقد حملت كرة النار بشهادة الجميع سعيا للانقاذ، واذا لم يدرك الجميع صعوبة المرحلة ويتعاونوا فلست مستعدا للهرولة في هذا الموضوع. لا اريد أن اكون اسير موقف جامد في هذا الموضوع، فالأمور مرهونة باوقاتها . اذا كنت سأكون أكيدا أن الحكومة ستتشكل بسرعة وضمن المعايير الملائمة فأنا مستعد.
وقال : "أنا مع الحكومة نفسها ، وبالنسبة لي فنحن 24 شخصا 24 قيراط".
وعن انتخابات الأحد المقبل قال:"الاستعدادات انجزت ووزير الداخلية يتخذ كل الاجراءات لكي يحصل الاقتراع بكل نزاهة وشفافية" واكد ان "السنّة سيشاركون وليست هناك مقاطعة للانتخاب. هناك قرار من تيار المستقبل بعدم المشاركة ، ولكن بالتأكيد سيكون هناك نواب يمثلون الطائفة السنية وينقلوا هواجسها".

وسبق ذلك توجيه ميقاتي دعوة الى الاشتراك في الانتخابات اذ اعتبر ان :"الاقتراع في يوم الانتخاب حق وواجب لا يجوز الاستنكاف عنه او التردد في القيام به، وهو المعبر الطبيعي للتغيير الذي يريده اللبنانيون بغض النظر عن الاشخاص والانتماءات ".

مولوي
من جهته، أكد وزير الداخلية بسام مولوي "أن التصويت في الانتخابات النيابية حق وواجب من أجل أن يرسم اللبنانيون غدًا معافى يخرج البلاد من أزماتها بفعل مشاركة أبنائها جميعاً، خصوصا الطائفة السنية التي تعتبر مشاركتها في الانتخابات النيابية بمثابة دفعة في الاتجاه الصحيح لإبعاد المفسدين عن السلطة، واختيار الأنسب والأصلح لقيادة لبنان في الفترة المقبلة".

واعلن مولوي في حديث الى محطة "ام تي في" ان النسبة الإجمالية للاقتراع في الخارج بلغت 63.5 في المئة "وهي جيدة وموزعة على كل المناطق والدول والنسبة بالدول العربية جيدة مع 44.75 في المئة وأعلى نسبة كانت في جبل لبنان الثانية أي المتن يليها كسروان جبيل ومن ثم بيروت الأولى وبيروت الثانية مع نسبة 61 في المئة . وقال ان الدوائر ذات الأغلبية المسيحية في الاغتراب شهدت النسبة الأكبر على الاقبال . وبدا لافتا ان مولوي انتقد وزارة الخارجية لتاخرها في اعلان نسب المشاركة يوم الانتخابات في الخارج وقال انه "من حق كل الناس الاطلاع على النسب والخارجية اللبنانية كان يجب عليها اطلاع الرأي العام عليها وسأحاول أن تكون نسب الاقتراع موجودة بيد الإعلام يوم الأحد لحظة بلحظة" .

الراعي
وسط هذه الأجواء كشف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مساء امس في حديث الى "تلفزيون لبنان": "أننا لم نتبلّغ من السفارة البابوية بعد أن البابا فرنسيس سيرجئ زيارته للبنان، وهو فعلاً مريض وليس هناك من سبب سياسي".

وفي موضوع سلاح "حزب الله" سأل : "لماذا على المقاومة أن تكون فقط لفريق واحد من اللبنانيين يأخذ القرار بالسلم والحرب؟ من غير الممكن أن يكون في دولة أيا تكن، سلطتان وجيشان وإدارتان وسياستان، وعلينا أن نرى مقاومة "حزب الله" ضد من؟ خرجنا من المقاومة ضد إسرائيل وأصبحنا في سوريا والعراق واليمن وروسيا" . ورأى انه "يجب طرح موضوع المقاومة على طاولة وطنية بين المسؤولين وإلا قد تتفاقم الأمور ".

ولفت الى ان "هناك امورا بديهية لا أطرحها مع رئيس الجمهورية لأنها بديهية، لا يمشي بلد بجيشين وسلطتين، لا دولة في العالم مثل لبنان لذلك وصلنا إلى ما نحن فيه. "بدنا نضل ننتحر؟" نحن نمضي للإنتحار"، وأضاف: "اروع دستور في العالم هو دستورنا. مشكلتنا هي نتيجة عدم تطبيق إتفاق الطائف نصاً وروحاً".

إقرأ المزيد في: لبنان