خاص العهد
شبح طائرة "حسّان" يلاحق العدو.. جيش الاحتلال يستهدف طائراته!
علي ماضي
في ذروة التأهّب الأمني الصهيوني والاستعدادات على أكثر من جبهة، ينتاب العدو الخوف والقلق ويعيش الرعب بشكل رهيب لأقل حركة تحدث على حدوده. وهذا ما حدث أمس حيث فعّل العدو صافرات الإنذار في عدّة مستوطنات في منطقة الشمال وأطلق صواريخ القبة الحديدية، وأدخل مستوطنيه إلى الملاجئ، وسوّى سمعة جيشه بالأرض، والسبب طائرة مسيّرة، اشتبه جيش العدو أنّها معادية، ليتبيّن في النهاية أنّها تابعة "صديقة".
هذا النموذج من الفشل، يطرح تساؤلات كبيرة عن مدى جهوزية الجيش الصهيوني في أيّ حرب مقبلة، لا سيّما إنْ دخل في مواجهة متعددة الأقطاب، تحاصره من الجنوب والشمال ومن البر والبحر، واحتمالات إطلاق صواريخ متعددة المديات، وأعداد كبيرة من المسيّرات في آن واحد، فماذا سيكون ردّ فعل قوات العدو على سيناريو من هذا النوع، فيما فشل في إسقاط طائرة واحدة، تبيّن في النهاية أنّها تابعة لقواته الجويّة؟.
ويُستحضر في الذهن مباشرة، الطائرة "حسّان"، التي أطلقها حزب الله في شباط/فبراير الماضي، والتي اخترقت كلّ إجراءات العدو وتحصيناته، ووصلت إلى بحيرة طبريا في عمق الأراضي المحتلة، دون أن تصيبها نيران القبة الحديدية ولا صواريخ طاردتها، ثم عادت إلى قواعدها في لبنان سالمة.
وفي هذا السياق، يلفت الخبير العسكري، العميد المتقاعد الدكتور أمين حطيط، في حديث لموقع "العهد" الإخباري، إلى أنّه عندما تصل القوى المنتشرة في الميدان إلى حالة من التوتر وانخفاض المعنويات، تختلط عليها الأمور وتُصاب بالتوتر الذي يفقدها ملكة التمييز والتشخيص الصحيح، وهذا ينبئ بثغرات في البنية المادية والمعنوية للقوى العسكرية.
فمن الناحية المادية، يُترجم عجز في الوسائل المعتمدة في تمييز الأشياء وتحقيقها، أمّا معنويًا، فإنّ المشغل لهذه الأجهزة التي تدقق وتلاحظ، هو في حالة من اثنين:
- إمّا أنّه غير مؤهّل وذو خبرة ناقصة فلا يستطيع التمييز،
- أو أنّه بحالة نفسية أربكته ودفعته إلى التوتر، ففقد قدرته على التمييز،
وفي كلا الحالتين، يعني أن العنصر البشري المشغّل لأجهزة الترصد والترقب هو في حالٍ من الوهن والضعف، ينبئ أنّ القدرة العسكرية متآكلة والمعنويات متصدعة.
ويضيف حطيط "هذا الخطأ الكبير والجسيم حصل في ظل ذروة استنفار عالية المستوى، وتنفذ خلالها القوى "الاسرائيلية" مناورات تعدّ الأولى من نوعها منذ إنشاء الكيان المغتصب لفلسطين، ورغم هذه الجهوزية ورغم التخطيط يُرتكب هذا الخطأ، فكيف بك إذا كانت الأمور في الأحوال العادية، والانسياب الروتيني للأمور، فإن الخطأ سيكون أعظم!".
ولجهة تأثير هذه الحادثة على الجبهة الداخلية، يلفت العميد حطيط إلى أنّ "الأداء "الاسرائيلي" دائمًا تحت مراقبة المواطن الصهيوني والجبهة الداخلية، وعندما يجد أفراد هذه الجبهة أنّ جيشهم هذا حاله ويتخبّط ويتوتر ويرتبك، فإنّهم يفقدون الثقة به وبقدراته العسكرية، وبقدرته على حمايتهم ويفقدون الثقة بأمنهم المستقبلي، الذي يعدهم به السياسيون الصهاينة".
وبالتالي لهذا الأمر مردود مثلّث الأبعاد،
- من حيث القيمة أو الهيبة للجيش، تبيّن أنّه جيش متآكل القدرات.
- من حيث الفعالية، تبيّن أنّه يتخبط.
- ولا ثقة للصهيوني به.
ويختم الخبير العسكري بأنّ "الحال التي وصل إليها الجيش "الاسرائيلي"، لم يكن صدفة، بل بتأثير الخصم وقدراته وحسن إدارته، ونستطيع القول أنّ المقاومة التي تواجه العدو، زرعت الرعب في نفوس قواته، فاختلطت عليهم الأمور ودفعتهم إلى حال الإرباك والتوتر، فافتضح أمرهم بالشكل الذي أظهرته الشاشات".
جيش العدو أطلق النار على نفسه في "السلم".. فماذا سيفعل في الحرب؟
من جهته، يرى محلل الشؤون العبرية، حسن حجازي، أنّ حادثة الطائرة الصهيونية لها علاقة بحالة الاستنفار العامة في ظل المناورات التي تجريها قوات العدو، كذلك هي مرتبطة بحالة القلق من حصول اختراق، بعد دخول طائرة حسان التابعة لحزب الله وتجاوزها 70 كلم ووصولها إلى أطراف بحيرة طبريا، حيث رفع جيش الاحتلال مستوى الحساسية لمنظومات الرصد والرادارات وغيرها، فهذا أرسى نوعًا من الارباك والخوف من إعادة تكرار المقاومة لهذه المحاولة.
هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية يلفت حجازي إلى حديث جيش الاحتلال عن أنّ الخلل متمثّل في عدم التنسيق؛ فهذه الطائرة تابعة لوحدة بالاستخبارات العسكرية، وكان لديها عمل في منطقة معينة دون التنسيق مع وحدات "الدفاع" الجوي -التي يجب أن تبلّغ الجيش بهذا النشاط ولكنها لم تفعل-، فلم يعرفوا هويتها وظنوا أنها قادمة من جهة لبنان، لكن الاستخبارات قالت كلامًا آخر، ويبدو أنّ كل جهة تحاول رمي التهمة على الأخرى، وتقاذف المسؤوليات.
وبحسب الخبير في الشؤون العبرية، فإنّ هناك حالة من التوتر، وهم يعتبرون أن المسيّرات سلاح جديد، ويمكن أن يُستخدم في أيّ وقت ويفاجئهم بأيّ مناسبة، لافتًا إلى أنّ المشكلة التي برزت هي عدم إسقاط الطائرة بعد إطلاق القبة الحديدية للنيران تجاهها، وهذه مشكلة أخرى غير سوء التنسيق والارباك في تحمل المسؤولية، تتمثّل بأنّ القبة الحديدية عاجزة عن التعامل مع هذا النوع من التهديد، على الرغم من أنّهم قاموا بإجراءات كثيرة على الحدود، فهناك نوع من أجهزة الرصد إضافة لموضوع التشويش الالكتروني، والقبة الحديدية ويعملون على موضوع الليزر.
وبحسب حجازي، فإنّ كل هذه الاجراءات لم تستطع مواجهة الطائرات المسيرة، فهي قادرة على التحرّك وتغيير مسارها، حتى أنّ البطء في حركتها يشكّل لهم مشكلة، "ففي المرة السابقة عندما خرقت طائرة حسان، استهدفتها القبة الحديدية بالصواريخ ولم تفلح في إسقاطها، كذلك لاحقتها مروحية وأطلقت عليها النار ولم تتمكن من إسقاطها، رغم أنّه بحسب كلام الصهاينة فقد كانوا يرصدون حركة هذه الطائرة منذ لحظة دخولها لأجواء فلسطين المحتلة وحتى مغادرتها، وهي كانت أحيانًا تظهر على شاشات الرادار وأحيانًا تختفي، وهذا أمر له علاقة بالجغرافيا والتضاريس، حيث يمكن أن تُوجّه هذه المسيرة في هذه المناطق بمسارات تأخذ بعين الاعتبار طوبوغرافيا الأرض من وديان وغيرها، فلا تعود تكشفها أجهزة الرادار، ولهذا هم مستنفرون إلى أقصى حد، وهم خائفون من أن أحدًا يخطط لأمر ما أو لاستخدام هذه الطائرات.
ويضيف حجازي "أن يطلقوا النار على أنفسهم وعلى طائرة تابعة لسلاح الجو، فهذه إساءة للجيش "الاسرائيلي"، وهو الجيش الذي يمتلك تقنيات متطورة، فكان موضع للاستهزاء والسخرية لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أنّه وقع بهكذا خطأ في ظروف "السلم"، فكيف لاحقًا إنْ وقعت الحرب، وبات هناك طائرات كثيرة والجيش الصهيوني سيكون في حالة إرباك كبيرة، فكيف ستكون مواجهة هذا الأمر؟".
وهذا ينمّ عن معضلة كبيرة في مواجهة المسيرات، وقد تكون أكثر أهمية من مسألة الصواريخ في حال نشوب أيّ حرب.
ورغم أن إعلام العدو لم يتناول القضية بسبب التعتيم الأمني عليها، إلاّ أن التركيز انصبّ على من يتحمّل المسؤولية وكيف وقع هذا الخطأ؟، وأنّه ينبغي فتح تحقيق لكي لا تتكرر هذه الأمور، لكن هناك نوعًا من الإحباط، لا سيما أن الصدى كان كبيرًا بين المستوطنين بعد إطلاق صواريخ القبة الحديدية وإطلاق صفارات الإنذار، ودخولهم على إثرها إلى الملاجئ، ما أثار حالًا من الرعب، كان الجيش الصهيوني بغنى عنها، وكان بإمكانه تجنب الوقوع بهذه الأخطاء، لأن لها انعكاسات سلبية على صورته، وعلى معنويات المستوطنين بشكل عام.
القبة الحديديةالطائرة المسيرة حسانامين حطيطحسن حجازي - مختص بالشؤون العبرية
إقرأ المزيد في: خاص العهد
02/12/2024
القرض الحسن: صمود وعمل مستمر رغم العدوان
30/11/2024