ابناؤك الاشداء

آراء وتحليلات

رسائل السيد والمعركة الاكثر وطنية‎‎
10/08/2022

رسائل السيد والمعركة الاكثر وطنية‎‎

يونس عودة
بلا شك، ان قادة الكيان الصهيوني المؤقت، يضربون اخماسا باسداس، وهم استدعوا كل خبراء التحليل السياسي والنفسي والأمني والعسكري، للبحث عن مخرج ما  للمأزق المتعمق، وليس لتفسير خطاب الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في العاشر من محرم، لان الخطاب واضح وضوح الشمس، وفي كل كلمة، سواء في معاني الذكرى لعاشوراء واستلهام قيمها في الدفاع عن الحق وعدم الخضوع الى الباطل ولو في كلمة عابرة، او في الحضور الشعبي العارم الذي بايع السيد في كل كلمة نطق بها جهارا نهارا، او في المضمون السياسي الوطني في أبعاده المحلية والعربية والدولية، الذي لا يمكن ان يغطيه نعيق غربان هنا وهناك. وهو الخطاب المتزامن مع ما شهدته فلسطين من محطة قتالية ضمن مسار الصراع القائم منذ 74 عاما.

لقد فهم العدو الصهيوني كل الرسائل غير المغلفة التي وجهها السيد، كما فهمها الأميركي وكل الملتحقين بالمشروع التدميري للمنطقة، الهادفين الى وضع اليد على ثرواتها، واستعباد شعوبها. لكن يجدر التوقف عند الرسائل التي تعني لبنان وفلسطين بصورة خاصة نظرا لسخونة الأوضاع في ملفيهما والآخذ في الحماوة كل لحظة .

بلا مواربة، او كلام مشفر او توجهات مبطنة، اصدر السيد نصرالله من خلال موقعه كقائد، امر اجهوزيا عملانيا ، مركونا الى وضوح سياسي وطني، بان توجه للجميع بكل الوضوح: "أقول لكم ولكل اللبنانيين وخصوصاً لجمهور المقاومة وبالأخص لمجاهدي المقاومة، يجب أن نكون جاهزين لكل الاحتمالات، يجب أن نكون جاهزين ومستعدين لكل الاحتمالات. نحن في هذه المعركة، في هذا الاستحقاق جادون إلى أبعد درجات الجدية وكما قلت في الماضي أعيد اليوم أقول للأميركيين الذين يقدمون أنفسهم وسطاء وهم ليسوا بوسطاء، وأقول للاسرائيليين لبنان وشعب لبنان لا يمكن بعد اليوم أن يتسامح بنهب ثرواته، قلت في السابق وأعيد، نحن وصلنا إلى آخر الخط وسنذهب إلى آخر الطريق فلا يجربنا أحد ولا يمتحننا أحد ولا يهددنا أحد ولا يراهن على أن يخيفنا أحد".

إذا ليس هناك ما يدعو  الى الدرس والتمحيص وتفسير المرامي، باننا ذاهبون الى اخر الطريق، ولذلك كانت الاستجابة السريعة بالإعلان عن الجهوزية في الرسالة الجوابية من مجاهدي المقاومة:" نقسم باللّه العظيم الّذي نصرنا منذ بدر وذات تموز وفي كل ساحٍ وناح، أننا جاهزون بكل ما أعددنا لهم من قوة؛ متوثّبون على الحدود، حدود السيادة وخطوط الكرامة براً وبحراً ومن حيث لا…يحتسبون، سنكتب للأحرار نصرنا الأكبر الذي ننتظره بشوق، وبوشم دمدم رصاصنا سنحفر للمحتلين المعتدين هزيمة الهزائم".

عندما تكون القضايا وطنية صرفة، وواضحة كل ذلك الوضوح، فالامر لا يخضع للجدل والمساومة، تماما مثل لحظة انطلاق المقاومة ردا على الاحتلال وتشخيص أهدافه، فلا يحتاج الامر الى اذن من احد، او تشاور مع احد، وتصبح القضية ان كل من يجد في نفسه العزم والحزم، والقدرة على التضحية بدون حساب يتقدم الى المواجهة بغض النظر عن الإمكانيات ويمكنه ان يتقدم الصفوف، ويعمل على رصها، وليس بغض النظر عن الاحتلال او ممالئته، وحرف البوصلة بالخنوع والتزوير والتضليل، وعليه، "لا نخاف في ذلك لومة لائم، لا في لبنان ولا في المنطقة، ولا في العالم." .

وبانتظار الأجوبة التي ينقلها الى لبنان الأميركي عبر موفده الإسرائيلي الانتماء، بشأن استخراج النفط مع الترسيم، ليبنى على الشيئ مقتضاه لا يمكن لاحد ان يجري حسابات سياسية خاصة، بل تصبح كل الحسابات في الميدان لأهل الاختصاص، وهم أولئك الذين اعلنوا: "ما تركناك يوماً يا سيّدنا ولن نتركك… لبّيك على العهد دائماً يا صاحب الوعد… ولله رجال إذا أرادوا أراد".

وفي امتداد لقضية الحق المتوجب الانتماء اليه، والحقوق غير القابلة للتنازل، لا تزال فلسطين في غليان، والصواريخ في فوهات الاطلاق، انتظارا لتنفيذ الكيان الصهيوني شروط حركة الجهاد الاسلامي، بعد قتال اسطوري بالمعنى العسكري، قياسا الى ما زج الاحتلال من قوى في المعركة ليبنى على الشيئ مقتضاه أيضا .

لم يكن العدوان الذي بادرت اليه قوات الاحتلال باستهداف قيادات عسكرية مرموقة قي حركة الجهاد الإسلامي الا محاولة للخروج من الكابوس الدائم الذي شكلته الحركة من خلال تعاظم قدراتها البشرية والتسليحية، والاحتضات الشعبي الفلسطيني لها، لمفاهيمها الجذرية في الصراع مع المحتل، ومن المفارقات التي لاحظها المراقبون ان العدوان تتلخص بالاتي :

لقد دعمت الولايات المتحدة العملية الإسرائيلية. وعلق جو بايدن على ضربات عمليات القتل الإسرائيلي للفلسطينيين، بالقول إن "إسرائيل تملك الحق" في ذلك. ولم يصدر موقفا لا عاما ولا يتيما من الدول العربية ولو من باب الخجل العربي يشجب او يدين العدوان الذي صرع 47 فلسطينيا بينهم عدد غير قليل من أطفال ونساء ودمر المنازل على روؤس أصحابها كما ولم تصدر ردة فعل من الشركات العالمية، اذ لم تسارع إلى الانسحاب من "الدولة" التي شنت العملية، على غرار ما فعلته بروسيا، وكل ذلك ليس مهما ما دام الفلسطينيون ابقوا اصبعهم على الزناد.  

لقد فشلت قيادة الاحتلال في شق الصف الفلسطيني ومحاولة الاستفراد بحركة الجهاد بالإعلان ان وحدها المستهدفة، لذا عليكم بالاسترخاء، وهذا لم يحصل مع تأكيد حركة الجهاد على "وحدة الساحات" وانخراط فصائل مقاومة أخرى في القتال بما فيها "كتائب الأقصى" الذراع العسكري لحركة فتح وهذا تطور مهم ولافت .

ان جيش  الاحتلال حشد وفق اعترافه العلني لعمليتي اغتيال القائدين الفلسطينيين تيسير الجعبري وخالد منصور التي نفذها السرب "107"، طائرات من طراز "F-16I"، و111 طائرة مسيرة خلال 55 ساعة استغرقتها العملية، وخلالها ألقيت 197 قذيفة من المقاتلات الحربية، وتمت الاستعانة بأكثر من 2100 جندي احتياط". وهي عملية غدر عن بعد، وليس عملية مواجهة في الميدان، واذا كان كل هذا الحشد لعملية خاصة في غزة واريحا المحاصرتين تماما، فكيف ستكون حال جبهة العدو اذا كان وقعت المواجهة الاتية بلا ريب، والتي تنتظر الإشارة في فلسطين ولبنان .

ان ما يلوح في الأفق معركة حق و"الدفاع عن الحقوق" لانها فعلا خط احمر، حقوق لا تقبل التنازل او التفريط اوالمساومة من اي كان سواء اكان في السلطة، او خارجها او أية  جهة او حزب، لانها ليست حسابا مصرفيا خاصا او عقارا خاصا، بل هي ثروة ـ قضية وطنية ملك الاجيال كلها، مضافا الى ذلك أنها الأمل الوحيد الحقيقي، أي غير الوهمي، في انتشال لبنان من كارثته الاقتصادية والمالية التي يعانيها من الحصار الاميركي والصعود من القعر، والافلات من الابتزاز، وحتما فإن نشوب حرب سيكون أمرا لا مفر منه، ألا اذا فهم الأمريكيون والصهاينة رسائل السيد الواضحة غير القابلة للتأويل والتفسير.

الغاز

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات