طوفان الأقصى

لبنان

الترسيم في ربع الساعة الأخير.. وانتظار مسودة من هوكشتاين
01/10/2022

الترسيم في ربع الساعة الأخير.. وانتظار مسودة من هوكشتاين

اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم في بيروت بالحديث عن رسالة من المفاوض الأمريكي في مسألة ترسيم الحدود، عاموس هوكشتاين، إلى الدولة اللبنانية خلال ساعات، ما يجعل هذا الملف في مراحله الأخيرة، إن سارت الأمور بطريقة إيجابية، وستكون المسودة الأمريكية بيد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليكون على بينة من المستجدات والرد الصهيوني.
وفي وقت غاب الحديث عن تشكيل الحكومة بعد أن كانت الأجواء إيجابية قبل أيام، تسود حالة من الترقب، لا سيما بعد رفع رئيس مجلس النواب نبيه بري للجلسة التي دعا إليها لانتخاب رئيس ولم يُلزم نفسه بتحديد موعد لجلسة جديدة، موجّهًا البوصلة النيابية في اتجاه التوافق.
وسط هذه الأجواء، ستكون الأنظار متجهة اليوم إلى مواقف الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، حيث سيلقي كلمة عند الساعة الرابعة عصرًا.

 

"الأخبار": مسودة هوكشتين على الطريق... والملف بيد عون

توقّع مصدر رسمي أن يتسلّم لبنان خلال الساعات المقبلة رسالة عاجلة من الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وكيان الاحتلال. وقال المصدر إن السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا طلبت موعدا عاجلا لابلاغ الرئيس ميشال عون آخر المستجدات ربطاً بما تبلغه الجانب الأميركي من رد إسرائيلي على المطالب اللبنانية، بما في ذلك الاقتراح بعدم العمل على النقاط البرية الخاصة بترسيم الخط الجديد، والذي كان العدو يريد انتزاعه بحجة وجود منطقة أمنية داخل المياه الإقليمية للبنان.

وقال المصدر الرسمي إن لبنان يتوقع بعد ذلك مسودة الاتفاق على شكل نص واضح يبيّن حقوقه من دون أي التباس. وأوضح المصدر أن لبنان أكد لهوكشتين ضرورة عدم إرسال مسودة تتضمّن إشارة إلى النقاط البرية لأنها ستكون مرفوضة. وأن الوسيط الأميركي بنى على هذا الأساس تصوّره القائم على تحديد منطقة أمنية تبعد عن الشاطئ بقليل على أن يصار إلى البت بوضعها إمّا تحت وصاية الأمم المتحدة أو اعتبارها منطقة عازلة بين الطرفين.
وبحسب المصدر، فإن اقتراح لبنان جعل المنطقة الأمنية البحرية تحت وصاية القوة البحرية لقوات الأمم المتحدة لم يلق قبولاً من الجانب الإسرائيلي، فما كان على تل أبيب إلا القبول بالاقتراح الآخر الذي يقول بأن ما يجري العمل عليه لا علاقة له نهائياً بالنقطة B1، بالتالي فإن خط الطفافات لا يعني شيئاً، وتترك الأمور على حالها، وأن يصار إلى حصر النقاش بالخط 23 الذي يضمن لكل طرف البلوكات الكاملة التي تخصه. ورجح المصدر أن يكون هذا هو الحل إلا إذا بادر العدو إلى مفاجأة تدمر كل شيء.

وبناء عليه، قال المصدر إن الجانب الأميركي سيرسل إلى بيروت ما يكون قد نال موافقة إسرائيل، بالتالي فإن أحداً لا يتوقع المزيد من المفاوضات. وأن الرئيس ميشال عون يشكل فريقاً قانونياً وتقنياً وإدارياً سوف يعمل على درس المسودة بالتشاور مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، كما سيتم التشاور مع قيادة حزب الله التي تنتظر الموقف الرسمي للبنان حتى تقرر خطواتها المقبلة، مع الإشارة إلى أن السيد حسن نصرالله سيتحدث اليوم في مناسبة دينية في الجنوب، وسط توقعات بأن يتطرق إلى ملف ترسيم الحدود من زاوية التذكير بأن التسويف والمماطلة يهددان أي تسوية وأن الوقت غير مفتوح إلى ما لا نهاية.

نصرالله يتحدث اليوم وعون يشكل فريقاً للتدقيق القانوني والتقني

وبحسب المصدر، فإن واشنطن التي تستعجل الحصول على موافقة مبدئية من الجانبين، تريد تحضير الأجواء لأجل إنجاز الاتفاق أو توقيع الأوراق في لقاء خاص يعقد في الناقورة بحضور ممثل عن الولايات المتحدة والأمم المتحدة قبل الإعلان رسمياً عن إنجاز الاتفاق. وأنه في هذه الحالة فإن إسرائيل ستعلن مباشرة الخطوات التنفيذية لاستخراج الغاز من حقل كاريش وبقية الحقول، كما ستعلن شركة «توتال» الفرنسية برنامجها لإطلاق عمليات التنقيب في الحقول اللبنانية وفق الاتفاقات المعمول بها مع وزارة الطاقة في لبنان.

في إسرائيل، تبدو المناخات «حذرة» للغاية في الساعات الأخيرة، وقيل الكثير في وسائل الإعلام الإسرائيلية عما سمي «في الطريق إلى الاتفاق مع لبنان» وجرى التركيز على «تقلص الجدول الزمني للاتفاق المحتمل، كون شركة «إنيرجيان» صاحبة حقوق التنقيب في حقل كاريش، تسعى للبدء باستخراج الغاز في منتصف تشرين الأول وهي تستعد من الآن لتجربة الضخ المعاكس للغاز، من الساحل إلى المنصة، قبل بدء الضخ إلى الساحل».
وقالت مصادر سياسية لإعلاميين إن هوكشتين يعد «اقتراحاً نهائياً مكتوباً للطرفين، بعدما قدَّم أفكاره الأخيرة إليهما شفهياً»، وأنه من المتوقع أن «ينعقد المجلس الوزاري المصغر يوم الخميس المقبل في أول جلسة حول التسوية المقترحة».

وقرأ الإسرائيليون أن حزب الله خفف من كلامه التصعيدي، وقالت تقارير عبرية إن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، «لا يزال يهدد، لكن بنسبة أقل الآن. وهناك من يجد في مواقفه الأخيرة إشارات مشجعة على استعداده لقبول التسوية إذا تحققت». ونقلت عن مصادر معنية بالمفاوضات أن إسرائيل «قبلت» بأن «تبقى العقبة الأساسية التي ترتبط بترسيم دقيق للحدود على خط الساحل نفسه، من دون حسم وبقائها مفتوحة».
على أن هناك مشكلة لا تزال قائمة في إسرائيل وهي ليست موجودة في لبنان وتتعلق بمواقف المعارضين لحكومة يائير لابيد، حيث بدأ أتباع زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو الحديث عن إقامة احتجاجات في هذا الشأن قرب منزل لابيد في تل أبيب. من الممكن أيضاً لاحقاً تقديم اعتراضات إلى المحكمة العليا، في محاولة ضعيفة لطلب عرض الاتفاق على استفتاءٍ عام.

في السياق نفسه، يبدو أن جميع المعنيين بالاتفاق في لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة والغرب يهتمون للجانب الإخراجي من حيث الشكل. حيث يتوقع أن تكون هناك احتفالات في لبنان ابتهاجاً بالإنجاز الكبير، بينما ستروج الولايات المتحدة لمنطق المفاوضات كممر لتحقيق التسويات، فيما سيكون الأمر مادة للسجالات الواسعة في إسرائيل وسط حمى الانتخابات، خصوصاً مع الفريق الذي يعتبر أن لابيد خضع للمقاومة. وكان لافتاً ما قاله المستشرق والباحث المعروف في مركز بيغن-السادات، الدكتور إدي كوهين من أن حكومة لابيد خضعت للسيد نصرالله، ورداً على سؤال حول ما إن كان يصدّق أمين عام حزب الله، أجاب الدكتور كوهين: نعم أنا أصدقه.

 

"البناء": الترسيم يقترب من ربع الساعة الأخير… الخط 23 وقانا… وخط أزرق ساحليّ

توجهت الاهتمامات لمراقبة ما ستتضمنه الأوراق التي سيرسلها الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين، حول ترسيم الحدود البحرية، حيث قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية “يفترض أن يقدم الوسيط الأميركي ​آموس هوشتاين​ عرضاً خطياً نهائياً للجانبين خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد أن قدم لهما أفكاره الأخيرة شفهياً قبل عدة أسابيع”. وتابعت الصحيفة أن “الجدول الزمني لاتفاق محتمل بين “إسرائيل” ولبنان، أصبح أقصر وأقصر، وتريد شركة إنرجين بدء الحفر في منتصف تشرين الأول، وتستعد بالفعل لتجارب التدفق العكسيّ للغاز من الشاطئ إلى ​المنصة​، قبل بدء تدفق الغاز إلى الشاطئ”. وعن مضمون المقترح الذي سيقدمه هوكشتاين خطياً قالت إن “أميركا قدّمت اقتراحاً جديداً بخصوص ​ترسيم الحدود البحرية​ بين ​«إسرائيل»​ ولبنان، توافق عليه “إسرائيل”، ينص على أن الاتفاقية لن تتضمن ترسيمًا للخط الساحليّ نفسه من أجل التحايل على النزاع القائم بين البلدين، إنما يرسم الخط بضع عشرات من الأمتار إلى الغرب”، وأوضحت أن “هذا الاقتراح يقدّم حوافز، ولكنه يحمل أيضًا مخاطر”، في توضيح لما يتم تداوله لقبول حكومة يائير لبيد بالتسليم بأحقية حصول لبنان على الخط 23 وكامل حقل قانا، لكن مع تحفظ على أن يشمل ذلك النقاط القريبة من الساحل، أو الجزء الغربي من الخط 23، حيث يقترح هوكشتاين ما يشبه الخط الأزرق البرّي، لبضعة عشرات الأمتار القريبة من الشاطئ.

وتنتظر الجهات المتابعة ما أشارت إليه هآرتس من موقف حزب الله، حيث ينتظر أن يتحدّث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بعد ظهر اليوم، ويتطرّق الى ملفات كثيرة منها ملف ترسيم الحدود، وربما تكون وثيقة هوكشتاين قد وصلت قبل كلمة السيد نصرالله تفادياً للهجة تصعيديّة في الخطاب، الذي تزدحم أمامه الملفات الداخلية، سواء ما يتصل بالاستحقاق الرئاسي بعد جلسة الانتخابات الأولى، او الحكومة الجديدة المتعثرة، أو الشؤون المعيشية بعد إقرار الموازنة وما يثيره الحديث عن اعتماد سعر الـ 15 الف ليرة للدولار رسمياً، بينما رأت مصادر متابعة للاستحقاقات الدستورية أن السير الذي كان متسارعاً نحو الحكومة وأصيب بالتباطؤ مع تحديد موعد جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية قد استعاد الزخم مع ظهور المسار الرئاسي أمام انسداد لا يبدو أن الخروج منه بالتوافق الإلزامي سيتمّ سريعاً.

لا جديد على خط التأليف الحكوميّ، وسط ترقب لجهود المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي ينشط على خط بعبدا – السراي والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل الذي ينشط أيضاً في سياق مساعي حزب الله على خط التوفيق بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وورئيس حكومة تصريف الأعمال الرئيس المكلف نجيب ميقاتي. وقال الرئيس عون أمس «يبدو أن الأمور لم تنضج تمامًا بعد والبعض يناور».

 ومع ذلك تشير أوساط سياسية لـ”البناء الى ان الحكومة سوف تتشكل قبل نهاية ولاية الرئيس عون وإذا لم تبصر النور الأسبوع المقبل فإن تأليفها سيسبق 31 تشرين الاول الجاري، مشيرة الى ان حزب الله دخل على خط حلحلة الأمور  لا سيما عند رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي يريد من الحكومة الالتزام بأكثر من ملف قبل تسهيل عملية التشكيل، علماً أن الامور المعطلة لا تقف عند رئيس الحكومة تقول الأوساط نفسها، مشيرة إلى أن مسألة تعيين حاكم لمصرف لبنان يجب أن توضع جانباً خاصة أن ولاية الحاكم رياض سلامة تنتهي في تموز المقبل، أي بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية الذي سيأخذ على عاتقه تعيين حاكم جديد، أما في ما خص ملف التجنيس فهو عند وزير الداخلية، هذا فضلاً عن أن مسألة التعيينات الإدارية والتشكيلات القضائيّة تحتاج الى توافق بين الكتل السياسية كافة. وتعتبر المصادر أن الأولى اليوم هو تأليف حكومة على أن تعالج الملفات العالقة بعد التأليف.

 الى ذلك من المتوقع حصول لبنان على الردّ الخطيّ الرسمي الإسرائيلي عبر الوسيط الأميركي في الساعات المقبلة، وبحسب معلومات “البناء” نقلاً عن مصادر معنية بالملف فإن السفيرة الأميركية​ دوروثي شيا​ ستحمل اليوم او غداً على أبعد تقدير، إلى رئيس الجمهورية ​ميشال عون، الردّ على الملاحظات حول ​ترسيم الحدود البحرية​، على أن يحول الرد بعد اطلاع رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال الرئيس المكلف نجيب ميقاتي عليه الى لجنة قانونية وأمنية لدراسته على أن تستأنف بعد ذلك مفاوضات الناقورة بوساطة الأمم المتحدة للتأكد من كل النقاط.

وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في حديث الى وكالة «رويترز»: «إن لبنان سيطبق سعر صرف رسمي جديداً يبلغ 15 ألف ليرة للدولار تدريجياً مع استثناءات أوليّة لتشمل رساميل البنوك وسداد قروض الإسكان والقروض الشخصيّة، التي ستستمر على السعر الرسمي القديم». وأضاف: «إن الفجوة بين سعر السوق البالغ 38 ألفاً ومعدلات أخرى يجب أن تغلق عاجلاً أو آجلاً. يجب أن تتوازن الأمور، لا يمكن أن تبقى هذه الهوة الكبيرة بين ما يُسمّى سعر الصرف الرسمي وسعر صرف السوق، وهذا الأمر سيطبّق بطريقة تدريجية واشار ميقاتي الى ان «سعر 15 ألف ليرة سينطبق مبدئياً على الرسوم الجمركيّة وعلى البضائع المستوردة وعلى القيمة المضافة، أما الباقي فسيتم تدريجياً عبر تعاميم وقرارات تصدر عن حاكم مصرف لبنان تحدّد هذا الموضوع». وقال: «من الآن إلى الأول من تشرين الثاني ستصدر تعاميم من حاكم مصرف لبنان وقرارات تحدّد حيثيات هذا القرار والاستثناءات المطلوبة».

 وكان ميقاتي ترأس اجتماعاً ضمّ نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، وزير المال يوسف الخليل، المدير العام لوزارة المال جورج معرّاوي، ومستشار الرئيس ميقاتي الوزير السابق نقولا نحاس. وتم خلال الاجتماع بحث الاوضاع المالية والتحضيرات لإعداد موازنة العام 2023.

ومدّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة العمل بالتعميم 161 إلى 31 تشرين الأول المقبل. وأصدر لهذه الغاية قراراً وسيطاً حمل الرقم 13476.

وفي ظل المخاوف على الوضع الأمني استقبل وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم في مكتبه في اليرزة، قائد الجيش العماد جوزف عون، واطلع منه على اوضاع المؤسسة العسكرية والوضع الامني العام في البلاد، خصوصاً في المناطق التي تشهد بعض الأحداث الأمنية بين الحين والآخر، بالإضافة الى ما تقوم به وحدات الجيش في مجال ضبط الحدود ومكافحة التهريب والدخول غير الشرعي الى الأراضي اللبنانية. وفي هذا الإطار لفت سليم الى «أهمية بذل الجهود القصوى لضبط الحدود البحرية ومكافحة العصابات التي تقوم بعمليات الهجرة غير الشرعية والتي كثيراً ما تنتهي بكوارث انسانية». وكان توافق على «أهمية دور الجيش في هذه المرحلة الدقيقة لحفظ الاستقرار الأمني ومكافحة العصابات الإجرامية لا سيما عصابات الاتجار بالبشر والمخدرات تحصيناً لأمن المجتمع وسلامة الوطن».  


 

"الجمهورية": باريس على الخط رئاسياً وحكومي

الحقيقة الوحيدة التي أفرزها فشل النواب في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، هي انّ احدًا في لبنان لا يملك مفتاح الاستحقاق الرئاسي. يقابلها إنكار فاضح لها، من مكونات سياسية ونيابية توهم نفسها، وغيرها في آن معًا، بأنّ لها دورًا مقررًا في هذا الاستحقاق، وانّ المقاعد المعدودة والمحدودة التي تحتلها في مجلس النواب، تمنحها قدرة التحكّم بمسار الاستحقاق الرئاسي، وتوجيه دفّته في الاتجاه الذي تريده. وهو ما تبدّى في بعض التصريحات المجافية للواقع التي أُطلقت غداة جلسة الفشل الانتخابي.

رئيس المجلس النيابي نبيه بري رفع الجلسة، ولم يُلزم نفسه بتحديد موعد لجلسة جديدة، موجّهًا البوصلة النيابية في اتجاه التوافق الذي لا بدّ من توفره للعبور بالاستحقاق الرئاسي إلى شاطئ الأمان، وتجنيب البلد فراغاً رئاسيًا مفتوحًا على مديات زمنية طويلة، مفتوحة بدورها على شتى الاحتمالات السلبية.
ولكن على ما هو مؤكّد، انّ بري بتأكيده على التوافق وقطف الانتخابات الرئاسية بناءً عليه، يطلب المستحيل في الجو السياسي المنقسم على نفسه، ذلك انّ الاستحقاق الرئاسي مبعثر ضمن خريطة سياسية ونيابية، لا يجمع بين عناصرها سوى التنافر والصدام والحقد والارتهان لحسابات سياسية وحزبية وشخصية. ودلّت التجربة مع مكوناتها في السنتين الاخيرتين، انّها لا تلتقي حتى على أبسط البديهيات التي تخدم مصلحة لبنان واللبنانيين، وتضع الدولة من جديد على مسار عودتها كدولة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.

دعوة جديدة
وسط هذه الصورة المزدحمة بصخب سياسي لا طائل منه، وبمكونات تتلهى بالمبالغات وتضخيم الذات والمزايدة على بعضها البعض، ومجافاة التوافق المطلوب على شخصية جامعة ومؤهّلة لتبوء سدّة الرئاسة الاولى، سيوجّه الرئيس بري دعوة إلى جلسة جديدة، إنفاذًا لصلاحياته الدستورية، واما النتيجة الحتمية لها، ولأي جلسة مماثلة، فهي تكرار لفشل جلسة الخميس، والدوران في حلقة الانقسام. وهو الامر الذي يجب مواجهة مكونات الانقسام الداخلي بسؤال وحيد: هل ثمة نية جدّية لإتمام الاستحقاق الرئاسي، وإذا كان التوافق الرئاسي صعبًا، او بالأحرى مستحيلًا، كما يبدو من مواقف بعض القوى السياسية والنيابية، فما هو بديله؟

لن ينفع الندم
مصادر سياسية مسؤولة تؤكّد لـ«الجمهورية»، انّه «خلافًا لكل التوصيفات التي أُطلقت على جلسة الخميس، وأبرزتها كـ»جسّ النبض» لإظهار اتجاهات ونوايا مختلف القوى السياسية بانتظار الجولة الانتخابية الثانية، او كـ«بروفة» تمهّد لوضع الأرضية السياسية إستعدادًا للفراغ والفوضى، فإنّ نتيجتها كانت متوقعة سلفًا، وبالتالي لا يجب النظر إلى تلك الجلسة على انّها نهاية المطاف، بل ينبغي اعتبارها صدمة، لعلّها تهزّ مواقف الجميع وتشيع في الاجواء السياسية العقلانية المفقودة مع الأسف، وتحرّك المسؤولية الوطنية للتنازل من اجل البلد، والذهاب إلى التوافق على انتخاب رئيس صُنع في لبنان قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون آخر الشهر المقبل. فبذلك نقدّم خدمة جليلة للبلد، وامامنا فرصة متاحة لذلك، فإن لم نستغلها فلن ينفعنا الندم».

وردًا على سؤال قالت المصادر: «ثمة اسماء كثيرة متداولة، لا تتمّ جوجلتها بالسجال الاعلامي والمواقف من خلف المنابر، بل هذا يوجب بالدرجة الاولى الجلوس على الطاولة بنوايا صادقة، وبالتالي يمكن الاختيار من بين تلك الاسماء من هو الأصلح، والذي تتوفر فيه المواصفات التي تبرزه الأكثر اهلية لتبوء الرئاسة الاولى. علمًا انّه من حيث المبدأ، وإن كانت النوايا صافية وجدّية، فلينزل الجميع إلى المجلس النيابي ولا يخرجون منه الّا بعد انتخاب رئيس الجمهورية».

حثٌ ديبلوماسي
وقد برز في هذا السياق، ما اكّدت عليه مصادر ديبلوماسية عربية بقولها لـ«الجمهورية»: «انّ الأسرة العربية، وإن كانت لا تتدخّل في الشأن الرئاسي اللبناني، ولا في تمييز او تفضيل أي مرشح على أي مرشح آخر، تؤكّد على الأشقاء في لبنان إتمام استحقاقاتهم الداخلية على النحو الذي يخدم مصلحة بلدهم الذي يعاني من أزمة صعبة، سواء الاستحقاق الحكومي وإنتاج حكومة فاعلة تقوم بدورها الانقاذي وتسعى إلى تعافي هذا البلد، او الاستحقاق الرئاسي الذي اكّدنا على الأشقاء اكثر من مرة ضرورة ان يُنجز بصورة سلسة وتوافقية بين القوى السياسية على اختلافها».

وردًا على سؤال قالت المصادر: «من الأساس لم نكن نتوقع انتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس الفائت، لسببين أساسيين، الاول سياسي، وهو أنّ كل الاطراف في لبنان تحدثت مسبقًا عن جلسة دون انتخاب رئيس. واما السبب الثاني، فهو شكلي، حيث انّه مع جلسات انتخابية من هذا النوع، وإن كان التوجّه فيها لانتخاب جدّي لرئيس الجمهورية، تُوجّه دعوات إلى البعثات الديبلوماسية في لبنان لحضورها، وهو ما لم يحصل قبل انعقاد جلسة الخميس الماضي. وفي ذلك كانت اشارة غير مباشرة إلى انعقاد جلسة غير منتجة».
وكشفت المصادر عن «جهود عربية، سواء من جامعة الدول العربية او من دول شقيقة للبنان، قد تُبذل في المدى المنظور عبر القنوات الديبلوماسية، لحث الاخوة في لبنان على التوافق في ما بينهم لترتيب شؤونهم الداخلية، والتعجيل بإنجاز الانتخابات الرئاسية في اقرب وقت ممكن. فنحن نؤيّد القائلين بأنّ الفراغ الرئاسي من شأنه ان يلحق الضرر الكبير بلبنان ومصالحه».

موفد فرنسي
إلى ذلك، اكّدت مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية لـ«الجمهورية»، انّ «باريس حاضرة على الخط اللبناني في هذه المرحلة اكثر من اي وقت مضى». وقالت: «انّ لبنان لا يزال يحتل موقعه في رأس قائمة الاهتمام والعناية اللذين يوليهما ايمانويل ماكرون وفريق عمله للبنان».

وكشفت المصادر عن «إشارات متتالية وجّهت خلال الاسابيع الماضية الى مختلف المسؤولين السياسيين والرسميين في لبنان، بضرورة تشكيل حكومة تدير الوضع اللبناني وترسم الخطوات العلاجية والإنقاذية، وتقود هذا البلد البائس على مدار الاصلاحات الإنعاشية لوضعه. وقد لمسنا ايجابيات أوحت بأنّ الحكومة ستولد بالتوافق بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي، ولكن الأخبار الواردة من بيروت حملت الخيبة، وعكست إصرارًا لدى بعض الجهات في إبقاء الحال على ما هو عليه من تعطيل وإرباك، وهو ما دفع الادارة الفرنسية إلى التحذير من مخاطر كبيرة وتفاعل اكثر لأزماته، فيما لو بقي الوضع الحكومي على ما هو عليه من خلل وعدم قدرة على اتخاذ القرارات، والقيام بالخطوات الإنقاذية المطلوبة. ما سيُفقد لبنان بالتأكيد فرصة عقد برامج تعاون مع المؤسسات المالية الدولية، تعينه على تخطّي ازمته، وفي مقدّمها صندوق النقد الدولي».

واكّدت المصادر ايضًا، انّ «الديبلوماسية الفرنسية تحرّكت بشكل مكثف في الاسابيع الاخيرة، وأوصلت رسائل مباشرة إلى مختلف المسؤولين في لبنان لإجراء الانتخابات الرئاسية في جو ديموقراطي سليم، وترى بالضرورة ان يقوم المجلس النيابي اللبناني بدوره في هذا المجال». الّا انّ المصادر عينها قاربت بخيبة امل مجريات الجلسة الانتخابية الاخيرة التي عقدها المجلس النيابي الخميس الماضي، وقالت: «يجب ان يدرك اللبنانيون انّ تضييع الوقت لا يخدم لبنان، وتأخير انتخاب رئيس للجمهورية نخشى ان تترتب عليه عواقب سلبية».
وكشفت المصادر انّ موفدًا رسميًا فرنسيًا قد يزور بيروت في المدى المنظور، في زيارة مرتبطة بالاستحقاق الرئاسي، والغاية الأساس هي مساعدة الاطراف اللبنانيين على بناء مساحات مشتركة، لعلها تعجل بإتمام هذا الاستحقاق في القريب العاجل.
وردًا على سؤال عمّا إذا كان لباريس مرشح معين، رفضت المصادر ذكر أية اسماء، الّا انّها قالت: «انّ باريس تؤيّد المرشح الذي يخدم انتخابه مصلحة لبنان، ويشكّل عنصرًا مساهمًا بمسؤولية وفعالية لإخراج لبنان من أزمته».

يشار في هذا السياق، إلى انّ مديرة الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية آن غيغين ستصل إلى بيروت مطلع الأسبوع المقبل، وعلى جدول أعمالها لقاءات مع الرؤساء الثلاثة وأبرز المسؤولين السياسيين وممثلين عن المجتمع المدني. وتحمل المسؤولة الفرنسية، والتي ستواكبها السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو في جولتها، رسالة فرنسية واضحة بشأن ضرورة انتخاب رئيس جديد للبلاد ضمن المِهل الدستورية لأنّ الوقت بدأ ينفد أمام لبنان، والسير بالإصلاحات، «اللازمة».
كما سيشهد لبنان زيارة لقائد الجيش الفرنسي بعد أيام قليلة، وسيتفقد الكتيبة الفرنسية ضمن قوات الطوارئ الدولية العاملة في لبنان، ومن المتوقع أن يزور بعض القيادات العسكرية اللبنانية.

ميشال عونترسيم حدود لبنانعاموس هوكشتاين

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة
النائب فضل الله لـ"العهد" حول أجواء اللقاء مع الرئيس عون: إيجابية والحوار اتسم بالصراحة والوديّة
النائب فضل الله لـ"العهد" حول أجواء اللقاء مع الرئيس عون: إيجابية والحوار اتسم بالصراحة والوديّة
كتلة الوفاء للمقاومة تزور الرئيس عون: خطّ التواصل بيننا دائم بلا انقطاع
كتلة الوفاء للمقاومة تزور الرئيس عون: خطّ التواصل بيننا دائم بلا انقطاع
الرئيس عون: دولتنا "فارطة"
الرئيس عون: دولتنا "فارطة"
مكتب الرئيس عون: التشويش على العلاقة بين عون والسيد نصر الله هو قمّة التضليل
مكتب الرئيس عون: التشويش على العلاقة بين عون والسيد نصر الله هو قمّة التضليل
الرئيس عون في دمشق: سوريا تحفظ الود
الرئيس عون في دمشق: سوريا تحفظ الود
البرلمان الأوروبي يقر بإبقاء اللاجئين السوريين في لبنان
البرلمان الأوروبي يقر بإبقاء اللاجئين السوريين في لبنان
الرئيس عون: أخذنا حقنا بـ "الترسيم" وثبتناه.. وأعطينا أملًا جديدًا للبنانيين
الرئيس عون: أخذنا حقنا بـ "الترسيم" وثبتناه.. وأعطينا أملًا جديدًا للبنانيين
لبنان يتسلّم المسودة النهائية لاتفاق تعيين الحدود البحرية
لبنان يتسلّم المسودة النهائية لاتفاق تعيين الحدود البحرية
اتفاق تعيين الحدود البحرية مع العدو على طاولة الكابينت
اتفاق تعيين الحدود البحرية مع العدو على طاولة الكابينت
العدو يحسم ملف تعيين الحدود اليوم.. ولبنان ينتظر
العدو يحسم ملف تعيين الحدود اليوم.. ولبنان ينتظر
حزب الله لا يضيره نجاح مهمّة هوكشتين
حزب الله لا يضيره نجاح مهمّة هوكشتين
هوكشتين: ممنوع الحديث عن مزارع شبعا
هوكشتين: ممنوع الحديث عن مزارع شبعا
ضربات المقاومة الإسلامية تلاحق العدو.. واستياء في صفوف مستوطني الشمال
ضربات المقاومة الإسلامية تلاحق العدو.. واستياء في صفوف مستوطني الشمال
 هوكشتين أبقى مساعده في بيروت: لبنان يريد «ورقة مقنعة» لما بعد الهدنة
 هوكشتين أبقى مساعده في بيروت: لبنان يريد «ورقة مقنعة» لما بعد الهدنة
الشيخ قاسم: لسنا أقرب إلى الحرب الشاملة.. والمقاومة تكثّف عملياتها وتردّ على استهداف المدنيين
الشيخ قاسم: لسنا أقرب إلى الحرب الشاملة.. والمقاومة تكثّف عملياتها وتردّ على استهداف المدنيين

خبر عاجل