يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

مواسم الحمضيات والتفاح في عكار في مهب العاصفة.. وغياب الدولة
15/12/2018

مواسم الحمضيات والتفاح في عكار في مهب العاصفة.. وغياب الدولة

طرابلس ـ محمد ملص
"كان الله في عون المزارعين"، هذا هو لسان العكاريين، بعد الكارثة الكبيرة التي تسببت بها العاصفة الاخيرة، والتي ضربت بساتين الحمضيات والتفاح والليمون، ما تسبب بخسائر فادحة في المواسم. وهو ما دفعهم أمس الى قطع طريق العبدة ـ عكار عند مفرق سوق الخضار، بعد أن قاموا برمي محاصيلهم المتضررة في الطريق، وذلك احتجاجاً على الاضرار التي لحقت بمحاصيلهم والتي اصبحت لا تصلح للبيع او للتصدير.

ككل عام، ومع بداية فصل الشتاء، ومع كل عاصفة، يكون للمزارعين النصيب الأكبر من الأضرار. إذ أدت العاصفة التي ضربت لبنان قبل أيام، إلى وقوع أضرار كبيرة في الممتلكات والابنية والطرقات، الا أن الخسارة الأكبر كانت من نصيب قطاع الزراعة ومحاصيل القمح والزرع وبساتين الأشجار المثمرة. فيما حلت الكارثة على محافظة عكار، لا سيّما أنها منطقة تختص بزراعة التفاح واللوزيات والفاكهة على أنواعها، وبخاصة الحمضيات، والتي يصادف موسم قطافها هذه الايام، بعد أن قضت الامطار والبرد والعواصف على الحمضيات من نوع "كلمنتين"، وادت العواصف الى سقوط موسم الليمون بشكل كامل على الارض وما بقي منه لا يصلح للبيع في السوق اللبنانية او للتصدير خارج لبنان.

تلك حال مزارعي عكار، الذين لا يمكن لأحد ان يعوض خسارتهم لمواسمهم وباب رزقهم الوحيد، فهُم تعودوا والِفوا هذه الاضرار، وباتوا لا يشكون همهم الا لله، فلا دولة انصفتهم ولا هيئة رسمية او غير رسمية سألتهم عن اضرارهم، او قدمت لهم الشيء القليل، في منطقة السهل القريبة من البحر، والتي تنال حصتها من سرعة الهواء بشكل كبير. يملك المواطن "احمد" بيوتاً بلاستيكية لزراعة الخضار الموسمية، لم يبقَ منها شيء، فالهواء اقتلعها، وهو ما أدى الى تخريب مواسم الخضار من (بندورة وكوسى وخيار...)، وهو كباقي زملائه المزارعين، لا يملكون اي مدخول آخر سوى هذه الارض. يقول "احمد" في حديث "لموقع العهد" الإخباري :" الرياح التي هبت امس، لم تبق شيئاً مما زرعناه طوال الاشهر الماضية، لم نعد نملك شيئاً، ليس الخوف اننا سنبقى من دون اكل او شرب، بل الهم الاكبر هي الاموال التي يجب ايفاؤها الى مستحقيها من المؤسسات الزراعية والعمال، والذين غالباً ما ندفع لهم حسابهم عند نهاية الموسم وجني المحصول، من سيعطي هؤلاء حقوقهم ؟ ومن سيعوض علينا او يساعدنا في مصيبتنا؟".

رئيس التعاونية الزراعية السابق في بلدة فنيدق وصاحب احد بساتين التفاح، الحاج أحمد عبدو البعريني، يشير في حديث لـ"العهد" الى وقوع كارثة فعلية أطاحت بكامل المواسم، وبخاصة موسم التفاح، "حيث وقع ما بين الـ40 والـ 50 % من الثمار على الارض جراء الهواء القوي، وما لم يسقط على الارض لحق به تشويه او ما يعرف باللغة الزراعية "ضريبة، تعرف بالنقشة" وهي تصيب حبة التفاح من الخارج، وتأتي من جراء الضباب والغيم وقطرات الماء المعروفة "بالندى"، وهو ما يمنع بيعها في الاسواق، او تصديرها للخارج".

ويلفت البعريني الى أن "90% من اهالي منطقة فنيدق وجوارها يعتمدون في مداخيلهم على الزراعة، وبخاصة التفاح، الذي تحطم عدد كبير من اشجاره بسبب العاصفة الهوائية، فما حدث يفوق قدرتنا على تحمله، ولم يحضر احد ليمسح الاضرار او يكشف عليها او يقدم لنا اي تعويض يذكر، لا الهيئة العليا للاغاثة ولا وزارة الزراعة، وما زلنا نأمل منهم الكشف سريعاً على الاضرار وتعويض المزارعين".

لا يختلف حال مزارعي الحمضيات عن مزارعي التفاح، المصيبة التي تجمعهم واحدة، بعد أن عجل الطقس العاصف بتلف محاصيلهم. ويروي "أحمد مطر" صاحب بستان ليمون في سهل عكار: "أن ما حصل يشكل كارثة بكل ما للكلمة من معنى، كارثة بحق ما يزيد على ألفي عائلة تعتاش من هذا الموسم". وتابع مطر قائلاً:" نحن نقع في عجز، كون الموسم لا يرد كلفته، حيث بلغ سعر الصندوق (25 كيلو) بحدود (٥ آلاف ليرة). كما غاب من يضمن الموسم منا، وتأخر القطاف، لأسباب عديدة، أهمها عدم توفر أسواق للتصدير لتصريف الموسم الى الخارج، بالرغم من اننا استبشرنا خيراً بعد فتح المعابر مع الدولة السورية وخصوصاً معبر "نصيب"، ولكن لا شيء تغير حتى اليوم". 

في المقابل لا يوجد من يستثمر في هذا المجال عبر تحويل الليمون الى عصير أو مجففات. ويشير مطر الى ان عدداً كبيراً من المزارعين يتجه لقطع أشجار الليمون وبيعها كحطب بدلا من الاستمرار بدفع تكاليف عالية بدون اي مردود يذكر، و"بعد كل التعب طوال السنة نقع في خسائر فادحة".

تعيش عكار اليوم في ظل ظروف مأساوية من فقر وبطالة، مع استمرار تهميشها من كافة الدوائر الرسمية، بالرغم من الوعود السياسية الكبيرة التي أغدقت عليها عشية الانتخابات النيابية، إلا أن شيئاً منها لم ينفذ، وحتى ان أحداً من نواب المحافظة لم يسأل عما حل بالمزارعين ومواسمهم . فهل تتحرك نخوة هؤلاء السياسيين تجاه ابنائهم المزارعين، علهم ينصفونهم قليلاً ليستردوا جزءًا من خسائرهم، أم ان المصيبة ستتحول الى مصيبتين؟

إقرأ المزيد في: خاص العهد