نقاط على الحروف
الحدث الصيني ـ السعودي و"الكومبارس" العربي ـ الإسلامي
علي عبادي
كلما أرادت السعودية أن تستضيف زعيماً لبلاده مكانةٌ قيادية في العالم، تنظِّم قمة موسعة عربية وإسلامية مع الضيف، لزوم الترحيب به على أرض المملكة وإشعاره بأنها تقود أو "تمون" على هذا الجمع من البلدان.
شهدنا ذلك مع استضافة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في الرياض في العام 2017، حيث تم جمع قادة 53 دولة عربية وإسلامية مع استثناءات محدودة. وفي الحقيقة لم يكن لقادة هذه الدول أي دور يُذكر في هذه القمة، حيث تمثلت الفعالية الحقيقية في القمة الثنائية بين ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان وأسفرت عن اتفاقات بمئات مليارات الدولارات. وكان الهدف الواضح لهذه الاحتفالية الكبيرة شراء الدور الأميركي واستقطابه إلى جانب الرياض في مشاريعها السياسية الإقليمية، وهو ما ظهر لاحقاً في العام 2018 من خلال نقض ترامب الاتفاق النوي مع ايران وفرض عقوبات مشدَّدة ضدها، وسط تناغم أميركي ــ سعودي كانت "إسرائيل" خلفه وإلى جانبه.
فلما أفلَ نجم ترامب، خاب أمل ابن سلمان مع الديمقراطيين الأميركيين، وكان أن توجه الى نجم آخر، فجمع لرئيس الصين كذلك حضوراً عربياً وإسلامياً واسعاً (30 رئيس دولة أو أقل)، وأيضا جاء هذا الحضور لزوم التأهيل بالضيف الصيني الكبير، وكانت الفعالية الحقيقية بين الصين والسعودية اللتين وقّعتا مجموعة واسعة من الاتفاقات الاقتصادية وغيرها. بتعبير آخر، كان الحضور العربي والإسلامي في معظمه مجرد "كومبارس" لزوم تشريف المضيف السعودي لتكبير حجمه أمام العملاق الصيني. وكان التثمير السياسي السعودي الفوري للقمة تصدير بيان "مشترك" موجَّه ضد إيران يعاكس الموقف الصيني التقليدي المتوازن حيال الأزمات الإقليمية. وقرأت طهران فوراً هذا البيان على أنه محاولة سعودية لأخذ موقف الصين في اتجاه مناوئ لإيران.
هذا البعد المضمَر في العقل السياسي السعودي مفهوم، ويدفع إلى الظن بأن القمة العربية والإسلامية ــ الصينية الموسعة مجرد احتفالية لمواكبة القمة السعودية ــ الصينية، وبالتالي لا وظيفة جدية لها بغياب برنامج عمل يوثق العلاقات بين الصين وهذه الدول.
من المثير للانتباه أن تتوجه السعودية وكذا شقيقتها دولة الإمارات شرقاً باتجاه الصين، بصرف النظر عن دوافعهما وعن استمرار علاقاتهما الإستراتيجية مع أميركا. وهذا يستدعي من البقية التفكير في توسيع العلاقات مع الصين والاستفادة من إمكاناتها الاقتصادية الكبرى بدلاً من استمرار الارتباط الأوْحدي بالآلة الاقتصادية الغربية وشروطها السياسية.
نأتي الى لبنان الباحث عن طوق نجاة في أزمته الطاحنة: كيف سيتصرف بشأن التعاون الاقتصادي مع الصين، وهو الذي تجاهل في السابق عروضاً قدّمتها في قطاع الكهرباء مثلاً؟ وما الذي سيتغير مع لقاء الرئيس ميقاتي بالرئيس الصيني تشي جي بينغ في الرياض؟ هل سيعيد النظر في تعامله مع هذا الملف بخلاف ما تريده الإدارة الاميركية، وبما يؤمّن مصلحة لبنان، تماماً كما تفعل السعودية من دون أن تعير حسابات كبرى لحلفها الوثيق مع أميركا؟ هل سيبحث لبنان الرسمي عن مصلحته من دون أن يدير أذنيه ولو لمرة واحدة لنصائح أميركا المعطِّلة لمصالحه، أم ان ما هو حلال للسعودية حرام على لبنان؟
نأمل أن تنضج الظروف لكي يتحرك لبنان من أجل تحقيق مصالحه الوطنية بعيداً عن الضغوط الخارجية.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024