نقاط على الحروف
26/12/2022
سوابق الإعلام في لبنان.. كوارث العصر
ميساء مقدم
عام 1954، وضع الاتحاد الدولي للصحفيين "IFG" ميثاقًا للشرف تحت عنوان "الاعلان العالمي لأخلاقيات المهنة للصحفيين" - طرأت عليه عدّة تعديلات لاحقة - كان من بين أهم ما جاء فيه اعتبار ما يلي تجاوزًا مهنيًا خطيرًا: "الانتحال، التفسير بنيّة السوء، الافتراء، الطعن، القذف، الاتهام على غير أساس، قبول الرشوة من أجل نشر أو إخفاء معلومات".
وبعد قرابة 65 عامًا أي في العام 2019، صدرت نسخة معدّلة شملت واجبات الصحفيين وحقوقهم، جاء فيها: "على الصحفي التأكد أن المعلومات والآراء التي ينشرها لا تساهم في تعزيز الكراهية والترويج للصور النمطية، وعليه أن يبذل أقصى جهده لتحاشي تسهيل نشر التمييز القائم على الأصول الاثنية أو الاجتماعية أو الجغرافية، او العرق، أو التنوع الاجتماعي..".
ويعترف الصحفي وفق هذا الميثاق أن "الممارسات التالية تعتبر اخفاقًا مهنيًا خطيرًا:
- الغش.
- تشويه الحقائق.
- القذف ونشر الاساءة، تلطيخ السمعة، الاتهامات العارية من الصحة".
ما سبق هو نموذج يسير عن عشرات بل مئات مواثيق الشرف الاعلامية التي تحكم عمل الاعلام، من الصدق والنزاهة والموضوعية واحترام الرأي العام والتحلي بالمسؤولية الاجتماعية. لكن في لبنان من لم يسمع بعد بأيّ منها.
في لبنان هذا البلد المنكوب بكل تفاصيله، الكثير من العجائب والسوابق. فلم يحصل ربما من قبل أن اعتبرت وسيلة اعلامية فئة محددة من الجمهور هدفًا لها، ثم أقامت حفلات "الردح" ضدها صباحًا ومساءً، طالت فيها واحدة من أهم خصوصيات مجتمعه، ثم انفردت في نشرات أخبارها للرد على ردود الناشطين على مواقع التواصل منهم!
لم يُدرّس في أي من كليّات الاعلام النموذج المقدّم اليوم من قناة "الجديد". نحن هنا لا نناقش أزمة عامة لدى وسائل الاعلام اللبنانية مرتبطة بالحياد أو الموضوعية، أو حتى أدوات الكسب المادي لهذه الوسائل، ولا أزمة المصداقية أو مصادر المعلومات ولا الحريات الصحفية ولا غيرها من القضايا الاعلامية التي يناقشها غيرنا على هذا الكوكب، بل، نتحدّث عن وسيلة اعلامية فتحت مشكلًا شخصيًا مع جماعة، فحادت عن كل أساليب الحرب النفسية المعتمدة، لتدخل بالمباشر في حفلات قذف وشتم وتعرّض لبيئة مجتمعية أساسية في تكوين المجتمع اللبناني.
الأزمة المباشرة الأخيرة بدأت مع لقطة "ساخرة" على شاشة "الجديد" تعرّضت بالاهانة لشرف الجنوبيّات، وهو تعرّضٌ في مثل بيئة الجنوب المحافظة يعتبر جرمًا لا جُنحَة. الجمهور الحاضر بقسم كبير منه على شبكات التواصل الاجتماعي أعرب عن صدمته، مطالبًا بتوضيح أو اعتذار أو محاسبة، لتخرج احدى المعنيّات في التلفزيون وتشكّل رأس حربة الدفاع: "كانت مزحة ثقيلة"! هكذا عبّرت مديرة البرامج السياسية والأخبار في "الجديد" عن التعرّض لشرف الجنوبيّات، بكل بساطة.
"الجديد" التي ما فتئت تقدّم الاعتذارات يمينًا وشمالًا اذا ما تفوّه ضيف على شاشتها بكلمة لا تعجب "طِوال العمر"، لم تجد بدًّا من لحظة محاسبة ذاتية بعد اهانة بيئة بكاملها، بل أكملت ممثلتها على "تويتر" حربها متعرّضة للغة القرآن الكريم، ومختلقةً للأكاذيب، مدّعية المظلومية وتعرّضها للتهديد.
ما يدور اليوم من "معركة" بين جزء من بيئة وجمهور يعبّر باختلاف مستوياته وأساليبه عن غضبه مما عرض، وبين قناة متلفزة، هو سابقة خطيرة. فالجمهور عادة ما يكون مستهدفًا من قبل الوسيلة الاعلامية لغرض التثقيف والإخبار والرقي به إلى مستويات أعلى، واذ بـ"الجديد" تحوّل الجمهور إلى سلعة تقبض ثمن اهانته واستفزازه، في ظل غياب الجهات المهنية والنقابية والرسمية والقضائية القادرة على المحاسبة (لأسباب ترتبط بالصلاحيات تارة، وبالارادة السياسية تارة أخرى).
القاع الذي بلغته الساحة الاعلامية في لبنان هو نتيجة طبيعيّة لتداخل الاعلام بالكسب اللا مشروع والرشى وشراء الذمم، ونتيجة طبيعية أيضًا لتحوّل الـ"البلوغرز"، و"الناشطين" و"الممثلين" و.. الى إعلاميين يوكل اليهم أمر قيادة الجماهير.. إلى الهاوية.
لبنانالتضليل الإعلاميالمجتمعوسائل الإعلام
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
05/06/2023
مرشّح التقاطعات والمليارات المفقودة
04/06/2023
الإمام الخامنئي.. كاريزما القائد الاسلامي
03/06/2023
عن الفرد البطل والروح
28/05/2023
جماليات السرد المقاوم وأثره السياسي
التغطية الإخبارية
لبنان: وزارة الصناعة تحدد سعر طن الترابة السوداء
لبنان: القاضي مزهر أبطل تعاميم مدرسية تلزم أهالي الطلاب دفع الأقساط بالدولار في النبطية
لبنان: المجلس الدستوري رد الطعن المقدم بقانون الشراء العام
بالصور: وداع الشهيد الطفل محمد التميمي (عامان) الذي استشهد متأثرًا بجراحه برصاص الاحتلال منذ أيام في النبي صالح
لبنان: 767 خدمة لمركز بئر العبد التابع للدفاع المدني - الهيئة الصحية خلال شهر أيار 2023
مقالات مرتبطة

فضل الله: لدينا مروحة من الخيارات الدستورية في جلسة الانتخاب

نقيب الصيادلة: القسم الأكبر من الأدوية المفقودة تعود للأمراض المستعصية والسرطانية

بشرى من المدير العام لمصرف الإسكان: قروض جديدة بالدولار

عز الدين: الفراغ في سدة الرئاسة مدمّر للجميع

الشيخ البغدادي: لبنان الحقيقي خرج من الهيمنة الأميركية منذ زمنٍ بعيد

خبر "النهار" حول التسريبات عن لقاء باسيل - صفا غير صحيح

جولة على أحدث خزعبلات التصهين في لبنان

الضحك المتدحرج إلى الهاوية

الأسد بين شعبه .. والحملة "المغرضة" سوقها ضعيف

"النهار" وغلمان ابن سلمان: "لا نسمع لا نفقه لا نرى"

"لوبيتو": تعزيز لثقافة افلام العائلة وسعي لتأمين محتوى هادف

مائدة الإمام زين العابدين(ع).. عطاء مستمر

الجمعية النسائية للتكافل الاجتماعي: تخفيف الأزمة عن كاهل الأسر

مسؤول لجنة الإصلاح في حزب الله لـ"العهد": أمن الناس خط أحمر

ما مخاطر عدم غسل أو تغيير أغطية الأسرّة بشكل منتظم؟

الاعلام الإسرائيلي يواجه الفوضى الداخلية بالتخويف من صواريخ حزب الله !!

"العهد" في ملتقى رواة المقاومة: فرسان الحقيقة وفضح الاحتلال والإرهاب

وسائل الإعلام الأميركية تتعمّد تضليل الجمهور.. هذا ما أكدّه نصف الأميركيين

سورية: واشنطن تقدّم ملايين الدولارات لتشويه صورة الدولة عبر تضليل الرأي العام
