طوفان الأقصى

آراء وتحليلات

العدو الصهيو - أمريكي و"تجريب المجرب" مع لبنان وإيران
30/12/2022

العدو الصهيو - أمريكي و"تجريب المجرب" مع لبنان وإيران

إيهاب شوقي

عندما يتم استخدام أكثر الأساليب التاريخية فشلًا وهو "تجريب المجرب"، فإن الأصابع لا بد من أن تشير لأحد احتمالين لمن يقوم بهذا العمل، الأول، هو الحمق والغباء الشديدين، والثاني، هو العجز عن استخدام أسلوب آخر واقتصار الخيارات المتاحة على هذا الخيار العبثي.

هذا هو حال العدو الصهيو - أميركي مع خصومه وعلى رأسهم محور المقاومة، حيث لا تخلو ممارساته من إعادة استنساخ لكل الخيارات البالية والمؤامرات الفاشلة، وربما الجديد فقط، هو زيادة جرعة الحماقة بما يجعل من الانزلاقات أقرب من المناورات واحتمالات المواجهة أقرب من سياسة حافة الهاوية.

والمراقب لتصدير العدو لصورة التطرف وجعل المتطرفين والإرهابيين الصهاينة في واجهة الكيان، والإعلانات المستمرة عن التحضير لاستهداف إيران والمقاومة بالتحالف مع أمريكا، وتكثيف التصريحات التي تدعي أن الكيان أفشل خطط محور المقاومة لتشكيل جبهة مقاومة في الجولان والادعاء بإفشال خطط الشهيد قاسم سليماني في سوريا، لا بد من أن يراقب مع كل ذلك حال الكيان الأمني المهترئ وعجزه عن حماية مستوطنيه وجنوده في الضفة والقدس وفشل راعيه الأمريكي في تركيع إيران، بل ومجرد انتزاع أي تنازل منها، وبالتالي يصل المراقب لنتيجة مفادها أن العدو يتستر بالتهديد لإخفاء فشله.                
ولعل المراقب لتطورات الوضع الدولي، يستطيع استخلاص جوهر السياسة الأمريكية والتي تتجنب المواجهات المباشرة وتكتفي بإشعال الحرب بالوكالة وإفشال الخصوم عبر التضحية بحلفائها وأدواتها والاكتفاء بتمويلهم ودعمهم بالأموال والسلاح والدعايات السوداء.

والمراقب للعدو الصهيوني يلمح انقسامًا بين معسكر يتخوف من السياسة الأمريكية ولا يراهن على مشاركتها في أي مواجهة مباشرة، ومعسكر يسعى لتوريطها وجرّها جرًا إلى المواجهة، ويشكل هذا الانقسام ارتباكًا وتناقضًا وربما محل الاتفاق الوحيد بين المعسكرين هو استمرار المؤامرات وخلق الفتن وتكثيف الدعايات والاعتماد على العملاء والمأجورين لتنفيذ استراتيجية تشبه "كسارة البندق" تعتمد على الضغط من الخارج عبر الحصار والعزلة ومن الداخل عبر تأجيج الفتن والقلاقل، كمحاولة لكسر الأنظمة والحركات المقاومة.

وبمزيد من التفاصيل والمصاديق الواقعية، يمكن رصد بعض المستجدات التي تشي باعتماد هذه الأساليب والتي تعد في سياق "تجريب المجرب" ولن تجدي نفعًا وستفشل مع صمود المقاومة ووعيها وبصيرتها:

مؤخرًا، أفادت التقارير بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو تلقى اتصالًا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتهنئته بفوزه في الانتخابات، واستغل نتنياهو الاتصال للتعبير عن قلقه من توسع العلاقات العسكرية بين روسيا وإيران. ونقل موقع "ديبكا" الاستخباراتي الصهيوني عن مصادره العسكرية أن قلق نتنياهو الرئيسي هو من إمكانية نقل روسيا للمعلومات النووية إلى إيران والحد من حرية العمل التي يتمتع بها سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا مقابل استمرار إيران في تزويد روسيا بالطائرات المسيّرة، حسب زعمهم.

وفي سياق ذلك روج الموقع لمزاعم التحضير لعمل عسكري أمريكي صهيوني مشترك، حيث زعم أن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين كبارا ناقشوا في الأيام الأخيرة احتمال شن عملية عسكرية أميركية ـ إسرائيلية مشتركة لقصف المصانع التي تصنع طائرات مسيّرة في إيران، وأن هذا الموضوع جاء في المحادثة الأخيرة بين مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال هولتا.

ولكن موقعًا صهيونيًا آخر فضح الانقسام بين الموساد والمؤسسة العسكرية الصهيونية، فذكر موقع "اسرائيل هيوم" أن المسؤوليين الإسرائيليين منقسمون حول الاتفاق النووي الإيراني، وقال إن الموساد المكلف بمعالجة التهديد الإيراني عارض بشدة استعادة الاتفاق، قائلاً إن الصفقة لن تكون مجدية إلا إذا أبعدت إيران عن قنبلة نووية لفترة طويلة جدًا وإذا تم تعديلها لتشمل بنودًا مثل معالجة أنشطة إيران (الإرهابية)، بينما اعتبرت مديرية الجيش الإسرائيلي أن اتفاق عام 2015 هو أهون الشرّين.

وكشف الموقع أن جيش العدو الإسرائيلي ابتكر ثلاثة مسارات مختلفة للعمل، لكن احتمال ممارستها عسكريًا ضعيف لعدة أسباب: فرص نجاحهم غير الواضحة، احتمال أن تستعيد إيران قدراتها بعد الضربة بوقت قصير بدعم دولي، والتقدير أن مثل هذا الهجوم من شأنه أن يؤدي إلى أعمال عدائية إقليمية واسعة النطاق مع انضمام حزب الله والجماعات الفلسطينية إلى المواجهة. وفقا للموقع الصهيوني.

هنا نرى من خلال هذا التناقض الصهيوني أن التلويح بالخيار العسكري هو مناورة تفاوضية استعدادًا لأطروحة جديدة ربما تستعيد أمريكا طرحها، هذه الأطروحة كشفها الموقع أيضا، حيث ذكر أن البعض في مجتمع الاستخبارات يعتقد أنه سيكون من الحكمة تغيير الديناميكيات والترويج لاتفاق نووي جديد يجب أن يشمل تحالفًا دوليًا من شأنه أن يتوصل إلى صفقة بموجب صيغة "المزيد مقابل المزيد"، أي كلما زادت التنازلات الإيرانية زاد الرفع للعقوبات والعكس.

وعلى الصعيد اللبناني، نلمح ذات المناورات عبر محاولات التحضير لتدخل دولي تحت راية إنقاذ لبنان من الانهيار والجمود السياسي، وفي ذهنية من يقوم بالتحضير من الخارج، ومن يروج لتدخل أممي في الداخل اللبناني، ربط الملف الإيراني بالملف اللبناني وانتزاع تنازلات من المقاومة.

لطالما فشلت الرهانات الأمريكية والصهيونية في ربط الملف النووي الإيراني بملف المقاومة في لبنان، ولطالما أثبتت إيران أنها لا تتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، ولطالما أثبتت المقاومة في لبنان استقلاليتها التامة في قراراتها وتعاطيها مع الوضع اللبناني، إلا أن الغرب المصاب بالعمى الاستراتيجي وأذنابه من العملاء الإقليميين وفي الداخل اللبناني، لا يستطيعون استيعاب هذه الحقيقة الساطعة، ويصرون على استمرار تجريب المجرب.

لبنانالجمهورية الاسلامية في إيرانالمقاومة

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة