طوفان الأقصى

آراء وتحليلات

ماذا تبقّى من مبادرة "السلام" العربية؟
02/02/2023

ماذا تبقّى من مبادرة "السلام" العربية؟

إيهاب شوقي

ربما لم يمثل الصمت الإماراتي عن مجزرة العدو الاسرائيلي في جنين ولا حتى الإدانة الإماراتية لعملية القدس البطولية، صدمة أو مفاجأة، بعد التوسع الإماراتي الكبير غير المبرر في التطبيع ومع الشروع في تدريس أكذوبة الهولوكست في المدارس الإماراتية.

كذلك لم تشكل الإدانات التركية أو المصرية أو الأردنية أو البحرينية مفاجآت، مع وجود علاقات تطبيعية واتفاقات وتفاهمات مع العدو، ناهيك عن أزمات اقتصادية تجعل من هذه الدول مرتهنة للمؤسسات الدولية والتي تشكل مهادنة الصهاينة ومعاداة المقاومة أهم بواباتها الرئيسية.

لكن ما كان بارزًا إلى حد كبير هو الموقف السعودي، حيث كانت السعودية في غنى عن بيانها الذي ساوى بين عملية القدس ومجزرة العدو، خاصة وأن السعودية لم تعلن رسميًا بعد عملية التطبيع وتحرص دوما على النفي الرسمي لكل ما يرشح من لقاءات مع العدو، كما أنها لا تتعرض لضغوط من مؤسسات دولية، مما يجعل من البيان السعودي تقاربا مجانيا مع العدو ومغازلة مكشوفة.

ولكن السؤال الآن هو حول مصير ما يعرف بمبادرة السلام العربية، وهي مبادرة سعودية بالأساس، أطلقها الملك السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز، والتي هدفها المعلن إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967 وعودة اللاجئين والانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع الكيان.

 هذه المبادرة كانت في عام 2002، وتم الإعلان عنها في القمة العربية في بيروت، وبرغم تخليها عن الثوابت واعترافها بالعدو، إلا أنها نالت تأييداً عربياً. ورغم هذا التفريط العربي الذي حملته المبادرة، إلا أن العدو لم يعرها اهتمامًا، وقابلها باستهانة وبمزيد من الابتلاع للحقوق، والأدهى والأمر، هو أن العرب وسعوا عمليات التطبيع المجاني رغم تجاهل العدو للمبادرة، بمن فيهم الدولة صاحبة المبادرة، وهي السعودية والتي ألمحت لشروط للتطبيع بعيدة كل البعد عن روح المبادرة وبنودها.

ولإنعاش الذاكرة حول المبادرة، يمكننا التذكير باختصار ببعض ما ورد فيها:
يطلب المجلس من "إسرائيل" إعادة النظر في سياساتها، وأن تجنح للسلم معلنة أن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي أيضا، كما يطالبها بالقيام بما يلي:
- الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، والأراضي التي ما ما زالت محتلة في جنوب لبنان.
- التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
- قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو (حزيران) في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية.

والسؤال الآن هو: ماذا تبقى من هذه المبادرة؟ وكيف يجرؤ العرب على الإعلان عن تبنيهم رسميا لها إلى وقتنا الراهن؟
والسؤال الأهم هو عن الموقف السعودي، والذي وصف المغتصبين للقدس والساعين لطرد العرب منها وتهويدها بالكامل بأنهم مدنيون، وأن المقاومة ضدهم تعد ارهابا يستوجب الإدانة السعودية!
ألم تكن العملية في القدس الشرقية التي ترفع الانظمة العربية لافتة أنها عاصمة الدولة الفلسطينية؟
الا تعد مستوطنة مقامة على عاصمة فلسطين بمثابة احتلال يستوجب المقاومة؟
ماذا تبقى اذًا من مصداقية الانظمة حتى لو سلمنا بأنها مفرطة؟

باختصار شديد، وبكلمات مباشرة، فإن الأنظمة الرسمية التي أدانت عملية القدس لا يحق لها حتى التظاهر والادعاء بامتلاك الموقف (المفرط والمرفوض) وهو حل الدولتين وأن القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية.
فالعملية كانت في مستوطنة بالقدس الشرقية، أي بمنطقهم المفرّط حتى، كانت عملية دفاعية وكانت مقاومة لشطر مغتصب من شطري القدس وفقا لمنظورهم المفرّط.
معنى ذلك انهم باعوا القدس كاملة وانهم والصهاينة سواء، وهو ما يتطلب موقفًا رسميًا من الفصائل والدول التي لم تفرّط بعد، وعلى الأقل يتم وضعه في حسابات من لا يزال يحمل بعض رهانات ولو على أنصاف مواقف من هؤلاء.

التطبيعفصائل المقاومة الفلسطينيةالكيان المؤقت

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة
حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" تفنّد ادعاءات منظمي مسرحية تطبيعية في بيروت
حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" تفنّد ادعاءات منظمي مسرحية تطبيعية في بيروت
خيار السلام العبثي
خيار السلام العبثي
بعد إخبار قضائي ضدّه.. منع عرض مسرحية لمُطبّع مع العدو في مسرح "مونو"
بعد إخبار قضائي ضدّه.. منع عرض مسرحية لمُطبّع مع العدو في مسرح "مونو"
السيد نصر الله: محور المقاومة ذاهب إلى انتصار تاريخي وكبير في هذه المعركة
السيد نصر الله: محور المقاومة ذاهب إلى انتصار تاريخي وكبير في هذه المعركة
"سودانيون ضدّ التطبيع" يرفضون بثّ قناة إسرائيلية من بورتسودان ويوجّهون رسالة للمقاومة الفلسطينية
"سودانيون ضدّ التطبيع" يرفضون بثّ قناة إسرائيلية من بورتسودان ويوجّهون رسالة للمقاومة الفلسطينية
فصائل المقاومة الفلسطينية باركت الردّ الإيراني: دفاع عن النفس وحق أصيل لطهران
فصائل المقاومة الفلسطينية باركت الردّ الإيراني: دفاع عن النفس وحق أصيل لطهران
الفصائل الفلسطينية أحيت يوم القدس العالمي
الفصائل الفلسطينية أحيت يوم القدس العالمي
استعدادات في صيدا لإحياء يوم القدس العالمي
استعدادات في صيدا لإحياء يوم القدس العالمي
الفصائل الفلسطينية تُدين العدوان الصهيوني على القنصلية الإيرانية في دمشق: محاولة للهروب من الفشل في غزة
الفصائل الفلسطينية تُدين العدوان الصهيوني على القنصلية الإيرانية في دمشق: محاولة للهروب من الفشل في غزة
القوى الوطنية والإسلامية: المحرقة النازية تتصاغر أمام جريمة مستشفى الشفاء
القوى الوطنية والإسلامية: المحرقة النازية تتصاغر أمام جريمة مستشفى الشفاء
لماذا شارك هاشميو الأردن في الدفاع عن "إسرائيل" في مواجهة إيران؟
لماذا شارك هاشميو الأردن في الدفاع عن "إسرائيل" في مواجهة إيران؟
بن غفير يثير غضبًا داخليًا في الكيان: "فَضَحَ "اسرائيل" واستهزأ بها"
بن غفير يثير غضبًا داخليًا في الكيان: "فَضَحَ "اسرائيل" واستهزأ بها"
كيف يستغل المسؤولون الإسرائيليون الإعلام الأميركي؟
كيف يستغل المسؤولون الإسرائيليون الإعلام الأميركي؟
نتنياهو: نواجه تهديدًا وجوديًا
نتنياهو: نواجه تهديدًا وجوديًا
اجتياح إعلامي في أصفهان.. مشهدية ركيكة
اجتياح إعلامي في أصفهان.. مشهدية ركيكة

خبر عاجل