طوفان الأقصى

خاص العهد

يوم اختبرت نخبة العدو قتال حزب الله الكربلائي في ميدون
27/05/2023

يوم اختبرت نخبة العدو قتال حزب الله الكربلائي في ميدون

يوسف الشيخ
غداة اندحار العدو من منطقة البقاع الغربي في 24-4-1985 إلى الشريط الحدودي وبعد شهرين من الأندحار الكبير من الجنوب. أعدت المقاومة الاسلامية استراتيجية عسكرية شاملة للمنطقة المحررة، وتم تقسيم الجنوب والبقاع الغربي إلى محاور، فجرى تكليف الشهيد القائد الحاج محمد بجيجي (أبو حسن) بقيادة قاطع البقاع الغربي أي الجزء الجنوبي من البقاع بعد خط بيروت ـــ دمشق والذي يمتد على طول المنطقة الجغرافية المحاذية للقطاع الشرقي من جنوب لبنان والبقاع، مهمة الشهيد القائد بجيجي كانت تنظيم خطط الدفاع عن منطقة مسؤوليته، ووضع مخطط للعمليات الهجومية الممكنة في ذلك القطاع فضلاً عن عمليات المناورة والاستطلاع وأمور أخرى.
 
توقف تردد الشهيد ابو حسن الدائم بين مقر القيادة في بعلبك وبلدته المحررة مشغرة . إلا أنه قام بعد تكليفه برحلة عمل طويلة لحوالي اسبوعين عاد بعدها مصطحباً معه مجموعة من الكوادر العسكرية والمدربين في عدد من الاختصاصات من أبناء المنطقة والجوار.
 
انتقل هؤلاء الضباط والمدربون من بيروت وبعلبك والنبي شيث والهرمل إلى القسم الجنوبي من منطقة البقاع الغربي الذي تقرر أن يكون محور الجهد الأساسي في قطاع المسؤولية.
 
المهمة الأولى التي كانت بانتظار الشهيد القائد الحاج أبو حسن ومرافقيه ممن يخبرون المنطقة جيداً كانت إعادة مسح ودراسة المنطقة وتصنيفها حسب المهمات المقررة في الخطة التعبوية (العملياتية) الشاملة للمقاومة الاسلامية.
 
وتلى تلك المهمات مهمات أساسية منها روتيني كتحديد العديد المطلوب لنجاح الخطة ومستوى تأهيلهم ثم اعدادهم إعداداً جيداً لتنفيذ المهمات المطلوبة في الحاضر والمستقبل.
 
ومنها إداري يرتبط بشؤون الدعم كمهمة التسليح والتذخير والاتصال والطبابة العسكرية والعمليات اللوجستية في تلك المنطقة الشاسعة جغرافياً.

انجزت الخطة وطبقت في زمن قياسي لم يتعد الـ 9 أشهر وبدأ العمل وفق الخطة وإن كان قد سبقه عمل تحضيري ولكنه متقن يلبي المتطلبات التكتيكية للميدان في مجالات الدفاع والهجوم والتأمين. حيث بدأ التنفيذ فوراً عند الحافة الأمامية، وفي المناطق المفتوحة  التي يمكن أن يتسلل إليها العدو فجرى تنظيم حطة كمائن ورصد محكمة تحقق عنصري المبادأة والمفاجأة. وكان واضحة من خلال دراسة منطقة العمليات أن أهم عارض حساس في منطقة البقاع الغربي هو قرية ميدون التي تقع في جنوب منطقة البقاع الغربي .

كانت ميدون تتمتع بميزتين تعبويتين في آن واحد:
 
الميزة الأولى أنها تشرف من مرتفع يتجاوز الـ 1100 متر وبزاوية رؤيا 270 درجة على المناطق الممتدة من بحيرة القرعون شرقاً إلى السلسلة الشرقية امتداداً إلى مناطق شبعا وحاصبيا ومرجعيون العائق الوحيد كان منطقة الغرب التي يتجاوز ارتفاعها 1300 متر  والتي لم يتركها العدو والتي تمتد غرباً باتجاه تلال ابو راشد والجبور وحنوب غرب باتجاه كفرحونة والريحان والعيشية وجزين.

الميزة الثانية أنها كانت حصينة جغرافياً وتشرف على جميع المعابر النفوذية والوصولية في ثلاث اتجاهات جنوبية أحدها يمر عبر السريرة زغلة وصولاً إلى الداخل الفلسطيني المحتل، وتعتبر ميدون حاكمة لخطوط القعر باتجاهين موازيين في واديي الدلافة ــ السريرة شرقاً، وفي منخفض زغلة ــ السريرة ــ عين التينة غرباً مما يعطي أفضلية ممتازة عسكرياً لمن يعمل في ميدون بنصب كمائن في هذه المناطق.

كما أنها تتمتع بميزة انسانية مهمة وهي أن معظم أهلها كانوا من أنصار ومريدي المقاومة وهي القرية الوحيدة في المنطقة التي لم يقبل أي من أبنائها بالعمل مع العدو وعملائه أي لم يسجل تجنيد عميل واحد من أبنائها.

تقرر الاستفادة من قرية ميدون في ثلاث أغراض تعبوية:
 
ــ الأول الاستفادة من ميزتها الجغرافية العسكرية لانشاء مرصدين تأمينيين كمنشأتين للإنذار المبكر ولرصد تحركات العدو في المنطقة المقابلة الممتدة على طول النظر مما يؤمن وضعية فورية وموقفاً دقيقة لنشاط العدو.

ــ الثاني الاستفادة منها كمنطقة تجهيز وانطلاق لمعظم دوريات المقاومة الاستطلاعية في عمق منطق العدو.

ــ الثالث تنظيم كمائن في محيط القرية تؤمن كشف العدو والاشتباك معه في حال قرر النفاذ إلى عمق المنطقة المحررة ويمكن أن تتحول بعض تلك الكمائن إلى مجموعات قتال تعطيلي (استشهادي) في حل قرر العدو المس بالقرية وببلدة عين التينة المجاورة شمالاً.

كانت الأوامر واضحة ومشددة بعدم الاجتهاد في أي عمل عسكري يضر بالمميزات العسكرية التي تتمتع بها القرية والحفاظ على حسن استثمار موقعها كمرصد كبير للعدو.

مع مرور الأيام، قدمت جغرافية ميدون العسكرية كنزاً من المعلومات للمقاومة، استثمرته لاحقاً في العمليات العسكرية ضد دوريات ومواقع العدو المتاخمة للبقاع الغربي، فكانت النتائج باهرة في عمليات استهداف دوريات وتجمعات العدو واقتحام قلاعه المحصنة وتفجيرها وإيقاع أكبر الخسائر فيها  بدءاً من موقعي لوسي والسريرة الذين اقتحمهما المجاهدين في 2-12-1986  وغنموا فيهما ملالة M113  وكميات كبيرة من الأسلحة فيه، وأثناء انسحابهم فجروا جسر الدلافة ليحرموا الاحتلال من ميزته العسكرية  في أي عملية اجتياح قادمة سيما وأن العدو فرض إغلاقاً تاماً للجسر وأبقاه بعدما زرع فيه موانع لغاية خبيثة في نفسه.

خلال سنتين من العمليات المتواصلة ذاقت مواقع وطرق ودوريات العدو الأمرين في ميمس وشويا وزغلة ومثلث كفرحونة وكروم الأرز وغيرها. إلا أن التحدي الأكبر للعدو كانت عمليات المقاومة الاقتحامية  الأولى والثانية والثالثة على موقع تومات نيحا والتي تعامل معها العدو كأنها مس لهيبته، وبالأخص عملية تومات نيحا الثالثة التي جاءت في 4-12-1987 بعد أسبوعين من استحداث العدو لموقع جديد وشديد التحصين في أعالي جبل نيحا الشاهق بدلاً من الموقع الاول الذي استهدفته المقاومة عام 1987 مرتين وفجر كله تقريباً في المرة الثانية.

كانت كل عملية توجع العدو يعتبرها الأهالي إيذاناً لقرية ميدون بالانتقام منهم، وإيذاناً للمقاومة بعملية تعرض كبيرة ومحاولة اقتحام للقرية من الجهة الغربية أي من جهة تلال أبو راشد والجبور. وكان الهدف الصهيوني واضحاً من ذلك وهو:

1ـــ تحميل المدنيين الفقراء من أهالي ميدون ثمن الخسائر المادية والمعنوية التي يدفعها العدو وعملائه ليخلقوا شرخاً لم يتحقق بينهم وبين المقاومة.

2ـــ تهجير أهل القرية وجعلها خالية من السكان.

3ـــ محاولة القضاء نهائياً على أي وجود مقاوم في القرية نظراً لأهميتها الاستراتيجية والتي كان جنرالات العدو كما ظهر من مذكراتهم يعلمون علم اليقين أنها عين المقاومة غلى المنطقة المحتلة المقابلة للبقاع الغربي وأنها بمثابة كنز معلوماتي للمقاومة أسهمت بشكل أساسي بالمناورة والنار الممتازين الذين قامت بهما المقاومة في كل محاور البقاع الغربي.

خبرت قرية ميدون محاولات الاجتياح الصهيوني ثلاث مرات الأولى في 4-12-1986 بعد عمليتي لوسي والسريرة والثانية في 15-12-1987 والثالثة في فجر ونهار 4 أيار/ مايو 1988 والتي تلقن فيها العدو درسه الكربلائي جيداً فأحجم عن مجرد تكرار هذه الفكرة  .
ساهمت محاولتي الاجتياح الأولى والثانية بتهجير معظم أهل القرية جزئياً من البلدة باتجاه عين التينة ومشغرة حيث كانوا يعودون نهاراً ليمارسوا أعمالهم الزراعية في القرية ثم يعودون إلى ملائهم المؤقتة في قرى المحيط.
 

يوم اختبرت نخبة العدو قتال حزب الله الكربلائي في ميدون
خريطة للعدو تظهر المنطقة المحتلة وامتداداتها

وساهم التصدي للاجتياح الثاني في 15-12-1987 الذي أسماه العدو بعملية " العيون الخضراء " بفتح العين على ميدون بعدما  أحرق المجاهدون من عين التينة وميدون ملالة للعدو وأطاحوا ب 14 جندياً للعدو وعملائه ومنعوه من الاقتراب من القرية في قتال شرس استمر لست ساعات.

وفي العدد 477 من مجلة التثقيف العسكري التابعة لجيش العدو  المسماة " الأنظمة - معرخوت " بين صفحتي 55-61 شرح شامل وتكتيكي للعملية بقلم المؤرخين العسكريين "غال بيرل فينكل" منسق البرامج العسكرية والاستراتيجية في المعهد الوطني والمقدم احتياط "أفيرام رينغ"  قائد اللواء 261 حيث كتبا:
 
" تعتبر القاعدة في ميدون هدفا معقدا ومحصنا وقد تصدت لها قوات الجيش الإسرائيلي في مناسبات سابقة ومن الأمثلة على هذه العمليات عملية "العيون الخضراء" عام 1987 والتي تضمنت هجوما مشتركا لــ:
1ــ قوة مضادة للدبابات
2ــ سرية المظليين بقيادة النقيب يائير غولان
3ــ قوة من وحدة شلداغ بقيادة المقدم أليك رون، ضد أهداف في القرية".

وضعت المنطقة الشمالية قرية ميدون على لائحة أولوياتها العسكرية فوضع شاؤول موفاز، قائد لواء المظليين يومها، الذي كان عقيداً في ذلك الوقت، وأصبح قائداً لأركان جيش العدو بعد العام 2000 خطة أسماها "إجتياح لوائي" للقرية، لقيت الخطة موافقة فورية من قائد المنطقة الشمالية يوسي بيليد وتشجيعاً من قائد فرقة عصبة النار (غاعش) العميد مئير ردغان (الذي أصبح لاحقاً قائداً للموساد)، ونتيجة لحساسية وأهمية الموضوع رفع ملف لرئيس الأركان في ذلك الوقت المقدم مظلي دان شمرون، ووزير الحرب آنذاك الجنرال احتياط اسحق رابين (قائد القوات التي احتلت القدس عام 1967)، وبسبب معارضة شمرون لفكرة اجتياح شامل دعا رابين مجموعة من عقول الجيش الذين سماهم بالاسم:
- المقدم مظلي دان شمرون رئيس هيئة الأركان
- اللواء يوسي بيليد قائد المنطقة الشمالية
- العقيد شاؤول موفاز قائد قوات المظليين
- العميد مائير ردغان قائد الفرقة 36 (عصبة النار)
- المقدم اسحق غيرشون  قائد الكتيبة 202
- الرائد ايرز غيرشتاين قائد سييريت جولاني الذي كانت رتبته رائد ولكنه كان قد قدم خطة عن كيفية محاربة حزب الله اعتمدت في مدرسة الجيش العسكرية وتكلف غيرشتاين بالمحاضرة فيها.
 
وافق الجميع باستثناء دان شمرون وغيرشتاين على العملية، ورغم أن رتبة غيرشتاين كانت الأصغر إلا أن رابين أهتم بمعرفة ما قام غيرشتاين بتدريسه عن حزب الله، فاعتبر غيرشتاين أن "الضربة الكاسرة لحزب الله ستؤدي إلى استخدام الحزم، ما يبرع فيه، وهو ربط الهزيمة وقتلاه بالتراث الشيعي وبكربلاء والحسين مما سيعزز عملية استقطابه لمقاتلين جدد بأضعاف ما سنقتل له".

وقدم غيرشتاين بشكل مختصر نظريته لمواجهة وهزيمة حزب الله (نشر غيرشتاين عام 1995 أي قبل 4 سنوات من تصفيته على يد مجاهدي المقاومة الاسلامية في شباط/ فبراير 1999 مقتطفات من رسالة ماجستير كان تقدم بها إلى كلية الامن القومي وأعيد نشر أهم ما ورد في البحث في كتاب صدر عام 2007 بعنوان "Tamzit Gego" - قصة إيرز غيرشتاين والحرب في لبنان للكاتب إيهود عيران):

1. الإستراتيجية: "إن مشكلة محاربة تنظيم حزب الله ليست مشكلة فنية ــ عسكرية فقط ، بل يجب أن تكون مصحوبة بإجراءات وترتيبات سياسية ، وبدون حل سياسي سيكون من المستحيل القضاء على التنظيم بشكل نهائي ، ولكن ستؤدي الأعمال العسكرية الصحيحة إلى تقليص عملياته بشكل كبير".

2 ــ السكان المحليون: "هناك حاجة إلى ترتيبات اجتماعية واقتصادية لحل بعض المشاكل التي تؤدي إلى ظهور المتمردين ودفع السكان إلى أحضانهم. وقد نتج عن إيذاء السكان المحليين تعزيز مكانة حزب الله بينهم، لا سيما في ظل المساعدات الكبيرة التي قدمها لهم".

3. طول النفس: "لا يمكن هزيمة حزب الله بعملية لمرة واحدة ، ولكن بعملية عدوانية وطويلة الأمد، كحرب استنزاف مضادة. تتطلب الحرب المضادة إيلاء اهتمام دقيق للتكتيكات... يمكن أن تتراكم النجاحات الصغيرة. وتؤدي إلى نتائج كبيرة بشكل خاص".

4. "أخذ زمام المبادرة أمر بالغ الأهمية".

5. النقطتان الرئيسيتان:

أ. "القوة العملياتية المحترفة للتنظيم صغيرة للغاية (عشرات المقاتلين). الأضرار التي لحقت بها ستجعل من الآثار صعبة للغاية على التنظيم".

ب. "حزب الله يعتمد كلياً على سكان الجنوب ، وفقدان هذا الدعم سيقلل من قدرته على العمل ضد الجيش الإسرائيلي".

توصيات لطريقة التشغيل:

1. الدفاع الدائم (البؤر الاستيطانية) مقابل الحركة المتنقلة (غارات الدخول والخروج): علمت التجربة المكتسبة أنه في المناطق التي غادر فيها جيش الدفاع الإسرائيلي، تسلل مقاتلو حزب الله واستقروا.
لذلك: "مع كل قيود الدفاع الدائم (مثل الحاجة لتزويد القوات في منطقة معادية، (وكون وجود القوات يجعلها هدفا واضحا) أفضل من الدفاع المتنقل".

2. أسلوب القتال ــــ الأمن المستمر: يجب أن يكون المبدأ الأساسي هو الاستخدام الصحيح للوسائل الموجودة تحت تصرف "جيش الدفاع الإسرائيلي" وتكييفها مع المهمة. "يجب أن يكون التركيز على القدرة على ضرب العدو من مسافات طويلة، مع الاستفادة من المزايا التكنولوجية للجيش الإسرائيلي من خلال الرؤية الليلية والمراقبة واستهداف التشكيل الجوي مثل طائرات الهليكوبتر القتالية والغارات الليلية. وينبغي أن يشمل نشاط اليوم بشكل خاص الكمائن التي تعد أكثر تقنيات القتال نجاحًا ".

3. أساليب القتال ــــ نشاط خاص: "يجب مهاجمة النشطاء المحليين على مستويات مختلفة، ولكن يجب تجنب الإضرار بكبار القادة. وتكمن ميزة إيذاء النشطاء المحليين في حقيقة أن حزب الله سيجد صعوبة في استبدال قائد محلي حي  ويعرف المنطقة، من بين أمور أخرى، لمبدأ التقسيم في المنظمة ".

أ. نشاط في عمق الأراضي اللبنانية: "الهجوم على الأهداف، التي تسمح بإلحاق ضرر مادي بعدد كبير من المقاتلين، يترتب عليه ضرر حقيقي بالقدرة العملياتية للتنظيم وضرر معنوي شديد".

4. الشروع في عمليات برية على نطاق واسع يتجاوز الخط الأحمر: "الغارات مثل ميدون (1988) أو ياطر (1992) غير فعالة، وذلك أساسًا لأنها تعرض القوات الكبيرة لنيران بعيدة المدى (صواريخ ساغر، ومدفعية). لذلك لا داعي للبقاء فيها ".

5. الذكاء: "عنصر حاسم للنجاح. يجب توجيه موارد كبيرة لهذه القضية."

6. الضغط على الحكومة اللبنانية: "الحكومة غير فاعلة بأي حال، فلا جدوى من ممارسة الضغط عليها (مثل الحصار البحري)".

7. أدوات إضافية أخرى: "طالما استمر الصراع على حدة منخفضة ، فلا جدوى من فتح جبهات إضافية ".

واقترح غيرشتاين بعدم كسر حزب الله لأنه سيرد بتجاوز الخطوط الحمر عسكرياً.

كان رابين الذي بباله استعادة الهيبة المهدورة في لبنان وفلسطين المحتلة يسعى إلى حلول تقدم إليه تنجز ردعاً فورياً وليس ردعاً متراكماً فهو صاحب نظرية" إذا لم تستطع أن تردع فاحسم" كان يريد من ضباطه تقديم خيارات ومبادرات لضرب أعدائه بقساوة فالوضع المتفجر في فلسطين بعد أسابيع على اندلاع الانتفاضة  وعملية قبية الشراعية في 26-11-1987 وخطط الذراع الطويلة التي كان قد أجازها قبل ذلك وكانت إحداها ستصل في نيسان 1988 إلى تونس لتغتال خليل الوزير (أبو جهاد) أكبر قائد عسكري فلسطيني.

فقرر الاستماع لخطة موفاز التي يؤيدها هو وأربعة من الحاضرين أوجز العقيد مظلي شاؤول موفاز خطته بالتالي  تنفيذ خطة من فرعين:

ــ الأول: عملية عسكرية زائفة تحت عنوان عملية " القانون والنظام " تشن قبل 48 ساعة لخداع حزب الله في القطاع الشرقي، وذلك بالاستعانة بالفرقة 36 وقوات أخرى من لواء المظليين وعناصر كتائب جولاني تنفذ عمليات تفتيش في وادي شبعا وقرى شبعا وميمس وكفر الزيت وعين عطا وحاصبيا بهدف ضرب الإرهابيين والتفتيش عن السلاح. وتوزيع منشورات تحذر سكان القرى من التعاون مع حزب الله.

ـــ الثاني: عملية " إجتياح لوائي " لقرية ميدون تحت عنوان "سيدر" هدفها مهاجمة "الإرهابيين" وتفجير المنشآت وتدمير البنية التحتية في كفر ميدون. وهذه العملية التي ستنفذ بعد 48 ساعة من عملية "القانون والنظام" هي الجهد الرئيسي في العمل ، في شكل معركة مداهمة التقسيم. لواء المظليين، (الذي كان يتدرب في ذلك الوقت في مرتفعات الجولان)، تم زحه في عملية قتالية سريعة ولكن شاملة. خلال هذا الوقت، لدى القوات الوقت للاستعداد في كل من إعداد الأسلحة وتعلم خطة المعركة والتمارين والنماذج. القوات المكلفة بالعملية هي لواء المظليين النظامي، سرية الدبابات 6 التابعة لكتيبة عوز (تشكيل ساعر من الجولان)، كتيبة الهندسة العسكرية، كتيبة مدفعية رشف، أ. قوة مروحيات هجومية من طراز كوبرا وديفيندر، بالإضافة إلى كتيبة مدرعة في الاحتياط.

ثم شرح على الخريطة نقاط التقرب ومحاور التقدم وكيفية المناورة وخطة الاسناد البري والجوي وفي الختام أشار إلى منطقة على الخريطة قائلاً نسف كل هذه البيوت (35 منزلاً) بعد تصفية كل من يقاتلنا في القرية والذين يتراوح عددهم بين 30 و 50 مقاتلاً .

اعتمدت الخطة نظرياً وطلب رابين اعدادها للتنفيذ والتدرب عليها ريثما يطلب منهم ذلك.

في ذلك الوقت قرر اسحاق رابين لتوجسه من الملاحظات العديدة التي أبداها رئيس أركانه دان شمرون أن يتولى هو بنفسه قيادة العمليات من غرفة عمليات المنطقة الشمالية التي تقرر استحداثها في مستعمرة ميتات على الحدود اللبنانية الفلسطينية.

في 16 نيسان/ أبريل 1988 نجحت قوة من سييريت ماتكال بتواطؤ وتسهيل من المخابرات التونسية بقيادة زين العابدين بن علي باغتيال القائد خليل الوزير (أبو جهاد  فغمرت الفرحة رابين لتمكنه من تحييد عدو قديم .إلا أنه وخلال الحفل  التكريمي للقتلة في 26-4-1988 دخل هالعميد هارنوف سكرتيره العسكري وبيده ورقة صغيرة تفيد بتعرض قوة من لواء جفعاتي لكمين محكم في مزارع شبعا ومقتل 4 بينهم نائب رئيس اللواء المقدم شموئيل أديب نائب قائد لواء جفعاتي. امتقع وجه رابين، فقد كان هو من كرّم شموئيل نفسه بعدما تولى قبل أشهر فجر 26 تشرين الثاني/ نوفمبر 1987 عملية البحث عن الشهيد " ميلود بن ناجح لومة " أحد بطلي عملية الطائرات الشراعية وتولى قتله بنفسه بعد اشتباك تلى رفض الشهيد "ميلود" الاستسلام .

جن جنون رابين العصبي المزاج أصلاً بدون إثارة توجه فوراً إلى مكتبه في الكيرياه. ثم وقع أمر عمليات بالبدء بالاستعداد لتنفيذ عمليتي " القانون والنظام " في 2-5-1988  وعملية  "سيدر" في 4-5-1988 .

يوم اختبرت نخبة العدو قتال حزب الله الكربلائي في ميدون

المجاهدون في عالم آخر

إنها ليلة الثلاثاء 3 أيار/ مايو 1988 ليلة القدر الأولى، وفي وحشة ذلك الليل بشرى ودمعة لـ19 نوراً ينتشرون بين حسينية القائم (عج) والخندق الجنوبي والخنادق المنتشرة حول ميدون. تختلط أصوات القصف بالجو اللاهب في حضرة أمير المؤمنين (ع) فابن ملجم ينتظر في الفجر ليفلق الهامة التي ما انحنت إلا لله. وكذلك عشاق علي (ع) ومريدوه.

في مكان آخر في مكان ما قريب كان القائد الشهيد الحاج أبو حسن بجيجي (الذي كان استبقى بديل ميدون على مائدة الافطار) يتلقى الافادات والبرقيات حول تطور الموقف العسكري في المنطقة، فهو استعد وأركانه منذ مقتل المقدم شموئيل وزملائه الثلاثة في شبعا للأسوء، فقد حرم المجاهدون كيان العدو الفرحة بانجاز يعتقدون أنهم أنجزوه في تونس. وكانوا يستعدون لتلقينه درس عمره
بعد أيام في ميدون.

نظر إلى ضيوفه ثم أخفى دموعاً فرت من عينيه وهو يتأمل ذلك التشكيل النوراني الذي يستعد للسفر بأجنحة حيدرية إلى الملكوت حيث المولى المنتظر عشاقه، أخذ يتفحصهم واحداً واحداً، وكأنه يقبل بعينيه أولئك المودعين غداً.

كانت القيادة قد وصلت بعد دراستها معه الوضعية العامة للعدو وانتشاره وتبعية الكتائب والسرايا التي أدخلها الصهاينة فضلاً عن القرائن التي يفيد بها سلوكهم العسكري في اليومين الماضيين (طبيعة النشاط الجوي والاستطلاعي ــــ دراسة الاستهداف المدفعي ــــ نشاط الاتصالات ــــ حجم الآليات ــــ نقاط الانتشار والتموضع ــــ الطبيعة العملانية للانتشار (هجومية ــــ تأمينية ــــ دفاعية) ــــ اتجاه الهجوم ومحاوره ــــ نقاط مناورته)، وخلصت القيادة إلى نتيجة أن العملية العسكرية الدائرة الآن في المحور الشرقي من حاصبيا إلى شبعا هي مناورة ذات طابع تقنيتي (خداعي) وأن الاتجاه الأساس للعملية هو ميدون وعين التينة.

تقرر القيام بمناورتين الأولى قريبة بالحركة والنار والاشتباك القريب والثانية المناورة بالنار بتكثيف استخدام المدفعية المنحنية ومدفعية الميدان والصواريخ والشاشات الثقيلة من (14.5 إلى 57 ملم )، وتقرر على عجل استخدام الميزة الدفاعية لميدون فجرى إدخال مدفع هاون عيار 82 ملم وعدد من مدافع الكوماندوس التي تصلح لاستهداف المشاة من عياري ( 47 ملم كومندو و60 ملم )، كما تقرر تزويد المجموعات المشتبكة بقاذفات آر بي جي 7 ورشاشات متوسطة من نوع بي كاسي وماغ.

جرى تخفيض العديد في المنطقة الجنوبية للبلدة والابقاء على بعض نقاط الرصد التي يمكن أن تتحول إلى نقاط التحام مع العدو في حال حاول اختراق المانع الجنوبي الصعب جنوب البلدة، وتم التركيز على غرب وشمال غرب البلدة وعلى الخندق الطويل الذي تم حفره في وسط الاراضي الزراعية المتاخمة للبلدة. كما تقرر استنفاذ عزم العدو في ميدون وجعل اي اقتراب من شمالها أو إلى عين التينة باهظ الثمن عليه.

يوم اختبرت نخبة العدو قتال حزب الله الكربلائي في ميدون
منشور صادر عن قيادة المنطقة الشمالية وزعه العدو ورمته طائراته ( بين 2أيار/ مايو و 4 أيار/ مايو 1988 ) ويحذر المدنيين من التعامل مع حزب الله


تولى الدفاع القريب عن ميدون 6 فصائل ثلاثة في داخلها وعلى أطرافها الغربية وثلاثة في حدودها الشمالية ونصبت عدد من خطوط الصد بلغت 4 خطوط بين ميدون وعين التينة.

عند الساعة الواحدة من فجر 4 أيار/ مايو 1988 تكثف القصف بشكل عنيف وكان ذلك إيذاناً للمجاهدين في ميدون أن سرية الاستطلاع الأولى التابعة للعدو بدأت تتحرك لاحظ أحد الكمائن المتقدمة من الجهة الغربية حوالي الساعة 2.30 حركة آتية من جهة الجبور وأبو راشد.

يقول شاؤول موقاز في مذكراته عن حركة أفراد لوائه عند الساعة الــ 2.30 فجراً ما يلي: "تم التخطيط لتحريك قوتين أمنيتين للاستيلاء على أكتاف جبل إزكان وجبل الراحيت (وهما المرتفعين المقابلين لغرب ميدون من جهة الجبور) من أجل تأمين محور الفرقة ، وجلب القوة الرئيسية نحو ميدون وتوفير المعلومات الاستخبارية في الوقت الحقيقي بالوسائل الحرارية. تم التخطيط للقوة الجنوبية لفريق لواء المظليين للتحرك والتمركز في جبل إزكان ، والتحكم في مراقبة محور الحركة والقرية (يقصد محور الحركة على طريق ميدون عين التينة وبين بيوت ميدون)، وكانت مهمة القوة الرئيسية لسرية الاستطلاع هي قيادة القوة إلى الجنوب. المناطق التي يمكن السيطرة فيها بالرؤيا وبالنار على القرية بهدوء أو بغطاء مدفعي وبحسب المخطط بعد سيطرتهم على تلك المناطق القيام بإغلاق المنعطف الغربي والانعطاف الجنوبي والشرقي (من جهة السريرة ولوسي) ــ ستستخدم المدفعية الثقيلة على القرية وستقوم قوات "سييريت" (لواء المظليين) نفسها بإغلاق المنعطف الشرقي والشمالي (يقصد من جهة الدلافة في أسفل المنحدر الشمالي الشرقي قرب النهر) بالكامل".

قامت سرية الأفعى بقيادة النقيب غال هيرش بمحاولة الاقتراب من الحي الشمالي الغربي في ميدون

انتظر الأخوة المجاهدون اكتمال اقتراب القوة المهاجمة، وكان معظمها من جنود وضباط استطلاع قوة نخبة النخبة في جيش العدو أي جنود اللواء 35 مظلي الذي كان يتبع لرئيس الأركان مباشرة، ولدى وصولها إلى نقطة المكمن فتحوا نيرانهم على القوة المتسللة واشتبكوا معها لمدة 45 دقيقة قتل في العملية قائد القوة صهيون مزراحي، وقُتل ضابط ارتباط قائد العملية ماركو برنشتاين قائد المجموعة الثانية المتسللة التي كانت تضم شاؤول موفاز نفسه، كما قتل ضابط استخبارات اللواء بوعاز رافيد في نهاية الاشتباك بقذيفة سقطت قربه. كما جرح في الاشتباك 9 من المتسللين برصاص المجاهدين المباشر معظمهم كانت حالته خطرة بسبب اعتماد الأخوة على سلاح الـ "بي كا سي" المتوسط. كما قتل نائب قائد الهجوم يتسحاق غيرشون واستشهد أخ واحد برصاص قناص صهيوني.
 
نظراً لعنف المعارك عند الساعة 5:20 صباحاً طلب موفاز اسناداً جوياً من القيادة، وأمر الكتيبة 402 مدفعية بقيادة المقدم تسفي فوكس بالبدء بقصف القرية والمحيط، فاستهدفت القرية بأكثر من 3000 قذيفة. وتولت 6 طائرات كوبرا تمشيط الجهة الجنوبية الغربية للبلدة تمهيداً لبدء إدخال الأفواج المدرعة التابعة للواء السابع في الفرقة 36 .

عند الساعة 7.30 انتقل الأخوة المجاهدين من حفرهم الفردية التي مارسوا منها القتال القريب مع العدو إلى الخنادق المحصنة تحصينأً جيداً، وبدؤوا بمشاغلة وصد العدو الذي ظهرت خطته واضحة، وهي الاشتباك مع الكمائن المنتشرة على طول الجهة الغربية لميدون وصولاً  أطراف بلدة عين التينة، واعتماد الكثافة العددية لتحقيق من بعض اختراقات من الجهة الشرقية إلى داخل القرية مهما كلف الثمن.
 
لم يستطع العدو تحقيق أي اختراق حتى الساعة الـ 11 ظهراً بعدما بلغ عدد القوة المشتبكة أكثر من 600 عنصر بين الساعة 11 والساعة 12:30 ظهراً ارتفاع عدد اصابات العدو إلى  20 إصابة وبدء عدد المجاهدين يتناقص إلى أقل من ثمانية بعدما سبقهم أخوتهم العشرة في أماكن متفرقة إلى المولى أمير المؤمنين (ع)، قرابة الظهر أصيب قائد المجاهدين الاسير القائد حسن عنقوني (ابو يحيى)  عندما كان يحاول الالتفاف مع حسين أخ الشهيد السيد عماد الموسوي من الجهة الشرقية للالتحاق بالمجموعة المتبقية، فأغارات طائرة كوبرا عليهما مما تسبب بقذف السيد حسين الموسوي بعيداً فحاول ابو يحيى أخذ ساتر ومحاولة إنقاذ رفيقه، إلا أنه تعرض لثلاث رصاصات ماغ من مصدرين، حاول الاتصال بالأخوة باللاسلكي لإجلائه إلا أنه لم يوفق و تسبب النزيف الناتج عن الاصابات الثلاث بعد دقائق بفقدانه الوعي، ولما أفاق وجد نفسه مكبلاً قد قام جنود العدو بإجلائه باتجاه السريرة ليبدأ رحلة 16 عاماً من الأسر في معتقلات العدو كان آخرها معتقل نفحا الصحراوي.

عند العصر أي حوالي الساعة الــ 3:30 من بعد الظهر كان العدو قد حقق اختراقاً لكامل الحي الغربي من القرية بفعل تفوق أفراده الذي كان 53 ضعفاً في بداية العملية فجراً، فأصبح 100 ضعف قرابة نهايتها ورغم ذلك فقد تمكن من تبقى من المجاهدين من النجاح بقنص ضابط آخر من قوة الجهد الهندسي، وكان الشهداء قد بلغوا 18 شهيداً، وأسر العدو قائدهم الحاج أبو يحيى (حسن) العنقوني، إلا أن ما تبقى من مجاهدين لم يقطعوا الاشتباك مع العدو متحصنين في خنادقهم يناورون منها بالنار، وكانوا ينتظرون مغيب الشمس حتى  يبدؤوا عملياتهم الانغماسية بجنود العدو، إلا أن اسحاق رابين بعدما بلغه عدد الضحايا في صفوف قوات نخبته أصدر أمراً بالاكتفاء بما انجز والانسحاب عند الساعة الخامسة بعد الظهر.

خرجت قوات العدو تجر أذيال الخيبة فهي وإن نجحت بتدمير 33 منزلاً إلا أنها لم تتمكن من الاقتراب من أي خندق تحصن فيه رجال الله إلا بعد استشهادهم وبعد 60 غارة و3000 قذيفة وأكثر من 60 ألف طلقة لم يتمكنوا من احتلال سوى ثلثي القرية فبدؤوا بالانسحاب.
 
وجد المجاهدون الباقون رفاقهم المستشهدين من الأمام، ومهما فتشوا فلم يجدو أحداً قد أصيب رصاصة من الخلف اختلط بتراب ميدون دماء شباب البقاع كله مع دم ابناء بيروت وكانت الوصايا المستعجلة التي كتبوها والتي كانت تفيض عشقاً بأهل البيت (ع) وتعلن الزمن القادم زمن انتصارات لن تنتهي حتى اجتثاث الغدة السرطانية من الوجود.

يوم اختبرت نخبة العدو قتال حزب الله الكربلائي في ميدون


سجل المجد في ميدون:
1. حيدر حسن الموسوي ـ النبي شيت 1965
2. أمير قاسم رزق ـ مشغرة 1962
3. حسين هادي مرتضى ـ تمنين التحتا 1959
4. حسان مهدي علاء الدين ـ زبود 1968
5. زيد جميل الموسوي ـ النبي شيت 1971
6. علي شحادة أمهز نيحا 1969
7. علي مهدي الحاج حسن ـ الشواغير 1969
8. علي قاسم العنقوني ـ مشغرة 1968
9. علي حسين شمص ـ شعث 1969
10. عماد محمد قانصو ـ النبعة 1970
11. غالب رياض مظلوم ـ بريتال 1970
12. مالك علي الموسوي ـ النبي شيت 1969
13. محمد إسماعيل قمر ـ سحمر 1965
14. هشام قاسم حيدر أحمد ـ الكرك 1969
15. أحمد محمد عبد اللَّه ـ سرعين الفوقا 1964
16. حسن علي شكر ـ النبي شيت 1962
17. عادل حسين الموسوي ـ النبي شيت 1966
18. حسين رشيد مشيك ـ مزرعة آل مشيك 1952
19. الأسير حسن محمد العنقوني: مشغرة 1960. متأهل وله ولدان، اعتقل لمدة 16 عاماً  في فلسطين المحتلة

ثبت لقوات العدو المشاركة في عملية " سيدر " في 4-5-1988

أولاً:
قوات المشاة : 1100 جندي
ــ اللواء 35 مظلي بقيادة شاؤول موفاز
1ــ الكتيبة 202 قناصة التابعة للواء 35 برئاسة المقدم يتسحاق غيرشون
2ــ كتيبة الأفعى التابعة للواء 35 مظلي بقيادة روني الشيخ ( الذي أصبح لاحقاً مديراً عاماً للشرطة)  وقد التحق روني نهار العملية بكتيبة الهندسة وحل محله النقيب غال هيرش ( الذي قاد الفرقة 91 في حرب تموز/ يوليو 2006 )
3ــ سييريت اللواء برئاسة بقيادة الرائد غادي شمني
4ــ فوج الغراب بقيادة النقيب ماتي هورويتز

ثانياً:
قوات الدروع : 40 إلى 50 دبابة وناقلة جند
1ــ كتيبة الدبابات 75 من اللواء السابع ( وعملت ككتيبة احتياط )
2ــ سرية دبابات من الكتيبة 77 من اللواء السابع بقيادة النقيب عمري ساد

ثالثاً:
الجهد الهندسي : 300إلى 400 جندي
1ــ الكتيبة 605 من الجهد الهندسي
2ــ كتيبة المدفعية 402 بقيادة زفيكا فوكس ( ثلاث إلى أربع بطاريات مدفعية 24 مدفعاً 12 ثابت و 12 ذاتي الحركة من نوع سولتام)

رابعاً:
سلاح الجو : 24 طائرة حربية وهليكوبتر .
أــ أجنحة ثابتة
1ــ تشكيل من 12 طائرة حربية قاذفة من طراز F16  
ب ــ أجنحة دوارة
1ــ تشكيل من 8 طائرات هليكوبتر من نوع  كوبرا AH-1
2ــ تشكيل مروحي ثقيل للإخلاء والإنقاذ عدد 2 تابع للسرب 124 إنقاذ .
3ــ تشكيل مروحي نقل ثقيل عدد 2 لسحب الآليات المتضررة .

تسلسل القيادة في عملية "سيدر" في 4-8-1988
بحساب بسيط يتبين أن القوة الصهيونية المشاركة في العملية تزيد بنسبة 53 ضعفاً عن القوة التي تمت مهاجمتها . وإذا فصلنا أكثر يتبين لدينا أن معظم قادة الجيلين العسكريين الصهاينة من الستينات وحتى اليوم هم من كانوا في عداد ادارة وقيادة هذه العملية .
 وهم على الشكل التالي :
 
1ــ القائد الفعلي للعملية اسحاق رابين لدى انتقاله صباح 4-5-1988 من غرفة عمليات قيادة المنطقة الشمالية في صفد إلى مقر العمليات المستحدث في مستعمرة ميتات على الحدود اللبنانية الفلسطينية والذي أدار منه عملية "سيدر" ويقف إلى جانبه العميد يوسي بيليد قائد المنطقة الشمالية في ذلك الوقت ومدير مكتبه ايتان هابر.

2ــ الرتبة الثانية ومساعد رابين في قيادة العملية "سيدر" المقدم مظلي دان شمرون رئيس أركان جيش العدو الثالث عشر في الفترة ما بين عامي 1987-1991. أنشأ شومرون  في العام 1983، قيادة القوات البرية لتكون مسؤولة عن سلاح المشاة والدبابات والمدفعية والمهندسين ليصبح هو قائدها الأول . توفي في 26 شباط 2008 بسكتتة دماغية عن عمر يناهز 70 عاماً . قاد عملية عنتيبي الشهيرة عام 1976 التي قتل فيها يوني نتنياهو أخ رئيس وزراء العدو الحالي.
 
3ــ اللواء يوسي بيليد قائد المنطقة الشمالية من 1986 وحتى 1991 والرجل الثالث بالمسؤولية في عملية "سيدر"  تولى شؤون العملية الأركانية من غرفة العمليات المستحدثة في مستعمرة ميتات. هو مؤسس إراء "هنيبعل" الذي يسمح لأي عسكري صهيوني بقتل رفاقه مع خاطفيهم إذا شك بأنه سيقع في الأسر فضلاً عن إجراءات عملياتية ثانية على مستوى الكتائب والالوية والفرق في المنطقة الشمالية وقد طبقه العدو في حرب تموز عام 2006.
 
4ــ العقيد مظلي شاؤول موفاز قائد اللواء 35 مظلي  وهو من نخبة ألوية جيش العدو . وقائد عملية "سيدر" الميداني المباشر رقي بعد العملية إلى رتبة عميد وكاد يقتل في العملية بعد أن قتل ضابط إشارة اللواء برصاص قناص من قبل المجاهدين المدافعين عن ميدون تولى رئاسة هيئة الأركان  ال 16 بين عامي 1998 و 2002 وعلى عهده تم اندحار العدو من جنوب لبنان في 24 أيار/ مايو 2000 وفي عهده كرئيس أركان اندلعت انتفاضة الاقصى عام 2000 كما شهد عهده أيضاً عملية اجتياح جنين عام 2002 وتولى حقيبة الدفاع في العام نفسه حتى أيار/ مايو 2006 وفي عهده أيضاً كوزير للدفاع اندحر الصهاينة من قطاع غزة .
 
5ــ العميد مظلي مائير داغان شارك عمليات خلف الخطوط مع سرية الأركان " سييريت ماتكال " وقاد الفرقة 36 (غاعش – عصبة النار) ساهم داغان في معاوتة موفاز بكتيبة احتياط معززة عين قائداً للموساد بين عامي 2002 و 2010 حيث استقال . أسس عام 1970 وحدة "ريمون" الخاصة، وهي أول وحدة مستعربين إسرائيلية ارتكبت الكثير من الجرائم كما ساهم داغان في اغتيال القائد الشهيد الحاج عماد مغنية .
 
6ــ المقدم  يتسحق غيرشون  قائد الكتيبة 202 ونائب قائد لواء المظليين شارك في اقتحام الجزء السمالي الغربي من ميدون عين في نهاية حياته العملية قائداً للجبهة الداخلية بين عامي 2005 و2007 وشهدت خدمته كقائد للجبهة الداخلية حرب تموز 2006 التي تلقى فيها العمق الصهيوني آلاف  الصواريخ من المقاومة الاسلامية ونزح أكثر من مليون مستوطن من شمال فلسطين باتجاه الوسط والمركز .

7ــ النقيب غال هيرش قائد قوة الأفعى المدرعة في اللواء 35 مظلي خلال مشاركته في عملية " سيدر "  لاسناد القوة التي وقعت في الكمين من قبل الاخوة المجاهدين في ميدون  ويظهر وجه هيرش وحده في الصورة  ( كان قائد الفرقة 91 خلال حرب تموز 2006) .
 
8ــ المقدم روني الشيخ كان قائد كتيبة الجهد الهندسي في عملية "سيدر" وتولت كتيبته نسف 33 منزلاً من بيوت ميدون عين عام 2015 مفتشاً عاماً لشرطة العدو .
 
9ــ النقيب أهارون حاليفا ( يهودي مغربي ) قاد سريةالاسناد المعاونة للكتيبة 202 بالوكالة خلال عملية " سيدر " بعد مقتل قائده  صهيون مزراحي بكمين نصبه رجال المقاومة فجراً . أصبح حاليفا اليوم قائداً للستخبارات العسكرية الصهيونية ( الآمان ) .
 
10ــ المقدم تسيفي فوكس قائد الكتيبة 402 مدفعية التابعة لفرقة عصبة النار قام باسناد القوات التي وقعت بعدة كمائن للمجاهدين منذ فجر يوم الأربعاء 4-5-1988 وحتى نهاية العملية عند الساعة الخامسة بعد الظهر كما استهدف حسينية ومسجد القرية وعدداً من المنازل على أطراف القرية الشمالية الغربية . قدرت مقالة نشرت عام 2018 في الذمرى ال 30 لعملية " سيدر " في مجلة " معراخوت " عدد القذائف التي رمتها الكتيبة ب 3000 قذيفة .
عين فوكس في منصب رئيس شعبة التدريب بمقر الذراع البرية لجيش العدو عام 1998 برتبة عميد .

هذا الحشد الكبير من القادة الكبار في جيش العدو ينبئ بأن عملية ميدون لم تكن نزهة كما تصورت الصحافة الصهيونية بل كانت اختباراً قاسياً لهذه النخب العسكرية الصهيونية.

ملحمة ميدون في وعي جنرالات العدو 

نستعرض شهادات جنرالات العدو الذين شاركوا في الهجوم على ميدون، وما هي الاثار التي علقت في أذهانهم عن آداء المجاهدين، وما هو تأثير تلك العملية على الوعي العسكري لديهم:

الجنرال أهارون هاليفا مسؤول الاستخبارات العسكرية (الآمان)

شهد الجنرال أهارون هاليفا، الذي عمل كنقيب وقائد فصيلة في الكتيبة 202، حول إجراءات المعركة أن الغارة على ميدون كانت فصلاً هامًا في حياته العسكرية..وكتب:

في 4 أيار/ مايو 1988 انطلقت عملية "سيدر" التي كان هدفها مهاجمة "الإرهابيين" وتفجير المنشآت وتدمير البنية التحتية في كفر ميدون. كانت العملية هي الجهد الرئيسي في العمل، في شكل معركة مداهمة. لواء المظليين، الذي كان يتدرب في ذلك الوقت في مرتفعات الجولان ، تم اختباره في عملية قتالية سريعة ولكن شاملة. خلال هذا الوقت، كان لدى القوات الوقت للاستعداد في كل من إعداد الأسلحة وتعلم خطة المعركة والتمارين والنماذج: "في هذا السياق لفهم أهمية الممارسة، والتدريب، وإعادة التهيئة، والخطاب. هذا الشيء الذي يسمى القيادة أو الأمر، والذي يبدو واضحًا للبعض منا ،عليك أن تستثمر فيه وتفعله.
في النهاية، كل ما تدرسه في دورة الضباط يحدث لك فجأة". 

رئيس أركان جيش العدو المقدم مظلي دان شومرون

قال رئيس أركان جيش العدو المقدم مظلي دان شومرون في ملخص عملية "القانون والنظام": "أرى هذه القضية برمتها من الحرب على الإرهاب، من العمليات الصغيرة إلى العمليات الكبيرة من هذا النوع ، أداة لإعداد الجيش للحرب".

العميد مظلي شاؤول موفاز قائد اللواء 35 مظلي والقائد الميداني لعملية ميدون

بين الصفحتين (107 و115) من مذكراته "رحلتي الإسرائيلية" يروي وزير الحرب ورئيس الاركان السابق وقائد عملية اجتياح ميدون عام 1988 العميد مظلي شاؤول موفاز قائد لواء النخبة المظليين 35 تفاصيل ما شهده في ذلك اليوم الربيعي من عام 1988 فيقول: "يوم الأربعاء، الرابع من أيار، الساعة الرابعة والنصف فجراً. انتشر المظليون على مرمى حجر من قرية ميدون. وعلى رأس القوة: سرية من الكتيبة ،202 بقيادة تسيون مزراحي. وعلى مسافة أربعين متراً بعد ذلك استلقيت على الأرض الوعرة ، وضابط العمليات مئير كليفي، وقائد الكتيبة 402 مدفعية تسبيكا فوكس. وكان الجميع بانتظار أنوار الصبح الأولى.ولكن قبل أن تنبلج الشمس بدأت الأمور في التشوش. إذ لاحظ موقع مراقبة لحزب الله المظليين وفتح عليهم النار. وأصيب تسيون مزراحي بجروح. وبعد ذلك مات متأثراً بجراحه. كما أن جندي الاتصال المرافق لي شخصياً، ماركو برنشتاين، أصيب بطلقة قناص أصابت ماركو تحت الخوذة، ولقي مصرعه وهو على مسافة أمتار قليلة مني. بل أن دوي الطلقة أسقط جهاز الاتصال من يدي ورغم ضربة النار القاتلة هذه، استمرت العملية. وأمرت قائد عمليات اللواء بالتراجع بضع عشرات من الأمتار. وأطلقت عبر جهاز الاتصال كلمة السر لبدء العملية. فأعطى قائد سرية المدفعية الأمر بإطلاق النار الذي "هز ميدون"، حسب تعبيره. وقال موفاز: "لقد أطلقنا ما لا يقل عن ثلاثة آلاف قذيفة. وكان الهدف من ضربة النار الأولى تحييد أي مقاومة متوقعة من جانب رجال حزب الله ممن كانوا في القرية عند دخول المظليين إليها. وبموازاة ذلك بدأ حزب الله والسوريون المنتشرون في البقاع اللبناني بقصفنا بقذائف هاون ثقيلة".

يتابع موفاز: "قامت المروحيات الحربية الإسرائيلية بقصف وتدمير المدافع السورية من الجو. وكان متوقعاً بعد دقائق طويلة من القصف الجوي الإسرائيلي المكثف أن يكون الدخول إلى ميدون هيناً وأن يحاول رجال حزب الله ممن بقوا على قيد الحياة ونجوا من القذائف الهرب. ولكن هذا لم يحدث, لقد حاربوا فعلاً حتى قطرة الدم الأخيرة وبشجاعة. فالقتال بين المظليين وبين رجال حزب الله دار داخل خنادق القتال وفي الأزقة الضيقة وداخل البيوت، وعلى مسافات قصيرة جداً. حدثني أحد المقاتلين من الكتيبة 202 إنهم أطلقوا النار علينا من كل اتجاه من الرشاشات الثقيلة وبصواريخ آر بي جي. وقد أخطأ أحد هذه الصواريخ بسنتمترات قليلة قائد كتيبتنا، غرشون".

وقد روى اسحق غرشون ذلك قائلاً: "تقريباً لم أنتبه للصاروخ الذي طار فوق رأسي. وخلال التحرك على رأس قوة من سرية ماي في الكتيبة، خرج أمامي مقاتل فعلا من داخل خندق رأيت أنه يحمل قاذف أر بي جي بيده، فأطلقت نحوه بشكل غريزي طلقتين وارتميت على الأرض. في وقت لاحق روى لي الجنود الذين كانوا معي أن الصاروخ الذي أطلقه طار فوق رأسي. وبعد ثوان من الصدام هاجمنا موقعاً لرجال حزب الله وألقينا بداخله قنبلة. وانتقلنا إثر ذلك إلى موقع آخر وألقينا فيه قنبلة، غير أن مقاتلاً آخر كان في الموقع أمسك القنبلة وأعاد إلقاءها نحونا. لم يصب أي من رجالنا نتيجة انفجار هذه القنبلة بجوارنا، فألقينا قنبلة أخرى في الحفرة، ولكن هذه القنبلة أيضا أعيدت إلينا مرة أخرى". 

العميد احتياط غال هيرش قائد الكتيبة كوبرا في لواء المظليين خلال معركة ميدون وقائد الفرقة 91 في حرب تموز

بدراسة أعدها معهد دراسات الأمن القومي (INSS) مستقاة من مؤتمر الاستراتيجية والامن الذي عقده المعهد عام 2013 عرض العميد احتياط غال هيرش قائد الفرقة 91 في حرب تموز/ يوليو 2006 والذي كان نقيباً عام 1988 ملاحظاته حول عملية "سيدر 1988"  في محاضرة ألقاها في المؤتمر تحت عنوان القتال في المناطق الحضرية وأعاد فيها بسطور بعض ذكرياته الأليمة حول معركة ميدون فقال: "في معركة ميدون في وادي لبنان، في أيار/ مايو 1988 كان هناك شك حول ما إذا كان المدنيون موجودون بالفعل في البلدة. بدأت العملية بأسلحة شخصية وقناصة ورشاشات، بنيران محسوبة وتسليح دقيق، بينما خلفها مدفعية ودبابات ــ قوة نيران جيش الدفاع الإسرائيلي. خلال جميع الساعات الأولى من المعركة ــ وكان لدينا العديد من الضحايا هناك ــ قاتلنا في الخنادق والمخابئ في معارك وجها لوجه، ومن نقطة معينة كان هناك تفاهم على أن المكان كان مجمعا محصنًا ولم يكن هناك مدنيون أو لم تكن معالمه الرئيسية مدنية. لقد كان في السابق مدنياً، والان أصيحت قلعة، إنها قلعة. أكملنا المهمة وانسحبنا بعدما فقدنا ثلاثة مقاتلين هناك وأصيب 25من كتيبة المظليين. في أيار/ مايو 1988 قاتلنا في قرية ميدون عشرات من مقاتلي حزب الله مات الرائد صهيون مزراحي الذي كان النائب المساعد للكتيبة 202، قاد القوات وسقط أولاً ولحقه الرائد بوعاز رافيد والرقيب ماركو برنشتاين في المعركة.

الجنرال إيرز غيرشتاين قائد وحدة الارتباط في لبنان

عارض الجنرال إيرز غيرشتاين قائد وحدة الارتباط وأعلى ضابط صهيوني تقتص من المقاومة في لبنان عمليات برية استباقية واسعة النطاق  تتجاوز الخط الأحمر. وبحسب رأيه فإن: "غارات ميدون (1988) أو ياطر (1992) ليست فعالة، وذلك أساسا لأنها تعرض القوات الكبيرة للنيران من مسافة بعيدة (صواريخ، مدفعية)، لذلك لا يوجد سبب للاستمرار بهذا النمط من الغارات، حيث أنه كجزء من دروسه التي اكتسبها في الميدان، تجنب تنظيم حزب الله إقامة بؤر عمليات أمامية مرئية، والتي ستكون هدفًا لهجوم جيش الدفاع الإسرائيلي".

البقاع الغربيعيد المقاومة والتحريرميدون

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة