آراء وتحليلات
تصعيد "النصرة" في إدلب بدفع أميركي.. ما هي الأهداف؟
خليل نصر الله
طوال الأسبوع الماضي، كانت استفزازات "النصرة" تخرج عن الاعتيادية. تصعيد بدا واضحًا أنه يحمل لمسات أميركية بامتياز ولأهداف عدّة.
لا شك أن العلاقة بين "هيئة تحرير الشام" الإرهابية والأميركيين أخذت منحى تصاعديًا خلال السنوات الثلاثة الماضية. منذ أن عمدت الإستخبارات البريطانية على ترتيبها عبر اجتماعات مع الإرهابي أبو محمد الجولاني والتي جرت على الحدود التركية عند معبر باب الهوى، نظم البريطانيون العلاقة، وعمدوا إلى إدارة سلوك الجولاني الذي بدأ يتصرف كلاعب سياسي محتمل تريد واشنطن من خلاله استفزاز دمشق، رغم أن تنظيمه مدرج على لوائح الإرهاب الأميركية والعالمية.
لم ينجح الأميركيون في فرض الجولاني سياسيًا، وقد لا يكون هو الهدف الأبرز لهم، لكنهم تمكنوا من تأمين غطاء له ولتنظيمه، ومن استخدامه كورقة مشاغبة بدت واضحة خلال مفاصل عدة في الأعوام الماضية.
إضافة إلى ذلك، حافظ الأميركيون على خطوط إمداد "النصرة" عبر الحدود التركية، وغطوا أعمالًا لها داخل مناطق تسيطر عليها أو تقع تحت سيطرة فصائل مسلّحة تعمل لصالح الإستخبارات التركية.
لا شك أيضًا أن أنقرة التي تنظر إلى "النصرة" كقوة ضاربة في الميدان، واستفادت منها كثيرًا، لم تذهب إلى حد قطع العلاقة أو التأثير على ذلك الوجود الإرهابي، لاعتبارات عدة أبرزها الاستفادة قدر الإمكان من وجودها، وعدم استفزاز الأميركيين.
خلال الأسبوع الماضي، صعّدت "النصرة" بشكل غير اعتيادي ضد الجيش السوري والمدنيين في مناطق آمنة، عبر إرسال مسيّرات مسلحة أطلقت نيرانها باتجاه تجمعات مدنية، سواء في ريف حماة أو اللاذقية، وهو ما استدعى ردًا سوريًا – روسيًا مشتركًا قاسيًا طال مواقع وتجمعات في عمق مناطق سيطرة الارهاب، لكن المسيّرات لم تتوقف بعد يومين من الرد.
وهنا تطرح التساؤلات عن الإدارة الأميركية لتصعيد "النصرة"، حسب معطيات متوفرة، فما هي الأهداف الأميركية:
- التأثير على أي تقارب تركي – سوري عبر الوساطة السورية، بحيث تتركز المحادثات حول فتح طريق حلب – اللاذقية الذي تسيطر عليه "النصرة".
- محاولة تعطيل أعمال عسكرية سورية من المحتمل الإقدام عليها خصوصًا مع الحشودات العسكرية التي تتوقف نحو منطقة ادلب وشمال حلب.
- تأمين الغطاء لـ"النصرة" أمام أي تنازل تركي مفترض في الوساطة القائمة.
- إشغال للجيش السوري وحلفائه وحرف أنظارهم عن تطورات هامة تحصل شمال شرق سوريا.
تعتبر هذه الأهداف رئيسية أمام مشهد الساحة السورية بأكملها، خصوصًا مع التطورات الأخيرة من تعزيز موسكو تواجدها وتوسيعه إلى حدود شرق الفرات، وإعادة الأميركيين طائرات حديثة إلى المنطقة وربطها بما قالت إنها "استفزازات" روسية واستراتيجية ايرانية – روسية لاخراج القوات الأميركية من سوريا.
وعليه، يمكن القول إن الهدف الأبرز هو عملية إشغال شمال غرب البلاد، فبحسب التقديرات الأميركية التي يمكن استنتاجها من خلال سلوكهم في سوريا، يعتقدون أن أمرًا كهذا سيعطل الوساطة الروسية - الايرانية بين أنقرة ودمشق، وكذلك بإمكانه التأثير على خطط أو توجهات لسوريا وحلفائها لاتخاذ خطوات في شرق البلاد حيث الإحتلال الأميركي.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024