آراء وتحليلات
"إسرائيل" تخادع في جنين.. ضرب السلطة بالمقاومة!
خليل نصر الله
لطالما عملت الجهات الإسرائيلية على توسيع الشرخ الفلسطيني. كان هدفًا بارزًا يعمل عليه. عطلت المصالحة الفلسطنية أكثر من مرة. ونجح العدو في تكريس واقع انقسام، لا زال يلقي بظلاله على المشهد الفلسطيني تحديدًا في الضفة الغربية المحتلة، حيث حكم السلطة الفلسطينية ذات العلاقة السياسية والأمنية مع "تل أبيب".
خلال عقدين من الزمن، كان ما يعرف بالتنسيق الأمني، قائمًا. آذى المقاومة كثيرًا، ونجح في وأدها إلى حد بعيد، قبل أن تستعيد الأخيرة توازنها، متجاوزة "الفصائلية"، ومكرّسة هيكلية جديدة تمكنت من خلالها من ضرب المخططات السابقة كافة.
في "إسرائيل"، يتحدثون عن تراجع دور السلطة الفلسطينية، خصوصًا في شمال الضفة، ورغم تلقيها ضربات إسرائيلية طيلة الأعوام الماضية، إلا أن مركز القرار في الكيان يرى ضرورة "أمنية" لمنع انهيار السلطة الفلسطينية، وهو ما يأخذ مساحة من النقاش، حتى داخل حكومة نتنياهو التي تضم أكثر الشخصيات تطرفًا في الكيان، خصوصًا تلك التي تعمل على توسيع الاستيطان، بل وتهويد الضفة المحتلة.
مع تصاعد عمل المقاومة، عادت اللعبة القديمة عبر جرعة حافزية للسطلة الفلسطينية، لم تتضح معالمها بعد نتيجة الانقسام حولها في "تل أبيب"، لكن مؤشرات بدت من خلال بعض الخطوات تبين عن منهجية إسرائيلية خبيثة.
أقرت الحكومة المصغرة يوم الأحد ٩-٧-٢٠٢٣، مقترحًا قدمه نتنياهو لمنع انهيار السلطة، مقابل وقف الأخيرة أنشطتها الدولية ضد "إسرائيل".
ولاحقًا، تحدثت وسائل إعلام عبرية عن أمر وجهه المستوى السياسي للجيش والشاباك وحرس الحدود يقضي بتجميد ما سمي "النشاط الأمني الاستباقي في منطقة جنين"، وذكرت أن ذلك تم بالاتفاق مع سلطة محمود عباس، الذي زار جنين مؤخرًا، متعهدًا بإعادة ترميم ما هدمه العدوان. زيارة رأت فيها أوساط فلسطينية محاولة تعويم ذاتية تقوم بها السلطة، وأن الاندفاعة إلى جنين مترافقة مع تعزير وجود الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لم تشاهد إبان العدوان الاسرائيلي الأخير، تحمل علامات استفهام، خصوصًا أن فصائل المقاومة شكت علانية من مضايقة يتعرض لها مقاومون وتم توقيف بعضهم في ذروة عملية بأس جنين التي انتهت بفشل إسرائيلي.
يبدو جليًا أن الخطوات الإسرائيلية تهدف إلى اشعال الساحة الفلسطينية. "تل أبيب" تريد صدامًا فلسطينيًا - فلسطينيًا، تقطف هي ثماره أمنيًا، عبر وضع السلطة في مواجهة المقاومة، وبالتالي تحقيق ما عجزت عنه في العملية العسكرية المعادية الأخيرة في جنين.
لا شك أن الخطوة خطيرة، خصوصًا إذا ما أقدمت أجهزة السلطة على مضايقات قد تصل إلى ستفزاز يمكن أن يستدعي ردات فعل وصدامات، تتفاداها المقاومة حتى الآن.
ومع الخطة الإسرائيلية واضحة المعالم، لا يجب استبعاد منطق أو أسلوب "الخديعة" الذي يعتمده نتنياهو ويجاهر به، تمامًا كما حصل في معركتي وحدة الساحات وثأر الأحرار، حين قام المستويان السياسي والأمني بخديعة ونفذوا عمليات اغتيال. وعليه يمكن توقع ذلك في جنين، فقد يكون الإيعاز بوقف الأعمال العسكرية هناك نوعًا من الخديعة الإسرائيلية للمقاومة الفلسطينية، لتطمئن ثم يتم الانقضاض عليها.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024