طوفان الأقصى

خاص العهد

سلامة المباني السكنية في لبنان: لا استيفاء للشروط والمعايير
10/08/2023

سلامة المباني السكنية في لبنان: لا استيفاء للشروط والمعايير

لطيفة الحسيني

أكثر من حادث وقع في الآونة الأخيرة وأدّى الى سقوط ضحايا جرّاء أسباب تعود في مُجملها الى اجراءات السلامة العامة الضعيفة في المباني السكنية. حريق طريق المطار الأخير الذي امتدّ لسبعة أيام أعاد الحديث عن الشروط التي يجب أن تتوفّر في الإنشاءات وخصوصًا في تلك التي تضمّ طوابق سفلية بعمقٍ كبير.

حريق طريق المطار.. توصية عاجلة

المهندس المدني ورئيس الجمعية اللبنانية للتخفيف من أضرار الزلازل راشد سركيس يتحدّث لموقع "العهد" الإخباري عن مؤازرته رئيس "الهيئة العليا للإغاثة" اللواء محمد خير المكلّف من قبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بمتابعة حيثيات الحريق، فيقول إن هدف مواكبته إبداء الرأي المستند إلى الخبرة، ووضع المعايير اللازمة للتدخل ومستوى سلامة البناء وإمكانية بقائه ثابتًا دون انهيار، ويُشدّد على أن المبنى تحوّل إلى "غير مضمون" في متانته، ويوضح أنه أوصى بالعجلة لإجراء فحوصات مخبرية للتأكد من درجة الخسارة التي تعرضت لها الأجزاء الحاملة ولا سيما الخرسانة المسلحة.

إقامة المستودعات

وعن الآليات المُعتمدة بحسب القانون بهدف إقامة مستودعات تحت الأرض والمعايير التي تضمن سلامة المباني المُحيطة بها، يؤكد سركيس لـ"العهد" أن قانون البناء ينصّ على إنشاء مستودعات، غير أنه لا يحوي شروطًا فنية مُلزمة فيه تحدّد الأنواع أو تضع تصنيف المستودعات وفق أنواع الاستخدامات ولا سيّما بالنسبة للمواد التي يمكن تخزينها فيها، ويُشير الى أن هناك نصوصًا قانونية متخصّصة بالمواد القابلة للاشتعال أو الحريق وهي تندرج تحت ضوابط قاسية، حصلت عدة حوادث برهنت أنها لم تنفّذ كما يجب.

سركيس يلفت الى أنه "من المفترض أن لا يكون هناك مستودعات ضمن المباني السكنية"، ويُنبّه الى أن "غالبية المستودعات القائمة والواقعة في الطوابق السفلية من المباني السكنية هي غير قانونية وناتجة عن تحوير في الاستعمال من مرآب إلى مستودع، وغالبية الحالات تكون في تخزين مواد قابلة للاشتعال وهو أمر غير مقبول في المناطق المُصنّفة سكنية".

 

سلامة المباني السكنية في لبنان: لا استيفاء للشروط والمعايير

التخزين

ووفق سركيس، تخزين بلاط ومواد بناء لا تحترق يختلف كثيرًا عن تخزين ورق أو قماش أو مواد قابلة للاشتعال من زيوت وكرتون وبلاستيك وخلافه.

ومن موقعه كمهندس شارك في الكثير من الخبرات في الممارسة ووضع المعايير وتطبيقها، يجزم سركيس بأن هناك الكثير من المواد التي يجب منع تخزينها قطعًا في المباني السكنية ومنها، مع وجوب وضع لائحة كاملة من كل المواد، ويدعو الى إقامة ورشة عمل في المحافظات تقرّر جداول ملزمة للأنواع والأصناف التي يمكن تخزينها والتي لا يمكن تخزينها، مع فرض تقديم دراسة هندسية عن الحمولات الجديدة وقدرة تحمّل الموقع لها، بمعنى آخر يمكن أن يتأتى الخطر من الأثقال دون أن تكون المواد قابلة للاشتعال.

وعن الشروط القانونية التي تمنع التخزين في مناطق مُعيّنة، يوضح سركيس أن هناك مناطق عدة وبلديات واتحادات بلديات أخذت قرارات بمنع قيام مستودعات في أسفل المباني السكنية وحصدت حتى اليوم الكثير من الأمان والراحة للمواطنين القاطنين هناك.

مخاطر الإنشاءات

وبما أن قضية الإنشاءات جزائية بالمفهوم العدلي، يُبيّن سركيس أنه لا يجوز أن يدرس المهندس المبنى على أساس أنه سكني ويحتسب المرآب والأوزان التي ينقلها إلى الإنشاءات الخرسانية، ثمّ يضع المستخدمون أثقالًا أكبر بكثير مما يجعل البناء معرّضًا للكثير من المخاطر على أكثر من صعيد. ويذكّر بأنه بعد حرب تموز كُشف عن مبانٍ أساسها سكني غير أنها تضمّنت مطابع ومخازن ورق بأثقال تفوق العقل والمنطق قياسًا بما قد يكون قد دُرس البناء من أساسه.

سيناريو الانهيار

السؤال الذي يُطرح اليوم عمّا اذا كانت الحرائق قادرة على التسبّب بانهيار المباني السكنية ولا سيّما اذا كانت مقاومة للزلازل وبحسب المعايير الهندسية المطلوبة وما اذا كان بالإمكان ترميم المباني المتضررة للحؤول دون حدوث انهيارات أو انشقاقات. هنا يُجيب سركيس "الزلازل تختلف في تفاعلها مع المباني عن الحرائق أو التصدعات العادية الناتجة عن سوء التنفيذ.. بالنسبة للحرائق فهي ذات أثر سلبي جدًا على "الباطون المسلح" الذي بعد ساعتين أو ثلاث ساعات على الحريق بقربه، يتفتّت ويتفسّخ ويفقد قوة الالتصاق بين الحديد والخرسانة ممّا ينزع عنها مسمى الخرسانة المسلحة وتصبح مادة جديدة لا تقوى على مقاومة العوامل والأوزان التي كانت قد دُرست على اساسها من قبل".

ويشرح أن "مرور أكثر من ثلاث ساعات على الحريق أو الحرارة المرتفعة في مبنى ما، يجعل كل المنطقة التي تعرضت لهذا النوع من الحرارة قابلة للانهيار في أي وقت، وهذا أمر لا يمكن لأحد تقديره، إنما يمكن الإيعاز لمن يلزم لاتخاذ أعلى درجات الاحتياط والحماية حتى لا تقع كارثة مضاعفة".  

فوق الأرض كما تحتها.. الخطر هوَ هوَ

ماذا عن المستودعات التي تُقام فوق الأرض هل هي خطيرة أيضًا؟ يؤكد سركيس لـ"العهد" أن "كل المواقع يمكن أن تشكّل خطرًا ما عند تخزين مواد قابلة للاشتعال بشكل أو بآخر"، ويضيف "حصلت عدّة كوارث أدّت الى أنواع دمار كامل في أحياء ومناطق من لبنان بسبب تخزين مثل هذه المواد في عدة مرات منذ العام 1975". ويردف "التخزين يجب أن يكون له قواعد ومعايير وتصنيف للمواد أكثر دقة، ويجب وضع قياسات وأبعاد مُلزمة حسب نوع المواد ومنع اقتراب أنواع كثيرة من هذه المواد من مواقع عيش الناس في سكنهم وحياتهم اليومية. وهذه المخاطر لا تختلف من وضعها تحت الأرض أو فوق الأرض".

ويخلص سركيس الى أن "هناك مسؤوليات وحقوقًا وعلى البلديات التصرف وفرض تدابير حازمة وقاسية والتشدد في أمر السلامة العامة، وعلى الناس أيضًا التعاضد في سبيل تأكيد حقوقهم بالسلامة العامة التي نصّ عليها مرسوم السلامة العامة، خاصة مقاومة الزلازل والحماية من الحريق وسلامة المصاعد".

سلامة المباني السكنية في لبنان: لا استيفاء للشروط والمعايير

لبنانالحرائق

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة