معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

رسائل خطاب ذكرى انتصار تموز 2006
16/08/2023

رسائل خطاب ذكرى انتصار تموز 2006

إيهاب شوقي

لا تحتاج مؤامرات العدو ودعاياته الاحترافية المكثفة والتي ينفق عليها ملايين الدولارات وبتعاون من بعض العرب، لإجهاضها، سوى خطاب صادق وشريف وقائم على المنطق والشجاعة وقوة الحق والحقائق مثل خطاب المقاومة والذي يجسده ببراعة وجدارة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله.

فكلما تشابكت خيوط المؤامرات وظن حائكوها أنها أوشكت على الالتفاف على رقبة المقاومة وجمهورها، يخرج الخطاب الصادق الواعي بتفاصيل المؤامرة ومراميها الخبيثة ليفكك هذه الخيوط ويمزقها بل ويعيد لفها على رقبة العدو بالحقائق وليس الدعايات الكاذبة والشعارات الجوفاء.

وخطاب سماحة السيد نصر الله في الذكرى السنوية السابعة عشرة للانتصار في حرب تموز 2006، جاء في توقيت حساس سواء على الجبهة الخارجية مع العدو، أو على الجبهة الداخلية في مواجهة مناخ تحريضي واستفزازات حمقاء تريد جر لبنان للتدمير الذاتي بعد صمود تاريخي للمقاومة استطاعت عبره الحفاظ على سلامة الوطن ووحدته وبمشاركة العديد من القوى والشخصيات التي تتمتع بالمسؤولية الوطنية والعقلانية حتى لو كانت بينها وبين المقاومة خلافات أو خصومات.

ويمكن للمتأمل في هذا الخطاب أن يستشف عناصر التحليل الاستراتيجي لمسار الصراع والوعي بأسلحة الحرب النفسية للعدو وخططه البديلة وكيفية صياغة الخطاب الوحدوي بعقلانية ومسؤولية وطنية وأخلاقية يصعب نظيرها وسط هذا الكم من الحصار والاستهداف والاستفزاز.

وقبل إلقاء الضوء على العناوين الرئيسية لتحليل مضمون الخطاب، ينبغي الالتفات إلى ملاحظتين هامتين:

الأولى: جاء الخطاب هادئًا ومطالبًا بالتهدئة والاحتواء وهو ما يعني أن المقاومة ليست مأزومة وأنها لا تصدر همومها ومصاعبها في شكل أزمات وتهديدات حيث اعتادت الجماهير أن الأنظمة أو القادة يستخدمون دومًا خطاب الأزمات وتضخيم الأمور سعيًا إلى الحشد والالتفاف الجماهيري، وهو ما لم تستخدمه المقاومة رغم خطورة الاستهداف، بل جاء الخطاب ليهدئ من غضب الجماهير ويطالبها بالصبر والبصيرة وهو دليل على أن المقاومة تتمتع بجماهيرية وحشد لا يحتاج لهذه الأساليب الملتوية والشعارات الرنانة.

الثانية: مثلما لم تستخدم المقاومة التهويل، فهي أيضًا لم تستخدم أسلوب التهوين والمبالغة في الطمأنة والاستهانة بالعدو، بل جاء خطابها منطقيًا، وهو أن للعدو قوته التي تمكنه من تدمير لبنان، ولكن بالمقابل فإن المقاومة تستطيع تدمير العدو، وهو وصف دقيق للصراع الوجودي مع العدو.

وعن أهم العناصر التي بلورها الخطاب، يمكن رصد ما يلي:

1- رصد المسار التاريخي للقوة، فقد رصد انحدار مسار العدو بداية من تعديل عقيدته الأمنية ووصولًا لأزماته وتراجع الروح المعنوية لجنوده، وكذلك تصاعد مسار القوة للمقاومة بداية من تشكيل معادلات الردع ووصولًا إلى تنامي القدرات التي تستطيع أن تعادل القوة النووية للعدو.

2- الابتعاد عن استخدام الكلام العام المجهل لقوة المقاومة وكيفية مواجهتها للعدو، بل المكاشفة واستخدام الكلام التفصيلي الدقيق المتعلق بالصواريخ الدقيقة وطبيعة الأهداف التي ستستهدفها والاستشهاد بالأدلة العملية لتراجع العدو مثل بناء الجدران والاختباء خلفها وتحوله للأسلوب الدفاعي، وكذلك تكرار الإنذار بشمولية الجبهات واتساع دوائر المواجهة، وهذه المكاشفة والحديث عن التفاصيل وتسمية الأهداف والأسلحة هي حديث الواثق وهي رسالة للعدو، تعلم المقاومة أنها تصل بدقة لصناع قراره العسكري والاستراتيجي بعيدًا عن نباح سياسييه واعلامييه وأبواقه الدعائية.

3- توظيف قوة المقاومة ومتانة معادلاتها في توحيد الجبهة اللبنانية وليس الاستقواء عليها، واستخدام خطاب القوة في مسار طمأنة الخائفين من أمريكا والعدو، وبيان فساد وفشل رهانات المتعاونين مع العدو بغرض توحيد الصف في مواجهة الحصار وانقاذ لبنان والاستناد إلى قوة المقاومة والانتفاع بها بدلًا من القلق منها أو محاربتها.

تثبت المقاومة دومًا أن صبرها على الاستفزازات لا يقل عن صمودها أمام العدو وراعيه الأمريكي وحلفائه من خونة العرب، وتثبت أن بوصلتها لم تنحرف يومًا عن هدف التحرير، وفي كل مرة تطفئ نارًا لحرب أهلية يريدها العدو ويحاول إشعالها، وتعلن الجهوزية للمعركة الكبرى التي يريدها العدو ولا يجرؤ على اشعالها.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات