نقاط على الحروف
الرهان على الوقت لصالح العدو أم المقاومة؟
إيهاب شوقي
إذا ما أردنا وضع عنوان للمرحلة التاريخية الراهنة، فإن العنوان الذي يبدو أكثر اتساقًا مع الشواهد هو الترقب.
فالدول والشعوب تعيش في حالة من الترقب لما سيسفر عنه الصراع، ولا يستطيع أحد توقع مسارات الأحداث والاحتمالات المختلفة للتسويات أو اتساع رقعة الحروب.
ولعل من المناسب هنا الفصل بين الأنظمة والمحاور، فهناك تمييز بين محور المقاومة وبين معسكر العدوان، وكذلك بين المترددين والخائفين ومن لا يستطيعون حسم خياراتهم وتوجهاتهم.
أولًا: معسكر الهيمنة والعدوان، وعلى رأسه أمريكا يترقب نتيجة الصراع الدولي مع روسيا، حيث سيترتب عليه مستقبل النظام العالمي والتحالفات والاستقطاب وبالتالي مستقبل الاقتصاد العالمي، وهو يضم في منطقتنا العدو الصهيوني وأنظمة ربطت أمنها القومي بمظلة الحماية الأمريكية وارتهنت اقتصاديًا للمؤسسات التي تقودها أمريكا.
ثانيًا: معسكر الخائفين والمترددين والذين يضعون قدمًا هنا وقدمًا هناك ويترقبون نتيجة الصراع الدولي لاستبدال التبعية بين قطب وآخر.
ثالثًا: محور المقاومة والذي لا يعول على نتيجة الصراع الدولي بلحاظ اعتناقه لعقيدة المقاومة والتي لا تتوقف على قطب دولي أو نظام عالمي، حيث انتصرت المقاومة في زمن شهد الأحادية القطبية لأمريكا وخلا العالم من مقاومة تذكر إلا لدى هذا المحور.
ومن المؤكد أن المحور يفضل هزيمة أمريكا في الصراع الدولي، وأن مصالحه تتقاطع مع روسيا والشرق بشكل عام في إطار كسر الهيمنة الأمريكية، إلا أن نتيجة الصراع لن تغير من خيارات المقاومة.
وإذا رغب العدو بالتعجيل بالمعركة أو تمادى في الحصار ونشر الفتن بشكل يشكل تهديدًا وجوديًّا، فإن المحور جاهز للمواجهة في أية لحظة.
وهنا تأتي الرهانات المختلفة على الوقت، حيث لا بد من الالتفات إلى عدة ملاحظات:
1- الصراع الإقليمي والذي اكتسب مسمى "الصراع العربي الصهيوني" في السابق، كان هو المؤثر بشكل مباشر في الصراع الدولي بين القوتين العظميين، أمريكا والاتحاد السوفييتي، ولكن مع تغير الأقطاب الدولية، ومع تحول الصراع وانحساره ليصبح بين محور المقاومة والعدو، فإن هناك متغيرات حدثت، أبرزها تغير طبيعة التحالفات وخلوها دوليا من الأيدولوجية، وكذلك عدم وحدة الإقليم وتواطؤ غالبية أنظمته مع العدو، وهو ما خلق تراجعًا في وزن الصراع الإقليمي وتأثيره الدولي وبالتالي أصبح الصراع الدولي هو المؤثر في الصراع الإقليمي وخلق ذلك رهانات لدى جميع الأطراف باستثناء محور المقاومة الذي تنحصر رهاناته في ذاته وصموده وتنامي قدراته.
2- يشهد محور المقاومة تناميًا مع الوقت، سواء شعبيًا على مستوى المصداقية وثبوت صحة خياراته، أو على المستويات العسكرية بشكل كمي ونوعي، في الوقت الذي يشهد العدو فيه تراجعًا على مستويات داخلية مجتمعية وكذلك تآكلًا للردع وحصارًا من قوى المقاومة على جبهاته المختلفة.
3- هناك توجه عالمي لكسر الهيمنة الاقتصادية عبر تجمع البريكس وتوسيعه وهو بذرة وبداية لكسر الهيمنة قد تتطلب وقتًا لتظهر نتائجها وقدرتها على زحزحة الدولار من عرش العملات الدولية وعلى منافسة الدول الصناعية السبع وعلى ضم الأسواق الناشئة، وهو مسار قد بدأ حتى وإن كانت نتائجه تتطلب بعضًا من الوقت.
هنا يأتي السؤال عن الرهان على الوقت، وهل يصب في صالح أمريكا والعدو الإسرائيلي أم يصب في صالح المقاومة؟
بلحاظ ما تمت الإشارة إليه، فإن الوقت في صالح المقاومة التي تبني قدرتها وتتجهز يومًا بعد يوم للمواجهة الوجودية مع العدو، ورهانات العدو على الحصار أو بث الفتن تقابلها المقاومة بصبر وصمود وحكمة، أما تجاوزها لتشكيل فتنة أو خطر وجودي فهو مرادف لشن العدو العدوان أو ارتكابه للحماقات وكلاهما ستواجهه المقاومة بحرب كبرى تجهزت وتتجهز يوميًا لها.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024