آراء وتحليلات
قوات الدفاع الوطني الروسي الى الواجهة
عمر معربوني | خبير عسكري – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية
بثت القنوات الروسية يوم الجمعة بتاريخ 29 أيلول / سبتمبر من السنة الحالية تقريراً ظهر فيه الرئيس فلاديمير بوتين يكلّف احد قادة فاغنر السابقين اندريه تروشيف ببدء تنظيم وحدات قتالية تطوعية للقتال في منطقة العملية العسكرية الروسية الخاصة.
حصل ذلك بحضور نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف في إشارة الى ان عمل هذه الوحدات سيكون تحت إشراف وزارة الدفاع الروسية وأن عقود المتطوعين ستخضع للأنظمة المرعية الإجراء في الدولة الروسية مباشرة دون ان يكون لهذه الوحدات نفس الشكل والصيغة التي كانت عليها شركة فاغنر .
سبق هذا الاجتماع نشر ما مضمونه أن الحكومة الروسية دعمت مشروع قانون أعده أعضاء بمجلسي الدوما (النواب) والاتحاد (الشيوخ) عن حزب "روسيا الموحدة" الحاكم من شأنه إعفاء المتطوعين للمشاركة في "العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا من ضريبة الدخل.
وأوضح معدو القانون أنهم يسعون بذلك لرفع معنويات المشاركين في العملية العسكرية وضمان العون الاجتماعي لعائلاتهم.
وتحظى المبادرة بدعم الكتل المتمثلة بالدوما والتي تعتبر أن المشاركين في العملية العسكرية يستحقون امتيازات أكبر أسوة بالمحاربين القدامى في الحرب العالمية الثانية. إضافة الى ذلك جاء في الخبر أن الدوما قد يتبنى في تشرين الأول / اوكتوبر المقبل مشروع قانون "تعديل الجزء الثاني من قانون الضرائب الروسي" والقاضي باستحداث إعفاءات لمن تعاقدوا على الالتحاق بكتائب المتطوعين، وبصفة خاصة لأداء مهام قوات هيئة الحرس الوطني الروسي، بما في ذلك إعفاء مداخيلهم والممتلكات التي سيحصلون عليها بلا مقابل من ضريبة الدخل.
بالإضافة إلى ذلك، يقتضي مشروع القانون الفدرالي إعفاء المقاتلين من دفع رسوم إصدار أوراق الهوية ورخص القيادة في حال فقدانها أو تلفها.
وبالنظر الى ما ذُكر بأن المتطوعين سيقومون بتنفيذ مهام الحرس الوطني الروسي فهذا يعني اننا امام تطور شبيه بما حصل في سورية والعراق لجهة تشكيل قوات الدفاع الوطني في سورية والحشد الشعبي في العراق بما يشبه استحداث قوات رديفة للجيش الروسي بصيغة تتلاءم مع حاجات الدولة الروسية وقوانينها سواء القائمة او التي يمكن تعديلها لتصبح اكثر مرونة في تحقيق مهمة الحفاظ على الأمن القومي الروسي.
في أوقات سابقة تمت ملاحظة منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تدعو الشباب الى التطوع جاءت على الشكل التالي: "وظيفة للرجال الحقيقيين موجهة إلى الوطنيين الشجعان".
وفي وقت سابق اعلن الرئيس بوتين ان حوالي 300 الف شاب وشابة تطوعوا تلقائيا، وقد انجز حوالي 90 % منهم التدريبات اللازمة التي تؤهلهم للانخراط في الأعمال القتالية علماً ان قسماً منهم من ذوي الاختصاصات المتعددة كالخدمات الطبية والعلوم المختلفة سبق لقسم كبير منهم ان اتّم خدمته في الجيش سابقاً.
إضافة الى الشباب المتطوعين برزت مبادرات من ضباط متقاعدين لتشكيل وحدات قتالية تحمل مسميات وطنية روسية بدعم واشراف وزارة الدفاع الروسية.
اما تخصيص اندريه تروشيف بمقابلة مع الرئيس بوتين واظهارها الى العلن فهو يعني في مكان ما ان مهمة تدريب وإدارة وقيادة وحدات المتطوعين ستكون تحت اشرافه بالنظر الى خبرته الكبيرة في القتال وخصوصاً في معارك سوليدار وارتيوموفسك (باخموت).
اما لماذا تتجه قرارات الرئيس بوتين بهذا الاتجاه؟ فالأمر ببساطة يرتبط بمجموعة من التحديات على رأسها ادراك الرئيس بوتين ان المواجهة ستكون طويلة وستحتاج الى إمكانيات وتضحيات يجب ان لا تؤثر على بنية المجتمع الروسي واستقراره.
ان اعتماد هذا الأسلوب في دعم احتياجات العملية العسكرية الروسية من الرجال ستكون له تداعيات اقل على تماسك المجتمع الروسي باعتبار ان من يُقتل سيكون ذلك ناتجاً عن خيار ذاتي منه بموجب عقد تطوع وليس بسبب زجه كمجند في ساحة المعركة.
صحيح ان كلفة المتطوعين ستكون اكبر من كلفة المجندين على الصعيد المالي لكن مردودها الميداني سيكون اكبر واكثر فعالية خصوصاً اذا ما خضع المتطوع لتدريبات خاصة انطلاقاً من تجربة فاغنر في حرب المدن وهذا ما يؤكد صحة خيار تكليف اندريه تروشيف بالإشراف على هذه المهمة.
ويبقى ان نؤكد ان المتطوعين من خارج التشكيلات العسكرية الروسية النظامية لن يكونوا بديلاً لهذه التشكيلات بل رديفاً لها يتولى مهام ذات طابع حساس ودقيق الى جانب هذه التشكيلات.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024