طوفان الأقصى

نقاط على الحروف

التهويل السعودي على اللبنانيين.. "الشرق الأوسط" أنموذجاً
21/10/2023

التهويل السعودي على اللبنانيين.. "الشرق الأوسط" أنموذجاً

محمد باقر ياسين

منذ انتشار خبر نجاح العملية البطولية والمظفرة التي قامت بها المقاومة الفلسطينية "طوفان الأقصى"، وما تبعها من عدوان إسرائيلي بقصف متوحش لقطاع غزة، ومع دخول جبهة جنوب لبنان إلى دائرة العدوان الإسرائيلي، بدأ الإعلام السعودي بتسليط الضوء على الجبهة الشمالية ومارس ما يظنه "حربًا نفسية" على سكان جنوب لبنان. وهذا ما بدا جليًا من خلال تتبع المحتوى الذي انبرت إلى ترويجه صحيفة "الشرق الأوسط".

عملت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية منذ اليوم التالي لعملية "طوفان الأقصى" على إظهار نقطتين رئيستين، فيما يتعلق بانعكاسات الحرب في غزة، على جنوب لبنان. النقطة الأولى، التهويل على سكان جنوب لبنان بالحرب. والنقطة الثانية، نشر مواقف لبنانية رافضة لما تم توصيفه بـ"جر حزب الله لبنان إلى الحرب"، حسب تعبير الصحيفة.
في النقطة الأولى، أعادت "الشرق الأوسط" الى الذاكرة الجنوبية العدوان الإسرائيلي على لبنان 2006، وحاولت عبر عناوين تهويلية وتضخيمية بث الخوف لدى أهالي الجنوب من وقوع حرب جديدة، واستخدمت من أجل إظهار ذلك عناوين عدة نذكر أهمها:

- "سكان جنوب لبنان والضاحية أمّنوا منازل بديلة استعداداً للحرب"، فتحت هذا العنوان أشارت إلى أن "سكان مناطق جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت يبحثون عن مكان آمن لإخلاء منازلهم فور تطوّر العمليات العسكرية، فبدأت آلاف العائلات تأمين منازل بعيداً عن مناطقهم التي تعدّ معاقل للحزب، ويمكن أن تصبح معرضة للقصف والتدمير على غرار ما حصل في حرب يوليو (تموز) 2006"، زاعمةً بأن "العائلات المحسوبة على بيئة حزب الله تحاول تخطّي الأزمة المالية من أجل استئجار منازل لحماية أرواح أبنائها"، متابعةً أن "بعض الأشخاص حجزوا تذاكر سفر لمغادرة لبنان، وبعضهم اتفقوا مع سيارات تاكسي لنقلهم برّاً من لبنان إلى الأردن عبر سوريا".

- لبنان "في قلب الحرب"... والتصعيد قد يكون أعنف من "حرب تموز"، وفي مقدمتها ذكرت أن "المواجهات بين حزب الله وإسرائيل تأخذ منحى تصاعدياً يوماً بعد يوم في موازاة الرسائل التهديدية التي تصدر من الطرفين، ما جعل لبنان في قلب الحرب التي لم يعلن عن انطلاقها بشكل رسمي حتى الآن، وإن كانت المعطيات الميدانية تعكس وفق عدد من المراقبين أن القصف المتبادل هو مقدمة لحرب قد تكون أعنف من حرب يوليو (تموز) 2006 التي لم توفر حينها لا البشر ولا الحجر".

- "في جنوب لبنان... إيقاع القذائف يحسم قرار فرار السكان"، ناقلة عن شخصٍ أسمته علي بأنه "غادر منطقة الحدود الجنوبية عائداً إلى بيروت، ولم يكن الوحيد الذي يترك المنطقة خوفاً من تطور الأوضاع الأمنية"، متابعةً أن "عشرات السيارات تسير مسرعة لمغادرة الجنوب تحسباً لأي تطورات محتملة ، معتبرةً بأن "هذا الخيار هو الصائب".

- "اللبنانيون وهاجس الحرب: تخزين مواد غذائية وتجهيز حقائب للهرب"، وفي مقدمتها ذكرت أنه "يعيش المواطنون في لبنان حالة من الهلع والذعر على وقع المستجدات الأمنية الآتية من الجنوب، فيما يبدو الانقسام واضحاً بين من يخاف الدخول في المجهول، في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها اللبنانيون رغم دعمه المطلق للقضية الفلسطينية، ومن يذهب بعيداً في الاستعداد للمواجهة مهما كان الثمن"، متابعةً أنه "لم يحتمل البعض الآخر فكرة عيش الحرب مرة جديدة، وبدأ التحضير للمغادرة في أي لحظة".

- "لبنان غير جاهز لمواجهة انعكاسات الحرب ومخاوف من نتائج تدميرية"، ناقلةً عن رئيس لجنة الصحة النيابية النائب بلال عبد الله قوله: "بالتأكيد لسنا جاهزين لأي حرب ولا نملك القدرة نفسها التي كنا عليها في عام 2006 في (حرب تموز)"، مضيفاً "نحن في مرحلة أصبحت فيها المستشفيات تطلب الدفع بالدولار الأميركي ولا تستقبل أي مريض إذا لم تكن تعلم مسبقاً كيف ستكون عليه عملية الدفع، وكل المستلزمات الطبية وغيرها تدفع بالدولار الأميركي"،  كذلك نقلت عن يعد مدير معهد "الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية" الدكتور سامي نادر، زعمه بأن "الحرب ستكون مدمرة على لبنان الذي لا يملك اليوم أي مقومات لتحمل تداعياتها، ففي عام 2006 كان الوضع أفضل بكثير وكانت النتائج كارثية، وأخذت سنوات عدّة للخروج منها وخرجنا بجناح مكسور".

وفي النقطة الثانية، نقلت "الشرق الأوسط" عن شخصيات لبنانية عدة دعوتها "لتجنيب حزب الله لبنان من الانجرار إلى الحرب الحرب"، وهذا تجلى بالعناوين الآتية:

- "دعوات محلية لـ"حزب الله" لعدم الانجرار للحرب"، معتبرةً أن "معظم الأطراف المحلية التي هي على خلاف مع حزب الله، تنطلق في دعوتها للحفاظ على الاستقرار في الجنوب من أن لبنان لا يتحمل التداعيات المترتبة على فتح جبهة الجنوب، وما على الحزب إلا ضبط النفس وعدم السماح لإسرائيل باستدراجه إلى حرب".

- "الدولة اللبنانية تنكفئ عن تطوّرات الجنوب والقيادات صامتة"، اعتبرت بأن "ارتفع منسوب القلق لدى اللبنانيين، مع تطور العمليات العسكرية في الجنوب بين "حزب الله" وفصائل فلسطينية من جهة، والجيش الإسرائيلي من جهة ثانية، خصوصاً مع انكفاء القيادات السياسية الرسمية عن هذه الأحداث، وعدم مصارحة الناس بالتطورات التي قد تحدث، والخطّة المعتمدة للتعامل مع أي تطوّر قد يقود إلى الحرب بأي وقت"، ناقلة عن المدعو فارس سعيد، قوله أنه "لا شيء يشعرنا بوجود دولة في لبنان. وعبّر عن أسفه لتلاشي الدولة في هذه المرحلة المصيرية".

- "مطالب بتحييد لبنان عن «طوفان الأقصى»"، نقلت تصريح مسؤول الإعلام والتواصل في القوات اللبنانية، شارل جبور، قوله: "موقفنا واضح لجهة عدم توريط لبنان وتحميله ما لا قدرة له على تحمله. يكفيه ما فيه من أزمات سياسية مالية اجتماعية اقتصادية، إضافة إلى أزمة اللاجئين. باختصار: لبنان منكوب في هذه المرحلة، والنتيجة ستكون بالتأكيد تدميره، وبالتالي المطلوب الالتزام الدقيق بالنأي بالنفس، وتحييد لبنان عما يحصل في غزة".

- "إزاء "طوفان الأقصى" وارتداداته: دعوةٌ إلى الحكمة والتبَّصُّر... والمبادرة"، مقال لرئيس الحكومة اللبنانية السابق فؤاد السنيورة، قال فيه "أعتقد بقوَّة بأنَّ الدور اللبناني المطلوب والممكن والمُجدي والمتناسب مع ما تقدَّم أعلاه، هو دورٌ سياسيّ - دبلوماسي - إعلامي لا أكثر ولا أقلَّ بطبيعة الحال. كذلك أعتقد عن خبرةٍ وتجربة - خصوصاً في حرب تموز 2006 - أنَّ المقاومة السياسية والدبلوماسية غالباً ما تكون أشدَّ ضراوةً ونجاعةً وتأثيراً من المقاومة العسكرية".

في الختام، لا يسعنا إلا أن نذكر الصحيفة ومن يقف خلفها، بأن الجنوبيين لا يؤثر بهم التهويل والوعيد بالحرب، فهم خبروها وخاضوا غمارها على مدار سنوات الاحتلال والعدوان المتكرر أكان صهيوني أم تكفيري، ويعلمون جيداً بأن هناك قوة قادرة على تشكيل درع حماية لهم تكمن في المعادلة الثلاثية الذهبية (الجيش والشعب والمقاومة)، خبروها وسطروا معها الانتصارات، من دحر الاحتلال الإسرائيلي 2000 وانتصار آب 2006 ودحر الإرهاب في آب 2017 وترسيم الحدود البحرية. ويعلمون جيداً لو عاود العدو الإسرائيلي الكرّة بشن عدوانه على لبنان، بأنهم مثل ما صدموا في كل المحطات السابقةً، سيصمدون ويكتبون مع المقاومة والجيش انتصاراً جديداً.

صحيفة الشرق الأوسط

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف