آراء وتحليلات
الخطوط العريضة للخطط الصهيو - أمريكية لتصفية المقاومة
إيهاب شوقي
بدأت ملامح الخطط الأمريكية والغربية تتضح، وتحديدًا بعد زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى الكيان، وجولته التي اقترح خلالها تدشين تحالف دولي على غرار التحالف ضد "داعش".
هنا تضع أمريكا ومعسكرها من الصهاينة الاسرائيليين والأوربيين والعرب، مقاربة مفادها أنه لا وقف للحرب دون تكتل عربي صهيوني امريكي غربي يتخذ عنوان "تحالف دولي" ضد المقاومة شريطة استئناف أي حديث عن حل الدولتين المزعوم.
وتشمل المقاربة الصهيو امريكية التي يروج لها ماكرون فتح قوس الإرهاب ليضم كل من يلتزم خيار المقاومة ويهدد أمن الكيان، لذلك أرفق بمقترحه رسائل علنية لايران وحزب الله بعدم توسيع الصراع.
هنا نحن أمام دلالات صريحة يمكن رصدها كما يلي:
أولا: لا تستطيع "اسرائيل" مواجهة "حماس" وفصائل المقاومة بمفردها وبالتالي هي تلجأ لتدشين تحالف دولي، وهو وضع مشابه لما فعلته السعودية مع اليمن بتدشين تحالف يشكل غطاء سياسيًا ودعمًا عسكريًا، وعلى "اسرائيل" وتحالفها قراءة فشل السعودية في الانتصار على المقاومة اليمنية رغم الحصار وجرائم الحرب التي ارتكبت على مدى السنوات الماضية.
ثانيا: تصوير حركة "حماس" على أنها مرادف لـ"داعش"، وهو ما أبرزه نتنياهو كثيرًا في خطابه، هو تغيير لعنوان القضية، واستبدال حركات التحرر الوطني بالجماعات التكفيرية والارهابية، وتحويل القضية من قضية احتلال ومقاومة مشروعة، إلى قضية أمنية داخلية صهيونية، تكافح بها "اسرائيل" جماعات تخل بأمنها الداخلي وتمارس الإرهاب وهو ما يبرر تصفيتها وهي لعبة سخيفة ومكشوفة ولا ندري كيف تتجاوب معها السلطة الفلسطينية والأنظمة العربية دون حتى تقديم الحد الأدنى من الاعتراض أو التوضيح أو حتى التعليق!
ثالثا: ابقاء القوس مفتوحًا وعدم ضم ايران وحزب الله علنًا كهدف لهذا التحالف، هو دليل على الرهبة الشديدة من المواجهة الشاملة، ومحاولة يائسة وفاشلة لفصل الساحات.
ولعل التذرّع بتأجيل العملية البرية بأنها لاستكمال الإجراءات وحماية الجنود رغم التقارير المعلنة بالخلافات الداخلية الصهيونية والتقديرات العسكرية المتشائمة والتسريبات التي تفيد بنصائح امريكا بإرجائها، يشي بأن العملية تنتظر غطاء سياسيا من جهة، وغطاء عسكريا لوجود تقدير بأن المحور سيتدخل بكامله في المواجهة، وبالتالي يمكن الركون لصحة التقارير التي تفيد بأن العملية تنتظر ارسال المزيد من الدفاعات الصاروخية الامريكية وتفعيل منظومة الدفاع الاقليمية مع الخليج.
الأمر الآخر واللافت، هو مطالبة السلطة الفلسطينية ومعها عدد من الانظمة العربية بحماية دولية للفلسطينيين، وهي دعوة لا نراها بريئة، لأن إجراءاتها التنفيذية تشكل تمهيدا ومقدمة لتغيير الوضع السياسي بغزة ومسؤولية حماس عن القطاع، وستخلق اجراءات أشبه بالانتداب وربما يتبعه تواجد عسكري دائم على غرار اليونيفيل، وكلها اجراءات حمائية للعدو الاسرائيلي وخدمة لمخططه بتشكيل مناطق آمنة مقتطعة من غزة لتأمين المستوطنات المتواجدة فيما يسمى غلاف غزة.
لم نسمع في كل ما قيل من كلمات عربية أن المقاومة حق مشروع وأن الكيان يرتكب جرائم حرب ولم نسمع كلمة تلوح بأي اجراء لا عسكري ولا حتى سياسي من قبيل قطع العلاقات أو حتى تجميدها، ووجدنا تماهيا واستسلاما رسميا لدعاوى العدو وما برز من خلافات كان على مستوى التفاصيل وليس المبدأ وكأن التهجير يمكن أن يحدث ولكن بعيدا عن مصر والأردن، وكأن المقاومة يمكن تصفيتها ولكن بعيدا عن المساس بالمدنيين!
والمفارقة، أن هذا الوضع العربي المهترئ والذي أبرز استسلاما لأمريكا كان اضعف من الوضع الذي شهد بعض التماسك في الضغوط لمعاداة روسيا، حيث ابرزت بعض الانظمة العربية بعض التمايز عن المواقف الأمريكية ولم تستسلم لكامل الرغبات الأمريكية في القطيعة مع روسيا، بينما استسلمت وتماهت عندما تعلق الأمر بالقطيعة مع المقاومة وبإعطاء قبلة الحياة لكيان منهار يعيش تهديدا وجوديا!
وفي معركة صفرية كهذه فلا تنازلات ولا توجد ملفات تفاوضية تقود إلى تسوية، وفي معركة وجودية كهذه فلا يملك محور المقاومة الا التكتل وتوحيد الجبهات وأن تكون كل جبهة من جبهاته ترسًا في ماكينة التحرير وتخوض معركة واحدة عنوانها القدس.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024