نقاط على الحروف
فرنسا والسقطة في غزة .. الاستعمار لن يعود!
خليل نصر الله
منذ اليوم الأول لمعركة طوفان الأقصى، اصطفت دول أوروبا التي تدور في الفلك الأمريكي او الراضخة لادارة واشنطن خلف الجلاد في مواجهة الضحية.
عقود من الزمن يذبح فيه الفلسطيني لم نسمع صوت هؤلاء، وعندما أخذ الفلسطيني بعض حقه هبوا لنجدة الكيان المهزوز.
بعيدا، ذهبت فرنسا في موقفها المناصر للكيان الصهيوني، ربما دون حسابات دقيقة لأبعاد الحرب القائمة أو لامكانية تدحرجها، فوقف رئيسها ايمانويل ماكرون، المعروف بهواه الغربي، في تل أبيب متحدثا عن دموع ذرفها يوم السابع من اكتوبر، لهول المشهد، ومعيدا تكرار معزوفة "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، تلك المعزوفة التي ترتكب على ألحانها المجازر بحق الفلسطينيين.
لكن ما صرح به الرئيس الفرنسي يعطي صورة واقعية عن مدى التطرف الذي تضمرها فرنسا لشعوب المنطقة التي استعمرت جزءا من دولها ذات يوم. فهو دعا إلى تشكيل تحالف دولي واقليمي لمحاربة "المجموعات الإرهابية"، طبعا لم يقصد تنظيم "داعش" او تلك الجماعات التي تلقى دعما غربيا واقليميا في سوريا واماكن أخرى، إنما حركات المقاومة في المنطقة ومن بينها حماس.
الدعوة قد تعتبر بمثابة إعلان حرب من قبل باريس ضد شعوب المنطقة وحركات التحرر فيها، ناهيك عن تدمير ما تبقى من دول تمانع وتتصدى للمشاريع الأمريكية.
ولو كان دور ماكرون وظيفيا في ملفات عدة، إلا أن ما عبر عنه يعتبر سقطة مدوية للدعاية الفرنسية التي ترفع شعار الديمقراطية وحقوق الانسان، والتي تحاول تبيان نفسها على أنها ذات سياسية معتدلة ومعقولة ومتمزية، من خلال اقامة علاقات بحدود معينة مع قوى في المنطقة تحمل فكرا مقاوما.
غريب هو الموقف بهذه الحدة، خصوصا في الحديث عن أن ديمقراطيات العالم يجب أن تتحد وتحارب "الارهاب"، علما أنه بمفهومنا فإن معظم من يرفعون شعار "الديمقراطية" هم دول استعمرت شعوبا ونهبت ثرواتها.
لم يكن متوقعا أن يكون موقف فرنسا بهذه الحدة والتطرف، خصوصا بعدما تراجعت فرنسا بعض الشيء عن نظرتها اتجاه الصين، رغم اصطفافها إلى جانب واشنطن، لكن الارتهان للموقف الاميركي فعل فعله.
صحيح ان إمكانية تشكيل حلف من هذا النوع قد يكون بعيدا بالشكل الذي طرح، مع ان شيئا منه قائم بعض الشيء، الا أن باريس ستخسر كثيرا في رهانها الخاطئ الجديد، خصوصا اذا ما توسعت المواجهة في المنطقة.
يجب التأكيد على أن المواقف المتشددة التي نراها نحو المقاومة وشعوب منطقتنا، والتي نبشت من زمن الاستعمار، سيكون لها تبعاتها على من يطلق رصاصة على شعوبنا ومقاوماتنا، خصوصا من اولئك الذين أخرجهم شعب النيجر من دياره وقذف بهم خلف الحدود.
يبقى القول، إن زمن الاستعمار قد ولى، وانتهى، بفعل زمن الانتصارات.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
25/11/2024
بيانات "الإعلام الحربي": العزّة الموثّقة!
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024