آراء وتحليلات
الولايات المتحدة الأميركية في غرب آسيا، صراع المصالح لا الوجود
د. زكريا حمودان
لا شيء يربط غرب آسيا بالولايات المتحدة الأمريكية سوى المصالح التي جعلت من النفوذ الأميركي أمرا واقعًا بعدما وجد البيئة الحاضنة له دون قيدٍ أو شرط.
هذه المصالح ليست بجديدة فهي تعود إلى عشرات السنين إلى الوراء خاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية والتي كانت أميركا هي الرابح الأكبر فيها. منذ ذلك الحين تمدد النفوذ الأميركي بشكل تدريجي حسب الحاجة التي ترتكز على المصالح الاقتصادية وتفتقد للقيم الإنسانية بكل أشكالها.
إيران العدو الأوحد لأميركا
لم تعتقد أميركا أنها ستصطدم يومًا ما بحاجز يعيق عليها عمليات امتصاص ثروات شعوب المنطقة، فهي دخلت في وضع يدها على نفط دول الخليج، ثم تمددت نحو الهيمنة على القرار المالي عبر فرضها لسياسة البترو دولار، ثم ما لبثت أن بدأت سياسة التسلط وتوجيه السياسات العامة لهذه المنطقة إلى حين اصطدمت بـ "لا" الجمهورية الإسلامية في إيران. هنا بدأ المشهد يتغير بحيث باتت الإدارة الأميركية بحاجة إلى وضع مخططات المواجهة كبديل عن مخططات تنفيذية، وتحديدًا عن الحديث عن مشاريع الشرق الأوسط الحديد وخرائط الدم والمشاريع التي تلتها.
لم يسقط العراق كما كان مخططًا له لأن إيران لم تسمح برميه في المستنقع الأميركي بالرغم من أن استعادة المبادرة أتى بعد مخاض عسير حوَّل العراق إلى مستنقعات من الدم لكنه في نهاية الأمر بدل البوصلة تدريجيًا، وها هي اليوم الفصائل المقاومة العراقية تدك حصون االأميركيالمتبقية كجزء من مشاركتها مساندة للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
كل ما يحصل أمامنا سببه الرئيسي هو الموقف الإيراني من النفوذ الأميركي في المنطقة، ورفض إيران للوجود الأميركي المبني على سرقة ثروات الشعوب من باطن أرضها.
صراع الوجود الأميركي المفقود في غرب آسيا
هنا الجغرافيا حيث تفتقد أميركا لكل مقوماتها في غرب آسيا، فلا وجود للأميركي هنا بل فقط لقواعد عائمة وبعض الثكنات العسكرية ومراكز الإيواء وبعض مملكات الانبطاح التي لا تؤثر في ميزان اللعبة الكبرى حين تبدأ.
الوجود المفقود للأميركي بات أكثر تعقيدًا اليوم، فبعد تلاشي قدراته تدريجيًا في العراق وبدأ أفول شمس وجوده هناك، ضربة مشاريعه الإقليمية عبر وقف حرب اليمن وبداية مسار سعودي إيراني جديد، بالتزامن مع إيجابية إيرانية ــ خليجية شاملة،
وتثبيت للعداء الإيراني مع كيان العدو الإسرائيلي. في جميع ما ذُكِر لا وجود جغرافي للأميركي ولا تثبيت لمشاريع في المنطقة، لكن هناك عدة محاولات للإبقاء على استثمارات تصب لصالح النفوذ الأميركي وتحديدًا في مواجهة إيران.
ما يحصل اليوم في غرب آسيا هو نموذج مصغر عن إمكانيات إخراج الأميركي وبعده العدو الإسرائيلي من المنطقة. بدأت معارك المقاومة في جنوب لبنان تدمر أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، ثم أتت حرب سوريا فسيف القدس واليوم طوفان الأقصى التي بدلت المعادلات إلى حد بعيد جدًا ووضعت الأميركي في قلب المعركة فهددت ما تبقى من مصالح، وبما أنه يعتمد سياسة المصالح لا الوجود، من المؤكد أن الأميركي سيبحث شروط الحفاظ على ما تبقى من مصالحه في المنطقة قبل كل شيء.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024