آراء وتحليلات
حزب الله يضاعف الردع.. "إسرائيل" تصطدم بمانعين باتجاه لبنان
خليل نصر الله
مع تصاعد عمليات المقاومة الإسلامية، في الجبهة المفتوحة جنوبًا، وتوسيع دائرة القسوة باتجاه جيش العدو الإسرائيلي ومواقعه، والحال التي تفرضها المقاومة على مستوطني شمال فلسطين المحتلّة؛ تسعى "إسرائيل" إلى محاولة التحرك، لكن بغطاء إسنادي أميركي. وهو ما تجلّى برفع وتيرة التهديد، على مدى الأيام الماضية، والحديث عن ردٍ قاسٍ، وذهاب وزير الحرب "يواف غالانت" نحو توعّد بيروت بتدمير يشبه غزّة، قبل أن تخرج تصريحات وتسريبات من واشنطن تبيّن عدم منح غطاء للأمر، وهو ما يتجلّى يتسريب عن اتصال "أوستن" بـــــ"غالانت" والطلب عدم استفزاز حزب الله، والذهاب نحو خطوات قد تؤدي إلى حرب واسعة.
قراءة مجريات "التهديد" و"التهويل" الإسرائيلي باتجاه لبنان، خلال الأيام الماضية، تحتاج أولًا لتوضيح النقاط الآتية:
- التقديرات تؤكد عدم قدرة "إسرائيل" على خوض حرب على جبهتين منفردة.
-إنّ المقاومة تفرض ردعًا كبيرًا يتصاعد الآن مع تلقي الكيان الضربات وتصرفه وفقًا لمنطق "الدفاع".
- إنّ المقاومة في لبنان، وبغموضها البناء، وحديث السيد نصرلله عن أن العين على الميدان، تؤكد أن زمام المبادرة بيد المقاومة، وهو ما يعني الاستعداد العملياتي للاحتمالات كافة.
من هنا، يمكن الدخول إلى "التهديد" الإسرائيلي، الذي بَرَدَ، يوم الاثنين، كما هو واضح.
تعمّد الإسرائيليون، يوم الأحد الفائت، تظهير حجم الخسائر التي تقع في صفوفهم، عبر نشر وقائع ونتائد عملية "دوفيف" التي نفذتها المقاومة. هذا التعمّد كان مرفقًا بجملة تصريحات تهديديّة عالية المستوى، كما عبّر غالانت وزير الحرب، وموجة تسريبات للمعلقين الإسرائيليين عن استعداد "الجيش إلى ردّ قاسٍ في لبنان".
فهم من المشهديّة أن العدو الإسرائيلي كان يحاكي الأميركيين، وهذا ما توضّح أكثر من موجة اتصالات بدأها وزير الحرب الأميركي بنظيره الإسرائيلي، حثت على عدم توسيع نطاق الحرب، وتوضيحات حول التصريحات التي خرجت من مسؤولين عسكريين، في "تل أبيب". ثم تأتي تصريحات لمسؤولين أميركيين، لم يكشف عن هويتهم، أبدوا قلقًا من أن هناك مساعٍ إسرائيلية لجرّ واشنطن نحو الحرب، وهو ما يعدّ تحذيرا للإسرائيليين.
لكن السؤال: لماذا تحذر واشنطن "تل أبيب"، وتمنع أي خطوات باتجاه لبنان ترى أنها قد تؤدي إلى توسع الحرب؟
يمكن اختصار الأسباب في النقاط الآتية:
- فشل الأميركيين في ردع حزب الله أولًا؛ عبر التهديدات المباشرة أو عبر وسطاء، زار بعضهم الضاحية.
- تأكد الأميركيون من جهوزية حربية لحزب الله فيما يتعلق بوجودهم في المنطقة، أو الأساطيل التي أرسلوها، أو الحرب المفتوحة مع العدو الإسرائيلي.
-إنّ المقاومات، في المنطقة، تقوم بتوجيه ضربات للقواعد الأميركية، فتوسيع الحرب تاليًا سيعني توسيع استهداف القواعد وبأساليب مختلفة، وضربات أكثر قسوة، ما يعني تمدّد الحرب وتوسّعها، وقد لا تكون منضبطة.
- إنّ الأميركيين ما يزالون يحاكون مصالح أكبر ممّا يجري في غرب آسيا، وإن الانخراط في المواجهة سيعني خسارة في جبهات أخرى، مثل أوكرانيا أو الصراع القائم في وسط آسيا والقارة الأفريقية.
هذه الأسباب تدفع واشنطن إلى الاستمرار في ضبط حركة "تل أبيب" باتجاه لبنان، لأنّ التقديرات تشير إلى حاجة إسرائيلية للاميركيين في حرب من هذا النوع، وأن انفلات الأمور سيضع الأميركيين أمام خيارين؛ أحلاهما مرّ، أي إمّا ترك "إسرائيل" منفردة في المواجهة مع دعم بالذخائر، أو الانخراط معها بالضربات وهو ما سيؤدي تلقائها الى توسع رقعة الصراع.
يمكن الإشارة إلى أن حاجة "تل أبيب" للأميركيين، في أي حرب مع حزب الله، يشكّل عاملًا لضبط الحركة الإسرائيلية باتجاه لبنان.
وعليه؛ إنّ الخطوات الإسرائيلية باتجاه لبنان محكومة بالغطاء الإسنادي الأميركي، ومردّ كلّ ذلك- كما أوضحنا- جديّة حزب الله وقدراته العسكرية، وقدرات المحور على امتداد المنطقة. وإنّ أي خطأ في الحسابات، في المرحلة الأكثر حساسية في المنطقة، قد تؤدي إلى انفتاح الأمور على مختلف الاحتمالات التي قد تؤدي إلى مواجهة، لا يعرف أحد رقعتها الجغرافية والمدى الزمني الذي تأخذه.
في ما يتعلق بالمقاومة في لبنان، فهي ماضية بإسناد غزّة، والإسرائيليون مجبرون على "التحمّل"، إلّا إذا قرر "مجلس المجانين" الحربي لعب ورقة "عليي وعلى أعدائي"، وهذا أمر مستبعد الآن.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024