نقاط على الحروف
"ميرون".. الضربة التي يعرف "حزب الله" و "إسرائيل" ماهيتها
خليل نصر الله
طوال سنوات مضت، كانت تقارير إسرائيلية وأخرى صادرة عن مراكز دراسات وجهات أمنية عالمية، تتحدث عن أن الأهداف الحيوية والاستراتيجية في الكيان المؤقت هي في مرمى نيران حزب الله، أقله الظاهرة منها والمعروفة.
لم ينف حزب الله أمرا كهذا، بل أكده السيد حسن نصرالله في أكثر من مناسبة، خصوصا في عبارة له قبل ما يقارب الخمسة أعوام عندما قال: "ليس مهما ما تعرفونه أنتم عن المقاومة، إنما ما تعرفه هي عنكم".
هذه العبارة كانت ذات مدلول استراتيجي، إذ إنها تعني أن المقاومة تخطت المعرفة بالأهداف العلنية الواضحة، إلى أخرى يراه العدو سرية، لكن للمقاومة معرفة ببعضها.
لا شك في أن جمع المعلومات كان أحد أهداف الحرب الأمنية الضارية بين المقاومة الإسلامية والإسرائيليين، والتي تصاعدت بدءا من عام 2018 بشكل غير مسبوق، وعليه، فإن بنك أهداف المقاومة بلغ حدودا متقدمة ويمكن فقط للمقاومة تقديره.
صباح يوم السبت السادس من كانون الثاني/ يناير 2024، استهدفت المقاومة الإسلامية قاعدة "ميرون" المعنية بالحركة الجوية والتجسس وأمور أخرى، في رد أولي، كما وصفت، على غارة الضاحية التي أسفرت عن استشهاد الشيخ صالح العاروري، القيادي في حركة حماس، مع عدد من رفاقه.
القاعدة التي يصفها الإسرائيليون بـ "عين إسرائيل"، لم تكن هدفا مجهول الوظيفة بالنسبة للمقاومة، وهي ليست قاعدة سرية بل معلمة وواضحة، لكنها قاعدة من الأهداف الحيوية والاستراتيجية، بل والحاجة العسكرية، في الكيان الإسرائيلي.
ما كان مفاجئا، هو مضمون بيان حزب الله، الذي شرح بعضا من وظائفها، وهو أمر بحد ذاته تأكيد لحجم المعلومات لدى المقاومة، والتي تفصح عن ما تريد بما يخدم الهدف.
انتقاء الهدف، كرد أولي، كان ذا أبعاد تكتيكية واستراتيجية، وهو ما يمكن تلمسه من التلميح الإسرائيلي له، خصوصا عبر وسائل إعلام محسوبة على جهات أمنية، والتي أجمعت على استراتيجية الهدف.
اللافت في الضربة كذلك، كان نوعيتها من جهة، ومن جهة أخرى هو إسقاط مفهوم "المدى" و "العمق" ولو آنيا، وتوجيه الضربة التي تحقق ألما وتدخل ضمن الحسابات الأمنية، بما يشكل ردعا للعدو عن تكرار خطأ الضاحية، ولو ان المقاومة تركت الباب مفتوحا لردود أخرى.
حول طبيعة الهدف، فمن الواضح أن المقاومة وجيش الاحتلال، على حد سواء يعرفان حجم الضربة، يمكن فهم ذلك من إفراج المقاومة عن بعض المعلومات حول قاعدة "ميرون" وطبيعة عملها، وكذلك ما تناولته وسائل إعلام إسرائيلية - بغض النظر عن أهداف تصريحاتها - حولها والإجماع على استراتيجيتها.
في هذه النقطة، نحن أمام جزئيتين:
- هدف معلوم وواضح من حيث الموقع.
- هدف ذو وظائف متعددة غير معلومة بشكل تام للعامة، ومن ثم المعرفة بوظائفها تحتاج إلى جهد استخباري.
المؤكد أن المقاومة لم تفرج عن كامل معرفتها بما تقوم به تلك القاعدة، والواضح أيضا أن المسؤولين الإسرائيليين بصمتهم وعدم التعليق، بما فيهم المتحدث العسكري، أرادوا تجنب زلات اللسان، وإطلاق تصريحات تجبرهم على الذهاب نحو خطوات تصعيدية.
يمكن القول: إن حزب الله يعلم أكثر مما قال، وأن الإسرائيليين تكتموا حيث يجب وانكبوا لبحث ما يعرفه حزب الله وإسقاط ذلك على مواقع وأهداف أخرى داخل الكيان خصوصا في الشمال.
إن ضربة ميرون سبقها ضربات ذات بعد استخباري وجمع معلوماتي سواء خلال الحرب أو ما قبلها، لكن استهداف السبت هو الأكبر حجما.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
25/11/2024
بيانات "الإعلام الحربي": العزّة الموثّقة!
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024