آراء وتحليلات
اشتداد الخلاف الصيني - الأميركي في تايوان
عبير بسّام
يبدو أن أمريكا تحاول توريط الصين في الحرب على أوكرنيا، عبر قضية المسيّرات الصينية، ويبدو أن اللقاء الفاشل بين الرئيس الصيني تشي جين بينغ والرئيس الأميركي جو بايدن، في نهاية العام الماضي، لم تَرُق نتائجه للأخير، وبدل أن يحتفل بإنجاز مهم مع الصين عاد إلى بلاده بخفي حنين. ولذلك؛ فقد أعاد بايدن توصيف بينغ بالديكتاتور، ممثلًا إياه بالنظام الشيوعي. وإن كان هذا يدل على شيء فإنما يدل على الخلاف الكبير بين البلدين. وأن بايدن يريد تسديد لكمات متعددة للصين إن استطاع.
القضايا الخلافية بين الولايات المتحدة والصين يمكن تصنيفها على أنها صراع اقتصادي وجيوسياسي يتعلق بالأمن القومي لكلا البلدين. عدم التوافق ناتج عن محاولات الولايات المتحدة المستمر لاستيلاد المزيد من القضايا الخلافية وتصعيد التحديات مع الصين في منطقة المحيطين الهادئ والهندي. فقد كانت الولايات المتحدة تظن أنها الدولة الوحيدة التي تمتلك السيطرة على منطقة المحيط الهادئ بالذات، بمساندة حليفيها بريطانيا وفرنسا خاصة في جزر أمريكا الجنوبية وعلى طول الساحل الأفريقي. ولكن الأحداث الأخيرة وخروج الفرنسيين بشكل تصاعدي من إفريقيا أنذر بالخطر فبدأت الولايات المتحدة بعدها تتحسس رأسها.
إن ما يحدث في إفريقيا سينعكس، بشكل مباشر، على المصالح الاقتصادية الأميركية، فالتنافس سيكون على أشده، خاصة وأن قوة أمريكا الاقتصادية اليوم تستند إلى قدرتها في استمرار قوة الدولار عملةً للتداول العالمي، والصين أبلغت الولايات المتحدة أنها ستوقف التعامل بالدولار الأمريكي خلال الخمس سنوات القادمة.
واليوم تعود قضية تايوان لتطفو على السطح، خاصة بعد أن أعلنت وزارة الخارجية الصينية فرض عقوبات على خمس شركات عسكرية أمريكية قامت بتزويد تايوان بالأسلحة. ولم يعد سرًا قراءة الأهداف الأميركية بإشعال حرب أهلية في الصين تكون تايوان قوامها ويقوم بعد ذلك الناتو بقيادة الولايات المتحدة بمساندة تايوان لإعلان استقلالها. وتسعى أميركا لإشغال العملاق الصيني بحرب داخلية يتسنى خلالها للولايات المتحدة فرض السيطرة التامة على المحيطين الهندي والهادئ، وبالتالي بحر الصين الجنوبي، وتحقيق استقلال تايوان يما يؤدي حتمًا إلى فتح شهية استقلالات أخرى داخل الصين، أي بإختصار سايكس بيكو صيني.
ترى الصين أن أميركا، من خلال تسليح تايوان، انتهكت مبدأ "الصين الواحدة" و"البيانات الصينية الأمريكية الثلاثة". وأن فرض الولايات المتحدة عقوبات من جانب واحد ضد شركات وأفراد صينيين يلحق ضررًا خطيرًا بسيادة الصين ومصالحها الأمنية ويقوّض بشكل خطير السلام والاستقرار في مضيق تايوان، وينتهك بشكل صارخ حقوق ومصالح الشركات الصينية والأفراد. وهذا يعيدنا إلى الكلام عن المحاولات الأميركية من أجل السيطرة على الممرات البحرية وتهديد المصالح التجارية العالمية والصينية بالتحديد. وقد سمّت الصين خمس شركات سلاح أميركية جمدت أصولها ومنعت التعامل معها، ما سيتسبب بخسارة اقتصادية كبيرة بالنسبة إلى الولايات المتحدة.
المشكلة أن من يديرون تايوان هم بغباء فلوديمير زيلنسكي وعنجهيته، ولم يتعلموا أن مصالحهم مرتبطة بالجغرافيا المحيطة بهم.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024