نقاط على الحروف
الغرب في يوم المرأة .. فلسطين أنموذجًا
ليلى عماشا
تمرّ مناسبة يوم المرأة العالمي بين النفاق والشعارات. هو يوم يطلّ فيه الغرب من إطار شرعات الحقوق والأيام العالمية، ليعلّم كلّ سكان الأرض ماهية الحقوق وأهمية الاحتفاء بها.. كيف لا، وهو النموذج الذي يجب على الجميع التمثّل به وإلا خسروا "شهادة حسن السلوك" والرضا الغربي.
شرّ البلية ما يضحك، ولا بلية كالكذب الذي يتمادى في وقاحته وفي انكشافه مع إصرار مرتكبيه عليه! هذا الغرب الذي وضع رزنامة أيام عالمية باسم مفاهيم وأفكار ومناسبات، وجميعها تدور حول حقوق إنسانية هو أول وأكثر من ينتهكها علانية: حقوق الإنسان، حقوق الطفل، حقوق المرأة، حقّ الشعوب، جميعها بالنسبة إلى الغرب مجرد أيام عالمية تساعده في تلميع صورته المشوّهة والبغيضة.. يوم المرأة العالمي أنموذج عن هذا النفاق المستعر! يحاضر هذا الغرب بحقوق المرأة لكنه ينتهك أبسطها وأكثرها ارتباطًا بدورها الطبيعي عبر تحويلها إلى سلعة أو منصة عرض يضع عليها منتجاته ليبيع أكثر..
يسهب في مغازلة إنسانية المرأة ثمّ يستبيح على مدار العام كلّ ما يمتّ إلى الانسانية بصلة، ولا سيّما حين يتعلّق الأمر بنسائنا، نحن الذين نرفض الخضوع لمعاييره الهابطة وللمواصفات التي يريد منها تعليبنا وتوضيبنا في رفوفه باسم التحضّر الكاذب. وإذا ما أردنا التدقيق أكثر في المشهد، وتغاضينا عن التمييز العنصري الذي تتعرّض له النساء المحجّبات في دول الغرب، وفي المجتمعات الطامحة لرضا الغربيين والراضخة لمعاييرهم، ما رأيكم بجولة على كيفية احترام هذا العالم للمرأة في بلادنا، في أرضنا: المشهد في غزّة وحدها يكفي ليعرّي إلى الأبد زيف الغرب والمستغربين في مقاربة حقوق المرأة: إبادة وقتل بأبشع الصور، تهجير وتشريد، تجويع. وهذا لا يستهدف المرأة فقط طبعًا، لكنّه لا يستثنيها ولا يتوقّف عند حقوقها التي يدّعي التبشير بها حول العالم. الغرب كلّه يضطهد الإنسان كلّه، ولا سيما المرأة التي تواجه اليوم كلّ صنوف التعذيب الجسدي والنفسي. سيقول قائل، "هي الحرب" وفي المعركة لا يُستثنى أحد.. حسنًا، لنعد قليلًا إلى ما قبل طوفان الأقصى، ولنتفحّص الكيفية التي يعامل فيها الغرب، ممثّلًا بـ"إسرائيل"، المرأة الفلسطينية: يبلغ عدد الأسيرات اللواتي مررن بتجربة الأسر في سجون الاحتلال منذ العام 1967 نحو 17 ألف فلسطينية أعتقلت في سجون الاحتلال الإسرائيلي على مدار السنوات، بينهن أمهات وطاعنات في السن، وزوجات وحوامل ومن ذوي الاحتياجات الخاصة وقاصرات..
تتحدث الذاكرة الشفهية المرتبطة بنشأة الكيان إلى يومنا هذا عن آلاف الصور والقصص التي تدور أحداثها حول اضطهاد النساء: اعتقال واغتصاب وبقر بطون الحوامل واعدامات ميدانية واضطهاد نفسي مرتبط بالتهديد اليوميّ بكلّ ما أشرنا إليه.
تعيش المرأة الفلسطينية على هذه الحال على مدار الساعة. وأمام هذا المشهد الحاضر على مدار الساعة، لا يتوانى الغربيون والمستغربون عن المحاضرة في حقوق المرأة وعن تنظيم المحاضرات التبشيرية والتعليمية لتلقيننا كيفية احترام المرأة وقيمتها الانسانية والمجتمعية!
كم "هزلت" يحتاج أن يقول المرء في مناسبات كهذه؟!
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
25/11/2024
بيانات "الإعلام الحربي": العزّة الموثّقة!
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024