نقاط على الحروف
السرايا اللبنانية للمقاومة
ليلى عماشا
في عزّ محاولات مذهبة المقاومة وعزلها بناء على المعيار الطائفي، بل واتهامها بالطائفية، تأسّست السرايا اللبنانية للمقاومة في عام ١٩٩٧ وأسقطت بمجرّد دخولها ساحات الاشتباك والقتال كلّ هذه المحاولات كما أسقطت الحجّة عن جميع الذين يعزون انكفاءهم عن العمل المقاوم إلى كون حزب المقاومة حزب "شيعيّ".
حين أعلن السيد نصرالله عن تأسيس السرايا، كان تهافت الشبّان من مختلف الطوائف للانتساب ولهفتهم إلى العمل المقاوم يشكّل مشهدًا مذهلًا ويدمّر كلّ المشاريع والخطط الهادفة إلى عزل المقاومة بحجّة مذهبية وطائفية، سواء التي يعَبّر عنها في المحافل الدولية أو عبر الأدوات المحلية التي لها تاريخ حافل بالعداء الصريح لمشروع المقاومة.
إذن، ضمّت "السرايا اللبنانية" في صفوفها كلّ مؤمن بحقّ المقاومة وجدواها، وكلّ صادق في عدائه للصهاينة، لأيّ طائفة انتمى، ومهما كانت خلفيته الفكرية والعقائدية، وأكّدت بذلك أولًا أنّ المقاومة ليست حكرًا على طائفة أو مذهب أو حزب أو جماعة، بل هي مشروع أخلاقي وانساني ووطني يجمع كلّ أصحاب هويّة المقاومة، التي هي هويّة الأرض والإنسان. وتحوّلت إلى مشروع يضمّ أهل الأرض بكل انتماءاتهم المختلفة تحت عنوان الانتماء المشترك لمشروع المقاومة والسعي الصادق في تحقيق أهدافه السامية.
دخلت السرايا اللبنانية أرض الإشتباك في مثل هذا اليوم من العام ١٩٩٨، واستهدفت طلقاتها الأولى مواقع الاحتلال في بلدات برعشيت وحداثا بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة ودمّرت بعض دشم المواقع وتحصيناتها ومرابضها الرشاشة، ومنذ ذلك الحين شاركت في ما يزيد عن ٣٠٠ عملية وعمل عسكري ضدّ العدوّ وعملائه قبل تحرير الجنوب في أيار ٢٠٠٠.
وكذلك حضرت السرايا في حرب تموز ٢٠٠٦ في المواجهات البطولية التي تُوّجت بالنصر الإلهي بعد ٣٣ يومًا من المعارك ومن العدوان الهمجي على لبنان.
وكما في مواجهة العدو الصهيوني، سجّلت السرايا حضورًا مساندًا لحزب الله في حربه على الإرهاب التكفيري في سوريا، فالمعركة هنا وهناك واحدة، وإن اختلف شكلها وأدواتها.
ومنذ اندلاع طوفان الأقصى، عاد اسم السرايا للحضور في الأخبار العاجلة الواردة من المعركة. وكانت باكورة شهدائها في هذه المعركة الشهيدين علي كمال عبد العال وحسين حسان عبد العال من منطقة العرقوب جنوب لبنان.
لخّصت دراسة أجراها النائب في كتلة المقاومة والتحرير الحاج علي فياض دور السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال وأهميّتها كفصيل مقاوم: |السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال تندرج كتجربة ونموذج في سياق تطوّر نوعي في مسار الصراع مع العدو الإسرائيلي، ولئن شكلت ولادة السرايا اللبنانية استجابةً لدعوة سماحة السيد حسن نصر الله(حفظه الله) لتأسيسها إلا أنّ الدعوة في جوهرها كانت تعبيراً عن لحظة تاريخية لوعي لبناني مكثف، التقط الأمين العام نضج ظروفها ومعطياتها وتضافر مقومات نجاحها واكتمال شروط تشكلها وانطلاقها، وبهذا لم تكن السرايا بحال من الأحوال تكيُّفاً تكتيكياً مع ضرورات مرحلة، ولا استجابة عابرة لمناخات المطالبة بعدم الاستئثار، بل نقلة تطورية في مسار المقاومة بالاستناد إلى تطور في وعي وواقع الصراع مع العدو. السرايا هي الرافعة لمشروع تشكيل مجتمع مقاوم، وبناء كتلة تاريخية تضم بين جنباتها تيارات وتنويعات سياسية وفكرية مختلفة تنضوي جميعها في إطار مواجهة تاريخية مع العدو، ويبدو ذلك ضرورة لا مناص منها، في إطار رسم إستراتيجية مستقبلية لمواجهة شاملة وجذرية مع العدو تتجاوز الحسابات الموضعية الحاكمة لهذه الساحة أو تلك من ساحات المواجهة".
تكمل اليوم السرايا اللبنانية مسارها في المقاومة، حضورًا ومشاركة على الجبهات الأمامية في جنوب لبنان، الجبهة المساندة لغزّة المقاومة، لتؤكد للصديق كما للعدو وحتى للمحايدين: المقاومة مشروع أهل الأرض وحقّهم، ولأجلها تُبذل الدماء الطاهرة والأرواح "لي بتقاتل".
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
25/11/2024
بيانات "الإعلام الحربي": العزّة الموثّقة!
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024